مرشح بديل عن الدبيبة وحفتر يروج لزيارة إلى طرابلس.. ماذا يحدث في ليبيا؟

12

طباعة

مشاركة

في توقيت واحد، قالت مصادر إعلامية ليبية وصحف عربية موالية للواء الانقلابي المتقاعد خليفة حفتر، إنه سيجري زيارة إلى العاصمة الليبية طرابلس في 20 يونيو/حزيران 2023، ستكون هي الأولى له منذ عام 2011، ومنذ عدوانه عليها في 2019، وهو ما لم يحدث.

وقبلها بيوم، أعلن المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، عن مرشحه لاختيار "محمد المزوغي" لرئاسة الحكومة الليبية الجديدة، خلفاً لعبد الحميد الدبيبة، بعد اللقاء معه ومعرفة الرؤية المستقبلية له وبرنامجه الحكومي.

وذكر المجلس في بيان له عبر فيسبوك أن اللقاء جاء في إطار "التشاور والتواصل فيما يتعلق بتشكيل حكومة أزمة أو حكومة واحدة تبسط سيطرتها ونفوذها على كامل ليبيا وتهيئ المناخ لإقامة انتخابات رئاسية وبرلمانية يرتضيها الجميع".

ولم يصدر حتى الآن أي رد فعل رسمي من جانب حكومة الوحدة الوطنية، والحكومة المكلفة من مجلس النواب، على إعلان مجلس الدولة عن مرشحه لرئاسة حكومة جديدة.

وجاءت هذه التطورات في أعقاب اتفاق اللجنة المعروفة باسم "6+6" المشكلة من المجلس الأعلى للدولة، ومجلس النواب على قوانين انتخابات الرئاسة والبرلمان المرجح أن تجري هذا العام.

بالون اختبار

كان ملفتا أن من سرب نبأ زيارة حفتر لطرابلس، ثم نفاها، هو مدير مكتبه (في إدارة التوجيه المعنوي) خالد المحجوب، وعبر وسائل إعلام إماراتية وسعودية ما يبدو كأنه "بالون اختبار" من جانب قائد الانقلاب الليبي الذي تدعمه دول الثورة المضادة.

"المحجوب" قال لصحيفة "اندبندنت عربية" سعودية التمويل 19 يونيو 2023، إن "حفتر سيزور العاصمة طرابلس، المقر الرئيس لحكومة الوحدة الوطنية التي (كان) يقودها عبد الحميد الدبيبة 20 يونيو"، دون تحديد أهداف الزيارة الأولى من نوعها.

لكنه عاد لينفى لتلفزيون "المسار" الليبي زيارة حفتر إلى العاصمة طرابلس، وما نشرته صحيفة "اندبندنت عربية" على لسانه.

كما نقلت صحيفة "العين الإخبارية" الإماراتية في 19 يونيو 2023، عن "المحجوب" عدم صحة الأنباء المتداولة، بشأن لقاء حفتر والدبيبة في طرابلس، مشيرًا إلى أنه لا توجد أي تصريحات له في هذا الشأن.

ما عزز التكهنات بشأن احتمال صدقية خبر زيارة حفتر لطرابلس أن الإعلان عنها جاء مباشرة بعد مطالبته بـ "تسريع تشكيل حكومة تكنوقراط لإدارة الانتخابات"، في بيان صحافي صادر من جيشه الخاص 16 يونيو 2023، والحديث عن مصالحة.

وأيضا تأكيد مصادر ليبية أن الزيارة تأتي بعد أن جرت المصالحة بين الشرق والغرب، وفقاً لمعايير لجنة 6+6 وبدء الترتيبات لإجراء الانتخابات التي سيشارك فيها حفتر.

ودعم تكهنات المصالحة وإنهاء الانقسام، أنه عقب زيارة وفد استخباري مصري لطرابلس، زار رئيس مجلس النواب المصري حنفي جبالي بنغازي وألقى كلمة أمام البرلمان الليبي، ما عده مراقبون دعما مصريا لمخرجات لجنة إعداد القوانين الانتخابية (6+6).

