بالأدلة.. رجل قانون إسرائيلي يؤكد "شرعية" رفض قوات الاحتياط خدمة جيش الاحتلال
وجه بروفيسور إسرائيلي انتقادات حادة إلى حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة، على خلفية إصرارها على تمرير التعديلات القضائية التي تحد من سلطة المحكمة العليا، لصالح نواب الكنيست والمسؤولين التنفيذيين.
وأجرى موقع "كالكاليست" العبري مقابلة مع البروفيسور ماني ماوتنر، أحد رجال القانون الإسرائيليين البارزين، بدا فيها مذعورا من "الانقلاب" الذي يسعى نتنياهو لتنفيذه منذ أسابيع.
وفي المقابلة أكد ماوتنر قانونية رفض أعداد كبيرة من قوات الاحتياط الخدمة في الجيش الإسرائيلي، لإثناء حكومة نتنياهو عن المضي قدما في تمرير التعديلات القضائية المثيرة للجدل.
وتتواصل الاحتجاجات منذ نحو 30 أسبوعا ضد مشاريع القوانين التي تدفع بها حكومة نتنياهو للتعديل القضائي، والتي تؤكد المعارضة أنها "تحوّل إسرائيل إلى ديكتاتورية".
رفض شرعي
وقال الموقع إن بروفيسور ماوتنر "من بين أبرز الشخصيات في مجال القانون في إسرائيل، ويُعَدُّ أيضا من بين المشاركين الفاعلين في الساحة القضائية".
وأضاف أن "ماوتنر يبحث في أوجه التفاعل بين القانون والمجتمع، والأيديولوجيا، والسياسة، والتاريخ، والثقافة".
وفي معرض جوابه على سؤال: "هل من المشروع رفض الخدمة في الجيش عندما تقوم الكنيست بتغيير النظام من خلال التشريع؟"، قال ماوتنر إن "الأمر شرعي تماما".
وأوضح البروفيسور الإسرائيلي أن "الدول تطلب أحيانا من مواطنيها القيام بأكثر الأشياء تطرفا التي يمكن لأي شخص أن يُقدم عليها في حياته، مثل: تعريض حياته للخطر، والتضحية بالأرواح، وقتل الآخرين".
وأضاف: "لكن لا يُسمح للدول بمطالبة مواطنيها بمثل هذه الأشياء، إلا إذا كان المواطنون متعاطفين مع نظام الدولة، أما إذ لم يكن الأمر كذلك، فلا يُسمح للدولة بالمطالبة بمثل هذه الأفعال".
وقال ماوتنر: "أتوقع من المحكمة العليا أنها ستحمي القيم الديمقراطية الليبرالية لإسرائيل على أي حال. فهذه هي المهمة الأساسية للمحكمة ونظام العدالة ككل، بدءا من اليوم الأول لتأسيس إسرائيل".
وأوضح: "لقد كنت أتفق تماما مع القيم الديمقراطية الليبرالية للمحكمة العليا".
وأشار البروفيسور الإسرائيلي إلى خلافه مع أهارون باراك، أستاذ القانون في المركز المتعدد المجالات في مركز "هرتسليا"، والمحاضر في القانون في الجامعة العبرية في القدس.
وقال ماوتنر، إن "النظام القيمي الذي يتبناه "باراك" يتقاطع بالكامل مع النظام القيمي الذي أتبناه، لكن خلافنا كان حول التكتيكات المطلوبة لحماية الديمقراطية الليبرالية على أفضل وجه".
وأردف: "على سبيل المثال، عندما ادعى باراك بعد إقرار القانون الأساسي، حول كرامة الإنسان وحريته، أن الكنيست قد سن دستورا، انتقدت هذا الموقف منه".
"لأنني اعتقدت أن القانون الأساسي من الناحية القانونية لا يرقى إلى مستوى الدستور"، يضيف ماوتنر.
وأردف أنه "بعد إعلان المحكمة عن القانون الأساسي، كان هو من بدأ في كتابة محتواه، وقد أثار ذلك غضبا هائلا بين المجموعات غير الليبرالية، وبالخصوص الجماعات الدينية".
"لأن ذلك بالنسبة لهم هو عبارة عن أن مجموعة معينة في المجتمع، لها لون ثقافي واجتماعي وعرقي واضح، أخذت على عاتقها سلطة كتابة القوانين الأساسية للجميع"، حسب ماوتنر.
وقال البروفيسور الإسرائيلي: "يجدر بنا أن نتذكر أن الإقصاء تجربة مؤلمة للغاية، سواء على مستوى الحياة الشخصية للناس، أو على المستوى الجماعي".
وأردف: "كنت أعتقد أيضا أنه في ظل الصراع الثقافي الذي تواجهه إسرائيل، فإن النشاط القضائي الجارف الذي يبتعد بشدة عن دوره الأصلي، يعرض الليبرالية الإسرائيلية للخطر، وبالتالي أثار القضاء الإسرائيلي انتقادات ضده لا داعي لها".
الفصل بين السلطات
و"الجدير بالذكر أن الأطياف السياسية المختلفة في إسرائيل تؤمن بأهمية منع تغول القضاء على باقي السلطات"، وفق ماوتنر.
لكن الحل الذي تقدمه حكومة نتنياهو في تشريعاتها حول "إصلاح القضاء" أثارت الجدل على نطاق واسع.
