حالة طوارئ.. كيف تؤثر موجات الهجرة المتزايدة على سياسات أوروبا المتهالكة؟

12

طباعة

مشاركة

تحدث مركز دراسات تركي عن خطوات الحكومة الإيطالية لمواجهة أزمة الهجرة غير النظامية المتدفقة بازدياد على حدودها خلال الفترة الأخيرة.

وكان من آخر تلك الخطوات، إعلان الحكومة برئاسة جورجيا ميلوني في أبريل/نيسان 2023 حالة الطوارئ في عموم البلاد لمدة 6 أشهر.

وتسمح حالة الطوارئ للحكومة الإيطالية بتجاوز البرلمان في إصدار القوانين، حتى في حالة تجاوز القوانين السابقة (أي أنها تعمل على تغيير القانون). 

ومن جانبه، ذكر مكتب رئاسة الوزراء الإيطالية في بيان أن هذه الخطوة تأتي جراء التدفق الكبير للمهاجرين إلى حدود البلاد أخيرا واكتظاظ مراكز استقبال المهاجرين، وسط توقعات بازدياد حركة الهجرة خلال الفترة المقبلة.

وأضاف البيان أن حالة الطوارئ المعلنة ستمتد لـ 6 أشهر، وأنّ الحكومة خصصت ميزانية بقيمة 5 ملايين يورو للحالات الطارئة في هذا الخصوص.

خطوة جذرية

وأوضح مركز أنقرة للأزمات والأبحاث السياسية "أنكاسام" أنه يمكن القول إن الزيادة في عدد المهاجرين غير الشرعيين في البحر الأبيض المتوسط ​​فعالة على أساس التطور الحالي.

بالإضافة إلى ذلك، يظهر القرار الذي اتخذته الإدارة الرومانية أن هناك زيادة خطيرة في مشكلة مهمة موجودة في أوروبا وهي اللجوء بشكل عام مع سنة 2023.

وبناء على ذلك، وصلت محاولات الهجرة غير النظامية في عام 2022 إلى أعلى مستوى لها منذ عام 2016 في أوروبا.

إذ تقول وكالة الحدود وخفر السواحل التابعة للاتحاد الأوروبي إن عدد محاولات دخول المهاجرين إلى أوروبا دون تصريح بلغ حوالي 330 ألف خلال عام 2022. 

وأردفت الكاتبة التركية "بيجوم أكّايا": عندما ننظر إلى الأرقام التي جرى الحصول عليها بناء على الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2023، يمكن القول إن معدل زيادة محاولات الهجرة غير النظامية في عام 2022 مستمر. 

وبهذا المعنى، في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2023، ارتفع عدد المعابر الحدودية غير النظامية التي أبلغت عنها السلطات الوطنية بنسبة 26 بالمئة مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق إلى 54 ألفا. 

وكانت آخر مرة اتخذت فيها إيطاليا قرارا مماثلا في عام 2011، بعد لجوء مهاجرين من تونس والذي كان مخالفا لقرار المسؤولين في جزيرة لامبيدوسا. 

وأشارت الكاتبة التركية إلى أن اتخاذ قرار حالة الطوارئ هذا في عام 2023 له أهمية كبيرة.

إذ يمكن القول إنَّ قرار حالة الطوارئ الجديد هذا هو أول خطوة جذرية يجري اتّخاذها بعد وقت طويل من إعلان حالة الطوارئ الإنسانية في عام 2011، وفق قولها. 

وفي هذا السياق، يأتي التطور الجديد استجابة لمحاولات الهجرة غير النظامية المكثفة، والتي كشفت عنها أيضاً إحصاءات عامي 2022 و2023.  

قرارات مشابهة

وأوضحت الكاتبة أن مرسوم الطوارئ الصادر عن الحكومة الإيطالية هو مثال يبرز التطورات في أوروبا.

فكما هو معروف، تنفذ رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني وحكومتها سياسة شعبوية يمينية.

وفي هذا الصدد، فإن قرار الحكومة الطارئ بمعالجة الهجرة غير النظامية المتزايدة يعد أمرا مفهوما. 

ومع ذلك، عندما ننظر إلى أوروبا بشكل عام، نرى أنه جرى اتخاذ خطوات مماثلة في بعض البلدان الأوروبية الأخرى إلى جانب إيطاليا. 