لكن مصادر ليبية في طرابلس قالت لـ "الاستقلال" إنه "لم يكن ممكنا للمجرم حفتر أن تطأ قدمه العاصمة"، وتوقعت تصدي قوى عسكرية له لو حاول ذلك، رغم أن اللواء الانقلابي رحب بنتائج لجنة 6+6.

وقال ناشط سياسي ليبي إن الأخبار التي تتحدث عن زيارة حفتر إلى طرابلس "لا تحمل ذرة من المصداقية" لعدة أسباب، أبرزها احتمالات اعتقاله فيها.

ويقول محللون إن الحديث عن زيارة حفتر لطرابلس كان "مناورة لجس النبض بعد اتفاق لجنة 6+6 خاصة أن مخرجاتها سمحت له بالترشح للرئاسة شرط تخليه عن جنسيته الثانية لو وصل للمرحلة النهائية للانتخابات".

أوضحوا أن الهدف ربما تثبيت فكرة احتمالات فوزه في انتخابات الرئاسة المقبلة ومن ثم حكمه لليبيا من طرابلس، في أذهان معارضي أي دور سياسي له.

وفي 4 مارس/آذار 2023 قال الانقلابي خليفة حفتر، لدى اجتماعه بغرفة العمليات الرئيسة بـ "اللواء 106 مُجحفل"، الذي يقوده نجله الثالث خالد، إنه "لن يتخلى عن العاصمة طرابلس أبداً مهما كانت الظروف"، ما عده البعض تلويحاً جديداً بالحرب، وعده آخرون مؤشر لزيارته طرابلس مستقبلا.

ورحبت القيادة العامة لجيش حفتر في الشرق بما توصلت إليه اللجنة المشتركة المكلفة من قبل مجلسي النواب والأعلى للدولة الليبيين (6+6) لإعداد القوانين الانتخابية.

وقالت إن "ما قامت به اللجنة تعد أولى الخطوات المهمة التي تمهد لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية". ولفتت في بيانها، إلى أنها تدعم المحادثات والتقارب الذي من شأنه إنهاء حالة الانقسام السياسي.

كما أنها "تدعم كل الحلول السياسية الصادقة في إنهاء الأزمة السياسية التي تشهدها ليبيا، دون مغالبة أو إقصاء أو مصادرة حقوق أي طرف، حتى تحقق القوانين الانتخابية أكبر توافق ممكن لإجراء الانتخابات في موعدها وضمان تطبيق نتائجها".

وأشارت إلى أنه على البعثة الأممية الاضطلاع بدورها لدعم التوافق الذي يقود إلى إجراء الانتخابات بطريقة صحيحة وشفافة لتحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي للدولة الليبية.

ولاقت القوانين المنجزة من قبل "6+6" معارضة عدد من النواب بالمجلسين وأحزاب سياسية طالبت بتعديلها، إلا أن اللجنة أعلنت أن قوانينها "نهائية ونافذة".

من هو "المزوغي"؟

رغم أن مبعوث الأمم المتحدة لدى ليبيا "عبد الله باتيلي" وجه رسالة إلى الأطراف السياسية الليبية أن تغيير حكومة عبد الحميد الدبيبة "أمر غير متاح وفقا للاتفاق السياسي"، شرع المجلس الأعلى في تعيين بديل له وأعلن اسمه.

وهو المهندس محمد المزوغي، الذي سبق أن ترشح لانتخابات الرئاسة التي جرى تأجيلها في 24 ديسمبر/كانون الأول 2021، ووعد بالسعي لحلحلة الانسداد السياسي، وإستراتيجية بعيدة المدى، تستهدف ملفات كبرى كالاقتصاد، والصحة، والتعليم، والأمن.

