خبير دولي: هذا ما يمكن أن تتعلمه أميركا وأوروبا من الطموح الصيني

12

طباعة

مشاركة

قال الرئيس السابق لمجلس الأمن الدولي، المسؤول السنغافوري السابق كيشور محبوباني، إن العالم يدخل مع الصين ومبادراتها الطموحة حقبة جديدة، فيما يتواصل فشل المشاريع الغربية.

وبمناسبة مرور 10 سنوات على طرح مبادرة "الحزام والطريق"، أجرت شبكة الصين الإخبارية مقابلة مع محبوباني، وهو أيضا شغل الممثل الدائم لسنغافورة لدى الأمم المتحدة بين عامي 1984 و1989.

ومبادرة "الحزام والطريق" الصينية، مشروع أطلقته الصين في 2013 ويتضمن بناء طرق ومرافئ وسكك حديدية ومناطق صناعية في 65 بلدا تُمثل 60 بالمئة من سكان العالم، وتوفر حوالي ثلث إجمالي الناتج العالمي.

الدائرة تتوسع

وقالت الشبكة إنه منذ أن اقترحت الصين مبادرة "الحزام والطريق" في عام 2013، ودائرة أصدقاء المشروع تتوسع بشكل مستمر، إذ اجتذب حتى الآن أكثر من ثلاثة أرباع دول العالم و32 منظمة دولية.

وأضافت الشبكة أن مبادرة الحزام والطريق تحولت من الرؤية إلى الواقع، ومن السرد العام إلى التفصيل الدقيق، محققة نتائج فعّالة للتعاون والتنمية بين الدول.

وفي معرض رده على سؤال بشأن رؤيته لعشرية المبادرة، قال محبوباني إن "الحزام والطريق رُحب بها في جميع أنحاء العالم، حيث أُنشئت العديد من مشاريع البنية التحتية المهمة حول العالم في إطار المبادرة". 

وأضاف: "في الواقع، تتمتع جميع الدول بحرية اختيار ما إذا كانت ستوقع اتفاقيات تعاون مع الصين بشأن البناء المشترك للحزام والطريق، وحيث إن الغالبية العظمى من دول العالم وقعت على اتفاقيات للتعاون، فإن هذا يدل على أن الدول قد أدركت قيمة هذه المبادرة".

وأردف محبوباني: "12 بالمئة فقط من سكان العالم يعيشون في الغرب، بينما يوجد 88 بالمئة يعيشون خارج الدول الغربية".

وتابع أنه "إذا أجريت استطلاعا للرأي، فليس هناك أدنى شك في أن غالبية الـ 88 بالمئة سيكونون سعداء بمبادرة الحزام والطريق، ويرغبون في فعل المزيد في إطارها، لذلك أقول إن المبادرة ناجحة".

ووفق محبوباني، فإن "أحد التحديات الرئيسة التي ستواجه مبادرة "الحزام والطريق" في المستقبل هو أن الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى تعارضها أو لا ترغب بالمشاركة فيها". 

وأضاف: "لكني أعتقد أن بعض الدول الغربية يجب أن تفكر مليا فيما إذا كان من الحكمة عدم المشاركة في مبادرة الحزام والطريق".

وأردف المسؤول السنغافوري السابق: "نحن ندخل حقبة جديدة في تاريخ العالم، وفي عالم متعدد الحضارات والأقطاب، يجب أن يتعلم الغرب كيفية العمل بشكل أفضل مع 88 بالمئة من سكان العالم".

ويعتقد محبوباني أنه "يمكن للمرء أن يتعلم من نجاح مبادرة الحزام والطريق، وأن يحاول تقليدها".

بدوره، أشار مراسل الشبكة إلى أن "التناقض البنيوي بين الدول الغربية وغير الغربية سيؤثر على النظام العالمي في المستقبل"، حيث سأل محبوباني عن الدور الذي ستلعبه مبادرة الحزام والطريق في هذه العملية.

وقال الرئيس الأسبق لمجلس الأمن الدولي إنه يأمل أن "يتمكن الغرب من التفكير في إخفاقاته في أن يصبح شريكا تنمويا لدول غير غربية".

وأشار محبوباني إلى ما كتبه الصحفي البريطاني، مارتن وولف، أخيرا في جريدة "فاينانشيال تايمز"، من أن "على الغرب أن يطور علاقات أفضل مع بقية العالم".

وحسب محبوباني، فإن "هذا يتطلب من الغرب الاعتراف بازدواجية معاييره ونفاقه"، مؤكدا أنه "يوجد قلق كبير لدى بقية دول العالم من سلوك الغرب".

وأضاف: "إذا أراد الغرب أن يتمتع بالتأثير الذي يصبو إليه، فعليه أن يدرك أن شعوره بالتفوق الأخلاقي الذي يدعيه ليس فوق مستوى الشك".

فشل المشاريع الغربية

وأكد محبوباني أنه "على دول الغرب أن تفكر بعناية فيما قدمته حقا لبقية دول العالم. فعلى الرغم من أنهم يدعون أنهم يعملون جاهدين لمساعدة بقية العالم، إلا أن العديد من مشاريع المساعدة الغربية لم تحقق الأثر المطلوب".

