حضور نتنياهو لقمة المناخ في الإمارات.. زيارة رسمية أم واجب بروتوكولي؟
استعرض موقع أميركي أبعاد توجيه الإمارات دعوة رسمية إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لحضور قمة "المناخ" المزمع عقدها بدبي في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023.
وأوضح موقع "المونيتور" في تقرير له، أن الدعوة أتت بعد تأخير دام عدة أشهر، بخصوص تنظيم أول زيارة رسمية لنتنياهو للدولة الخليجية.
وحسب التقرير، فقد تسلم نتنياهو هذه الدعوة الرسمية بشكل شخصي من سفير الإمارات لدى إسرائيل، محمد آل خاجة، في مكتب رئيس الوزراء بمدينة القدس، كما وُجهت دعوة مماثلة من قبل السفير الإماراتي إلى الرئيس الإسرائيلي، إسحاق هرتسوغ.
وأشار المونيتور إلى أنه "ليس من المعروف بعد من سيقود الوفد الإسرائيلي في المؤتمر، نتنياهو أم هرتسوغ".
أسباب التأجيل
وأوضح التقرير أنه "من اللافت للنظر أن نتنياهو لم يقم بعد بأي زيارة رسمية إلى الإمارات، رغم الاتفاق الموقع بين الإمارات وإسرائيل لتطبيع العلاقات عام 2020".
في المقابل، قام أسلاف نتنياهو، رئيسا الوزراء السابقان، نفتالي بينيت ويائير لابيد، بزيارة الإمارات، وهو الأمر الذي قام به أيضا هرتسوغ لأكثر من مرة.
وبصفته رئيسا للوزراء، زار بينيت الإمارات مرتين، الأولى في ديسمبر/ كانون الأول 2021، والثانية في يونيو/ حزيران 2022.
وفي مارس/ آذار 2023، أجرى بينيت زيارة ثالثة إلى أبو ظبي، لكن هذه المرة كرئيس سابق للحكومة، واجتمع مرة أخرى مع الرئيس الإماراتي، محمد بن زايد، كما التقى بعدد من كبار المسؤولين الاقتصاديين.
وكتب بينيت في تغريدات في حسابه على موقع تويتر: "ناقشنا سبل تعزيز التعاون بين الدولتين، خاصة في الأوقات الصعبة"، مضيفا أن "الاتصال قوي ومهم".
وجاءت زيارة بينيت الأخيرة، في وقت تشهد فيه إسرائيل أزمة داخلية واسعة، بسبب بعض سياسات حكومة نتنياهو، وعلى رأسها خطة "إصلاح القضاء"، التي يرى معارضون أنها ستسلب القضاء استقلاليته.
لذلك، قال بينيت: "طالما استمرت الأزمة الداخلية في إسرائيل، فسيكون من الصعب للغاية إعادة الاستثمارات والزخم السياسي الذي كان قائما هنا".
أما هرتسوغ، فقد زار الإمارات في ديسمبر/ كانون الأول 2022، حيث توجه إلى أبوظبي قادما من المنامة، في زيارة مزدوجة، وُصفت بـ"التاريخية".
وبالحديث عن أسباب تأجيل زيارة نتنياهو للإمارات، أوضح التقرير أن التوترات بين إسرائيل والفلسطينيين من جهة، وسياسات حكومة نتنياهو المتطرفة من جهة أخرى، قادا إلى تأجيل مثل هذه الزيارة، أو عقد مباحثات فردية مع ابن زايد.
وأكد التقرير أنه "من غير الواضح ما إذا كانت الدعوة إلى قمة المناخ القادمة (COP 28)، ستتضمن لقاء ثنائيا بين نتنياهو وابن زايد أم لا".
ووصف الموقع الأميركي الزيارة المزمع إجراؤها بأنها "إن حدثت، فستكون تتويجا لعامين من محاولات نتنياهو الفاشلة للهبوط في أبو ظبي".
وفي مارس/ آذار 2021، أي بعد ستة أشهر من توقيع اتفاق التطبيع برعاية أميركية، كان نتنياهو على وشك الذهاب في أول زيارة علنية لرئيس وزراء إسرائيلي إلى الإمارات.
لكن رحلته ألغيت بعد أن أخرت عمّان الإذن بمرور طائرته عبر الأجواء الأردنية، في قرار جاء كرد على التصعيد الإسرائيلي في القدس.
