"يسقط التاج".. ماذا وراء ارتفاع عدد مناهضي الملكية في بريطانيا؟

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

تناول موقع فرنسي المشاعر المتزايدة ضد النظام في المملكة المتحدة، بالتزامن مع حفل تتويج تشارلز الثالث، ملكا على عرش بريطانيا في 6 مايو/أيار 2023.

وقال موقع TV5 Monde إنه أثناء مرور حافلة تشارلز الثالث في شارع وستمنستر، لم تلوح المواطنة البريطانية "آنا إدواردز" بالعلم البريطاني عاليا، بل رفعت لافتة مكتوب عليها عبارة: "ليس ملكي".

وعلى غرارها، عمد مئات المتظاهرين المؤيدين لتحويل الملكية لجمهورية في ميدان "ترافالغار" في ساعات مبكرة من يوم التتويج، إلى رفع أعلام صفراء ضخمة تحمل عبارة "إلغاء الملكية"، على طول الطريق الذي سلكه الملك قبل تتويجه.

وأوضحت إدواردز التي تبلغ من العمر 33 عاما: "أنا مؤيدة للديمقراطية، وأعتقد أن الناس يجب أن يكون لديهم خيار ما إذا كانوا يريدون أن يكون رأس الدولة هو الملك أم لا".

وأضافت أنها "ليست معادية للنظام الملكي على نحو خاص، لكنها تؤيد حق الشعب في اختيار حاكمه"، وفق حديث لها مع وكالة الأنباء الفرنسية.

قانون جديد

وأشار موقع TV5 Monde الفرنسي أن الجميع كان يتساءل عن شيء واحد: هل ستتدخل الشرطة لمنع التظاهر ضد الملك، علما بأنها أعلنت سابقا ما يُفهم منه أن مستوى تسامحها تجاه الاحتجاجات سيكون ضعيفا.

فقد صرح وزير الدولة لشؤون الأمن بوزارة الداخلية البريطانية، توم توغندهات، قبل التتويج، أنه سيُسمح للمجموعات المناهضة للملكية بالاحتجاج خلال مراسم تتويج الملك.

لكن توغندهات قال إنه لن يُسمح لهم "بتعطيل الآخرين"، كما تلقت المجموعات المعارضة للملكية رسائل تذكّرهم بالتغييرات في القانون التي تستهدف "الإضرار الخطير" بالناس أو بالبنية التحتية.

ووصلت رسالة من وزارة الداخلية في 28 أبريل/نيسان 2023، إلى عدة مجموعات، بما في ذلك مجموعة "ريبابليك/الجمهورية"، تفيد بأنه عندما يصبح مشروع القانون الخاص بالنظام العام ساري المفعول، فإنه سيشمل عقوبات على "جرائم جنائية محددة"، بما في ذلك تعطيل البنية التحتية والمواكب.

وعشية التتويج، جرى إقرار هذا القانون الذي يقيد بعض أساليب الاحتجاج، كإغلاق الطرقات والتمدّد على مدارج المطارات لمنع الطائرات من الإقلاع، أو في الشوارع لعرقلة سير الحافلات، فضلا عن استخدام الأقفال والجنازير.

وقوبل هذا القانون بانتقادات من البعض، حيث وصفه رئيس شرطة مانشستر السابق، بيتر فاهي، بأنه "فضفاض للغاية ويحتاج للمزيد من الشرح والتدقيق".

وأضاف بأن الشكل الحالي للقانون "سيؤثر سلبا على كل أنواع الاحتجاجات في المجتمع المحلي، كما أنه سيشكل ضغوطا كبيرة على أفراد الشرطة".

وتابع بأن تمرير القانون قبل التتويج لم يتح الوقت أمام "الضباط المساكين" لتفسيره. لكن في المقابل، دافع رئيس الحكومة البريطانية، ريشي سوناك، عن القانون الجديد.

وقال سوناك إن "ما فعلته الحكومة هو منح أفراد الشرطة السلطات التي يحتاجونها لمواجهة حالات الاضطراب الخطيرة".

اعتقالات يوم التتويج

وأعلنت مجموعة "الجمهورية" التي تقف وراء المظاهرة، اعتقال زعيمها، غراهام سميث، بالإضافة إلى خمسة ناشطين آخرين.

كما جرى التحفظ على "مئات اللافتات" التي تحمل شعار "إلغاء الملكية". وحسب الموقع الفرنسي، بدأ المتظاهرون حينها بالهتاف: "أطلقوا سراح غراهام سميث".

