مطالبات للحكام بالرد.. إساءة وزير داخلية فرنسا لـ"الإسلام السني" تثير الغضب 

12

طباعة

مشاركة

استنكر ناشطون على تويتر، تصريحات وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان، بأن "الإرهاب الإسلامي السني" هو أبرز تهديد لبلاده وأوروبا، معربين عن استيائهم من إمعان باريس في دعم الإسلاموفوبيا والترهيب من الإسلام، وإطلاق التصريحات العدوانية ضد الإسلام والمسلمين.

وعلى هامش زيارته إلى الولايات المتحدة لتعزيز التعاون الأمني مع واشنطن، قال الوزير دارمانان: "أتينا لنذكّرهم أنه بالنسبة إلى الأوروبيين ولفرنسا، الخطر الأول هو الإرهاب الإسلامي السّنّي، والتعاون لمكافحة الإرهاب بين أجهزة الاستخبارات هو ضروري للغاية".

وبذلك يسير وزير الداخلية الفرنسي، في ركب رئيسه إيمانويل ماكرون، الذي شن حربا على الإسلام منذ صرح في أكتوبر/تشرين الأول 2021 بأن "الدين الإسلامي يعيش أزمة عالمية، وأن على فرنسا مكافحة الانفصالية الإسلاموية، وتعزيز العلمانية وترسيخ مبادئ الجمهورية".

ومنذ ذلك الحين برزت حملات شيطنة المسلمين وطغت الكراهية والعنف ضدهم، وأطلق "دارمانان" حملة لإغلاق المساجد في فرنسا، بذرائع عدة منها تشدد الخطيب، والإرهاب، والتطرف، ومعاداة السامية، وغيرها من الادعاءات الأخرى.

وفي السنوات الثلاث الأخيرة، أغلقت فرنسا مساجد عدة في البلاد، إضافة إلى جمعيات خيرية ومؤسسات إسلامية، كما أقرت قانونا مثيرا للجدل بدعوى "مكافحة الانفصالية"، واسمه الرسمي "القانون المعزّز لمبادئ الجمهورية الفرنسية".

وفي 18 مايو/أيار 2023، صادرت السلطات الفرنسية 25 مليون يورو من أموال جماعة "الإخوان المسلمين"، بدعوى التحقيق في قضايا إرهاب وتطرف تتعلق بأنشطتها.

وتواجه فرنسا اتهامات من حقوقيين ومنظمات دولية بما فيها الأمم المتحدة، ودعاة إسلاميين بأنها تمنح المسؤولين تفويضا مطلقا لإغلاق أماكن العبادة دون تدقيق مناسب وبإجراءات مبهمة لا تعطي فرصة إلى إبطال القضية.

وسبق واعترف دارمانان، في تغريدة على حسابه بتويتر في سبتمبر/أيلول 2022، بأنه يحارب ما سماها "الانفصالية الإسلامية" مستمرة بإيعاز من رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون، قائلا إن السلطات أغلقت 23 من أماكن العبادة التابعة "للانفصاليين" -حسب وصفه- على مدى عامين.

وعبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها، #فرنسا، #الإسلاموفوبيا، #مقاطعة_المنتجات_الفرنسية، أعرب ناشطون عن استيائهم وغضبهم من كيل فرنسا التهم والافتراءات على الإسلام السني وإرهاب المجتمعات الغربية من المسلمين.

وأشاروا إلى أن فرنسا وأوروبا هم "منبع الإرهاب والإجرام"، والتاريخ شاهد على ذلك من استعمارهم للشعوب وسرقة ثرواتهم، وعنصريتهم، وازدواجية معاييرهم، وتصديرهم للكراهية، مذكرين بعدد من الجرائم التي ارتكبتها فرنسا ومازالت حتى اليوم.

ودعوا الأنظمة الحاكمة لاتخاذ موقف مناصر للإسلام، وحثوا الشعوب على مواصلة مقاطعة المنتجات الفرنسية تأديبا لفرنسا على إساءتها للإسلام والمسلمين السنة، مشيرين إلى أن تصريحات الوزير الفرنسي بمثابة اعتراف بدورها في تأجيج الصراعات الطائفية ودعم الشيعة.

