ربط بين الهجرة والجريمة.. لماذا صعد الإعلام الأوروبي هجومه ضد اللاجئين؟
انتقدت صحيفة إسبانية خطاب الكراهية ضد المهاجرين واللاجئين في وسائل الإعلام الأوروبية، التي تربط أزمة الهجرة بتزايد الجريمة والإرهاب والإنفاق الاجتماعي.
وقالت صحيفة بوبليكو إن تاريخ 20 يونيو/حزيران من كل سنة يصادف يوم اللاجئ العالمي، منذ سنة 2001. وخلال ذلك العام، عم الحزن إثر مأساة الغرق الدراماتيكي لسفينة مهاجرين في البحر الأيوني قبالة اليونان.
واليوم تكرر الأمر خلال يونيو 2023 في ذات البحر، حيث أنقذ 104 أشخاص وانتشلت 79 جثة، وهي جزء من قارب يُقدر أنه كان على يحمل متنه ما يصل إلى 750 شخصا.
وتجدر الإشارة إلى أنه في مارس/آذار 2023، تحطمت سفينة أخرى في عرض المتوسط، هذه المرة قبالة سواحل إيطاليا، مما خلف حوالي مئة قتيل. وفي جميع الحالات تقريبا، كانت هذه القوارب تحمل أشخاصا فارين من العنف والحرب والبؤس.
يشير تقرير حديث لمفوضية اللاجئين إلى أن عدد النازحين قسرا في العالم وصل إلى 108 ملايين شخص خلال سنة 2022، وهو رقم قياسي، منهم أكثر من 35 مليون لاجئ في دول أخرى.
ونقلت الصحيفة أن الأرقام، التي ضاعفتها جزئيا الحرب في أوكرانيا، تتجاوز حتى تلك التي حدثت خلال أزمة اللاجئين في البحر الأبيض المتوسط، بين عامي 2015 و2016. في ذلك الوقت، سلطت وسائل الإعلام الضوء على أزمة الهجرة بشكل لم يسبق له مثيل.
وهنا، يكفي تذكر صورة إيلان كردي، الطفل السوري الذي غرق على أحد الشواطئ التركية في سبتمبر/أيلول 2015، والذي أصبح رمزا لمأساة الهجرة.
الهجرة جنوب أوروبا
ونوهت الصحيفة إلى أن أزمة الهجرة تركزت هذه السنة في جنوب أوروبا، حيث جدّت حوادث الغرق المذكورة.
على وجه التحديد، بعد أن كان أكبر عدد من الوافدين يصل إلى اليونان، شرق البحر الأبيض المتوسط، خلال سنة 2015، توجهت هذه الوفود إلى إيطاليا، في وسط المتوسط خلال سنتي 2016 و2017.
وأخيرا إلى إسبانيا، غرب البحر الأبيض المتوسط، سنة 2018. وفي يونيو من ذلك العام، مثّل وصول سفينة أكواريوس نقطة تحول في مدريد.
وأشارت بوبليكو إلى أن هذه الدول الثلاث تمثل البوابة الرئيسة للمهاجرين نحو الاتحاد الأوروبي.
نتيجة لذلك، طالبت هذه الدول، وهي بالتحديد الجهات التي تقف وراء إعلان حالة طوارئ الهجرة في إيطاليا، بإدارة الهجرة على المستوى الأوروبي.
ففي أبريل/نيسان 2023، أعلنت الحكومة الإيطالية، حالة الطوارئ في عموم البلاد لمدة 6 أشهر، لمواجهة أزمة الهجرة غير النظامية المتدفقة بازدياد على حدودها خلال الفترة الأخيرة.
وتوضح الصحيفة أن عبء إدارة الوافدين يقع بشكل حصري تقريبا على السلطات في هذه البلدان الثلاث، في حين أن المشكلة تمثل تحديا على المستوى الأوروبي، ويضاف إلى ذلك الوضع الاقتصادي لهذه الدول.
في الحقيقة، خلال أزمة اللاجئين الإنسانية، التي بدأت خلال سنة 2014، لا تزال هذه البلدان في طور التعافي من تدابير التكيف القاسية الناجمة عن الأزمة الاقتصادية والمالية التي بدأت في سنة 2008. وبالتالي، فإن تحدياتها معقدة بشكل خاص.
الكراهية في الإعلام
في الحقيقة، ليس من باب الصدفة أن يتزامن واقع الهجرة هذا، مع نموّ خطابات الرفض.
