قنبلة موقوتة وخطر أمني.. لماذا تخشى سوريا والعراق مخيم الهول؟
تحدث مركز دراسات تركي عن آخر التطورات في مخيم الهول شمال شرقي سوريا، حيث يوجد غالبية من المواطنين السوريين والعراقيين، ويشار إليه باسم "بؤرة الإرهاب".
ويعود ذلك إلى أنه يضم عشرات الآلاف من الأشخاص الذين يُزعَم أنهم مرتبطون بتنظيم الدولة، ويشكل مصدر قلق أمني مشترك لكلا البلدين، وفق مركز أورسام لدراسات الشرق الأوسط.
وهو أيضاً قضية مهمة جذبت انتباه المجتمع الدولي بسبب المخاطر الأمنية المحتملة وانتهاكات حقوق الإنسان. ولا يزال وجود عناصر راديكالية متطرفة لا سيّما داخل المخيم مدعاة للقلق.
وأضاف المركز في مقال للكاتبة التركية "سيبال دوندار": فيما يتعلق بالوضع الحالي للهول ومستقبل سكان المخيم، يبرز تطوران مهمان ظهرا أخيرا وأحدثا نقاشات عامة مختلفة.
أولهما أن وحدات حماية الشعب (YPG) /حزب العمال الكردستاني (بي كا كا)، قررت تنفيذ ما يسمى بالإجراءات التجريبية والقانونية فيما يتعلق بـ 10 آلاف من أعضاء تنظيم الدولة المحتجزين في المخيم لسنوات. والثاني هو دعوة المسؤولين العراقيين إلى "إغلاق الهول".
ووحدات "حماية الشعب" التابعة لمنظمة "حزب الاتحاد الديمقراطي" هي الجناح السوري لمنظمة بي كا كا المصنفة إرهابية في تركيا ودول أوروبية.
وتوضح الكاتبة أن "هناك بعض الشكوك حول إمكانية تطبيق هاتين النقطتين والعواقب التي ستجلبها. وبغض النظر عن الاتجاه الذي تتخذه العملية، فإن مخيم الهول يشكل مصدر قلق أمني مشترك لكل من سوريا والعراق".
بؤرة الهول
واستدركت دوندار: يوجد في مخيم الهول أعضاء تنظيم الدولة الإرهابي وعائلاتهم ومعظمهم من الرعايا الأجانب.
ولأسباب مثل التفاعل الأيديولوجي واستمرار الروابط التنظيمية والدعاية والتجنيد في التنظيم وانعدام بيئة الأمن، يشار إلى هذا المعسكر باسم "حاضنة تنظيم الدولة".
بالإضافة إلى أنَّ وحدات حماية الشعب/ حزب العمال الكردستاني تسيطر على مخيم الهول، ولديها القدرة على تمهيد الطريق لنشر وتعزيز الأيديولوجيات المتطرفة.
ومما لا شك فيه أن إحدى أهم القضايا التي تهم المجتمع الدولي هنا هي وضع الأجانب في المخيم.
وسبق أن دعت وحدات حماية الشعب/ حزب العمال الكردستاني، المسؤولة اسمياً عن أمن المخيم، العديد من الدول بما في ذلك كندا وفرنسا والمملكة المتحدة إلى استعادة مواطنيها الذين هم في صفوف تنظيم الدولة والعديد من النساء والأطفال المحتجزين في معسكرات الاعتقال.
ومع ذلك، فإن العديد من الدول مترددة بشأن إعادة قبول أعضاء تنظيم الدولة الأجانب خوفاً على أمنها القومي، وفق ما تقول الكاتبة.
وأضافت: "في الأيام الأخيرة، اتخذت وحدات حماية الشعب/ حزب العمال الكردستاني الإرهابية خطوة جديدة بشأن هذا الموقف من الدول الغربية التي تتردد في قبول عودة أعضاء التنظيم المحتجزين في معسكرات في المناطق الخاضعة لسيطرتها وأصدرت بياناً بأنها قررت بدء عملية محاكمة هؤلاء الأفراد بنفسها".
وذكرت ما تُسَمَّى بقيادة وحدات حماية الشعب/حزب العمال الكردستاني أنها لم تتلق رداً على الدعوات وأعلنت أنها ستبدأ عملية قضائية "مفتوحة وحرة وشفافة" خاصة بها. وقد تسبب هذا القرار، من جانب واحد، في قلق بالغ في المجتمع الدولي.
إذ أثيرت مخاوف من أنّ المنظمة يمكن أن تستخدم هذا الوضع كوسيلة للرشوة وجمع الأموال، كما فعلت حتى الآن، وأن إجراءات المحكمة يمكن أن تكون مسرحاً للعديد من هذه الانتهاكات.
وأشارت الكاتبة إلى أن هذه العملية، التي تُعد مستخدمة من قبل وحدات حماية الشعب/ حزب العمال الكردستاني كمنهجٍ آخر في البحث عن الشرعية في الطريق إلى ما يسمى بالدولة في المنطقة، لن تكون أكثر من مسرح من شأنه أن يسبب مشاكل خطيرة في السياق القانوني.
