"شريك في الجريمة".. مطالب شعبية بوقف حرب السودان واتهامات للسعودية بإشعالها

12

طباعة

مشاركة

موجة غضب واسعة أثارتها المعارك التي استأنفها الجيش السوداني بقيادة عبدالفتاح البرهان، وقوات "الدعم السريع" بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي" في مناطق مختلفة، بعد انتهاء هدنة قصيرة امتدت 24 ساعة، ما أسفر عن قتل 18 مدنيا وإصابة آخرون.

"غرفة طوارئ جنوب الحزام" بالخرطوم، أوضحت في 11 يونيو/حزيران 2023، أن القتلى والمصابين وقعوا جراء تساقط قذائف مدفعية ثقيلة على أحياء الأزهري والسَلَمة، فور انتهاء هدنة اليوم الواحد التي جرت في 10 يونيو.

وأفادت جهات إعلامية، بسماع دوي انفجارات عنيفة وتصاعد أعمدة الدخان شرقي مدينة أم درمان ووسطها، واندلاع اشتباكات عنيفة وقصف بالمدفعية في أنحاء العاصمة الخرطوم، كما وقعت ضربات جوية بعد وقت قصير من انتهاء الهدنة.

وكان القتال الذي اندلع بين الجانبين من أعنف المعارك منذ أسابيع، وشمل اشتباكات على الأرض في حي الحاج يوسف المكتظ بالسكان في مدينة بحري، التي تشكل إلى جانب الخرطوم وأم درمان المجاورتين العاصمة المثلثة حول ملتقى نهر النيل -بحسب شهود عيان لموقع فرانس 24-.

بدورهما، أعرب كل من السعودية والولايات المتحدة في بيان مشترك، عن أسفهما الشديد جراء عودة الطرفين إلى أعمال العنف فور انتهاء فترة وقف إطلاق النار، مؤكدين أن الحل العسكري للصراع غير مقبول ويدينان بشدة تلك الأعمال ويدعوان إلى وقفها فورا.

وزعما في بيانهما المشترك أن الجيش و"الدعم السريع" أظهرتا قيادة وسيطرة فعالة على قواتهما خلال فترة وقف إطلاق النار، مما أدى إلى تراجع حدة القتال وانحساره في جميع أنحاء السودان، ومكن من إيصال المساعدات الإنسانية الحيوية.

وأثار البيان استياء ناشطين على تويتر، إذ عدوا السعودية "شريكا" في الحرب الدائرة بالسودان، مستنكرين تجاهل بيانها المشترك مع أميركا للخروقات التي تخللت الهدنة، وعدم تحميلها طرفي الحرب بأسمائهم مسؤولية التصعيد واحتدام المعارك.

وعبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسمي #لا_للحرب، #أوقفوا_الحرب_في_السودان، وغيرها من الوسوم الأخرى، رأى ناشطون التصعيد بين الجيش والدعم السريع كأنه محاولة من الطرفين لتعويض ما فاتهما خلال الهدنة التي استمرت 24 ساعة وتخللها اختراقات عدة.

وأعربوا عن استيائهم من تسليط الضوء على ما يحدث في الخرطوم، وتجاهل ما تشهده مدينة الجنينة من أوضاع مأساوية، ومعاناتها من انعدام الخدمات الأساسية من كهرباء وماء ومواد غذائية، محملين الجيش كامل مسؤولية ما تشهده المدينة.

بيان استفزازي

وتفاعلا مع الأحداث، استنكر أحد المغردين، إظهار بيان الخارجية السعودية الارتياح من وقف النار في السودان وتأكيد نجاح الوساطة الدولية بين الأطراف المتصارعة، في وقت تعاني فيه الأسر والمرضى من نقص العلاج والغذاء في بعض المناطق وتعطل الكهرباء، مما يهدد حياة المواطنين مع دخول فصل الصيف الحار جدا.

وعلق المغرد أحمد على البيان السعودي الأميركي، قائلا: "طبعا ما لن يذكروا عدم التزام الجنجويد (الدعم السريع) بالخروج من المستشفيات ولا انتهاكات أفراد المليشيا سرقات واعتداءات موثقة يوم الهدنة على المواطنين". وانتقد أسعد فتحي، ادعاء البيان السعودي الأميركي أن مليشيا الدعم السريع وقيادتها سيطرت على قواتها بينما هم يسيطرون على البيوت والمستشفيات، متسائلا: "أليس من ضمن الشروط أنهم يطلعوا من بيوتنا ولا ماذا؟". ورأى المغرد ناصر، أن "السعودية أثبتت ببيانها أنها ضد الشعب السوداني".

