بعد عزوف الناخبين في تونس.. دعوات متصاعدة لإزاحة قيس سعيد وإعادة الديمقراطية

12

طباعة

مشاركة

غير آبه بما تعانيه تونس من أزمة سياسية واقتصادية غير مسبوقة، يواصل الرئيس الانقلابي قيس سعيد تنفيذ ما تعرف إعلاميا بـ"خارطة طريق الانقلاب"، إذ عقد الدور الثاني من الانتخابات التشريعية المبكرة، لتصطدم مثل سابقتها بعزوف شعبي كبير.

وكشف رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر، في مؤتمر صحفي، في 29 يناير/كانون الثاني 2023، أن نسبة مشاركة التونسيين في هذه الدورة من الانتخابات بلغت 11.3 بالمئة، مضيفا أن العملية تمت بسلاسة.

ورغم ذلك، استنكر ناشطون على تويتر، هذه البيانات الرسمية، وشككوا في حقيقة الأرقام المعلنة من قبل الهيئة، مؤكدين رفضهم للمسار الذي أعلنه سعيد منذ انقلابه في 25 يوليو/ تموز 2021.

واتهموا عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها: "#يسقط_انقلاب_تونس، #يسقط_الإنقلاب_في_تونس، #ارحل_يا_فاشل"، وغيرها، هيئة الانتخابات بالكذب والتزوير وتدليس النتائج، مطالبين بمحاكمة سعيد وبوعسكر.

وأكد ناشطون استحالة تحقق نسب المشاركة التي أعلنتها هيئة الانتخابات استنادا على الصور التي التقطت من أمام مراكز الاقتراع والبث المباشرة والرصد الميداني، الذي يثبت ضعف المشاركة بصورة لافتة بعموم البلاد.

بدورها، أعلنت أحزاب التيار الديمقراطي والعمال والقطب والجمهوري والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، في بيان مشترك، إكبارها لمقاطعة التونسيين الواسعة للمسار في رفض مدني سلمي ونزع حاسم لكل شرعية عن قيس سعيد.

وشددت الأحزاب على أن هذا البرلمان سيكون صوريا بلا صلاحيات تشريعية ولا رقابية فعلية ومكونا من أفراد معزولين بلا برامج ولا تصورات، ولن يكون إلا ديكورا بلا تأثير على السياسات العامة وعلى واقع التونسيين.

فيما قالت "حركة النهضة"، إن الجولة الثانية من الانتخابات، عزّزت عزوف الشعب ومقاطعته لمسار انقلاب 25 تموز/ يوليو 2021، مطالبة باستقالة سعيد وفسح المجال أمام الشعب، لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة؛ كمدخل لحل للأزمة الراهنة وكفرصة أخيرة قبل إعلان الإفلاس والانهيار.

نزع الشرعية

وتفاعلا مع الأحداث، نشر الرئيس التونسي الأسبق منصف المرزوقي، صورة لأحد مراكز الاقتراع يظهر خاويا إلا من القطط، معلقا بالقول إن أي سياسي له ذرة من الشرف يستقيل بعد هذه الصفعة الرابعة والنزع الرابع لكل شرعية للمنقلب.

وأضاف أن مهمة شعب المواطنين بكل أطيافه التعجيل بنهاية هذه المأساة المضحكة وإقالة هذا الرجل واستعادة المسار الديمقراطي لتعود لبلادنا حياة سياسية واقتصادية طبيعية.

من جانبه، رأى استاذ علم الاجتماع بجامعة قرطاج الدكتور عبدالستار رجب، أن التونسيين قالوا بكل وضوح رأيهم في انقلاب 25 يوليو في الانتخابات الأخيرة.

واضاف: لم يبق إلا أن يلتقي نخب البلاد بكل تواضع ومسؤولية وتغليب للمصلحة الوطنية من أجل إنقاذ تونس وخلاصها من هذه الحفرة التي أوردتها فيها مغامرة بائسة توشك أن تعصف بأركان الدولة وتقوض أواصر الوطن.

وأكد أن الأوان قد آن لإغلاق هذا القوس في تونس والمضي نحو انتخابات رئاسية سابقة لأوانها.

ورأى الناشط السياسي تياري معاذ، أن الشعب قدم ما يقدر عليه، والبقية على النخب والقوى الوطنية، أشخاص منظمات، أحزاب، لتثبت وطنيتها وولاءها للبلد ووعيها باللحظة التاريخيّة الفارقة.

وأشار الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة، إلى أن الجولة الثانية من انتخابات تونس البرلمانية تكرر نسبة المشاركة الأسوأ في العالم؛ والتي شهدتها الجولة الأولى.

وأضاف أن الشعب يؤكد موقفه: لا شرعية للانقلاب ولا سوق لـ"شعبوياته" بعد الآن، لافتا إلى أن مصير سعيد بيد الجيش؛ ما لم يفرض الشعب مساره الخاص.

فضيحة سعيد

وهاجم ناشطون الرئيس التونسي، وعدوا نتيجة الانتخابات بمثابة فضيحة له ولنظامه ولانقلابه ولداعميه، وتأكيدا على أنه فاقد للشرعية والشعبية، وأن الشعب التونسي لا يصدقه ولا يثق بمنظومته ومشاريعه التي أوصلت البلد إلى حافة الإفلاس.

وأوضح الباحث جلال الورغي، أن قيس سعيد راهن على انتخابات هندسها بنفسه لشرعنة انقلابه على الدستور وتركيز مؤسسات صورية يتحكم فيها وخاضعة له.