ويقول المحلل المتخصص في الشأن الليبي "علاء فاروق" لـ "الاستقلال" إن المزوغي، شخصية غير معروفة للشرق الليبي ويحتاج إلى تقارب مع رئيس مجلس نواب طبرق عقيلة صالح وكذلك حفتر ومجموعاته العسكرية والقبلية.

وذلك ليصبح بديلا حقيقيا لكل من رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة وكذلك رئيس حكومة البرلمان أسامة حماد.

أوضح أن المزوغي مدعوم من تيار في مجلس الدولة على رأسه رئيسه خالد المشري، وفرص قبوله تتوقف على إقناع معسكر الشرق الليبي به.

وعلى الرغم من تصريحاته التي قد تبدي ميله باتجاه معسكر شرق ليبيا، ودعوته للاستفادة من "تجارب الدول الناجحة مثل مصر وغيرها، للوصول بليبيا إلى الأمان"، فإن المجلس الأعلى للدولة أعلن عنه كمرشح لرئاسة حكومة جديدة مصغرة.

ونصت المادة 85 من القوانين الانتخابية التي أنجزتها لجنة 6+6 على أن "تجري الانتخابات العامة في ظل حكومة جديدة تضمن نزاهة العملية الانتخابية، ولا يحق لرئيسها وأعضائها الترشح للانتخابات الرئاسية".

وذلك كبديل عن الحكومتين الحاليتين في المشهد، حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والحكومة المكلفة من مجلس النواب برئاسة أسامة حماد (ترأسها وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا قبلها).

وكان "المزوغي" رئيسا لجامعة أفق للعلوم الإنسانية والتطبيقية، كما أسس وترأس مجموعة من الشركات الخاصة في العديد من المجالات، منها الصناعات المعدنية والصناعات التقنية والهندسية والتجارة الدولية، والسياحة العلاجية.

وأثناء حياته المهنية الخاصة، أطلق العديد من المشاريع، منها مشروع "صُنع في ليبيا"، الخاص بتصنيع بعض المعدات الثقيلة، والعمل على تصديرها.

وكذلك مشروع أكبر محطة علاج طبيعي في البلاد، وشارك أيضاً في العديد من الملتقيات الاقتصادية في عدة دول أوروبية، والمعارض التجارية في أكثر من دولة.

كما جاء قرار مجلس الدولة، باختيار "المزوغي" بديلا لـ "الدبيبة" بالتزامن مع لقاء غير معلن بين الأخير ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري بحضور قيادات عسكرية وسياسية، بحسب صحيفة "العربي الجديد" 19 يونيو 2023

الصراعات مستمرة 

رغم التصريحات الإيجابية التي صدرت من بعض الأطراف الليبية بشأن اتفاق لجنة 6+6 على قانون انتخاب الرئيس والبرلمان وشروط الترشح للرئاسة التي كانت دائما محل تنازع، فقد طالب بعضهم بتعديل عدد من القوانين.

وحتى الآن، لم تتبن الأطراف السياسية كلها اتفاق لجنة 6+6 على قانون انتخاب الرئيس والبرلمان وشروط الترشح.

فرغم أن رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، الذي تدعمه مصر رحب بمخرجات اللجنة، فقد ناقض نفسه وقال: "لدينا ملاحظات حول مسألة أن تكون الانتخابات من جولتين"، و"لا يحق حرمان مزدوجي الجنسية من حق الترشح".

وقال إنه لن يتم النظر إلى مخرجات لجنة 6+6 على أنها "قوانين" إلا بعد إصدارها من مجلس النواب ونشره في الجريدة الرسمية.

وأكد أن لجنة 6+6 لا تستمد صلاحيتها من رئيس مجلس النواب أو رئيس مجلس الدولة فهي مشكلة طبقا للدستور

وهو ما يعني أن مصير هذا الاتفاق لا يزال يواجه غموضا ولم يحظ بتوافق واسع، بعد أن أبدت عدة أطراف سياسية تحفظاتها على بعض القوانين وطالبت بإعادة النظر فيها وتعديلها.