وقال حينها رئيس الوزراء الإسرائيلي، إن زيارته للإمارات، ألغيت "بسبب سوء تفاهم مع الأردن"، "لم تكن الزيارة ممكنة بسبب صعوبات في تنسيق الرحلات الجوية وسوء التفاهم بسبب حادثة وقعت في الحرم القدسي".
وأشار نتنياهو، إلى أنه تحدث مع ابن زايد - الذي كان يشغل حينها منصب ولي عهد أبو ظبي- واتفقا على أن يجري زيارة إلى الإمارات قريبا، لكنه لم يحدد موعدا لذلك.
وحسب التقرير، فإن "نتنياهو لم يكن في فسحة من أمره لإعادة جدولة الزيارة، إذ أن الانتخابات الإسرائيلية كانت مقررة بعد عدة أيام فقط من الزيارة".
اجتماع سري
وخلال حملته الانتخابية لعام 2022، أعرب نتنياهو عن رغبته في أن تكون الإمارات وجهته الأولى في الخارج إذا ما أعيد انتخابه رئيسا للوزراء.
وبعد فوزه في الانتخابات بفترة وجيزة، أعلن مكتب نتنياهو أنه يعتزم زيارة أبو ظبي، لكن الإمارات ألغت الزيارة بعد صعود وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف، إيتمار بن غفير، إلى الحرم القدسي.
وكان موقع قناة "كان" العبرية العامة، قد كشف أن ابن زايد، أرسل مستشاره، خلدون المبارك، لإيصال رسالة إلى الحكومة الإسرائيلية بشأن معاملتها للفلسطينيين.
ونقل الموقع العبري عن أن المبارك قال لنتنياهو: "توَجه هذه الحكومة يتعارض تماما مع اتفاقات أبراهام"، في إشارة إلى اتفاق التطبيع بين الطرفين.
غير أن موقع "تايمز أوف إسرائيل"، نقل حينها عن دبلوماسي عربي - لم يذكر اسمه- أن صعود ابن غفير إلى الحرم القدسي لم يكن السبب الوحيد لتأجيل زيارة نتنياهو للإمارات.
وأوضح المصدر أن "الإمارات كانت تخشى أن يستغل نتنياهو زيارته لأبو ظبي، لشن تهديدات علنية ضد إيران، في وقت كانت تحاول فيه أبو ظبي تهدئة التوترات مع طهران".
ورغم كل هذا التعثر، ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، في سبتمبر/ أيلول 2020، أن نتنياهو سافر إلى الإمارات عام 2018، وعقد اجتماعا سريا مع ابن زايد.
"على هذا النحو، وبينما يُنظر إليها على أنها علامة على حسن النية من جانب أبو ظبي، فإن دعوة نتنياهو للمشاركة في قمة المناخ لا تزال بعيدة كل البعد عن وصفها بأنها زيارة رسمية للبلاد"، وفق الموقع الأميركي.
وحسب التقرير، فقد أدانت الإمارات بشدة - إلى جانب مصر والأردن وقطر والفلسطينيين وفرنسا والولايات المتحدة- زيارة الوزير المتطرف ابن غفير إلى الحرم القدسي الشريف، في 21 مايو/ أيار 2023، مما زاد من التوترات بين إسرائيل والإمارات.
وأوضح "المونيتور" أن الإمارات -ممثلة جامعة الدول العربية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة- طرحت في الأسابيع القليلة الماضية سلسلة من مقترحات القرارات الداعمة للفلسطينيين، ومن ذلك مبادرة لمطالبة المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، بوضع تقرير حول استمرار احتلال إسرائيل للضفة الغربية.
ومع ذلك، أشار الموقع الأميركي إلى أن نتنياهو، تحدث عبر الهاتف مرتين مع الرئيس الإماراتي منذ توليه منصبه.
واتصل ابن زايد بنتنياهو في يناير/ كانون الثاني 2023، لتهنئته بعد أداء حكومته الجديدة اليمين الدستورية، كما تحدث الطرفان مرة أخرى هاتفيا، في أبريل/ نيسان 2023، لتبادل التهاني بشهر رمضان وعيد الفصح.
علاوة على ذلك، قامت إسرائيل والإمارات بتفعيل اتفاقية شراكة اقتصادية كبرى في مارس/ آذار 2023.
ومنذ توقيع اتفاقات التطبيع، شهدت إسرائيل توسعا سريعا في التبادل التجاري مع عدة دول في المنطقة، وعلى رأسها الإمارات ومصر وتركيا، وفق المونيتور.