"تشكيل تحالف موال لأميركا في آسيا".. ما احتمالية اندلاع حرب في المنطقة؟
ترى صحيفة روسية أن "الولايات المتحدة تتبع أخيرا بعض الإستراتيجيات في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، تهدف من خلالها إلى خلق نظير لحلف شمال الأطلسي بمنطقة آسيا، في محاولة منها لاحتواء الصين".
وقالت صحيفة "روسيا اليوم" إن "الولايات المتحدة أنشأت عام 2021، شراكة أمنية جديدة بين أستراليا والمملكة المتحدة تحت إسم أوكوس (AUKUS)، والتي تعدها بكين مناهضة لها".
وأضافت أن "خبراء السياسة لاحظوا أنه حتى اللحظة الراهنة لم تصبح التحالفات التي تتم تحت رعاية الولايات المتحدة نظيرا لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، لكن إنشاءها يعد خطوة في هذا الاتجاه".
تحالفات جديدة
وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية الصيني، تشين جانغ، إن "إستراتيجية المحيطين الهندي والهادئ لأميركا يجرى تقديمها على أنها حرة ومنفتحة، لكنها في الواقع تخطط لإنشاء نسخة من حلف الناتو في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، بالإضافة إلى أنها تدعي رغبتها في الازدهار الإقليمي، لكنها تريد تقسيم وتقويض عملية التكامل الإقليمي".
وأضاف: "يجب أن تكون آسيا ساحة للتعاون وتبادل المنفعة، وليست رقعة شطرنج للألعاب الجيوسياسية، فلا يمكن السماح لعودة الحرب الباردة في آسيا بأي شكل من الأشكال، ولا ينبغي تكرار الأزمة وفقا للسيناريو الأوكراني في آسيا".
وبحسب الصحيفة، فإن موسكو تتفق مع وجهة النظر السابقة، حيث أشار السفير الروسي لدى بكين، إيغور مورجولوف، في مقابلة مع قناة التلفزيون الصينية الدولية إلى أن "الغرب يحاول تقويض هيكل الأمن والتعاون الذي تطور في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، ويقدم بدلا من ذلك نظاما جديدا قائما على الناتو".
وأعرب الدبلوماسي الروسي مرارا عن حيرته من "اندفاع الناتو إلى منطقة آسيا والمحيط الهادئ، حيث أعلن حلف شمال الأطلسي رسميا، خلال قمة مدريد في يونيو/ حزيران 2022، أن منطقة مسؤوليته أصبحت الآن عالمية".
وشدد مورجولوف على أن "أحد التشكيلات الجديدة المشابهة لحلف شمال الأطلسي التي تنشئها الولايات المتحدة في المنطقة هي الكتلة العسكرية التكنولوجية (أوكوس)، والتي تضم الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى وأستراليا".
ولفت إلى أنه "من الناحية الرسمية، تم تجهيز كل هذا بحجة إنشاء أسطول غواصات نووية أسترالية، لكن من الواضح أن هذه الخطوات تخدم خططا بعيدة المدى، لجلب الإمكانات العسكرية التكنولوجية التابعة لحلف شمال الأطلسي إلى المنطقة".
وتابع: "مثل أي تحالف عسكري، يجب أن يبرر وجوده من خلال خلق مشاكل جديدة وتقويض السلام والاستقرار أينما كان".
جدير بالذكر أن قادة الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى وأستراليا أعلنوا عن إنشاء شراكة "أوكوس" في سبتمبر/ أيلول 2021.
وكجزء من هذه الشراكة، أشارت الصحيفة الروسية إلى "تخطيط هذه الدول لتعميق التعاون العسكري التقني، الذي يزعمون أنه في مصلحة تعزيز السلام والاستقرار في منطقة المحيطين الهندي والهادئ".
وبحسب "روسيا اليوم"، فإن المبادرة الأولى بموجب "أوكوس" كانت اتفاقية لصالح أستراليا، ستمكنها من الحصول على تكنولوجيا بناء الغواصات النووية، ومن المفترض أن يجرى بناء الغواصات النووية الجديدة في أحواض بناء السفن الأسترالية، باستخدام التقنيات الواردة من واشنطن ولندن.
