خبير دولي لـ"الاستقلال": "حروب مياه" تنتظر العالم العربي وهكذا يمكن تفاديها

12

طباعة

مشاركة

أكد الخبير الدولي في المياه وعضو الوفد السوداني لمفاوضات حوض النيل، أحمد المفتي، أن إسرائيل تجعل من سرقتها للمياه العربية عنصراً إستراتيجياً سياسيا وعسكريا لخططها الاستيطانية التوسعية في صراعها من أجل ابتلاع أرض فلسطين المحتلة.

وشدد المفتي في حوار مع "الاستقلال"، على ضرورة لجوء حكومات الدول العربية والإسلامية لاستخدام تكنولوجيا الري وآلياتها الحديثة بالتنقيط وخلاف مما يمكن تلك الدول من تخفيف حدة أزمة المياه فيها، محذراً من خطورة إهمال تلك القضية التي تهدد حياة شعوبهم.

ودعا المفتي إلى إنهاء كافة مظاهر الظلم المائي الموجودة في مختلف أقاليم العالم لاسيما في استخدام المياه المشتركة بين دولتين أو أكثر حتى لا يصبح هذا الظلم سبباً كافياً لنشوب حرب.

وأكد خبير المياه الدولي، أن المنطقة العربية تُعد من أكبر مناطق العالم ندرة للمياه، خاصة الشام وأن ذلك قد يتسبب بصراعات متعددة؛ مشيرا إلى أن الأزمة بين القاهرة والخرطوم وأديس أبابا (بسبب سد النهضة) يمكن أن تقود إلى حرب مدمرة طال الزمن أم قصر.

وأضاف المفتي أن الخروج من الفقر المائي يحتاج إلى ثلاث طرق لا رابع لهم أهمها الترشيد والاتفاقات المنصفة، داعيا العالم العربي للاهتمام بتحسين إدارة موارده المائية، ومحذراً من خطر تفاقم أزمة نقص المياه على مستقبل المنطقة. كما تناول الحوار العديد من القضايا.

يوم المياه

  • يقام احتفال اليوم العالمي للمياه سنوياً في 22 مارس.. هلا عرفتنا بأهمية الأمر وكيف تتعاطى معه الأمم المتحدة والدول المختلفة؟ 

 لا شك أن اليوم العالمي للمياه يتم التذكير والاحتفال به في يوم 22 مارس من كل عام منذ قمة "ريو دي جانيرو" أو قمة الأرض، التي نظمتها الأمم المتحدة في البرازيل عام 1992؛ لكي يكون وسيلة لجذب الانتباه إلى أهمية المياه العذبة، والدعوة إلى الإدارة المستدامة لمواردها. 

وأهمية هذا اليوم تنبع من أهمية المياه العذبة للمجتمعات البشرية لاسيما وأن كمياتها ثابتة في حين أن استخداماتها في ازدياد مضطرد وذلك بتزايد سكان الكرة الأرضية من بني البشر.

ولا شك أن مثل هذه الزيادة السكانية المتصاعدة يشكل أعظم تحدي للعالم كله بالنسبة للموارد الطبيعية عامة والمياه بشكل خاص.

ومن هنا تبرز الحاجة الماسة إلى حلول ناجزة لتلك المعضلات التي تواجه البشرية الأمر الذي يجعل من الضروري البحث عن حلول، والتعامل مع ذلك التحدي حيث تنبهت الأمم المتحدة لخطورة الصراعات التي قد تنشأ نتيجة الحاجة الماسة للمياه العذبة منذ خمسينيات القرن الماضي.

ومن ثم فقد أدركت ذلك الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ خمسينيات القرن الماضي فكلفت لجنة القانون الدولي المعروفة بـ "ILC"، لإعداد مسودة اتفاقية تحكم هذا الموضوع الخطير للحد من الصراعات والحروب التي قد تنشأ بسبب المياه، وقد أجازتها الجمعية العامة عام 1997. 

