"حائز على نوبل في السلام".. موقع أميركي: آبي أحمد يسحق الحريات في إثيوبيا
أكد موقع "يوراسيا ريفيو" الأميركي أن الحكومة الإثيوبية، برئاسة آبي أحمد، تعمل على سحق الحريات ونشر الخوف في البلاد.
ونشر الموقع مقالا للكاتب والمحلل السياسي البريطاني، غراهام بيبلز، قال فيه إنه "عندما تولى رئيس الوزراء آبي أحمد منصبه عام 2018، غمرت البلاد موجة من الأمل والتفاؤل".
وتابع: فبعد 27 عاما من العيش تحت سيطرة "الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي"، تنفس الشعب بأكمله الصعداء.
وأضاف أن "العديد من الإثيوبيين الذين يعيشون في الخارج، عادوا إلى البلاد، مدفوعين بحرصهم على المساهمة في نهضة وطنهم، وبروح من الألفة، دُعيت أحزاب المعارضة في المنفى والإعلاميين والناشطين للعودة إلى إثيوبيا".
وأفاد الكاتب البريطاني أنه "بشكل علني على الأقل، قال آبي أحمد كل ما ينبغي قوله، حيث تحدث حينها عن الوحدة والديمقراطية وحقوق الإنسان".
وفي سبتمبر/أيلول 2018، أي بعد خمسة أشهر من توليه منصبه، تعزز المزاج الإيجابي عندما جرى التوصل إلى اتفاق سلام مع رئيس إريتريا أسياس أفورقي".
ولفت المقال إلى أن "الأعمال العدائية -التي غذتها الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي والتي كانت مستمرة منذ 20 عاما- توقفت حينها. وفي عام 2019 حصل آبي على جائزة نوبل للسلام لجهوده في هذا المسار".
"لكن سرعان ما تلاشى هذا التفاؤل والأمل الوطني، وكشف آبي أحمد عن وجهه الحقيقي، حيث يستبد بالحكم، ويثير الانقسام بين أطياف المجتمع بشكل متزايد"، حسب بيبلز.
الحكم عبر الخوف
وقال بيبلز، إن "رؤية الطاغية متنكرا في زيّ محب للديمقراطية، هو مشهد بقدر ما هو شائع، إلا أنه مثير للاشمئزاز".
وأشار الكاتب البريطاني إلى أن "القادة أمثال آبي أحمد، يحكمون من خلال الخوف، وفرض السيطرة، وتعزيز الانقسام المجتمعي".
وشدد على أن "الترياق المضاد لوحشيتهم، والذي يصعب تحقيقه أيضا، هو الوحدة، والعمل الجماعي المستدام والسلمي، كما حدث خلال ثورات الربيع العربي".
وأكد بيبلز أنه "لا يمكن لأي نظام مهما كان مستبدا، أن يقف ضد شعب موحد ومتحفز لتحقيق هدفه، والأنظمة القمعية تعرف ذلك جيدا، ومن هنا كان تركيزها على تأجيج الانقسامات الطائفية".
وألمح أيضا إلى أن الأنظمة الاستبدادية يهمها أن يكون لدى أفراد الشعب ضوائق مالية، لأن "النشاط السياسي هو ضرب من الرفاهية عندما تكون جائعا أو معوزا".
وأكد الكاتب أن "الأنظمة الاستبدادية تعادي الحرية بجميع أشكالها، وعلى رأسها حرية التجمع والتعبير والإعلام، التي تعد العناصر الأساسية لأي أمة ديمقراطية وأي مجتمع حر، كما أنها حقوق منصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان".
وشدد الكاتب البريطاني على أن "آبي أحمد وأمثاله ينظرون إلى حرية التعبير على أنها تهديد لسلطتهم، وهي بالفعل كذلك".
"ولمواجهة هذا، يصبح القمع ضروريا، بهدف السيطرة على تدفق المعلومات، وخنق المعارضة، وإسكات منتقدي الحكومة"، حسب المقال.
وأوضح أن "الحكومة الإثيوبية لا تتسامح مع الانتقاد الصريح للنظام بشكل عام، ولا سيما انتقاد تورط الحكومة في الإبادة الجماعية لشعب الأمهرة".
وأشار إلى أن "متعصبي جبهة تحرير أورومو، والجيش الإثيوبي، قتلوا عشرات الآلاف من الأمهرة، ثاني أكبر مجموعة عرقية في إثيوبيا، حيث يقدر عدد الضحايا بين 25 إلى 40 ألف قتيل".
وصاحب ذلك، "نزوح مئات الآلاف، إضافة إلى ما يقدر بنحو 5-7 ملايين من النازحين المنتشرين بالفعل في جميع أنحاء البلاد"، وفق المقال.
حملة قمع
وكما هو متوقع، فإن الصحفيين الصريحين، ووسائل الإعلام المستقلة بجميع أنواعها (بما في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي)، والسياسيين المعارضين، والمنظمات غير الحكومية المحلية، هي الأهداف الأساسية لحملة القمع التي يشنها آبي أحمد، حسب الكاتب.
وأفاد المقال بأن "هناك قيودا على استخدام الإنترنت، كما تنتشر مراقبة كل من ينتقد الحكومة على نطاق واسع".
وذكرت منظمة "فريدوم هاوس" غير الحكومية، التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها، أن "وكالات الأمن الحكومية (في إثيوبيا) تراقب الأفراد والسياسيين، من خلال التنصت على المكالمات الهاتفية".
وأشارت المنظمة إلى "انتشار المراقبة الرقمية، واستخدام المخبرين على أرض الواقع للتجسس على الشعب".
