مرحلة حساسة.. هل يزيد قانون المالية المرتقب في كينيا نسبة الفقر؟

12

طباعة

مشاركة

تطرقت صحيفة إيطالية إلى آثار قانون الميزانية الجديد في كينيا على الأوضاع الاجتماعية وإمكانية أن تزيد الضرائب التي يفرضها معدلات الفقر مع دخوله حيز التنفيذ في الأول من يوليو/تموز 2023.

وأشارت صحيفة "نيغريسيا" إلى أن عدد الأشخاص الذين يعانون من الفقر في كينيا ارتفع بشكل كبير جراء تفشي جائحة كورونا عام 2019، وواصل الارتفاع منذ ذلك الحين بسبب سلسلة من الظروف المحلية والدولية.

وذكرت الصحيفة أن وسائل الإعلام والمحادثات بين المواطنين، تتطرق باستمرار إلى المعلومات والنقاش السياسي حول الوضع الاقتصادي في كينيا.

ولفتت إلى أن ذلك تكثف بشكل خاص في هذه الفترة مع المصادقة المرتقبة على قانون الموازنة بحلول نهاية يونيو/حزيران 2023، والذي يلزم بتنفيذ القرارات الصادرة عن السلطات المختصة بشأن السياسات الاقتصادية في الأشهر الـ12 القادمة.

للإشارة تبدأ السنة المالية في البلد الإفريقي في الأول من يوليو وتنتهي في 30 يونيو من العام التالي.

مرحلة حساسة

وبحسب الصحيفة الإيطالية، تضاعف الاهتمام هذا العام بقانون الموازنة لأنه الأول الذي قدمه الرئيس الحالي للبلاد، وليام روتو، منذ أغسطس/آب 2022.

علاوة على ذلك، يدخل هذا القانون حيز التنفيذ في مرحلة حساسة للغاية بالنسبة لاقتصاد البلاد على كل المستويات، بدءا من المستوى العائلي، تضيف الصحيفة.

في 21 يونيو 2023، نشرت صحيفة "ديلي نيشن"، وهي أكثر الصحف الكينية انتشارا، مقالا في الصفحة الأولى بعنوان "المزيد من الكينيين يغرقون في الفقر".

كما أوردت بعض البيانات الصادرة في التقرير السنوي الأخير للخدمة الإحصائية الوطنية.

وصدرت هذه البيانات في مايو 2023 وتتعلق بعام 2021 وهي السنة الثانية التي تفشى فيها وباء كورونا وأدى بخمسة مواطنين من أصل 13 إلى العيش في حالة من الفقر.

وبالأرقام المطلقة، بلغ عدد من يعيش في البؤس قرابة مليونين و879 ألفا من إجمالي 19 مليونا و100 ألف فقير.

جدير بالذكر أن التعداد السكاني لكينيا في عام 2022 أكثر من 53 مليونا نسمة.

وتعيش الغالبية العظمى من الفقراء، أكثر من 16 مليون، في المناطق الريفية والباقي في المدن وخاصة في المناطق السكنية العشوائية.

وفي العاصمة نيروبي، يعيش أكبر عدد على الإطلاق من الفقراء خاصة أن عددهم ارتفع بنسبة 72.5 بالمئة بين عامي 2019 و 2021، من 440 إلى 759 ألفا، أي ما يعادل 16.5 بالمئة من السكان.

وفي مقال شهير بعنوان "عائلتي تعيش على وجبة واحدة في اليوم"، أوردت الصحافة المحلية شهادة أم شابة تعيش في أحد الأحياء الفقيرة في العاصمة منذ عام 2020 .

وأشارت الصحيفة إلى أنها "قصة رمزية تتعلق بالعديد من النساء المعيلات لأسرهن، في بلد غالبا ما تكون فيه العلاقات الأسرية غير منظمة بحكم الواقع وغير مستقرة بشكل عام".

وأضافت أن الأمر لا يتعلق فقط بالنساء في بلد يكون فيه العمل إن وجد في كثير من الأحيان في القطاع غير الرسمي دون حماية اجتماعية وبدون ضمانات للاستمرارية.