  • الدول التي تعاني من أزمة نقص المياه.. كيف تستفيد من هذه المناسبة السنوية؟

الدول التي تعاني من أزمة نقص المياه يمكنها أن تستفيد من تجارب الدول الأخرى في ترشيد استخدام المياه عن طريق تعلم ونقل خبرات تلك الدول في طرق الري الحديثة مثل الري بالتنقيط وتجليد قنوات الري.

وأيضا إبرام اتفاقيات منصفة على ضوء اتفاقية 1997 في تقاسم المياه وترشيد استخدامها وتحسين أنظمة إدارة مواردها المائية. 

حروب المياه

  • ماذا يعني مصطلح حروب المياه في دول العالم المختلفة وما أكثر الدول التي أصبحت على أبواب هذه الحرب؟  

حرب المياه تعني وجود ظلم وجور في استخدام مياه مشتركة بين دولتين او اكثر، واذا لم يحدث إنصاف تجد الدول نفسها مضطرة لاستخدام القوة.

والمرشحة اليوم لهذه الحرب العراق مع تركيا وإيران وأيضا السودان ومصر مع إثيوبيا التي تتصرف حتى اليوم بطريقة أحادية، إذ أن نهر النيل يعد نهر مشترك بين القاهرة والخرطوم وأديس أبابا.

وحسب تقارير منشورة في مختلف المؤتمرات العالمية يوجد بؤر عديدة للتوتر المحتمل وإرهاصات حروب مياه في مختلف قارات العالم.

ففي إفريقيا توجد الأزمة الأكبر المعروفة بأزمة سد النهضة والتي لا تزال تداعياتها تتصاعد اليوم بين عواصم الدول الثلاث، كما أن السنغال وموريتانيا بينهما صراع على سد في الساحل.

وفي آسيا نجد أن لبنان الذي كان لديه وفرة كثيرة من المياه بالمنطقة العربية مهددة اليوم بدخول دائرة الجفافن وتركيا والعراق وسوريا على حافة تناوش من اجل المياه.

وكذلك اليمن يعاني بسبب الحرب وزراعة القات التي تبتلع نسبة كبيرة جداً من مياهه. وفي أقصى الشرق نجد الهند وباكستان تتصاعد بينهما الخلافات على نهر السند، كما يوجد صراع بين الصين ولاوس وفيتنام على سدود أقيمت على نهر ميكونغ.

وفي أوروبا الصراع الذي أقلق العالم بين أوكرانيا وروسيا كانت المياه موجودة في أحد طياته بين موسكو وكييف على قناة القرم، كما تشتد الخلافات بين سلوفاكيا والمجر حتى كادت تصل حد المواجهة بينهما على نهر الدانوب.

ولم تكن الولايات المتحدة بعيدة عن ذلك فنجد أنه توجد خلافات بين واشنطن وكندا حول اتفاقات بناء سدود على نهر كولومبيا؛ كما تتفجر المشاكل بين الولايات المتحدة والمكسيك ما يوتر الأجواء بسبب خطر التصحر وجفاف النهر في ولاية كولورادو على الجانب الاخر.

بينما هناك خلافات في أميركا الجنوبية تتصاعد بسبب المياه أيضاً بين البرازيل والأرجنتين وباراغواي حول نهر بارانا.

  •  ما موقع العالم العربي والشرق الأوسط من احتمالات نشوب حروب المياه؟

الشرق الأوسط عامة والمنطقة العربية على وجه الخصوص تُعد من أكبر مناطق العالم ندرة للمياه خاصة منطقة الشام، ويتابع ذلك الأمر المجلس العربي للمياه التابع لجامعة الدول العربية منذ سنوات.

ومعظم الدول العربية ستعاني - مستقبلاً - من أزمة حادة بسبب قلة المياه وهذه هي الصورة الحقيقية التي تستدعي البحث عن دعم لكفاية الموارد المائية لتلبية متطلبات زيادة عدد السكان وحاجته الماسة للمياه لأغراض الطعام والشراب فضلا عن المجالات الصناعية وغيرها.

ولذا فإن الوضع المائي في المنطقة العربية والعالم حرج للغاية بسبب حدة الخلافات حول اتفاقات تقاسم المياه بين مختلف دول العالم ما بين الأقوياء والضعفاء بصورة غير عادلة.

