الكراهية تعمي قيس سعيد.. غضب واسع إثر اعتقال الغنوشي في ليلة 27 رمضان

12

طباعة

مشاركة

دون مراعاة لقدسية الشهر الفضيل ولا لروحانيات ليلة الـ27 من رمضان، داهمت الشرطة التونسية، منزل رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي (81 عاما) واقتادته إلى ثكنة الحرس الوطني بالعاصمة، دون الكشف عن أسباب ذلك.

وأفادت حركة النهضة في مؤتمر صحفي عقدته في ساعة متأخرة من مساء 17 أبريل/ نيسان 2023، بأن الغنوشي يجريى استجوابه دون مشاركة هيئة الدفاع عنه، محملة "سلطة الأمر الواقع" في إشارة إلى الرئيس قيس سعيد، مسؤولية أي مساس بصحته النفسية والجسدية.

من جانبهم، أعرب ناشطون على تويتر، عن غضبهم واستيائهم الشديد من إصرار "سعيد" على التنكيل بالغنوشي والمعارضين السياسيين، وعدم احترامه لأبسط الإجراءات القانونية في التعامل معهم، مطالبين بإطلاق سراحهم الفوري دون قيد أو شرط.

وعبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #راشد_الغنوشي، #الغنوشي، #قيس_سعيد، وغيرها، استنكروا مواصلة "سعيد" اقتياد تونس إلى كارثة غير مسبوقة في الإقصاء والافتراء وتكميم الأفواه.

وسلط ناشطون الضوء على تزامن اعتقال الغنوشي، مع وصول وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد إلى تونس في زيارة هي الأولى منذ قرابة 10 سنوات لمسؤول سوري إلى تونس.

ورأوا أنه من النذالة والصفاقة أن يتم اقتياد مسن للسجن دون تهمة واضحة، مستنكرين اختيار النظام التونسي لتوقيت اعتقال الغنوشي في شهر رمضان وفي أحد أهم الأيام في الشهر.

وينفرد سعيد بجميع السلطات في تونس منذ انقلابه في 25 يوليو/تموز 2021، عندما أقال رئيس الحكومة وجمد نشاط البرلمان قبل أن يحله بمرسوم، ويعلن عن خارطة طريق جديدة، شملت تغيير دستور 2014 الذي انتخب على ضوئه رئيسا للبلاد، وانتخاب مجلس نواب جديد بصلاحيات محدودة.

عار نظام "سعيد"

وتفاعلا مع الأحداث، قالت يسرا نجلة الغنوشي: "كإن بإمكان أمن سعيد إيقاف والدي خلال الاستنطاقات العديدة التي حضرها خلال عام 2022 لتهم ملفقة تثير السخرية، لكنه اختار اعتقاله بعد مداهمة منزله بعد أذان المغرب في ليلة السابع والعشرين من رمضان."

من جانبه، كتب الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور علي القرة داغي: "يا لبؤس هذه الأنظمة التي لا تحترم كرامة ولا عبادة ولا حرية، قبل العيد بأيام وفي ليالي العشر الأخير يقوم التخبط المتسلط باعتقال أحد أكبر رموز الهوية الوطنية التونسية".

وأعرب عن أسفه على أنظمة تفكر بعقلية بدائية تعتقد أن الاعتقال وتكميم الأفواه الحل الأنسب لترسيخ سلطة ما، مطالبا بإطلاق سراح الغنوشي فورا، دون أي شرط والاعتذار له، والتوقف عن هذه الممارسات الخاطئة المشكلة في استباحة النشطاء السياسيين المعارضين.

وأكد النائب في البرلمان التونسي المنحل عمر الغريبي، أن إيقاف رئيس مجلس النواب الشرعي في ليلة السابع والعشرين من رمضان لا يمكن أن يكون عملا بطوليا، وليس من شيم الرجال التنكيل بشيخ جاوز الثمانين من عمره.