على سبيل المثال، في 25 أبريل/نيسان 2023، أقر البرلمان الليتواني قانوناً يضفي الشرعية على إعادة المهاجرين غير الشرعيين على الحدود بموجب حالة الطوارئ على مستوى الدولة. 

وأثارت التعديلات انتقادات من منظمات حقوق الإنسان التي تقول إن التشريع يضفي الشرعية على عمليات الطرد، وهي ممارسة تنتهك القانون الدولي. 

وقالت منظمة العفو الدولية؛ إن القانون "سيعطي الضوء الأخضر للتعذيب"، بينما صرحت الوزارة بأنه يضع ضمانات للأشخاص الضعفاء.

وفي الوقت نفسه، صرحت وزارة الداخلية أنّ التعديلات تميز بوضوح بين الهجرة الطبيعية وتلك التي يسهلها النظام البيلاروسي، وأن التشريع ضروري لحماية مصالح الأمن القومي لليتوانيا.

ولفتت الكاتبة النظر إلى هذا القرار المتخذ في ليتوانيا؛ فهو جدير بالملاحظة بشكل خاص بالنظر إلى الهيكل السياسي المحلي.

إذ إن ليتوانيا بلدٌ لم تكتسب فيه الأحزاب الشعبوية اليمينية المتطرفة بعد ما يكفي من السلطة لدخول البرلمان.

ومع ذلك، كشف القرار أن الدول الأوروبية الأخرى يمكن أن تتبع سياسات مماثلة لإيطاليا ضد الهجرة غير النظامية.

بالإضافة إلى ذلك، فإن مرسوم الطوارئ الصادر عن إيطاليا هو دليل على أن الدول يمكن أن تلجأ إلى تدابير قاسية بخلاف القرارات التي اتخذها الاتحاد الأوروبي بشأن الهجرة غير النظامية. 

زيادة الانتقادات

واستدركت أكّايا: من المعروف أن الانتقادات ضد الاتحاد قد أثيرت أيضاً على أساس عدم كفاية سياسات الاتحاد الأوروبي.

وقد جعلت الأزمة الإنسانية المتعلقة بمبادرات الهجرة غير النظامية في عام 2023 هذا الوضع أكثر وضوحا.

فوفقاً للبيانات التي نشرتها المنظمة الدولية للهجرة في 12 مارس 2023، كانت الأشهر الثلاثة الأولى من نفس العام هي الأكثر دموية منذ عام 2017 بالنسبة للمهاجرين الذين يحاولون عبور البحر الأبيض المتوسط.

إذ وثّق مشروع المهاجرين المفقودين التابع لوكالة الهجرة التابعة للأمم المتحدة وفاة 441 مهاجرا في وسط البحر الأبيض المتوسط بين يناير/كانون الثاني ومارس/آذار. 

علاوة على ذلك، أعقب هذا التقرير انتقادات لاذعة لسياسة الهجرة في كتلة بروكسل من داخل البرلمان الأوروبي. ويمكن تفسير ذلك على أنه نذير بتعميق أزمة الهجرة في أوروبا.

وختمت الكاتبة التركية مقالها قائلة: إن تسارع معدل محاولات الهجرة غير النظامية عام 2022 وفي الربع الأول من عام 2023 يدفع الدول الأوروبية إلى تشديد سياساتها بشأن المشكلة.

ويشكل مرسوم الطوارئ الذي اتخذته الحكومة الإيطالية مثالاً مهما في هذا الصدد. ومع ذلك، تظهر التطورات الأخيرة أن التدابير القاسية المُتَّخَذَة ضد الهجرة غير النظامية لا تقتصر على إيطاليا فقط. 

وذلك لأن الفشل في السيطرة على الزيادة في الهجرة غير النظامية يبدو أنه يترك بصماته على السياسة الأوروبية. 

وقد يؤدي هذا إلى زيادة الانتقادات لسياسة الهجرة في الاتحاد الأوروبي، وقد تنفذ بعض الدول، وبالأخص المطلة على البحر الأبيض المتوسط، سياسة مماثلة لإيطاليا، بحسب تقييم الكاتبة.