إرهاب فرنسا

وتفاعلا مع الأحداث، أوضح عضو مجلس الأمناء باتحاد علماء المسلمين، محمد الصغير، أن "وزير داخلية فرنسا، معروف عنه سياسة إغلاق المساجد، وترحيل الأئمة، والتضييق على المسلمين". 

وأكد أن "فترة ماكرون الأبتر وحكومته، تعد حقبة حقد على الإسلام وأهله"، قائلا: "لذا لن ننفك عن التذكير بمقاطعة المنتجات الفرنسية".

ووصف أستاذ الحضارة الإسلامية، ناصر الأنصاري، تصريح الوزير دارمانان بأنه "كلام لحاقد كاذب وفاسد"، مؤكدا أن "الإسلام لا يعرف الإرهاب، وإنما الإرهاب هو صنيعتهم، وحرب من حروبهم القذرة ضد العرب".

وأكد الإعلامي والباحث في الشؤون الإسرائيلية سلطان العجلوني، أن "فرنسا هي أم الإرهاب وأم الاستغلال وأكبر لص في التاريخ"، متعجبا من أن "باريس التي مازالت تحتجز وتعرض آلاف الجماجم البشرية لضحايا وحشيتها يحاضر فئرانها عن الإرهاب!"، ووصف ذلك بـ"الوقاحة".

وعلق سالم ربيح، على تصريح وزير الداخلية الفرنسي، قائلا: "لا أدري بأي عقلية تكلم هذا المأفون، ولو كان ذا عقل لنظر إلى تاريخ بلاده الإرهابي وجرائمها في إفريقيا، فقد قتلت في الجزائر مليون إنسان بنفس الطرق التي استخدمتها محاكم التفتيش الإسبانية!!". واستنكر رئيس منظمة "سند" الحقوقية السعودية، سعيد بن ناصر الغامدي، تجاهل وزير داخلية فرنسا جرائم بلاده الاستعمارية ومتحف الجماجم القريب من رأسه الحاقد، ويلصق داءه وداء حكومته بالإسلام، وبالإسلام السني خاصة والذي هو دين السواد الأعظم من المسلمين. وأعرب رئيس تحرير صحيفة "المصريون"، جمال سلطان، عن استيائه من متهميه بأن تفكيره طائفي أو يفسر الأحداث بدافع تعصب ديني، حين كان يقول أن أهل السنة في الشرق هم المستهدفون بالحصار والتآمر الأوروبي ودعم الطغاة والعسكر في دولهم لمنع أي تحرر شعبي أو نهضة، مشيرا إلى أن تصريح وزير داخلية فرنسا أكد كلامه.

صمت الحكام

وانتقد ناشطون صمت الأنظمة العربية والإسلامية الحاكمة على الإساءات المتكررة من باريس للإسلام والمسلمين، وحملوها مسؤولية التمادي الفرنسي في ازدراء الإسلام.

ورأى الكاتب والمحلل السياسي، ياسر الزعاترة، أن "وزير داخلية فرنسا، يهين الأمّة، لأن السنة ليسوا طائفة، بل ممثلو الإسلام وحاضنة الطوائف"، مؤكدا أن فرنسا "منبع الإسلاموفوبيا".

وأضاف: "إمبريالية" ولغت في دمنا حتى الثمالة، ثم تتحدّث عن الإرهاب، قائلا: "لو وُجدت أنظمة تمثّل شعوبها، لكان لها موقف حيال وقاحته".

ودعا أستاذ العلوم السياسية الكويتي، عبدالله الشايجي، الدول العربية والإسلامية للتنديد بتصريحات الوزير دارمانان الإسلاموفوبي المعادي للإسلام، وطلب "الاعتذار".

وتساءل الأكاديمي والباحث العراقي محمد الدراجي: "هل سيتخذ موقف سياسي على الأقل ضد التصريح العدواني الفرنسي أم سيدعم كسابقيه؟؟ هل تجازف فرنسا بعلاقاتها مع العالم الإسلامي مقابل علاقاتها مع نظام الولي وتابعيه بالمنطقة؟؟ أم هو تهديد لدول معينة انفتحت على روسيا والصين؟".

