انتقادات دولية.. ماذا تستفيد جامعة الدول العربية من تعويم الأسد؟

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

بعد 12 عاما من العزل الإقليمي، عادت دمشق إلى جامعة الدول العربية، بعد أن اقترب الكثيرون في المنطقة من النظام السوري.

لكن هذه العودة تطرح أسئلة أكثر مما تجيب، لا سيما فيما يتعلق بتداعيات الحرب الأهلية والعملية السياسية في سوريا، وما تعنيه للمنطقة.

وفي هذا الإطار، تناولت صحيفة "مينا واتش" آراء السياسيين الإقليميين والدوليين حول هذا التطور، موضحين الدور الذي ستلعبه سوريا وفق هذا التطور.

شروط مُلزمة

ترى الصحيفة الألمانية أن "إعادة قبول سوريا في جامعة الدول العربية لا تثير العديد من الأسئلة فحسب، بل تأتي أيضا مع عدد من الشروط التي من غير المرجح أن يلبيها رئيس النظام السوري بشار الأسد".

فبعد عقد من الزمن، وافقت الدول العربية على إعادة دمشق إلى جامعة الدول العربية، وهي المنظمة الإقليمية الرئيسة لتلك الدول.

وتشير الصحيفة إلى أن هذا التطور "حدث بعد أن اقترب الكثيرون من النظام السوري خلال الفترة الماضية".

لكن توضح الصحيفة أن "هذه العودة  تطرح أسئلة أكثر مما تجيب فيما يتعلق بتداعيات الحرب الأهلية والعملية السياسية في سوريا".

وأعلنت جامعة الدول العربية في بيان رسمي، 7 مايو/أيار 2023، أنها قررت إعادة عضوية سوريا والسماح لها بالمشاركة في اجتماعات مجلسها مرة أخرى، وفقا للصحيفة الألمانية.

وتلفت الصحيفة إلى أنه "من المسموح لوفود الحكومة السورية حضور اجتماعات الجامعة وجميع المنظمات والمؤسسات التابعة لها مرة أخرى، اعتبارا من 7 مايو 2023". 

كما دعت جامعة الدول العربية في بيانها إلى "تشكيل لجنة وزراء تتألف من ممثلين عن الأردن والسعودية والعراق ولبنان ومصر والأمين العام للجامعة العربية (أحمد أبو الغيط)".

وتذكر الصحيفة أن هذه اللجنة "ستواصل الحوار المباشر مع دمشق لإيجاد حل شامل للأزمة السياسية التي تعيشها سوريا".

وبحسب "مينا واتش"، أوضحت قناة "العربية" السعودية أن عودة سوريا بشكل كامل ستكون مشروطة باتخاذ النظام إجراءات ضد تهريب المخدرات من أراضيها السيادية. كما أنها ملزمة باتخاذ خطوات لحل أزمة اللاجئين في البلدان المجاورة، وأبرزها الأردن ولبنان. 

وفي هذا السياق، قال المحلل الجيوسياسي الأردني عامر السبايلة إن "عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية لن تأتي بلا ثمن، إذ تلتزم دمشق بمجموعة من القرارات السياسية والأمنية، لا سيما عودة اللاجئين والسيطرة على تهريب المخدرات من الأراضي السورية".

فعلى مدى العقد الماضي، توضح الصحيفة الألمانية أن سوريا أصبحت دولة رئيسة لتصدير المخدرات، وخاصة الأمفيتامينات مثل حبوب الكبتاغون، التي تدخل الأردن والسعودية عبر ذلك البلد. 

وتلفت إلى أن إنتاج المواد المحسّنة بشكل غير قانوني أصبح شريان حياة للاقتصاد السوري، ومشكلة رئيسة لدول الجوار. 

وعلى الرغم من أن هذه الشروط، بالطبع لم يجر الوفاء بها في الوقت القصير منذ نشر البيان، فقد أرسلت السعودية إلى الأسد دعوة رسمية إلى القمة العربية التي عقدت في 19 مايو/أيار 2023 في جدة.

وتشير الصحيفة إلى أن هذه هي "المرة الأولى التي ستحضر فيها سوريا مثل هذه الجلسة منذ أن علقت عضويتها في جامعة الدول العربية عام 2011، ردا على قمع الاحتجاجات السلمية في ذلك الوقت".

ومن الجدير بالذكر أن عودة سوريا إلى الجامعة جاءت بعد أن أعادت عدد من الدول العربية الرئيسة تحالفها معها في الأشهر الأخيرة، لا سيما الإمارات والسعودية ومصر وتونس والأردن.

وقبل كل شيء، تؤكد الصحيفة الألمانية أن "تقارب دول الخليج من سوريا يهدف في المقام الأول أن تؤدي هذه الخطوات الإيجابية إلى إبعاد الأسد عن أهم حليف له، إيران". 

انتقادات إقليمية ودولية

تشير الصحيفة إلى أن التقارب العربي مع دمشق لاقى انتقادات من معارضي النظام السوري، على المستويين الإقليمي والدولي.

فعلى سبيل المثال، تنظر ليلى الكيك، مديرة الحملة السورية، وهي منظمة غير ربحية تدعم منظمات المجتمع المدني في سوريا، إلى تحرك الجامعة العربية على أنه "يعني أن دولها قررت وضع مصالحها وأجندتها الدبلوماسية في المقدمة".

كما تعتقد أنه "بقرارهم إعادة النظام السوري إلى جامعة الدول العربية، خانت الدول الأعضاء عشرات الآلاف من ضحايا النظام، ومنحت الأسد الضوء الأخضر لارتكاب جرائم بشعة مع الإفلات من العقاب".

وعلى الصعيد الدولي، تلفت الصحيفة إلى الانتقادات التي وجهتها واشنطن إلى قرار الجامعة، قائلة إن سوريا "لا تستحق هذه الخطوة".

وأضافت أن الولايات المتحدة "تشكك في إرادة رئيس النظام السوري بشار الأسد لحل الأزمة السياسية وتداعيات الحرب الأهلية في سوريا".

وفي هذا الصدد، تنقل "مينا واتش" ما قاله عالم السياسة الأميركي ريتشارد ويتز لموقع قناة "الحرة" الأميركية على الإنترنت، والذي أوضح أن "عودة سوريا يمكن فهمها على أنها جزء من النمط السائد حاليا في الشرق الأوسط".

وتابع: "مع ما يحدث حاليا في المنطقة، في ظل استئناف المملكة العربية السعودية وإيران للعلاقات وتعزيز بعض الدول العلاقات مع الصين، يبدو أن الولايات المتحدة أقل انخراطا في الشرق الأوسط مما كانت عليه في الماضي".

وتذكر الصحيفة الألمانية أن الزميل البارز في معهد الشرق الأوسط بواشنطن تشارلز ليستر، قلل من تأثير عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية على العلاقات مع الجيران العرب.

وقال ليستر: "لا أعتقد أنه يمكن أن يكون هناك أي شيء أكثر من مجرد اتصال سياسي بحت بين سوريا والدول العربية".

وأكد أنه من المستحيل أن تتحقق أي استثمارات كبيرة في سوريا، لأن ذلك لن يحدث بدون الدعم الدبلوماسي والاقتصادي من الغرب، ومثل هذا الدعم "ليس حتى خيارا مطروحا".