تحالف سني جديد.. هل ينجح في إقالة الحلبوسي من رئاسة برلمان العراق؟

يوسف العلي | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

في تطور جديد تشهده الساحة السياسية السنية بالعراق، أعلن "تحالف السيادة" (أكبر كتلة للسنة بالبرلمان والحكومة) انضمام أحزاب جديدة إليه، وذلك وسط خلافات حادة بين خميس الخنجر ومحمد الحلبوسي زعيمي الحزبين الأساسيين اللذين شكّلا التحالف بعد انتخابات عام 2021.

وتشكل "السيادة" (71 نائبا) الذي يرأسه الخنجر من حزبي "المشروع العربي" (34 نائبا) بقيادة الأخير، و"تقدم" بزعامة رئيس البرلمان الحالي الحلبوسي (37 نائبا)، قبل أن يعلن نحو 7 نواب الانسحاب من الأخير احتجاجا على تفرده بقرار التحالف.

تحالف جديد

وفي 12 مايو/ أيار 2023، شارك خميس الخنجر في إعلان تحالف "صقور الوطن فرسان السيادة" في مدينة الشرقاط بمحافظة صلاح الدين شمالي العراق، برئاسة السياسي والبرلماني السابق مشعان الجبوري.

وبحسب الإعلان الرسمي للتحالف الجديد، فإن الخنجر كان أبرز الداعمين للمشروع وأول الحاضرين، فيما توعّد الجبوري رئيس البرلمان الحلبوسي بالكشف عن ملفات فساد كبيرة ضده.

وقال الجبوري على حسابه في "تويتر" إن الاحتفال الذي جرى في الشرقاط تم فيه الإعلان عن اندماج حزبي "الوطن" و"الاستقرار" (غير معروف زعيمه) في "السيادة"، الذي "استرددناه من المغامرين وعديمي المسؤولية"، في إشارة إلى غريمه الحلبوسي.

وأضاف: "سنعمل على تحقيق مطالب أهلنا العادلة بالحكمة والحوار  وندعم السلم االأهلي وحكومة الرئيس (محمد شياع) السوداني الذي نظن ونأمل به خيرا للعراق وعموم شعبه".

وعن أسباب الخلاف بين زعيم السيادة ورئيس البرلمان، قال الجبوري إن "العلاقة بين الخنجر والحلبوسي انتهت عندما رفض الأول أن يستجيب لطلب الأخير في مقاطعة اجتماعات الموازنة العامة بالبرلمان، وإصراره على أن يلبي رئيس الوزراء المطالب الشخصية لرئيس البرلمان المغلفة بمطالب تهم المكون السني".

وأضاف الجبوري خلال مقابلة تلفزيونية للجبوري في 7 مايو 2023، أن "الخنجر قرر أن يكون مع الحكومة ويساند رئيس الوزراء في مسعاه أن تكون الموازنة المالية لثلاث سنوات، الأمر الذي رفضه الحلبوسي بالمطلق".

وكان مجلس الوزراء العراقي، قد صوّت دفعة واحدة في 13 مارس 2023 على موازنة ثلاث سنوات مالية (2023، 2024، 2025) وإحالتها للبرلمان، في سابقة لم تشهدها البلاد من قبل.

وعزا السوداني، الخطوة الحكومية هذه إلى أنها تكمن في "دعم الاستقرار المالي"، لافتا إلى أن "الوزارات السابقة كانت في العادة تدخل بمرحلة من السُّبات في نهاية السنة وبدايتها لحين إقرار الموازنة، وبذلك يتوقف العمل".

فشل الوساطة

على صعيد الخلافات بين زعيم تحالف السيادة ورئيس البرلمان، كشف الجبوري عن وساطة أجرتها دولة قطر للمصالحة بين الخنجر وبين الحلبوسي في العاصمة الدوحة، لكنها لم تنجح في رأب الصدع بين الطرفين.