أوفقوا الحرب

ودعا ناشطون إلى وقف الحرب وتحكيم العقل، إذ قال الإعلامي عماد السنهوري: "صنفني كما تريد، ولكنني أقول إن هذه الحرب العبثية لابد أن تتوقف فورا، فالخاسر المواطن والوطن ولا منتصر فيها".

وكتب الكاتب قمر عبدالرحيم: "أعتقد ما شهدناه من دمار وقتل ومعاناة طيلة الشهرين الماضيين كافي جدا لوقف هذه الحرب اللعينة، لا نريد مزيدا من الدماء ولا العنف ولا التدمير، ضعوا السلاح جانبا رأفة بالأطفال والنساء والشيوخ واستمعوا لصوت العقل".

وتمنى الطبيب "الدكتور الخليفة"، أن تقف هذه الحرب التي تقتل أهله وتهلك المواطنين.

وناشد خميس العدوي، العقلاء لإيقاف الحرب الأهلية في السودان. ورأى الصحفي محمد ود الفول، أن "الجهود التي تبذل من أجل المطالبة بالهدنة للأغراض الإنسانية التي لا تعدو محاولة لعلاج السرطان بالأسبرين لو سخرت من أجل الوصول إلى حل شامل مستدام وفق برنامج وطني واضح لكانت النتيجة مختلفة".

وأكد أن "قضية السودان لا يفهمها إلا السودانيين، فإذا لم يساعدوا أنفسهم فلن يستطيع مساعدتهم أحد".

وكتب الناطق الرسمي للجان جنوب الحزام، فضيل عمر فضيل: "في ظل هذه الأحداث الدموية والمأساوية التي تمر بها مدن الجنينة، الخرطوم، الأبيض، وبقية المناطق، أدعوا الجنرالين للجنوح للتفاوض ووقف الحرب فورا وإنهاء مسبباتها، واضعين أمامهم مصلحة هذا الشعب وأمنه".

ودعا المجتمع الدولي إلى أن "يبذل مجهودا أكبر لإنهاء هذا الصراع ليتوقف مسلسل إراقة الدماء في السودان وتعود الحياة المدنية حتى نستعيد مسار التحول الديمقراطي".

وأشارت الكاتبة سوسن سنادة، إلى "وجود قتال عنيف وتضارب في الأقوال بين الجيش والدعم السريع حول من المسيطر على الميدان"، لافتة إلى أن "الأول يقول إنه حقق تقدما ميدانيا في جهات مختلفة، والثاني يقول سيطرنا على مناطق جديدة، بينما لاتزال هناك ضبابية". ورأى عبدالله البدوي، أن "التكتيك الذي يحارب به الجيش مليشيا الدعم السريع أشبه بقتال بين اثنين (ملاكم ومصارع) الأول لديه خبرة ويلتزم بقواعد القتال والآخر لاعب UFC غير ملزمة، مع هذا يصر الجيش أن يقاتل بذات طُرق الحرب المنظمة"، قائلا: "قد ينتصر بجمع النقاط لكن بجروح.. لك الله يا السودان على تغييب العقل".

الأوضاع بالجنينة

وسلط ناشطون الضوء على ما تشهده مدينة الجنينة في إقليم دارفور التي تحولت إلى مدينة أشباح جراء أعمال العنف وفق ما أكدته مصادر طبية، محملين الجيش مسؤولية التصعيد الحاصل هناك وعدم قدرته على ردع "الدعم السريع" وتحجيم جرائمه.

وأشارت المغردة سوزان، إلى أن "الجنينة تنزف والدم السوداني واحد في الخرطوم أو أي جزء في دارفور"، لافتة إلى "حدوث انتهاكات جسيمة هناك وصمت محلي إقليمي ودولي وكأن الحياة شيء كثير على إنسان دارفور خاصة وإنسان السودان عامة".

وحث الكاتب حسن بكري، لترك كل شيء والحديث عن الجنينة التي تتعرض لإبادة وما يحدث فيها يرتقي للجرائم ضد الإنسانية. وعّدت المغردة جميلة، "ما يحدث في مدينة الحنينة، جريمة ضد الانسانية وإبادة جماعية، حينما يتم قتل المرأة والطفل والأعزل فأعلم بأن الفاعل كائن متوحش يحمل في قلبه قسوة وحقدا بغيضا وفجورا يفوق الخيال". 