بدورها، أكدت وزارة الخارجية الروسية مرارا وتكرارا أن نقل تقنيات بناء الغواصات النووية إلى أستراليا يقوض بالفعل معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية "NPT"، كما أنه يخلق الظروف المسبقة لظهور جيش يملك البنية التحتية النووية في هذا البلد.
ومن ناحية أخرى، وصفت بكين إنشاء الجامعة الأميركية في كوسوفو بأنه "تحرك غير مسؤول وتهديد للأمن الإقليمي".
وفي السياق، أشارت الصحيفة الروسية إلى أنه في نهاية يناير/ كانون الثاني 2023، اقترح برلمان المملكة المتحدة توسيع شراكة الجامعة الأميركية في كوسوفو مع دول جديدة.
في الوقت نفسه، أصبحت الهند واليابان وأستراليا أعضاء بالفعل في اتحاد إقليمي آخر في منطقة آسيا والمحيط الهادئ تحت رعاية واشنطن، وهو ما يسمى بالحوار الأمني الرباعي "كواد" QUAD)).
توسيع النفوذ
ولفتت "روسيا اليوم" إلى أن "رد فعل الصين كان سلبيا على محاولات الناتو لتعزيز نفوذه في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، من خلال جذب نيوزيلندا وأستراليا وكوريا الجنوبية واليابان إلى مداره".
ودُعي ممثلو هذه الدول لحضور القمة الكبرى للتحالف في العاصمة مدريد والتي عقدت صيف 2022.
وبهذا الشأن، أشار المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية آنذاك، وانغ وين بين، إلى أن "منطقة آسيا والمحيط الهادئ تقع جغرافيا خارج شمال المحيط الأطلسي".
وأكد أن "كتلة الناتو قوضت بالفعل الاستقرار في أوروبا"، محذرا من "حدوث الشيء نفسه مع منطقة آسيا والمحيط الهادئ ومع العالم ككل".
وقال وين بين: "في السنوات الأخيرة، انخرط بعض أعضاء التحالف في استعراض القوة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وسعوا إلى إعادة خلق نوع من المواجهة الكتلية في المنطقة".
وفي حديث له مع قناة "روسيا اليوم"، أشار مدير مركز الدراسات الأوروبية والدولية الشاملة في المدرسة العليا للاقتصاد، فاسيلي كاشين، إلى أن "بكين تحاول لفت الانتباه إلى محاولات الناتو لتوسيع نطاق أنشطته في منطقة آسيا والمحيط الهادئ على مدار السنوات الماضية".
ورأى كاشين أن "الكتل الجديدة التي أنشئت في منطقة آسيا والمحيط الهادئ تحت رعاية الولايات المتحدة لم تكتمل بعد لتصبح نظائر لتحالف شمال الأطلسي، ولكنها تشكل الأساس لبناء مثل هذه الهياكل".
وأوضح أن "هدف الولايات المتحدة هو إنشاء تحالف عسكري متعدد الأطراف فعال في آسيا، والذي سيضمن توحيد جميع حلفاء الولايات المتحدة مع التزامات عسكرية واضحة، على غرار حلف شمال الأطلسي".
ووفقا للخبير كاشين فإن "الصين ستستخدم أدواتها الاقتصادية لمنع تشكيل مثل هذا التحالف، لكن من الصعب التنبؤ بنتيجة هذا الصراع في الوقت الحالي".
كما يرى أنه "بالإضافة إلى خطر تشكيل تحالف موالٍ لأميركا في آسيا، فهناك احتمالية اندلاع حرب عدائية بشأن قضية تايوان في السنوات القليلة المقبلة".
بدوره، أشار المدير العام لمركز المعلومات السياسية، أليكسي موخين، إلى أن الناتو يحاول "عولمة" أنشطته في المجالات التي تهم الولايات المتحدة، ولا سيما في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
وفي السياق، كتب موخين: "بسبب نوايا الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي لاحتواء الصين، فإن احتمال نشوب صراع في منطقة آسيا والمحيط الهادئ يتصاعد باستمرار".
وأضاف: "من الممكن تنفيذ سيناريو لسلسلة من النزاعات المحلية، والتي ستمتد لاحقا إلى استفزازات عسكرية ضد الصين، ونأمل أن تقوم بكين بتقييم هذا التهديد بشكل صحيح ومناسب".