وكتب الجبوري على "تويتر" في 23 أبريل 2023 أن "وساطة قطرية جارية بين الخنجر والحلبوسي في الدوحة، وأن إيران على الخط سرا".

ونقل عن مصدر خليجي وصفه بـ"الرفيع جدا" (لم يكشف هويته) أن رئيس البرلمان وصل إلى الدوحة في 16 أبريل 2023 وطلب من رئيس الوزراء القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، التوسط لحل الخلاف الحاد بينه وبين الخنجر.

وبحسب الجبوري، فإن "الجانب القطري من جانبه رتب قدوم الخنجر أيضا إلى الدوحة، وحاول رئيس وزراء قطر- الذي هو صديق للأخير- بالضغط عليه للجلوس مع الحلبوسي، لكنه رفض تماما"، دون إعطاء مزيد من التفاصيل.

وفي السياق ذاته، كشف السياسي العراقي سعد المطلبي، في 13 مايو 2023 عن جهود حثيثة من داخل البيت السني إلى إيجاد شخصيات بديلة عن الحلبوسي والخنجر لقيادة المكون سياسيا ومجتمعيا خلال الفترة المقبلة.

وقال المطلبي في تصريح لوكالة "المعلومة" العراقية إن "الانقسامات السياسية داخل تحالف السيادة وحزب تقدم بزعامة الحلبوسي بدأت تطفو على السطح من خلال استمرار انسحابات النواب وعدد من قياداته في محافظتي الأنبار وصلاح الدين بسبب عدم قناعتهم بقيادات التحالف".

وكانت آخر تلك الانسحابات، إعلان البرلمانية ساهرة الجبوري، في 9 مايو 2023 الانسحاب من حزب "تقدم" بسبب ما أسمته "الاحتكار والسيطرة" على مؤسسات محافظة كركوك التي تنتمي إليها، حسب بيان صدر عن مكتبها.

وقبل ذلك، أعلن أربعة نواب من "تقدم" انسحابهم من الحزب، وهم، فلاح الزيدان، لطيف الورشان، عادل المحلاوي، ويوسف السبعاوي.

وجاء في بيان النائب المحلاوي على "فيسبوك" في 18 فبراير 2023 أن "عددا من أعضاء مجلس النواب بدورته الخامسة يعلنون انسحابهم رسميا من حزب وكتلة (تقدم) النيابية ولملاحظات عدة على طريقة عمل الحزب وعدم وجود شراكة حقيقية في اتخاذ القرار".

وأكد النواب المنسحبون "بقاءهم ضمن تحالف السيادة حفاظا على تمثيل محافظاتهم وجماهيرهم؛ على أمل صياغة جديدة تعيد للتحالف دوره، ولأعضائه مكانتهم في الدفاع عن قضايا شعبهم وجماهيرهم"، وفقا للبيان.

يأتي ذلك بعد نحو شهر من انسحاب النائب البارز رعد الدهلكي من حزب "تقدم" وتحالف السيادة، وكذلك بعد إقالة النائب المفصول من حزب "تقدم" ليث الدليمي من عضوية البرلمان، والتي وصفها الأخير بأنها تعسفية وجرت بقرار فردي من الحلبوسي.

تطويق الحلبوسي

التطورات الجديدة في إعلان تحالف سني جديد بمعزل عن حزب "تقدم" يأتي في ظل تصاعد الحديث عن نية القوى السياسية الشيعية والسنية إقالة رئيس البرلمان الحلبوسي من منصبه بعد إقرار الموازنة المالية، والتي اتفق ائتلاف "إدارة الدولة" على تمريرها خلال مايو 2023.

وتأسس ائتلاف "إدارة الدولة" الذي تبنى تشكيل الحكومة في 25 سبتمبر/ أيلول 2022، ويمثل الأغلبية التشريعية كونه مشكلا من "الإطار التنسيقي" الشيعي، والحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني الكرديين، وتحالف السيادة وعزم السنيين، وحركة بابليون المسيحية.

