علي تركي.. برلماني يفتح النار على المالكي ويفجّر أزمة داخل حلفاء إيران بالعراق

يوسف العلي | a year ago

12

طباعة

مشاركة

"مليشياوي، وعضو في البرلمان"، طالما أثار النائب العراقي علي تركي، الجدل في تصريحاته، والتي أدت به أخيرا إلى إعلان انسحابه من كتلة "صادقون" البرلمانية التابعة لمليشيا "عصائب أهل الحق" بزعامة قيس الخزعلي، وكذلك الإطار التنسيقي الشيعي الحليف لإيران.

علي تركي أصبح اسمه الأكثر تداولا على مواقع التواصل بالعراق في 22 يونيو/ حزيران 2023، بعد هجوم غير مسبوق شنه على رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، أبرز قادة الإطار التنسيقي، وطالب بمحاسبته لتسببه بسقوط ثلث البلاد بيد تنظيم الدولة عام 2014.

نائب بالبرلمان

علي تركي جسوم علي الجمالي الجبوري، الذي يبلغ من العمر نحو 50 عاما، هو من مواليد مدينة القاسم في محافظة بابل وسط العراق، ويحمل شهادة البكالوريوس في القانون، وحاليا نائب مستقل في البرلمان، وعضو في لجنة النزاهة البرلمانية.

ورغم أن عشيرة جبور في العراق تعرف بأنها من القبائل السنية، إلا أن النائب علي تركي، من أحد فروعها الذي يعتنق المذهب الشيعي والموجود في محافظة بابل تحديدا، وكان الأخير ينتمي إلى التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، قبل انتقاله إلى مليشيا "عصائب أهل الحق".

ظهوره الإعلامي سبق وصوله إلى قبة البرلمان، فقد كان يرتدي الزي العسكري في عام 2014، كونه أحد قيادات مليشيا "عصائب أهل الحق" الموالية لإيران، ويقاتل في صفوفها ضد تنظيم الدولة الذي اجتاح البلاد في يونيو من العام ذاته، واستمر حتى 2017.

والغريب عند دخول علي تركي مضمار الانتخابات البرلمانية في أكتوبر/ تشرين الأول 2021، فإنه طرح نفسه كمرشح مستقل في محافظة بابل، رغم انتمائه المعروف إلى "عصائب أهل الحق"، لكن بعد فوزه بمعقد برلماني اندمج مع كتلة "صادقون" التابعة للمليشيا الموالية لإيران.

ويعد النائب عن محافظة بابل علي تركي، إحدى الشخصيات الرافضة بشدة لعودة النازحين السنة إلى منطقة سكناهم في مدينة "جرف الصخر" بمحافظة بابل، والتي تسيطر عليها المليشيات الموالية لإيران بعدما أفرغتها من سكانها عقب استعادتها من تنظيم الدولة في أكتوبر/ تشرين الأول 2014.

ويصف تركي عودة أهالي المدينة التي يتجاوز تعدادهم 180 ألف نسمة، بأنه "عودة الإرهاب"، إذ قال خلال مقابلة تلفزيونية في أبريل/ نيسان 2023، إن "ملف جرف الصخر لا يمكن الخوض به، حيث لن يسمح بعودة الإرهاب إلى هذه المنطقة".

مثير للجدل

اعتاد علي تركي على إطلاق تصريحات مثيرة للجدل، منها عندما صرّح في 23 مارس 2023، أن "علي خامنئي (المرشد الأعلى في إيران) عقد اجتماعا مع المهدي الغائب (الإمام الثاني عشر والأخير عند الشيعة) ليلة رمضان وطلب منه تأجيل مشروع المقاومة الإسلامية في تحرير القدس حتى ظهوره".

لكن التصريح الذي نقلته "شبكة أخبار العراق"، عن علي تركي، وتناقلته وسائل إعلام محلية وعربية، نفاه الأخير وذكر في تغريدة على "توتير" أنه لم يصدر عنه شيء من هذا القبيل.

وفي 15 يونيو 2023، أثار النائب علي تركي جدلا واسعا بعد حديثه عن أسباب تأجيل الاستعراض العسكري للحشد الشعبي بذكرى تأسيسه التاسعة- المعتاد إقامته في 14 يونيو من كل عام- أنها جاءت بضغط أميركي.

وقال تركي خلال مقابلة تلفزيونية إن "قضية إلغاء الاستعراض لا أعتقد أن وراءها اتفاقات سياسية، بقدر ما هي ضغوط أميركية".

وأوضح البرلماني أن "الضغوط الأميركية واضحة، والعداء الأميركي للحشد والذي سبق أن استهدف أبو مهدي المهندس (نائب رئيس الحشد الشعبي قتل مع قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني بغارة أميركية قرب مطار بغداد الدولي في يناير 2020)".

وأردف: "كل الحكومات التي توالت منذ تأسيس الحشد الشعبي وحتى اليوم، ومن ضمنها حكومة محمد شياع السوداني لم تعط حقوق الحشد سواء على مستوى أفراد أو تشكيلات".