على غرار رئيس البرلمان عقيلة صالح، الذي رأى أن قانون الانتخابات يتضمن نقاطا تهدف إلى "إفشال العملية الانتخابية"، بينما دعا رئيس مجلس الدولة خالد المشري إلى مزيد التفاهم حول بعض النقاط.

واجتمعت لجنة (6+6) المشكلة من ممثلين عن المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب الليبي في مدينة بوزنيقة المغربية في الفترة بين 22 مايو والسادس من يونيو 2023، لوضع مشاريع قوانين للانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

وتوصلت اللجنة لاتفاق على إجراء الانتخابات البرلمانية في ديسمبر/كانون أول 2023 والرئاسية في يناير/كانون ثان 2024، وظهرت تحفظات وخلافات حول بعض البنود.

أحد هذه الخلافات هي ضرورة تشكيل حكومية جديدة بدل حكومة عبد الحميد الدبيبة الحالية توافق عليها القوى السياسية والعسكرية في الشرق والغرب على السواء، في مقترح يرفضه الأخير ويؤيده مبعوث الأمم المتحدة عبد الله باتيلي.

أيضا نقلت وسائل إعلام ليبية عدة عن مصادر، وصفتها بأنها مطلعة على اجتماعات اللجنة، قولها إن "خلافاً بشأن شرط التنازل عن الجنسية الثانية لترشح الرئيس، تسبب في تأجيل إعلان بوزنيقة الخاص بالقوانين الانتخابية في البلاد".

ذكرت أن وفد مجلس النواب طالب بأن يكون شرط التنازل عن الجنسية الثانية ضمن "شروط الفوز" بالرئاسة وليس "الترشح" لها.

وهو ما يعني السماح لخليفة حفتر بالمشاركة في انتخابات الرئاسة رغم حيازته جنسية أميركية، ومطالبته بالتنازل عنها لو أصبح رئيسا.

وكانت بنود الاتفاق أوجبت، فيما يتعلق بشرط ازدواج جنسية المرشحين، على المرشح "تقديم ما يفيد بتنازله عن الجنسية الثانية".

وتقدير المترشح مستقيلا من عمله بمجرد قبول ترشحه، بينما كان يعد في القانون السابق متوقفا عن العمل، ويعود له حال عدم نجاحه.

أيضا نقلت وسائل إعلام ليبية عن جمال الشويهدي، عضو لجنة (6+6)، في 19 يونيو 2023 قوله إن رئيس مجلس الدولة خالد المشري اشترط أيضاً أن تكون الانتخابات الرئاسية على جولتين، أياً كانت نتيجة الجولة الأولى.

وبخصوص ترشح العسكريين، ينص القانون على أن المرشح يعد مستقيلاً من منصبه "بقوة القانون، بعد قبول ترشحه، سواء كان مدنياً أو عسكرياً"، كما يشترط على المرشح ألا يكون محكوماً عليه نهائياً في جناية، وهو ما يعترض عليه البعض.

لذلك قال عبد الله باتيلي خلال إحاطة أمام مجلس الأمن، 19 يونيو 2023 بشأن ما توصلت إليه اللجنة "إن هذه الخطوة غير كافية لتسوية المشاكل العالقة كافة في طريق الانتخابات".

أضاف: "ثمة مواضيع عدة لا تزال متنازع عليها"، و"مفوضية الانتخابات راسلت الأطراف المعنية وأعربت عن قلقها إزاء الثغرات ومواطن القصور في قوانين الانتخابات المقترحة من لجنة 6+6".

وكانت الأمم المتحدة قد طالبت الأطراف الليبية بالتوصل إلى "توافق أكبر" بشأن "النقاط الخلافية" للقوانين الانتخابية المقترحة لإجراء الانتخابات المفترض إجراؤها بحلول نهاية 2023.