وأخيرا، يمكن النظر إلى إعلان التنظيم على أنه سيحكم على عناصر تنظيم الدولة المحتجزين في المخيم بنظامه الخاص جزءاً من جهوده لجذب انتباه الرأي العام الدولي، المنشغل بأجندات مختلفة.
وكان تحول تركيز القوى الدولية الموجودة في سوريا إلى الحرب الدائرة في أوكرانيا وعملية التطبيع، التي اكتسبت زخماً معيناً مع دخول النظام السوري إلى الجامعة العربية، مقلقاً للمنظمة التي تحاول إضفاء الشرعية على منطقة الهيمنة في شمال شرق سوريا.
وبالمثل، وكما رأينا في الأمثلة السابقة، حاولت المنظمة عدة مرات تحت عنوان "محاربة تنظيم الدولة" إعادة الانخراط في جدول الأعمال لأغراضه الخاصة، وفق الكاتبة.
وبعد هذه التطورات، بدأ وضع السجون والمعسكرات في المنطقة التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب/ حزب العمال الكردستاني وكذلك مصير سجناء تنظيم الدولة على رأس جدول الأعمال الدولي.
قنبلة موقوتة
واستدركت دوندار: يعد الهول، المعروف كمركز لأعضاء تنظيم الدولة وعائلاتهم، "مصدر قلق أمني كبير" للعراق، الذي قاتل بشكل مكثف ضده في الماضي وعانى من الآثار المدمرة لهجماته.
وإن هذا المخيم، الذي يقع على الحدود الشرقية للبلاد، هو قضية لا يمكن تجاهلها بالنسبة للعراق لأن أكثر من نصف سكانه يتألفون من مواطنيه.
وعلى وجه الخصوص، فإن عودة الأفراد المرتبطين بتنظيم الدولة في مخيم الهول تنطوي على إمكانية التطرف والانضمام مرة أخرى إلى المنظمة الإرهابية وتهدد الأمن الداخلي للعراق.
وتشير التقديرات إلى أن عودة هؤلاء الأفراد يمكن أن يخلق نقاط ضعف استخباراتية وتجهد القدرة على تنفيذ العمليات التي يتمّ شنّها ضد الهجمات الإرهابية في البلد.
لكل هذه الأسباب، كثيراً ما يذكر العراق أن مخيم الهول يشكل خطراً جسيماً على الأمن ويطالب بدعم المجتمع الدولي، وفق الكاتبة.
وأضافت: العراق، الذي أعلن أنه استعاد ما يقرب من 3000 من مواطنيه لمحاكمتهم في المحاكم، وجه دعوة جديدة بعد أن لم تصل إعادة القبول في بلدان أخرى إلى المستويات المرغوبة.
وعلى الرغم من أنّ دعوة السلطات العراقية إلى إغلاق مخيم الهول تعد تطوراً مهماً على جدول الأعمال، فهي تثير مشكلات جديدة حول مستقبل المخيم ومصير سكانه.
وإذا جرى إغلاق المخيم، فإن مكان إرسال أعضاء تنظيم الدولة وعائلاتهم وكيفية إدارتهم ستصبح مشكلة كبيرة.
علاوة على ذلك، أعيقت إعادة المواطنين العراقيين المرتبطين بتنظيم الدولة إلى وطنهم بسبب حقيقة أن القبائل المحلية غير مستعدة لقبول أقاربها الذين ارتكبوا انتهاكات لحقوق الإنسان وجرائم حرب في البلاد أثناء سيطرتهم على المنطقة.
وأردفت دوندار: تستخدم وحدات حماية الشعب/ حزب العمال الكردستاني المخاطر الأمنية التي يشكلها الوضع الحالي للمخيم لأغراض مثل اكتساب الشرعية، وضمان استمرارية الدعم العسكري الذي تتلقاه من القوات الدولية، وأن تكون في قلب جدول الأعمال العام.
ونظراً لأنها منظمة إرهابية بالإضافة إلى أنَّ خطر فرار أعضاء تنظيم الدولة مرتفع للغاية في ما يسمى بعملية المحاكمة، فليس من المقبول أن تنفذ وحدات حماية الشعب/ حزب العمال الكردستاني هذا النظام.
وعلى الرغم من أن دعوة العراق ذات مغزى في المقام الأول، فإن غالبية الناس هناك لا يزالون مواطنين عراقيين وسوريين.
وهذا يكشف بحسب الكاتبة، بشكل أساسي عن ضرورة حل المشكلة من قبل العراق وسوريا، ولكن كما يبدو فإن الحل القوي لن يكون ممكنا بسبب عدم كفاية قدرات كلا البلدين. وفي أحسن الأحوال خيار تفكيك الهول الكبير والجماعي إلى قطع صغيرة.
وفي سيناريو لا يجري فيه حل هذه الشكوك وتستمر إدارة المخيم تحت سيطرة وحدات حماية الشعب/ حزب العمال الكردستاني، فإن معسكر الهول، الذي يوصف بأنه قنبلة موقوتة جاهزة للانفجار في أي لحظة.
وسيظل المخيم يشكل تهديداً أمنياً خطيراً بشكل متزايد ليس فقط لسوريا والعراق، ولكن أيضاً للرأي العام العالمي، وخاصة لمنطقة الشرق الأوسط، تخلص الكاتبة.