صحيفة تركية: سياسات وزراء نتنياهو المتطرفين تحاصره وتفقده السيطرة 

12

طباعة

مشاركة

قالت صحيفة يني شفق التركية إن العناصر السياسية اليمينية المتطرفة والاستيطانية قد دفعت إسرائيل لفعل ما تريد فيما يتعلق باحتلال الضفة الغربية.

وتابعت في مقال للكاتب "فاتح شمس الدين إيشيك": تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 18 مايو/أيار 2023 في مركز هاراف يشيفا، إحدى أهم المؤسسات التعليمية التي تشكل مفهوم الصهيونية الدينية واليمين المتطرف في إسرائيل بكلمات لافتة حول هذا الأمر.

وقال نتنياهو وقتها: "لقد تعهدنا بإعادة الكرامة الوطنية لشعب إسرائيل، وقد أوفينا بهذا الوعد، وحان الوقت للتوقف عن التهديد والمقاطعة وإظهار موقف متعجرف".

وأردف: "لقد حان الوقت الذي يجب أن يجتمع فيه الجميع ويمرروا ميزانية وحدة إسرائيل وأرضها وتراثها".

شرخ أمني

وأشار الكاتب إلى أنه على عكس حديث بنيامين نتنياهو والذي يُعرف بتصريحاته وانفجاراته الجريئة في حياته السياسية، لا بد من قراءة هذا الكلام في إطار تخفيف توتر وانزعاج المستوطنين الذين زاد إرهابهم في الضفة الغربية منذ مدة.

ولفت النظر إلى أن نتنياهو المحاصر بين ممثلي المؤسسة مثل الجيش والقضاء وبين اليمين المتطرف الذي يدعم إرهاب المستوطنين، فقدَ السيطرة حرفياً.

وباختصار، فإن وضعاً مختلفاً تماماً فيما يتعلق باحتلال الضفة الغربية بدأ يظهر الآن، وفق تقدير الكاتب التركي.

وأردف إيشيك: وفقاً للأرقام الرسمية، فقد قُتِلَ 171 فلسطينياً، من بينهم 26 طفلاً، في هجمات مستمرة (لم يحدد الكاتب زمنها) حتى يومنا هذا شنها مستوطنون في حماية الجيش الإسرائيلي.  

وفي الضفة الغربية أيضاً، نرى مستوطنين يرتكبون مذبحة ضد الفلسطينيين في عدة بلدات فلسطينية، وفق ما قال الكاتب.

وقد وصف أهم أعضاء في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية في بيانٍ مشتركٍ لهم وهم رئيس الأركان هرتسل هليفي، ومدير الاستخبارات الداخلية (الشاباك) رونين بار والمفوض العام للشرطة الإسرائيلية يعقوب شبتاي، هذه الهجمات بأنها "إرهاب قومي". 

وكان أقسى رد فعل على هذا التصريح من قبل أوريت ستروك، وزيرة البعثة الوطنية وعضو حزب الصهيونية الدينية اليميني المتطرف، مشبهة أولئك الذين أدلوا بالتصريح بـ "فاغنر".

وعلى الرغم من اعتذار ستروك اللاحق، فإن التوترات بين المؤسسة الرسمية واليمين المتطرف، الذي يشكل العمود الفقري للحكومة، قد برزت إلى الواجهة. 

وبعبارة أخرى، فإن البيروقراطية الأمنية لديها استياء من الحكومة التي تأسست أواخر 2022 والسياسات في الضفة الغربية.

تصاعد التوتر

كما هو معروف، في هذه المنطقة تقوم إسرائيل بالاحتلال من خلال وحدة تنسيق أعمال الحكومة في الأراضي الفلسطينية التابعة لوزارة الجيش. 

ونظراً لأنَّ هذه المؤسسة كانت ركيزة بيروقراطية ضخمة للاحتلال منذ عام 1967، فقد حدث تطوران حاسمان بينها وبين الحكومة الجديدة. 

أولاً، جرى نقل بعض الصلاحيات المهمة التابعة للمؤسسة وإدارة الشؤون المدنية التابعة لها إلى بتسلئيل سموتريش، وزير المالية وزعيم الحزب الصهيوني الديني. 

سموتريش، أحد أشد المدافعين عن اليمين المتطرف الإسرائيلي وسياسة الاستيطان، وقد جرى منحه هذه السلطة من خلال فتح منصب "وزير" منفصل داخل الوزارة.