علاوة على ذلك، فإن الاعتقالات التعسفية شائعة في إثيوبيا، كما أن الصحفيين والناشطين السياسيين والعاملين في المنظمات غير الحكومية يُعتقلون من منازلهم أو أماكن عملهم دون سابق إنذار.
وأكد الكاتب البريطاني أن بعض الناشطين "اختطفتهم قوات الأمن من الشوارع، ليُحتجزوا بعد ذلك في أماكن مجهولة".
كما "اعتقلت الحكومة الإثيوبية العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان، من الكتّاب والإعلاميين، دون تهمة أو محاكمة"، حسب بيبلز.
"وبعد قضائهم فترة في السجن، يواجه الكثيرون منهم اتهامات، بموجب قانون مكافحة الإرهاب، الذي انتقد على نطاق واسع، والذي يسمح بسجن الأفراد لأجل غير مسمى".
وتعليقا على الاعتقالات غير القانونية، صرحت "لجنة حماية الصحفيين" الدولية أن "حال حرية الصحافة في إثيوبيا محزن للغاية، وأنه يجب على السلطات الإفراج عن جميع الصحفيين المحتجزين".
كما طالبت اللجنة بـ"التحقيق في مزاعم تعرض بعض الصحفيين للاعتقال، ولسوء المعاملة أو الاعتداء أثناء وجودهم في السجن، وضمان أن يعملوا في بيئة لا يسودها الخوف".
ومع ذلك، فإن "بيئة الخوف" هي بالضبط ما تريده الحكومة الإثيوبية، وقد سهلت ذلك، ليس فقط من خلال الاعتقالات، ولكن أيضا عبر العنف -بما في ذلك الجنسي- الذي يواجهه المعتقلون في السجون"، حسب الكاتب البريطاني.
وأكد أن "الخوف هو الدافع وراء سياسات بعض الأنظمة مثل النظام الموجود في أديس أبابا، كما أنه هو الذي يسمح لها بالبقاء في سلطتها".
وأضاف أن "حرية التعبير حق محوري، يتعلق بمجموعة من المبادئ العالمية الأخرى ويعززها. ويشمل ذلك حرية التجمع، وحرية المنظمات غير الحكومية في العمل، والحرية الأكاديمية والدينية، وحرية الحركة، والتحرر من الاستغلال".
وأكد أن "هذه أسس الأمم الديمقراطية، إذا ما أضفنا لها وجود سلطة قضائية مستقلة، وقوانين غير متحيزة لفئة على أخرى، ومراقبة تنفيذ القوانين".
تقييد الحريات
وقال الكاتب إن منظمة فريدوم هاوس الأميركية نظرت في هذه المعايير عند تقييمها للحكومة الإثيوبية، وتوصلت لخلاصة، لم تكن مفاجئة لأحد، وهي أن إثيوبيا "ليست حرة".
فلا توجد حرية لوسائل الإعلام، ويجب على التقارير الواردة من وكالات الإعلام الحكومية أن تتبع رواية الحزب الحاكم، كما أن المحتوى الذي يتعارض مع رواية الحكومة تتم إزالته، وفق بيبلز.
ولفت الكاتب البريطاني إلى أن "الحرية الأكاديمية مقيدة للغاية، والرقابة الذاتية تظل شائعة في سياق النزاعات المستمرة والتوترات السياسية".
علاوة على ذلك، فإن "المنظمات غير الحكومية، بما في ذلك منظمات المجتمع المدني المحلية، "تواجه تهديدات وتحذيرات من الحديث عن قضايا تتعارض مع موقف الحكومة، لا سيما فيما يتعلق بالنزاعات الداخلية".
"ومن الناحية العملية، فإن التحدث علنا ضد الخط الرسمي، أو لفت الانتباه إلى تورط الحكومة في ذبح شعب أمهرة، سيقود قائله، ليس فقط إلى التهديد والتحذير، بل إلى الاعتقال والسجن"، حسب المقال.
وأردف: "بمجرد اعتقال المتهمين، وفي حال وصلت القضية إلى المحاكم، فإن فرصتهم ضئيلة أو معدومة في أن تُقام لهم جلسة استماع عادلة، فالإجراءات القانونية لا تُحترم بشكل عام".
وشدد بيبلز على أن القضاء "يخضع للتدخل السياسي، والأحكام الصادرة عنه نادرا ما تنحرف عن سياسة الحكومة".
أضف إلى ذلك أن "الفساد داخل نظام العدالة لا يزال يمثل تحديا كبيرا، فنادرا ما يُعاقَب القضاة الذين يُقبض عليهم وهم يقبلون الرشاوى".
وقال الكاتب إن "أولئك الذين يُعاقَبون في إثيوبيا هم عشاق الحقيقة، والمدافعون عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والتعددية السياسية".
وأكد أن "الثقة في رئيس الوزراء والهيئات الحكومية والمؤسسات الوطنية ضعيفة، وهناك حالة منتشرة من الارتياب والغضب، لا سيما بين أبناء الأمهرة".
وأوضح أنه "لعقود من الزمان، كانت إثيوبيا واحدة من أكثر الأماكن قمعا في العالم، وبالنسبة للصحفيين المستقلين، والناشطين السياسيين، والعاملين في المنظمات غير الحكومية، الذين يرفضون السكوت، فهي أيضا واحدة من أخطر دول العالم".
وختم الكاتب البريطاني مقاله بالتأكيد على أن "آبي أحمد وحزبه قد عززا من هذه الصورة القمعية".