وتابع: "في الواقع، أشرت في كتابي (التكامل الكبير: الشرق والغرب ومنطق عالم واحد) إلى أنه عندما يقدم الغرب دولارا واحدا لبقية المناطق في العالم، فإنه يعود إليهم 80 سنتا، في حين يذهب 20 سنتا فقط إلى المناطق الأخرى.

وشدد على أنه "يجب على الغرب أن يتأمل أكثر فيما قام به، وأن يدرك أن التعاون مع الصين في إطار مبادرة "الحزام والطريق" قد يكون في الواقع مصلحة غربية".

ووفق محبوباني، الذي نشر كتابا في عام 2020، بعنوان "هل انتصرت الصين؟"، فإن "أميركا والاتحاد الأوروبي قلدوا الصين، وأطلقوا خطط بناء البنية التحتية واحدة تلو الأخرى، وهذا أفضل تقدير لمبادرة الحزام والطريق.

وقال: "بالتأكيد أعتقد أن المحاكاة هي أفضل شكل من أشكال التقدير"، مشيرا إلى أنه "تطور إيجابي أن تسعى الولايات المتحدة وأوروبا بجد للمشاركة في مشاريع البنية التحتية في مناطق أخرى من العالم".

لكن الأمر المحزن -حسب محبوباني- هو أن "الولايات المتحدة تواجه مفارقة كبيرة، إذ إنها واحدة من أغنى دول العالم، ولكن بنيتها التحتية اليوم سيئة للغاية".

وأضاف: "أتذكر أن الرئيس الأميركي جو بايدن، قال أخيرا: "لماذا لا يحتل أي مطار أمريكي مرتبة بين أفضل 25 مطارا في العالم؟ ما هو الخطأ في الولايات المتحدة؟"

ورأى محبوباني أن عدم استثمار الولايات المتحدة في بنيتها التحتية الخاصة يعد مأساة.

وأردف: "ولذلك يجب أن نشجع الولايات المتحدة على الاستثمار في البنية التحتية ليس فقط في الخارج، ولكن في الداخل أيضا".

وتابع محبوباني مخاطبا الدول الغربية: "أقنعوا العالم بأنكم تقومون بعمل جيد من خلال الاستثمار في البنية التحتية الخاصة بكم أولا، وهو ما أتمنى أن تتعلموه من مبادرة الحزام والطريق".

فخ الديون

وحول الاتهامات التي يوجهها بعض السياسيين والإعلاميين الغربيين للصين، بأن مبادرة الحزام والطريق عبارة عن "فخ" لإيقاع الدول في الديون، قال محبوباني: "لحسن الحظ، قدم بعض العلماء الأميركيين أدلة جيدة في دراسات أكاديمية، على أن المبادرة ليست كذلك".

وأضاف: على أي حال، فإن مفهوم "فخ الديون" يعد إهانة لحكمة الدول في العالم النامي، وهو طريقة للغرب لإظهار تفوقه وغطرسته.

فكأن الغرب يقول: "نحن أكثر ذكاء منكم، أنتم تقعون في فخ الديون بسبب غبائكم، ونحن أذكياء ولا نوقع مثل هذه الاتفاقيات"، وفق محبوباني.

وأكد أن "هذا يعد إهانة لأكثر من 80 بالمئة من سكان العالم، وأنه يجب على الغرب التخلص من الشعور بالتفوق الأخلاقي".

وأردف: "ينبغي على الدول الغربية أن تتعلم أهمية التواضع، وأعتقد أن هذا ما يمكن تتعلمه من مبادرة "الحزام والطريق".

وقال مراسل الشبكة إن "الصين صرحت مرارا وتكرارا أنها لن تتحدى الولايات المتحدة، ولا تريد أن تحل محلها، لكن يبدو أن الولايات المتحدة لا تعتقد ذلك، وتعد مبادرة الحزام والطريق بمثابة تحد لها".

وعلق محبوباني قائلا إن "الولايات المتحدة لديها سوء فهم كبير لما تحاول الصين تحقيقه، وأعتقد أن المشكلة الرئيسة لديها هي أنها اعتادت أن تكون رقم واحد في العالم لأكثر من مائة عام".

وأردف أنه "بالنسبة للولايات المتحدة، فمن المروع بالنسبة لها على المستوى النفسي قبول أنها قد تصبح في المركز الثاني، وهذا يتسبب في محاولة واشنطن منع بكين من أن تصبح رقم واحد في العالم".

ويعتقد محبوباني أنه "في الواقع، يمكن للولايات المتحدة والصين العمل معا بطريقة مربحة للجانبين، كما ستستفيد بقية دول العالم من العلاقات التعاونية بين البلدين".

وأضاف: "إننا نواجه قضايا عالمية ملحة مثل تغير المناخ، والصحة العامة، والأزمة المالية العالمية المحتملة، وكل هذه التحديات العالمية تتطلب من الولايات المتحدة والصين العمل معا".