الأسباب والدوافع

وخصص ناشطون تغريداتهم لتفنيد أسباب ودوافع فرنسا في شن هجوم على الإسلام السني عبر مسؤولين بارزين في الحكومة.

وأرجع الأستاذ في كلية الشريعة بجامعة الكويت، عبدالرزاق الشايجي، سبب هجوم وزير داخلية فرنسا على الإسلام السني، لأنه لا يخدم أهداف فرنسا وليس ضمن خططها وسياستها الاستعمارية.

وأوضح أستاذ العقيدة والفكر الإسلامي، أبو بكر العيساوي، أن فرنسا تخاف من الإسلام "السني" لأنه غزاها في عقر دارها وتمدد وأصبح قوة، مؤكدا أن "فرنسا والغرب عموما لا يريدون إسلاما قويا يخاطب العقول والقلوب معا، يريدون إسلاما خرافيا ضعيفا هزيلا يخرج جيلا يستمد قوته من الغرب". وبين القارئ محمد حسني، أن "سبب هجوم وزير ماكرون على الإسلام السني لأنه ببساطة يغزو الدولة الفرنسية بصفة خاصة ويغزو أصحاب الديانة الكاثوليكية في أنحاء أوروبا"، مؤكدا أن "هذا هو القلق الحقيقي لقياصرة أوروبا".

وبشر بأن الإسلام السني "سيصبح فى القريب العاجل هو الدين الرسمي لدولة فرنسا".

وقال أحد المغردين، إن "فرنسا تعلنها صراحة أن الإسلام السني خطر يهدد فرنسا وأوروبا لأنها تعلم أنه سيحكم في النهاية أوروبا، لذلك تحارب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والمساجد تغلقها في فرنسا وتدعم ملالي طهران ضد شعبه".

وأضاف: "الغرب يحارب الإسلام السني علانية وفي الأخير يطلع لك واحد بليد ويقول لك أنت طائفي!".

دعم الشيعة

وخلص ناشطون إلى أن تصنيف وزير داخلية فرنسا الإسلام الوسطي المعتدل بأنه أبرز تهديد على بلاده وأوروبا يعني أن الغرب أبرز الداعمين للشيعة والجماعات المتطرفة وغيرهم.

وعد محرر الشؤون المصرية في قناة الجزيرة، عبدالفتاح فايد، أن من مزايا اليمين المتطرف في الغرب مثل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، ومن على شاكلته أنهم يقولون الحقيقة التي يؤمن بها غيرهم وإن لم يقولوها صراحة.

وأوضح أن تصريح دارمانان يعني أن لا إيران ولا الصين ولا روسيا أعداء، وإنما الإسلام السني من وجهة نظره.

وقال الصحفي والمدون فيصل عثمان، إن تصريح وزير داخلية فرنسا يعبّر عن الحقيقة بوضوح لا يقبل التأويل، أن العدوّ هو "الإسلام السنّي"، عدوّ للصليبيين واليهود والخونة، أماّ الدين الشيعي والنصيري فلا خطر يأتي منه، قائلا: "الحمد لله أنّنا ممّن يعتبرهم وزير داخلية فرنسا خطرا". وعد حسين الرفاعي، "تصريح دارمانان، تأكيد أن الغرب هو الداعم الأول للدين الشيعي ولأجله تم احتلال العراق وتم الإبقاء على بشار الأسد الكيماوي في السلطة وأُجبر آل مرخان على الصُلح مع إيران وتجرعوا الويلات في اليمن"، قائلا إن "أميركا تسير بنجاح في خطة دعم سيطرة الأقلية الشيعية". ورأى الكاتب والصحفي السوري، أحمد موفق زيدان، "تصريح الوزير، ليس جديدا ما دام المحتل الفرنسي هو الذي زرع العصابة الطائفية المجرمة في سوريا، وتخلّى عمّن ساهم معهم في إسقاط الخلافة العثمانية، فلم يقبلوا أن يحكم الملك فيصل أكثر من عامين لسوريا، وفي عام 1979 زرعوا نبتة الخميني الخبيثة".