وأضاف أن التاريخ سيسجل كل هذا العار، وستصعد أسهم الغنوشي السياسية والنضالية إلى عنان السماء، وستزداد تونس عزلة على عزلتها، وسيلحق العار كل النخب التي وارت وجوهها في التراب.

وذكر الغريبي الشامتين بالمثل التونسي (الي رش الغنوشي على قريب يبلكم)، قائلا: "اسألوا إن شئتم إعلامنا كيف استأسد زمن الترويكا، زمن الحرية وفائض الديمقراطية، واليوم الرأس تحت الزاورة.. ستبكون كالنساء على حرية لم تحافظوا عليها كالرجال."

وعد الكاتب الدكتور رفيق عبدالسلام، مداهمة بيت الغنوشي واقتياده لثكنة العوينة في ليلة السابع والعشرين من رمضان وقبيل الإفطار، دليلا على التخبط السياسي والانحطاط الأخلاقي.

وأشار إلى أن الغنوشي قاوم ديكتاتورية (الحبيب) بورقيبة و(زين العابدين) بن علي، مبشرا بأن هذه ستكون الحلقة الأخيرة بحول الله.

واستنكر أستاذ التواصل السياسي أحمد بن راشد بن سعيد، اختطاف جنود قيس سعيد للغنوشي، ليلة السابع والعشرين من رمضان، واقتياده إلى جهة غير معلومة، مبشرا بأنها "الرفسة الأخيرة للثورة المضادة في كل العالم العربي، بحول الله وقوته". ووصف جمال العربي، مداهمة الشرطة التونسية لمنزل الشيخ راشد الغنوشي في شهر رمضان المعظم ودون مراعاة لكبر سنه وترويع أهله، بأنه "أسلوب نازي وتصرف همجي حاقد ودلالة على فشل ويأس قيس سعيد الذي لا يهنأ ولا يسعد إلا بوضع زعيم النهضة في السجن"

ورأت الناشطة التونسية إقبال جميل، أن اعتقال شيخ بقيمة راشد الغنوشي في الـ80 من العمر بعد مداهمة منزله أثناء أذان المغرب، بأنها "قمة النذالة والانحطاط"، معلنة كامل دعمها وتضامنها مع الغنوشي، وإصرارها على أن يسقط الانقلاب.

ديكتاتورية سعيد

فيما أوضح الرئيس التونسي الأسبق منصف المرزوقي، أن من بين كل القواعد التي عبث بها المنقلب في تونس -في إشارة إلى سعيد، قاعدة حفظ المقامات، التي تحفظ للصراع السياسي الحد الأدنى من التحضر مانعة الانتقال من العنف الرمزي المتمثل في الصراع بالكلمات والأفكار إلى العنف بكل تبعاته.

وقال: "عودوا إلى رشدكم فلو دامت لغيركم لما أتتكم"، عاملوا الغنوشي بما يتطلبه عمره ومكانته بكل احترام وكفوا عن كل أشكال الهرسلة والشيطنة والتخوين، ما هكذا تساس المجتمعات المتحضرة والخلافات السياسية داخلها".

ونصح المرزوقي، المنقلبين في تونس بإطلاق سراح الشيخ هو وكل الرهائن السياسيين، إن أرادوا الخير لأنفسهم ولهذا الوطن المنكوب.

وقال الكاتب عدنان حميدان، إن نظام قيس سعيد يضيق ذرعا بالشيخ راشد الغنوشي رغم جلوسه في بيته، ويعتقله بعد مداهمة المنزل بقوة أمنية في ليلة السابع والعشرين من رمضان.

ووصفت نيني صفاشة، سعيد بالمعتوه، مشيرة إلى أنه يسير على خطى الطغاة العرب، ويختطف شيخا في الثمانينيات من عمره في عز شهر رمضان.

ونعت الكاتب محمد حمامي، سعيد بالمهوس، لافتا إلى أنه حاول بكل الطرق الالتفاف بعد أن وضع كل السلطات في يده منها "قضايا ملفقة، استدعاءات، تحقيقات، توقيفات"، أن يدين الغنوشي ولم يستطع.

