بعد عزلة لسنوات.. زعيم عشائري سوري يحذر الدول العربية من تأهيل الأسد
منذ انطلاق الثورة السورية عام 2011، فُرضت حالة من العزلة الدبلوماسية على نظام بشار الأسد على الساحة الدولية.
هذه العزلة نالت العلاقة بين النظام السوري والبلدان العربية، إذ جرى تعليق عضوية سوريا في جامعة الدول العربية.
ولكن بعد الزلزال المدمر الذي ضرب مناطق الشمال السوري في 6 فبراير/شباط 2023، أبدت المعارضة السورية تخوفها من الزيارات التي تجريها الوفود العربية إلى دمشق.
ولفتت صحيفة "مينا واتش" الألمانية إلى أن هذه الزيارات تعد إشارة على انفتاح الدول العربية على النظام السوري، بعد عزلة دامت سنوات.
كما أنها سلطت الضوء على الانتقادات التي طالت هذه الزيارات، والموجهة من قبل زعيم العشائر السورية مضر الأسعد.
زيارات إلى سوريا
وفي إطار الجهود العربية التي تسعى لدعم النظام في سوريا، زار وفد برلماني يضم 8 دول عربية الأراضي السورية التي يسيطر عليها نظام الأسد.
وتقول الصحيفة الألمانية إن هذه الزيارة "تعد الأولى من نوعها منذ تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية عام 2011".
وتكون الوفد العربي من الأمين العام لاتحاد البرلمانيين العرب، ورؤساء مجلس النواب فى كل من الإمارات والأردن وفلسطين وليبيا ومصر وسلطنة عمان ولبنان.
وأشارت الصحيفة إلى أن رغبة الدول العربية الملحة في إعادة العلاقات مع سوريا ليست وليدة اللحظة.
وأتبعت: "ولعل الإمارات هى من بادرت بإظهار هذه الرغبة، وذلك عقب سنوات من الصراع الدامي، بعد أن حالت الحماية الروسية والتدخل الإيراني دون سقوط النظام".
وأردفت: "ولذلك، توجهت الدول العربية لإعادة سوريا إلى أحضان جامعة الدول العربية، في محاولة منها لإنهاء هذه الأزمة".
كما أكدت "مينا واتش" أن "النظام السوري يسعى من خلال هذه التحركات إلى استخدام النفوذ العربي لرفع العقوبات الاقتصادية التي فُرضت عليه خلال سنوات الحرب، من قبل الولايات المتحدة الأميركية والغرب".
ونوهت الصحيفة إلى وجود محادثات ثنائية بين الجانب المصري ونظيره السوري بشكل خاص.
وقالت: "أبدى الجانب المصري رغبته في مد يد العون للنظام السوري، وإخراجه من عزلته التي دامت سنوات".
ووفقا للصحيفة، أتت هذه الزيارة بعد الاتصال الهاتفي الذى أجراه رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي مع نظيره السوري بشار الأسد.
ولفتت بذلك إلى بدء عودة العلاقات كاملة بين البلدين فى المجالات كافة، وبصفة خاصة بعد الدعم المصري وتقديم المساعدات الإنسانية بعد محنة الزلزال.
إذ توجهت العديد من السفن المُحملة بمئات الأطنان من المواد الإغاثية. كما أفاد وزير الخارجية المصري سامح شكري، بأن مصر قدمت 1500 طن من المساعدات.
وشدد الوزير على أن "مصر على أتم الاستعداد للوقوف جنبا إلى جنب مع الشعب السوري، ومؤازرته حتى يتخطى هذه المحنة".
وزار شكري دمشق في 27 فبراير. وهنا تنوه "مينا واتش" إلى أن هذه الزيارة تعد الأولى لوزير الخارجية منذ بدء الحرب الأهلية السورية.
وجاءت مع زيارة وفد حكومي برئاسة رئيس الوزراء مصطفى مدبولي إلى قطر، ضمن المساعي المصرية لإصلاح علاقاتها مع خصومها السابقين فى المنطقة.