وأفاد الموقع بأن "القوات الشرطية كانت تراقب مراسم التتويج من منصة مرتفعة، باستخدام المناظير والكاميرات؛ وذلك لرصد أي تجاوز".

وفي تعليقه على الاعتقالات، قال رئيس الحكومة إن "الشرطة مستقلة من الناحية العملية عن الحكومة" وإنه "من غير الصواب التدخل في قراراتهم".

وتحدث أحد المتظاهرين، ويدعى "مارتن ويجمان"، لوكالة الأنباء الفرنسية، قائلا: "إن هذا هو السبب لتواجدنا هنا اليوم، فالملكية تمثل كل ما هو خاطئ في المملكة المتحدة، كالتفرقة الاجتماعية، وعدم المساواة، وغياب الديمقراطية". 

كما أبدت "إيفا" البالغة من العمر 19 عاما، حزنها وأسفها، وهي تتصفح الصور التي تظهر الاعتقالات على هاتفها، معلقة: "أنا لا أصدق ذلك، إنه أمر محزن للغاية".

وأضافت طالبة الرياضيات بأنها لم تكن تنوي حضور الوقفة الاحتجاجية، ولكن قررت الانضمام إليها بعد الإعلان عن تسريع إصدار هذا القانون، الذي يتيح للشرطة مزيدا من الوسائل لمنع "الاضطرابات الخطيرة".

ووضحت الطالبة أن هذا القانون – الذي يضع عقوبات على "جرائم جنائية محددة"، بما في ذلك تعطيل المواكب- لا ينطوي على أي شيء صائب.

ووفق الموقع الفرنسي، فإنه على الرغم من أن الجمهوريين يشكلون أقلية صغيرة جدا في المملكة المتحدة، فإنهم أصبحوا أكثر انتشارا بعد وفاة الملكة إليزابيث الثانية - التي كانت تحظى بشعبية واسعة- في سبتمبر/أيلول 2022.

ومن بين هؤلاء المتظاهرين الذين يرون أن النظام الملكي قد عفا عليه الزمن، هناك مجموعة تتظاهر بشكل شبه دائم خلال تحركات الملك تشارلز الثالث.

شعبية متزايدة

وقبل التتويج بيوم واحد، تظاهر مئات الأشخاص في "كارديف"، عاصمة ويلز، وعقدوا اجتماعا في حديقة المدينة للمشاركة في "غداء جمهوري كبير"، كرد على احتفالات التتويج الرسمية التي أقيمت في جميع أنحاء المملكة المتحدة في اليوم التالي.

وفي لندن، جاءت المواطنة "أليس ريدج"، البالغة من العمر 65 عاما، وعلى رأسها قبعة يونيون جاك – التي تُلبس خلال الاحتفالات الوطنية- لتهتف داعمة للملك الجديد.

غير أنها وجدت نفسها وسط احتجاج مؤيد لتحويل النظام الحاكم إلى نظام جمهوري، لذلك صاحت بانزعاج قائلة: "لا تفسدوا الحفلة"، ثم ابتعدت عنهم.

وفقا للموقع، فقد سادت أجواء ودية بين المتظاهرين وبقية الحشود الداعمة للملك، لكن مع اقتراب موكب تشارلز الثالث بدأت صيحات الاستهجان، حيث أطلق المعارضون له هتافات يقولون فيها: "يسقط التاج"، و"ليس ملكي".

وفي المقابل، انطلقت على الفور صيحات من قبل الجماهير الأكثر حماسة للنظام الملكي، الذين رددوا النشيد الوطني، وهتفوا وهم يلوحون بالأعلام البريطانية: "حفظ الله الملك".

وقالت المواطنة البريطانية، جين ساتون، وهي في الثلاثينيات من عمرها، إنها كانت مستمتعة بهذه المواجهة التي شهدتها.

وأوضحت أنها كانت سعيدة لمشاهدة هذا العدد الكبير من المتظاهرين الذين انطلقوا في رحلتهم، على الرغم من الأمطار الغزيرة لينتقدوا نظام الملكية.

ووصفت "ساتون" النظام الملكي في بريطانيا بأنه "منتهي الصلاحية وعفا على الزمن".

كما صرحت "آنا"، البالغة من العمر 54 عاما، والتي تفضل عدم الكشف عن هويتها، بأنه "بات هناك صوت حقيقي داعم للجمهورية داخل المملكة المتحدة".

واستندت في حديثها إلى استطلاعات الرأي الأخيرة، التي تشير إلى زيادة التأييد الشعبي للنظام الجمهوري، ولا سيما بين فئة الشباب، قائلة "لقد حان الوقت" لإحداث تغيير في النظام الحالي.