تبيع أفضل أنواع الكلى بالعالم.. ما أسباب انتشار تجارة الأعضاء في باكستان؟ 

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

يختفي وراء الفقر المستشري في إسلام أباد "تجارة قذرة"، تستفيد من الفئات الأكثر حرمانا في البلاد الرائدة بإنتاج الحمضيات وأيضا "الكلى".

وتقول صحيفة الكونفدنسيال الإسبانية، إن باكستان تحولت إلى واحدة من أكثر البلدان تأثيرا في الاتجار بالأعضاء.

وبينت أن العيادات الخاصة للطب التجميلي في باكستان تحولت إلى بؤرة للاتجار بالبشر، يرتادها الكثير من الفئات الضعيفة لبيع أعضائهم. 

 

قصص حية

ونقلت الكونفدنسيال عن أحد مالكي العيادات، وهو أيضا جراح ولواء في الجيش الباكستاني، أنه "لا يهتم إذا قدم الشخص بسبب آلام في المعدة أو لبيع كلية".

وكشف أن "العديد من المستشفيات الخاصة تعمل على تأجير مكاتبها لأطباء من تخصصات أخرى، يعملون في نظام الصحة العامة نهارا ويستقبلون مرضى خاصين خلال عدد من الليالي في الأسبوع". 

وبينت أن الجنرال أصبح أحد مرشدي الفريق الصحفي لفهم كيفية عمل السوق السوداء للأعضاء في البلاد. وقال الجراح مازحا: "مرحبا بكم في باكستان: هنا نبيع أفضل أنواع الحمضيات وأفضل الكلى في العالم". 

ونوهت الصحيفة إلى أن المزاح حول سياحة زرع الأعضاء والفساد وجميع أنواع الجرائم التي تقترب من الدماء ليست من المحظورات في باكستان، على عكس مواضيع أخرى. 

وفقا لمنظمة الصحة العالمية، يباع حوالي 10 آلاف كلية كل عام في السوق السوداء الدولية. أما باكستان، فهي واحدة من الدول الرئيسة في هذا المجال. 

وتتمثل العوامل التي تفسر تفشي هذه الظاهرة أساسا في الفقر المدقع للأغلبية، مقابل ثروة الأقلية، والإفلات من العقاب الذي يشكل أرضية خصبة للفساد المستشري في البلاد، وضعف تنفيذ القوانين.

وتشكل جميع هذه النقاط الركيزة المثالية لظهور واحدة من أكثر الأعمال غير القانونية ربحية في البلاد.

وذكرت الصحيفة أن الوسطاء يستفيدون من يأس المواطنين الأكثر ضعفا، ويقدمون لهم حلولا غير إنسانية متخفية في صورة الإنقاذ من مأساتهم.

على سبيل المثال، "إذا لم يكن لديك المال لدفع ثمن أدوية والدك المصاب بالسكري، يمكنك أن تبيعني كليتك، فأنت تملك اثنتين في الإجمال". 

ونقلت الصحيفة عن الدكتور أحمد، من باهاوالبور، أن طرح ومعالجة معضلة الاتجار بالأعضاء في بلده أمر شبه مستحيل، ليس فقط لأنه طبيب، ولكن أيضا لأنه أحد المتورطين.

عندما كان على وشك بدء عامه قبل الأخير في كلية الطب، فقد والده وظيفته، بعد أن كان يعمل حتى ذلك الحين 18 ساعة في اليوم في أحد البازارات في مدينته.

لذلك، اضطر أحمد إلى التخلي عن دراسته لبدء العمل مساعدا في عيادة خاصة في لاهور لإعالة أسرته. 

كان يعمل من التاسعة مساء حتى الرابعة صباحا، ويستقبل المرضى الأجانب، ومعظمهم من المملكة العربية السعودية أو المملكة المتحدة أو أميركا الشمالية.

وهكذا اكتشف كيف يعمل بيع وشراء الكلى، التجارة التي مثلت بصيص أمل بالنسبة له، وفق ما تقول الصحيفة الإسبانية. 

وعندما أعلن لعائلته أنه سيخضع لعملية جراحية لبيع كلية وبالتالي يكون قادرا على مواصلة دراسته، رفض والده وعرض أن يكون الشخص الذي يبيع عضوه بنفسه. 