وعلى هامش تلك الزيارة، توجه شكري إلى أنقرة، تضامنا مع الشعب التركي فى محنته بسبب الزلزال، ورغبة فى إزالة الجليد المتراكم على العلاقات الثنائية بين البلدين، والتي ترجع لعام 2013، وفقا للصحيفة.
تحذير من الشرعنة
وفي 27 فبراير 2023، بثت القناة "التاسعة" العربية، مقابلة مع المنسق العام للمجلس الأعلى للعشائر السورية مضر الأسعد.
وأشار الأسعد في المقابلة إلى الزيارة أجراها وفد من البرلمان العربي في المناطق المتضررة من الزلزال بسوريا.
ويرى أن الدول العربية ارتكبت خطأ كبيرا عندما أرسلت الوفد إلى "نظام الأسد كجزء من مساعدات الزلزال لسوريا".
ولفت الزعيم العشائري أن الزلزال ضرب المناطق الشمالية والشمالية الغربية من سوريا التي لا تخضع لسيطرة الأسد.
وشدد على أن الأسد هو السبب الرئيس في وصولها إلى مرحلة الدمار التي تعيشها الآن، وفق ما نقلت الصحيفة.
وقال الأسعد: "بالتعاون مع المليشيات الإيرانية وسلاح الجو الروسي وتنظيم الدولة ومليشيات حزب الاتحاد الديمقراطي وقوات سوريا الديمقراطية الإرهابية الكردية، أرسل نظام الأسد سيارات مفخخة وعبوات ناسفة ومرتزقة إلى تلك المناطق".
ثم وجه خطابه إلى جميع دول العالم مؤكدا أن الشعب السوري لن يقبل إضفاء الشرعية مرة أخرى على نظام الأسد تحت أي ظرف من الظروف.
وبدلا من التطلع إلى ذلك، يجب على هذه الدول تنفيذ قراري مجلس الأمن الدولي 2254 و2118، وكذلك قرارات مؤتمر جنيف، حسب الأسعد.
كما وجه حديثه بعد ذلك إلى الدول العربية، مذكرا إياهم أن نظام الأسد يدعم اليوم مليشيات وعصابات الحوثي في اليمن، علاوة على إرساله مرتزقة إلى هناك للقتال ضد دول الخليج العربية.
كما أكد على مشاركة النظام في ضربات الطائرات بدون طيار في أراضي السعودية والإمارات. وتابع: "لم يكتفِ النظام بقتل الفلسطينيين فقط، بل قتل أيضا آلاف اللبنانيين، متجاوزا بذلك وحشية إسرائيل"، وفق تعبيره.
وأضاف أن النظام أرسل أخيرا طائرات مسيرة مسلحة بالقنابل لمهاجمة الأردن، فضلا عن تمرير الأسلحة إلى الحدود الأردنية، والسماح بدخول المخدرات إلى عمان بشكل مستمر.
ولفت إلى فتح النظام السوري الباب أمام مرتزقة من المليشيات الإيرانية للدخول إلى الأراضي السورية. وحدد: "وبشكل رئيس، سمح بتمركزهم بالقرب من الحدود الإسرائيلية الأردنية".
وفي ضوء هذا كله، يرى الأسعد أنه يجب على العالم العربي أن يدرك حقيقة أن "نظام الأسد هو الأفعى الحقيقية التي تواجهها المنطقة".
وأكد أن "إيران اليوم تضع خيوطها في أكثر من نصف الدول العربية". وفي رأيه، فإن "عودة نظام الأسد الديكتاتوري إلى جامعة الدول العربية سيعطي لإيران المجال للتوغل أكثر في المنطقة العربية".
ولأنه يعتقد أن إيران هي التهديد الأكبر والأكثر إلحاحا، اختتم الأسعد حديثه بقوله: "إذا انتصرت إيران في سوريا، فسوف تستعبد العرب في كل مكان".