وعلى الوتيرة ذاتها، فإن ما يؤكد تطويق رئيس البرلمان قبل إقالته من منصبه، هو  الاجتماع الذي عقده الخنجر، مع زعيم تحالف "العزم" السني (10 نواب)، مثنى السامرائي، المنافس الأول للحلبوسي، والذي يسعى إلى تقديم شخصية بديلة للأخير.

وبما أن منصب رئيس البرلمان يذهب إلى الكتلة السنية الأكبر، فإن إقالة الحلبوسي تتطلب تكوين كتلة للمكون تفوق ما يمتلكه الأخير، وهذا يتحقق في حال تحالف السيادة مع العزم، إضافة إلى النواب الذين انشقوا عن "تقدم"، وبذلك يصل عدد نوابهم مجتمعين إلى نحو 50.

وفي هذه النقطة، قال الباحث في الشأن السياسي العراقي، حامد العبيدي، إن "الحلبوسي قد يطاح به بعد تشكيل كتلة سنية كبيرة من المناوئين له، فهو سبق أن حاول تشكيل إطار تنسيقي يجمع فيه كل القوى السنية لكنه أخفق في ذلك بعدما رفضت أغلب القيادات دعوته للدخول في هذا الكيان".

ولفت العبيدي في حديث لـ"الاستقلال" إلى أن "القوى السنية عازمة هذه المرة على إبعاد الحلبوسي عن المنصب الأول للسنة في البلاد، لأنه بات يشكل تهديدا لهم، لكن الأمر ليس بالسهل، فالأخير جاءت به إيران وانقلب عليها، ثم دعمته دول خليجية وتركيا لتولي منصبه في ولاية ثانية"، وفق قوله.

وأشار إلى أن "محاصرة الحلبوسي بهذه الطريقة للإطاحة به، قد تدفع الأخير لتقديم تنازلات كبيرة للقوى الشيعية، خصوصا الإطار التنسيقي، وبالتالي يكسب الوقت لإعادة ترتيب أوراقه عن طريق استقطاب النواب السنة المنفضين عنه سواء بتقديم المغريات أو بتهديدهم بفتح ملفات ضدهم".

وتولى الحلبوسي رئاسة البرلمان في 9 يناير/ كانون الثاني 2022، فهو أول من يعاد انتخابه رئيسا للبرلمان للمرة الثانية منذ عام 2003، وأصغر سياسي عراقي استطاع في غضون سنوات قليلة الدخول لعالم السياسة وحجز مكانة بارزة في المشهد، ولاسيما السني منه.

ودخل الحلبوسي (42 عاما) العملية السياسية عام 2014 بفوزه بمقعد نيابي عن محافظة الأنبار التي تمثل مسقط رأسه، لينضم إلى لجنة حقوق الإنسان البرلمانية بين عامي 2014 و2015.

وأصبح بعدها الحلبوسي عضوا باللجنة المالية بين 2015 و2016، ثم رئيسا للجنة ذاتها لعام كامل انتهت عام 2017 عندما استقال من عضوية البرلمان لينتخب بعدها مباشرة محافظا للأنبار لعامي 2017 و2018.

تقلده منصب محافظ الأنبار، مهد الطريق لإعادة انتخابه نائبا تحت قبة البرلمان مرة أخرى عام 2018 إثر ترؤسه تحالف "الأنبار هويتنا" وتحالفه مع "القائمة العراقية" بزعامة رئيس الوزراء السابق إياد علاوي، ثم فاز برئاسة البرلمان بعدما رشح من الكتلتين.

استمر الحلبوسي في إدارة البرلمان حتى عام 2021، إذ جرت انتخابات مبكرة استجابة لمطلب المظاهرات الشعبية التي اندلعت في أكتوبر/تشرين الأول 2019، والتي انتهت باستقالة حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي إثر مقتل نحو 800 متظاهر وإصابة 30 ألفا آخرين برصاص القوات الأمنية والمليشيات الموالية لإيران.