ويعد علي تركي من الشخصيات المعادية للاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في العراق في أكتوبر/ تشرين الأول 2019، ويصفهم بأنهم مسيرون ومدعومون من الخارج وتحديدا من الولايات المتحدة الأميركية.

وفي 27 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، اتهمه علاء الركابي النائب في البرلمان ورئيس حركة "امتداد" التي انبثقت عن التظاهرات الشعبية، بالاعتداء عليه داخل البرلمان بالضرب هو وحمايته الشخصية، وذلك خلال جلسة منح الثقة لحكومة محمد شياع السوداني.

وقبل ذلك بثلاثة أشهر، وتحديدا في يوليو 2022، حصلت اشتباكات بين متظاهرين وعناصر حماية مكتب النائب علي تركي، في محافظة بابل، ما أدى إلى وفاة ضابط برتبة رائد من الحماية، فقد طالب المحتجون بإغلاق المكتب.

واندلعت التظاهرة عل خلفية مداهمة قوة أمنية لمنزل الناشط محمد المنصوري، بناء على دعوى قضائية أقامها النائب علي تركي، ضده بعدما اتهمه الأول بأن "عصابات" تابعة للأخير تمارس عمليات إجرامية في محافظة بابل.

مفجر للخلافات

وعلى ضوء إصدار القضاء العراقي، قرارا بحجز أموال رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، ظهر النائب علي تركي خلال مقابلة تلفزيونية في 22 يونيو 2023، ودعا إلى محاسبة جميع من ارتكبوا مخالفات وفساد في السلطة منذ عام 2003 وحتى اليوم بمن فيهم زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي.

وقال النائب علي تركي في تصريحات تلفزيونية إن المالكي تسبب في سقوط "ثلث العراق" بيد تنظيم الدولة حينما كان رئيسا للوزراء. ولم يكتف بذلك، بل رأى أن زعيم ائتلاف "دولة القانون" يمثل مرحلة من الفساد، الأمر الذي أثار جدلا كبيرا بين أنصار الطرفين.

ورد النائب عن ائتلاف دولة القانون عقيل الفتلاوي على علي تركي، عبر تغريدة على "تويتر" في 23 يونيو 2023، قائلا: "عندما يتخرص المتخرصون وهم بالأمس القريب يلوذون بك، فإن ذلك دليل على سوء عاقبتهم وبغض نواياهم".

وتابع: "احذر وانتبه أيها المتخرص فقد ارتقيت ما لا تستطيعه، ونحن أعلم بسوء فعالك، وتأريخك قريب يعرفه القاصي والداني ولا يحتاج إلى ذاكرة. اليوم نحذّر وغدا نعطيك طينتك بخدك (نصفعك)".

وسارعت كتلة "صادقون" التي تعد الجناح السياسي لمليشيا "عصائب أهل الحق" خلال بيان لها في 23 يونيو 2023 إلى التبرؤ من تصريحات النائب علي تركي، والتي وصفتها بـ"غير المسؤولة وغير المنضبطة".

وقالت الكتلة: "في الوقت الذي نعمل فيه على إكمال مسيرة التضحيات.. تخرج من هنا وهناك تصريحات غير مسؤولة وغير منضبطة لا تنسجم مع توجهات الحركة ولا متطلبات المرحلة ووحدة الموقف والمصير المشترك لتخلق أزمة أو تفاعل موقف غير مسؤول".

وأضافت الكتلة أنها "ملتزمة باتخاذ الإجراء اللازم بحق المخالفين وإيقاف مثل هكذا تصرفات غير مسؤولة".

ولم يدفع موقف الكتلة النائب علي تركي إلى تعديل تصريحاته حيث أصر على موقفه، معلنا عن انسحابه من "صادقون"، والإطار التنسيقي أيضا، مؤكدا أن انتقاده هو من صميم عمله كعضو في لجنة النزاهة النيابية وكنائب خاض الانتخابات بصورة مستقلة.

وأوضح خلال بيان له نشره على "تويتر" في 23 يونيو أنه "لرفع الحرج عن كل الأطراف في هذه المرحلة، أعلن انسحابي من كتلة صادقون وتحالف الإطار وأعلن نفسي نائبا أتحمل كلُّ تصريحاتي ومواقفي السياسية، وإن شاء الله سنبقى نتابع فساد الحكومات وبالأدلة وإحالتها إلى المحاكم المختصة".

واتبع علي تركي بيانه هذا، بتغريدة على "تويتر" في اليوم ذاته، هاجم المالكي بشكل مبطن، بالقول: "في كل دول العالم التي تحترم مواطنيها عندما تتعرض لكوارث او حوادث نرى استقالات لحكومات وفي بلدي سقطت ثلث مساحة البلد واستشهد الآلاف وعندما مررت عليها مرور الكرام في لقاء تهاجمني أبواقهم. لاحول ولا قوة إلا بالله كلمة الحق توجع".