وكشفت الصحيفة أن أحمد كان بحاجة إلى أن يكون في صحة جيدة لإنهاء دراسته وتخصصه.

مخاطر كبيرة

كما لا يمكن إنكار مخاطر بيع كلية في السوق السوداء؛ من الألم الشديد ومضاعفات ما بعد الجراحة إلى عدم القدرة على العمل أو الموت.

في الحقيقة، لا توجد متابعة سريرية كافية ويتجنب العديد من المرضى مراجعة الطبيب في حالة حدوث مضاعفات خوفا من الانتقام.  

يقول أحمد: "باع والدي كليته، وأنهيت شهادتي بفضله. لكنه توفي بعد فترة وجيزة، بسبب فشل كلوي". منذ ذلك الحين، كرّس الشاب وقت فراغه القليل لمحاولة مكافحة هذه الممارسة. 

ويعترف الطبيب الشاب: "بعد سنة، قوبلت جهودي بآذان صماء وكأن ذلك لم يكن كافيا، حيث كانت حياتي وعملي في خطر"، في إشارة إلى التهديدات التي تلقاها من السياسيين والأطباء. 

ونقلت الصحيفة أن باكستان أصدرت قانونا لتجريم الاتجار بالأعضاء سنة 2007. وتبع هذا المرسوم قانون صدر سنة 2010، ينص على أحكام بالسجن وغرامات ضد المجرمين المتورطين في هذا النوع من التجارة.

بالإضافة إلى ذلك، أطلقت باكستان هيئة زراعة الأعضاء البشرية من أجل ضمان إجراء عمليات الزرع ضمن الحدود القانونية والأخلاقية.

ومع ذلك، على الرغم من الجهود المؤسسية، وبفضل الفساد وإفلات الطبقات القوية من العقاب، لا يزال بيع الأعضاء تجارة ساخنة. 

في هذا المعنى، يوضح الجنرال قائلا: "لم يؤد القانون إلى خفض عدد الحالات، بل ساهم في زيادة تكلفة الأعضاء في السوق السوداء".

وعلى ما يبدو، فإن ضمان رفاهية المواطنين وحقوق الإنسان ليس من اختصاص الحكومة الباكستانية، التي يبدو أن الدافع وراء وعودها والتزاماتها متعلق فقط بدعم نفوذها وشعبيتها.

في الأثناء، تستفيد الأسواق من الخروقات السياسية، كما أن الخوف من الموت أقوى من الرهبة من القانون في باكستان. ويعلق الجنرال: "في هذا البلد، الموت هو الملك والخوف عبده".

وكشفت الصحيفة عن واقع آخر، يدفع الكثيرين إلى بيع أعضائهم في باكستان، ومنهم العمال الذي يلجأون إلى ذلك بسبب عدم المساواة الهيكلية وأنظمة العمل التعسفية التي يخضعون إليها.

في هذا المعنى، توضح أفراح، وهي ناشطة في مجال حقوق الإنسان في لاهور، قائلة: "لدينا حالات كثيرة لعمال ينتهي بهم الأمر ببيع كلية للتخلص من الديون".

وتضيف: "نحن نتحدث عن الأشخاص الذين يعملون مقابل ثلاثة دولارات في اليوم. في حالة الطوارئ الاقتصادية، على سبيل المثال، عندما يمرض أحد أفراد العائلة، يلجأ الكثيرون إلى القروض التي يقدمها رؤسائهم بفائدة تصل إلى 60 بالمائة".

وهكذا، يسقطون في دائرة الفقر والديون التي يبدو من المستحيل الخروج منها دون اتخاذ إجراءات يائسة. وبينما تحذر الحملات من أن "بيع الأعضاء يؤدي إلى البؤس"؛ لا توفر الحكومة بديلا للفئات الأكثر ضعفا.  

يقول الجنرال: "يمكن للعملاء أن يدفعوا ما بين 120 و200 ألف دولار مقابل كلية في السوق السوداء، أما الشخص الذي يبيع العضو فيحصل على 1500 دولار كحد أقصى".

ويوضح أن "المستفيدين هم الجراحون والمديرون الطبيون وضباط الشرطة والسياسيون الذين هم جزء من هذه المافيات".