وفي تطور حاسم آخر، جرى نقل الشرطة التي تقوم بدوريات على حدود منطقة الضفة الغربية كوحدة منفصلة إلى وزارة الأمن القومي، التي يرأسها إيتمار بن غفير، الشخصية الرئيسة في حكومة اليمين المتطرف والمستوطنين. 

ومرة أخرى، تحت قيادة بن غفير، تجرى محاولة قبول "البؤر الاستيطانية" التي أنشأها المستوطنون في الضفة الغربية كمستوطنات قانونية. 

وقد تسببت هذه القرارات في انزعاج شديد بين أفراد الجيش العاملين والمتقاعدين على حد سواء، لأنها تعطل التسلسل القيادي وتفكك الجيش وتهدد التعاون (التنسيق الأمني) مع الشرطة الفلسطينية. 

وهكذا، فإن قوة اليمين المتطرف/المستوطنين المدعومة من الحكومة تنهض الآن في الضفة الغربية كبديل للجيش الإسرائيلي، والتي لا تتردد في الاشتباك معه من وقت لآخر. 

حرب أهلية

وأشار الكاتب التركي إلى أن هذا الواقع الجديد له علاقة أيضاً بما يسمى الإصلاح القضائي الذي جرى الاحتجاج عليه منذ شهور. 

وترى المعارضة في هذه التشريعات محاولة لإضعاف القدرة الرقابية للسلطة القضائية على السلطتين التنفيذية والتشريعية.

والتشريعات التي تدفع بها الحكومة، تشمل 4 بنود، تقول المعارضة إنها ستؤدي في نهاية الأمر إلى تركيز السلطة القضائية في يد السلطة التنفيذية، التي تسيطر بدورها أيضا على السلطة التشريعية بحكم الأغلبية البرلمانية.

والبنود الأربعة هي: الحد من المراجعة القضائية لتشريعات الكنيست، وسيطرة الحكومة على تعيينات القضاة، وإلغاء تدخل المحكمة العليا في الأوامر التنفيذية (فقرة التغلب)، وتحويل المستشارين القانونيين بالوزارات إلى معينين سياسيين.

وعلى الرغم من تجميد خطة الإصلاح المزعومة، فإن نتنياهو محاصر، وذلك لأن هذا الانقلاب القضائي مدعوم من قبل شركائه في الائتلاف بن غفير وسموتريش، وكذلك من قبل الأرثوذكس المتطرفين، الذين يريدون كسر نفوذ المحكمة العليا، وفق الكاتب.

بالإضافة إلى ذلك، فإن منتدى كوهيليت للسياسات، وهو مركز أبحاث معروف بدعمه للمستوطنين المحتلين، هو رائد فكري لهذا الانقلاب القضائي. 

وأضاف الكاتب: أُعلن عن مشاريع قوانين المنظمة التي جرى تقديمها للكنيست (البرلمان الإسرائيلي) في وسائل الإعلام، حيث أعد الوزراء والنواب الخطب والأعمدة التي تدافع عن مشاريع القوانين هذه.

وتابع: "ليس من الصعب التخمين بأن هذا الدعم الذي جاء من اليمين المتطرف كان يهدف إلى كسر قرارات المحاكم التي كانت تعرقل جهود اليمين المتطرف والمستوطنين في تهويد الضفة الغربية والقدس الشرقية".

وتابع: من المفيد التذكير في هذا السياق بالاتفاق الذي توصل إليه بن غفير مع نتنياهو، الذي حصل على الحكم الذاتي على شرطة الحدود، بأنه سيجرى إنشاء قوة شرطة منفصلة تحت إشراف وزارة الأمن القومي كنوع من الضمان إذا لم يمر الانقلاب القضائي. 

وختم الكاتب التركي مقاله قائلاً: إسرائيل أصبحت تفعل ما يحلو لها بالضفة الغربية، وهذا الجزء، الذي كان يعد في السابق هامشيا، يتمتع الآن برفاهية إظهار مصدر "الشرعية" بسبب دعمه في الشارع وحصة الأصوات التي حصل عليها.

ولقد اكتسبوا بالفعل القدرة ليس فقط على الانسحاب من الحكومة، ولكن أيضاً على إطلاق حركة تمرد محتملة إذا لم يحصلوا على ما يريدون، في إشارة إلى الوزراء المتطرفين. 

ولهذا فإن إشارة نتنياهو إلى "الحرب الأهلية" في خطابه حول "الإصلاح القضائي" في الأشهر الأخيرة تكشف خطورة الوضع، بحسب تقييم الكاتب التركي.