وأشار إلى أنه اليوم يكشف عن وجهه القمعي القبيح بعملية اختطاف في موعد الإفطار دون أي مسوغ قانوني، مستطردا: "لكن من قال إن الانقلابيين يحتاجون".

وأكد المحلل السياسي ياسر الزعاترة، أن عقدة الديكتاتور الصغير -في إشارة إلى سعيد- من الشيخ تنغّص عليه حياته، فيما لن يرضي داعمو الانقلاب غير خطوة كهذه.

وذكر بأن الشيخ الثمانيني جرّب السجون مرارا منذ بدأ رحلته ولن يضيره الاعتقال؛ خاصة أنه يأتي دون مبرّر يمكن تسويقه.

شماتة مرفوضة 

وربط ناشطون بين اعتقال النظام التونسي للغنوشي صاحب المواقف المناهضة لرئيس النظام السوري بشار الأسد، وبين زيارة المقداد إلى تونس، مستنكرين شماتة البعض في اعتقال رئيس حركة النهضة.

وأكد الكاتب الأردني ياسر أبو هلالة، أن اعتقال الغنوشي مع استقبال وزير خارجية مجرم الحرب بشار الأسد، ليس مصادفة، قائلا إن شخصية وضيعة مثل قيس سعيد لا يراعي شيبة ولا حرمة شهر مقابل إشباع غريزة الانتقام. 

وأضاف أن "من الطبيعي أن تتحالف قوى الربيع العربي، تماما كما تتحالف قوى الثورة المضادة، والأيام دول".

وكتب الباحث محمد الهاشمي الحامدي: "خبران مهمان من تونس تزامنا في يوم واحد الأول وصول وزير خارجية بشار الأسد لأول مرة منذ 11 عاما، والثاني: اعتقال الغنوشي، ويتردد أن السبب تصريح أدلى به أمس قال فيه إن إقصاء الإسلام السياسي مشروع لحرب أهلية".

وتساءل بدر أبو أساف: "اعتقال الغنوشي ليلة القدر هل له علاقة بزيارة وزير خارجية البراميل؟ أم هو إرضاء لديكتاتور الشام ولاعقي أحذية العسكر من حركة الشعب؟ أم استرداد الشعبية بعد التراجع الكبير نتيجة غلاء الأسعار وفقدان المواد التموينية وارتفاع نسبة الفقر؟"

ووجهت استاذة العلاقات الدولية كوثر جليل كلمة للشامتين في المعتقلين، قائلة: "علاش تنغصوا على أنفسكم بالحديث على المعارضين؟ تمتعوا بالنعيم اللي انتم فيه، كولوا الخيرات اللي وفروها لكم وتمتعوا بالرفاهية".

وواصلت حديثها للشامتين، قائلة: "اطربوا أذانكم بالتفاسير المبشرة بجمهورية جديدة خالية من كل من تكرهون واحلموا بسنوات قادمة تعوضكم كابوس الثورة والحرية".

وأشار أستاذ الشؤون الدولية محمد مختار الشنقيطي، إلى أن "دواعش العلمانيين الفرانكوفونيين، وفلول اليسار الهامشيين في تونس، مغتبطون باعتقال الشيخ الثمانيني الغنوشي ليلة 27 رمضان، رغم أنه دافع دفاعا مبدئيا عن حقهم في الحرية والمشاركة السياسية طوال حياته السياسية"، مضيفا: "كل إناء بالذي فيه ينضح". وحذر الباحث في الشؤون السياسية والتاريخية محمد فارس جرادات، من أن القمع الأمني في تونس لن يقود إلا نحو مستنقع التشرذم السياسي والانهيار الاقتصادي.

وأكد أن اعتقال مفكر وسياسي مخضرم لن يساعد في وقوف تونس على رجليها، مهما اختلفت مع الغنوشي بشأن سوريا أو إدارة الأزمات في تونس، إلا أنه يحسب للرجل خطه الفكري المنفتح بعيدا عن الهرطقة السلفية والسرورية.