وأوضحت أن هذا القطاع شغّل في عام 2021 نسبة 80 بالمئة من القوى العاملة.

تضاعف الأسعار

وأردفت الصحيفة أن "الوضع الصعب في عام 2021 نتيجة انعكاسات وباء كورونا، لم يتحسن عام 2022 بسبب تأثير سلبي مهم آخر"، في إشارة إلى اندلاع الحرب الروسية في أوكرانيا.

وتسبب هذا الصراع، تشرح نيغريسيا، في الزيادة الحادة في الأسعار بالسوق الدولية للمواد الغذائية المختلفة التي تشكل الغذاء الأساسي للسكان، مثل الذرة وزيوت الطعام النباتية والقمح التي تستوردها كينيا لتغطية احتياجاتها الداخلية جزئيا من أوكرانيا.

ونتيجة لذلك، زيادة الأسعار في السوق الدولية، إلى جانب أزمة الإنتاج الزراعي المحلي، نتيجة لتأثير عدة مواسم جفاف وكذلك ندرة وصعوبة وصول المنتجين الزراعيين إلى الأسمدة، فضلا عن ارتفاع أسعار الوقود ومعدل التضخم المقلق، تسبب جميعها في زيادة حادة في أسعار المستهلك.

وتتوقع نيغريسيا أن "يزداد الوضع سوءا اعتبارا من الأول من يوليو/تموز 2023، عندما تدخل الإجراءات الواردة في قانون الموازنة حيز التنفيذ بعد أن تمت المصادقة عليه منتصف يونيو/حزيران، بعد معركة برلمانية مريرة أعقبها قلق بالغ وبعض الاحتجاجات الشعبية".

في 10 يونيو 2023، نشرت صحيفة "ديلي نيشن" نوايا التصويت للعديد من البرلمانيين وكذلك القائمة الكاملة لمن صوتوا ومن عارضو على إثر نهاية العملية.

وذكرت الصحيفة الإيطالية أن من العناوين الرئيسة للصحف الأكثر شعبية هذه الأيام في كينيا، "الأوقات العصيبة" و"شد الأحزمة".

وتصدرت "الأوقات العصيبة" الصفحة الأولى لـ"ديلي نيشن" في 16 يونيو، للتعليق على الميزانية المعتمدة في اليوم السابق. 

وشرحت في صفحة أخرى أسباب اختيارها هذا العنوان والتي تتمثل خاصة في "المعاناة الإضافية التي تسببها الزيادة في اقتطاع الضرائب من الأجور والزيادة في ضريبة القيمة المضافة على الوقود".

وتطرقت في صفحتها الأولى في 23 يونيو إلى تأثير الزيادة الضريبية على قسيمة الرواتب بعنوان رئيس: "استعدوا لواقع جديد مع دخول ضرائب روتو حيز التنفيذ".

ومن الأمثلة التي قدمتها أن من يكسب 50 ألف شلن كيني شهريا (أي أقل من 335 يورو)، سيتقلص صافي دخله من 41 ألفا و457 إلى 39 ألفا و916.

وتتوقع الصحيفة نتيجة لذلك، أن تكشف البيانات الإحصائية المقبلة حول الفقر عن وضع أسوأ مما أظهرته البيانات الصادرة في السنوات الأخيرة.

وأشارت نيغريسيا إلى أنه "رغم أن الرئيس روتو برر الحاجة إلى مثل هذه الإجراءات غير الشعبية، يتساءل الكثيرون عما إذا كان هذا هو الوقت المناسب حقا لزيادة العبء على المواطنين الذين يعانون بالفعل من الصعوبات الناجمة عن الظروف الاقتصادية الدولية الخارجة عن السيطرة".

علاوة على ذلك، لفتت الصحيفة إلى أن "الكينيين لا زالوا يتذكرون وعوده الانتخابية جيدا ويعتقدون أنه تجاهلها تماما، خاصة ما تعلق منها بخفض سعر دقيق الذرة إلى أقل من 100 شلن في أول 100 يوم من الحكم".