ومن هنا، أصبح خطاب الكراهية شائعا من خلال الشبكات الاجتماعية وارتبط ارتباطا وثيقا باكتساب الأحزاب المناهضة للهجرة بشكل علني، مثل فوكس في مدريد أو الرابطة وإخوة إيطاليا في روما؛ نوعا من القوة والثقل في الساحة السياسية.
لكن، تعدّ ظاهرة العنصرية ورفض المهاجرين معقدة للغاية، وغالبا ما ترتبط بتمثيل وسائل الإعلام لهؤلاء الأشخاص على منصاتها.
وفي بحث أكاديمي بقيادة جامعة سالامانكا الإسبانية، حللّ هذه الظاهرة لفترة من الوقت، لوحظ أن تمثيل الهجرة في وسائل الإعلام يميل إلى أن يكون نمطيا وسلبيا وغير كاف.
من خلال هذه الملاحظات، قاد فريق من مرصد المحتوى السمعي البصري التابع لجامعة سالامانكا عملا بحثيا مع باحثين من جامعة ميلانو والجامعة الأرسطية في سالونيك باليونان.
وهدف البحث لفهم حقيقة التغطية الإعلامية التمثيلية للهجرة في هذه البلدان، مع إيلاء اهتمام خاص لخطاب الكراهية الذي يتلقاها المهاجرون واللاجئون.
ونتج عن هذا المشروع أخيرا كتاب بعنوان "المهاجرون واللاجئون في جنوب أوروبا ما وراء الأخبار: الصور الفوتوغرافية والكراهية وتصورات الصحفيين".
جمع الكتاب، الذي حرره الأستاذان كارلوس أركيلا وأندرياس فيغليس، الدراسات الكمية والنوعية لتعزيز المعرفة حول كيفية تمثيل وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية في هذه البلدان الثلاثة للمهاجرين واللاجئين.
كما هو مبين في عنوانه، يسعى هذا العمل إلى تجاوز مجرد تحليل المحتوى الإعلامي، في محاولة لمعالجة القضايا التي حظيت باهتمام أكاديمي أقل من أجل تحقيق فهم أكبر.
لهذا، جرى التركيز على ثلاث قضايا رئيسة: الصور التي تستخدمها وسائل الإعلام الرئيسة عند تغطية ظواهر الهجرة، ووجود خطاب كراهية عنصري للأجانب على تويتر ويوتيوب، وآراء الصحفيين المتخصصين في الهجرة.
ملاحظات مقلقة
في المقام الأول، حدد البحث الأطر المرئية الأربعة السائدة لتمثيل المهاجرين في وسائل الإعلام الرئيسة في جنوب أوروبا؛ والتي تمثلت أساسا في التطبيع مع الهجرة، وتصويرهم في شكل الضحية، والحديث عن العبء الاجتماعي النظر إليهم على أنهم مصدر تهديد.
وأكد البحث أن وسائل الإعلام الرئيسة في دول البحر الأبيض المتوسط هي التي تمثل المهاجرين كضحايا أو كعبء.
بالإضافة إلى ذلك، نمت الأطر السلبية، أي كل تلك التي تصور المهاجرين على أنهم عبء وتلك التي تعد تهديدا، بشكل ملحوظ بين عامي 2014 و2019.
على الرغم من أن هذا النمط مشترك في جميع البلدان الثلاثة، فإن وسائل الإعلام اليونانية هي التي تؤدي دورا كبيرا في تصوير الهجرة بشكل أكثر سلبية من خلال الإعلام المرئي.
من جانب آخر، يبدو أن خطاب الكراهية على تويتر ويوتيوب، لم يشهد أي زيادة كبيرة خلال السنوات القليلة الماضية.
ومع ذلك، فإن التحليل التفصيلي للموضوعات الأساسية في هذه الرسائل يعكس أن الكراهية تجاه المهاجرين تناقش بشكل أساسي من خلال ارتباطها بالجريمة والإرهاب والإنفاق الاجتماعي.
زيادة على ذلك، غالبا ما تدعم هذه الروايات من خلال حملات التضليل التي تعزز مخاوف لا أساس لها من الصحة ولكنها قوية.
وأشارت الصحيفة إلى عنصر آخر يساعد على فهم الآثار الحقيقية لهذه التصورات.
وعلى وجه الخصوص، تزايدت جرائم الكراهية المسجلة في السنوات الأخيرة بشكل كبير جدا في هذه البلدان الثلاثة، وفي غالبية الدول الغربية، وفقا للبيانات التي جمعتها منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.