ويرى المتظاهرون المحتجون على خطة "إصلاح القضاء" أن هدفها تهميش السلطة القضائية، وإطلاق يد حكومة نتنياهو.
ورد ماوتنر على ادعاءات حكومة نتنياهو بأن تقوم فقط بإعادة تنظيم العلاقات بين مختلف السلطات، وإعادة التوازن إليها.
وقال ماوتنر: "هذه ليست خطوة لإعادة التوازن في العلاقات بين السلطات، ولا يمكن وصفها بأقل من أنها "تغيير في نظام الحكم".
وأضاف: "تهدف جهود الحكومة للسيطرة السياسية على النظام القضائي".
وتابع أنه "في وقت مبكر من عام 1748، علمنا مونتسكيو (قاض ورجل أدب وفيلسوف سياسي فرنسي، وصاحب نظرية الفصل بين السلطات) أنه عندما تسيطر مجموعة من الناس على السلطات الثلاث، التنفيذية والتشريعية والقضائية، فإن هذه وصفة واضحة للاستبداد".
"علاوة على ذلك، فإن هذه التشريعات تأتي بالاتفاق بين "حزب الليكود" والأحزاب الخمسة المشاركة في التحالف الحاكم"، وفق البروفيسور الإسرائيلي.
وأوضح: "درست هذه الاتفاقيات الائتلافية لمدة أربعة أيام، ووجدت أنها تشمل خمسة أحزاب تستند أيديولوجيتها على رفض تام للثقافة الغربية، ورفض تام للنظام الديمقراطي الليبرالي، ورغبة في استبدال النظام الديمقراطي الليبرالي الحالي بنظام يخضع لـ"هالاخاه".
ويقصد بـ"الهالاخاه" الشريعة اليهودية وهي مجمع القوانين، التقاليد والإرشادات الدينية الموجب عليها لمن يتمسك بالديانة اليهودية. وتشمل 613 وصية، وتعاليم التلمود والتعاليم الحاخامية.
وأكد ماوتنر أنه "إذا تحققت هذه الاتفاقيات وبدأت بالفعل تُنفَّذ، فسيجد نصف سكان البلاد، بما في ذلك النساء، أنفسهم في وضع سيئ للغاية، بالإضافة إلى الأقليات العربية والدروز".
وأردف أنه "بعبارة موجزة: ستضعف علاقتنا مع العالم الغربي، وسنخضع أكثر وأكثر لـ"هالاخاه".
مفهوم الديمقراطية
ووجه الموقع للبروفيسور الإسرائيلي سؤالا، قال فيه: "عندما يقول وزير المالية اليميني بتسلئيل سموتريتش، وعضو الكنيست الإسرائيلي سيمحا روتمان، إنهما يهدفان فقط لتحسين مستوى الديمقراطية، فهل هم يكذبون؟"
وفي معرض إجابته، قال ماوتنر أن "المفهوم الذي يعتمده سموتريتش وروتمان للديمقراطية ليس من الآراء المعتمدة في الأدبيات الحديثة حول تعريفها".
وأوضح أن "هناك اتجاهين لفهم الديمقراطية، فهناك النهج الإجرائي الذي يروّج لفكرة أن الديمقراطية هي عملية لتشكيل الأغلبية السياسية التي تدير مؤسسات الدولة".
وتابع: "وهناك مضمون الديمقراطية الذي يشدد على عدم وجود مفهوم يُسمّى "ديمقراطية" قائما بذاته، ولكن دائما ما تكون "ديمقراطية ليبرالية".
ويرى أن "الربط بين "الديمقراطية" و"الليبرالية" هو النهج الذي يسود في الأدبيات؛ لأن العملية الديمقراطية تخلق دائما أغلبية وأقلية، وفي بعض الأحيان، كما هو الحال في إسرائيل، تكون هناك أقلية ثابتة، وهي الأقلية العربية".
"وبالتالي يجب أن تحتوي الديمقراطية الليبرالية في طياتها عناصر الليبرالية لحماية حقوق هذه الأقلية"، وفق ماوتنر.
وقال إن "الإسهام العظيم لنظامنا القانوني -بدءا من يومه الأول- هو استيعاب للقيم الليبرالية في الثقافة السياسية للبلاد؛ لأن القانون الإسرائيلي جزء من القانون الأنجلو أميركي، وكل حرف منه مبني على القيم الليبرالية: سيادة القانون والحرية والمساواة".
ويعتقد البروفيسور أن "سموتريش وروتمان لديهما نظرة إجرائية وغير ليبرالية للديمقراطية، ونظرتهما لليهودية تعطي تفوقا واضحا لها في مؤسسات الدولة على القيم الديمقراطية والليبرالية".
وتابع: "إنهم يطمحون إلى استخدام الديمقراطية الإجرائية للسيطرة على مؤسسات الدولة، وبعد أن ينجحوا في ذلك، سيعملون على تغيير القانون في البلاد".
وأردف: "لدي سلسلة من تصريحات سموتريتش يقول فيها إن رؤيته هي دولة تحكمها هالاخاه، وستعود إسرائيل إلى الطريقة التي كانت عليها أيام الملك داود والملك سليمان".
ووفق ماوتنر، فإن سموتريتش قال "رغبتي على المدى الطويل هي أن تُحكم دولة إسرائيل وفقا للتوراة".