صراعات مستمرة

  • تفاقم أزمة سد النهضة بين القاهرة وأديس أبابا والخرطوم.. هل تنذر بحرب بين عواصم هذه الدول لحل معضلة السد؟ 

بكل تأكيد هذه الأزمة التي طال أمدها بين القاهرة والخرطوم من جهة وأديس أبابا من ناحية اخرى يمكن أن تقود إلى حرب مدمرة بينهم طال الزمن أم قصر، ما لم تترك اثيوبيا تصرفاتها الاُحادية في ملء وتشغيل السد منفردة وتواصل تجاهلها لدولتي المصب وتُصر على عدم التعاون مع السودان ومصر. 

  • كيف يمكن تسوية مشاكل المياه المشتركة التي تواجه الدول المتصارعة او المختلفة على مواردها؟

طبيعة التسوية قانونية، ولذلك اجتهدت الأمم المتحدة طوال 50 عاما لوضع مبادئ قانونية يحتكم لها الجميع وعلى رأسها اتفاقية حماية واستخدام المجاري المائية العابرة للحدود والبحيرات الدولية لعام 1992.

إضافة إلى اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1997 والخاصة باستغلال الانهار الدولية للأغراض غير الملاحية.  

  • إسرائيل دأبت على سرقة المياه العربية من فلسطين وسوريا ولبنان والأردن كيف يمكن التصدي لها في هذا المنوال؟

أولا، هذه القضية مربوطة بالقضية الفلسطينية ككل وقطعاً الحل سوف يشمل المياه.

ثانياً، إسرائيل تستخدم المياه كأساس لمطامعها في صراعها العربي -الإسرائيلي، حيث تشكل المياه أحد أهم عناصر الإستراتيجية الإسرائيلية سياسياً وعسكرياً؛ لارتباطها بخططها التوسعية والاستيطانية في الأراضي العربية.

 وتشمل تلك الأطماع الصهيونية في الموارد المائية العربية من خلال نهر الأردن وروافده، ونهر اليرموك، وينابيع المياه في الجولان، وأنهار الليطاني والحاصباني والوزاني في لبنان. إضافة إلى سرقة إسرائيل للمياه الجوفية في الضفة الغربية وقطاع غزة لمصلحة مستوطناتها الاستعمارية.

سوء إدارة

  • قضايا الفقر المائي التي يواجهها العالم اليوم.. كيف تتعاطى معها كل من الدول الغنية والدول الفقيرة؟

يجب أن تدرك حكومات وأنظمة تلك الدول أنه لا يوجد طريق رابع أمامهم للخروج من هكذا أزمة في المياه على مستوى العالم وليست قاصرة على دول متقدمة وأخرى متخلفة.

فإما ترشيد الاستخدام أو حصاد المياه أو السعي لجعل اتفاقيات المياه بين الدول وجاراتها أو شركائها في مياه الأنهار البينية اتفاقات منصفة بشتى الوسائل وإلا فلتواجه مصيرها!!.

  • هل تستحوذ إفريقيا على نصيب الأسد في أزمة التصحر والمجاعات بسبب نقص المياه أم بسبب سوء إدارة الموارد؟

بالطبع تستحوذ افريقيا على نصيب الأسد في أزمة التصحر وانتشار المجاعات؛ بسبب سوء الاستخدام أكثر من اي شيء اخر بدرجة ما،.

وعلى سبيل المثال نهر الكونغو تتدفق فيه مياه 15 ضعف مياه نهر النيل  ولكن لم تتم الاستفادة الكاملة من تلك المياه حتى الان.

  • بماذا تنصح الدول العربية والإسلامية حتى لا تقع فريسة لهذه الحروب أو أزمات نقص المياه والتصحر؟

الاهتمام بحسن إدارة موارهم المائية، وإعطاء الأمر أولوية وإدراك أن مشكلة ندرة المياه تكبر تدريجيا وقد لا يفطن لها أحد.

وأيضا استثمار الأموال في مشاريع زيادة الايراد المائي في كل دولة أمر شديد الأهمية وبشتى الطرق حفاظاً على حياة شعوبها وأمنها الغذائي.