وأوضحت أن "القتلى يقارب عددهم 800 شخص، ونحو 1000 جريح؛ فيما تدمر بشكل كامل 13 حيا من 24 في المدينة، مما أدى إلى نزوح ما يزيد على 100 ألف من السكان إلى دولة تشاد المتاخمة".

وأكدت جميلة، أن "المدينة مستباحة كليا من قبل الجنجويد"، مشيرة إلى أن "منظمة أطباء بلاحدود ذكرت في تقريرها أن المدينة هي الأسوأ على وجه الأرض".

وأكد سالم إسماعيل، أن "سكان دارفور وبالأخص مدينة الجنينة بحاجة للحماية"، موضحا أن "الحاصل هناك جرائم تطهير عرقي بالكامل، ولا يساوي 10 بالمئة من فظائع الحرب في الخرطوم"، مشيرا إلى أنهم بحاجة إلى تدخل عاجل من أي جهة يمكنها المساعدة على حمايتهم ووقف حد للمجازر والانتهاكات في حقهم. وأوضح الناشط في حقوق الإنسان، محمد عشاق، أن "الجنينة تستغيث من الجرائم المنظمة التي يرتكبها الدعم السريع ومليشياتها الجنجويد والجيش من حصار محكم للمدينة والقتل الممنهج للمدنيين الذي يعد بمثابة جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وعار على جبين الإنسانية".

وطالب بتسليم قيادات الجيش والدعم السريع إلى المحكمة الجنائية الدولية، قائلا: "لا للحرب نعم للسلام".

وحمّل أحد المغردين، الجيش السوداني مسؤولية ما يحدث في الجنينة، قائلا: "أنتم بالدستور والقانون مسؤولون مسؤولية مباشرة عن حماية المدنيين ضد هؤلاء المجرمين الذين لا يملكون أدنى درجات الرحمة أو الإنسانية".

وأضاف أن "السودان ليست الخرطوم فقط، بل هي كل السودان ولابد من التدخل العاجل".

جرائم حميدتي

وهاجم ناشطون مليشيا الدعم السريع ونعتوهم بأوصاف عدة، أبرزها "مليشيا منحطة ومرتزقة وضباع" وغيرها من الأوصاف الأخرى، راصدين عددا من جرائمها المتصاعدة منذ بداية الحرب.

وأوضح ياسر مصطفى، أن "الجنجويد تطورت من مجموعة قطاع الطرق إلى قوات شبه نظامية ثم إلى مليشيات مستقلة لها من العدة والعتاد والإمكانيات ما يفوق جيوش بعض الدول".

وتابع: ثم زينت لهم أحلامهم بأنه قد آن الأوان لكي يصبحوا هم الدولة ثم بدأ العد التنازلي بصمود القوات المسلحة التي جردتهم من عدتهم وعتادهم وأحلامهم وأعادتهم إلى حقيقتهم الأولى وهي أنهم ليسوا سوى قطاع طرق ولا يجب التعامل معهم إلا على هذا الأساس".

وقال أحد المغردين: "شعبنا يواجه مرتزقة أجانب وقوم محليون ثقافتهم منحطة ليس فيها من قيم الرجولة والشهامة كلها سلب ونهب وقتل". وأكد ود طه، أن "مجرد تخيل سيطرة تلك الضباع التي لا يوجد لها رادع على أرض الوطن مخيف جداً"، ووصفها بأنها "أدوات قتل لا تملك ذرة عقل، ولا رحمة في قلوبهم".

وأضاف: "لا يوجد أغبى من هؤلاء الجنجويد إلا من يتوقع أنهم سيجلبون الديمقراطية"، متسائلا: "كيف لفاقد الشيء أن يعطيه؟".

ورأى الناشط السياسي والاجتماعي ود المدني، أن "الصور التوضيحية التي ظهرت فقط خلال الهدنة القصيرة لحال الخرطوم مأساوية جدا، فلم تترك الدعم السريع متجرا واحدا في كل أسواقها العديدة في كافة مناطقها لم تنهبه وتحرقه وتهشم واجهته".

ولفت إلى أن "شوارع المدينة قرب تلك الأسواق أشبه بحال مدن الحرب العالمية الثانية".