واستدرك قائلا: لكن الشعب التونسي كان له رأي آخر وقاطع الانتخابات بنسبة 90 بالمئة، مؤكدا أن الشعوب الحرة لا يمكن استدراجها لصندوق أشبه بالفخ، لإعادتها لحكم الفرد.

وأشار الأكاديمي الدكتور نبيل المصعبية، إلى أن القريب قبل البعيد قالوا لسعيد احفظ ماء وجهك وألغِ الدور الثاني بأقل ثمن، مضيفا أنه قال لهم ما يسالش، من ضربك على خدك الأيمن فقدم له الأيسر.

ووجه الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم حمامي، التحية للشعب التونسي الذي جعل مشروع الديكتاتور يقف عاريا حتى من ورقة التوت، مستنكرا رفض مراكز الاقتراع الخاوية على عروشها في تونس ترفض الإعلان عن نسب المشاركة والتصويت.

وعد ذلك فضيحة لقيس سعيد غير مسبوقة عالميا، مشيرا إلى أن نسبة المشاركة أقرب للصفر.

مسار باطل

فيما أوضح الشاعر محمد الرافرافي، أن من نحو 9 ملايين ناخب ممن يحق لهم الاقتراع لم يشارك في انتخابات الدورة الثانية لبرلمان سعيّد سوى 11,3 بالمئة، أي نحو واحد من عشرة، ومن ضمن هؤلاء لم يشارك من الشباب سوى 1,7 بالمئة، ومن النساء سوى 20 بالمئة.

وخلص إلى أن الانتخابات ذكورية ولكبار السن، تنسجم تماما مع النزعة الأبوية الرسولية للذات القيسية.

ووصفت رئيسة تحرير موقع كشف ميديا خلود بوكريم، المجلس بأنه "مسخ بلا معارضة وناس جاية تبحث عن أجر شهري! ومرشحين يوهموا في الناس أنهم قادرون أن يحولوا مناطقهم لجنان ويقدموا في وعود غير قابلة للتنفيذ"، متهكمة بالقول: "ومازلنا نتحدث عن شرعية ومشروعية!!!". وأكد فتحي شوق، أن نسبة المشاركة في المهزلة، من صعد من الكمبارس ومن سقط، كلها تفاصيل لا تنسينا المبدأ: "ما بني على باطل فهو باطل"، قائلا: "لن نعترف بسلطة الأمر الواقع وسنقاومها حتى تسقط." وتساءل ناظر بن أمية: "لماذا نناقش التفاصيل والمسائل محسومة من أصلها؟ عن أي نسب وأرقام ونتائج نتحدث والمسار باطل من أصله؟"

وعدت سميرة السميعي، نتائج الاقتراع بمثابة فضيحة انتخابية جديدة تضاف إلى سابقاتها، لافتة إلى أن نسبة إقبال على انتخابات الدور الثاني لا تتجاوز 11 بالمئة وهي نسبة لم تسجل في كل الانتخابات التونسية وربما حتى العالمية.

وكتب الناشط السياسي والحقوقي ياسر ذويب: "أظن أنه أصبح من الواضح أن مهزلة الانتخابات ومن تقدم فيها أصبحت فضيحة دولة فاشلة تريد إعادة عقارب الساعة إلى الوراء.. زمن التزوير وتزييف العقول.. عشرية الحرية والديمقراطية حالة باقية في جسم تونسي وإن اعتل فهو يقاوم حتى يعود لعافيته السابقة بإذن الله".

وأكد عبدالمجيد مني أن ما بني على باطل فهو باطل، مستنكرا نسبة المشاركة المعلنة في مهزلة الانتخابات وفق ما صرحت به هيئة الحاكم بأمره. وعرض الصحفي مراد التائب، مجموعة صور لأكشاك الاقتراع فارغة في انتخابات تونس.

بو عكسر

الناشط السياسي فوزي جاب الله، بدوره، نشر تغريدة لإعلامية أفادت بأن رئيس هيئة الانتخابات بوعسكر أعطى أمر بعدم إعطاء معلومات دقيقة عن نسب التصويت، قائلا: "تعليمات بوعسكر لمساعديه واضحة.. لا تعطوهم المعلومات أولا بأول فعندها يصعب تغييرها .. واتركوا لنا المجال لنتصرف في النتائج عند إعلانها".

وأكدت درة السيد، أن محاكمة فاروق بوعسكر واجب وطني بعد سقوط الانقلاب. وقالت شوق شوق، إن هيئة بوعسكر غير المستقلة لازم تتحاكم بتهمة التزوير، متسائلا: "من أين أتت بنسبة المشاركة  11,3 بالمئة والمقاطعة الشعبية كانت شبه شاملة والمكاتب بدت خاوية؟".

وأكدت إقبال جميل، أن عهد التزوير والكذب وعهد 99,99 بالمئة في نتائج الانتخابات انتهى منذ بداية الثورة، قائلة: "يعني حكاية فارغة التي تعمل فيها هيئة بوعسكر..".

وأضافت: "الحمدلله الشعب فايق مش تتعدى عليه المهزلة هذه.. وبربي احترموا عقول الناس.. واحشموا على رواحكم راكم عملتوا الفضح قدام العالم..".

وقال المؤرخ الجامعي محمد ضيف الله، إن تزوير الانتخابات الذي وقع في عهد بورقيبة اعترف به بعد سنوات قليلة وزراؤه، من الطاهر بلخوجة إلى إدريس قيقة ومحمد مزالي والباجي قايد السبسي فيما يتعلق بانتخابات 1981. 

وأضاف: "لا يغرنا التضامن بينهم فالتزوير مثل قتل النفس، يأتي الوقت الذي يختلفون فيه فيكشفون ما قاموا به في حق الشعب".