علي العلاق.. محافظ البنك المركزي الذي كبّد العراق خسائر بالمليارات 

يوسف العلي | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

رغم سجله الحافل بالإخفاقات خلال رئاسته للبنك المركزي العراقي، عاد علي محسن العلاق إلى منصبه بتكليف من رئيس الحكومة محمد شياع السوداني.

وخلال فترة رئاسته السابقة للبنك، كان من أبرز إخفاقات العلاق، غرق مبلغ 7 مليارات دينار عراقي (6 ملايين دولار) في مخزن الأموال داخل بناية البنك وسط بغداد.

وفي 23 يناير/كانون الثاني 2023، أعفى السوداني، محافظ البنك المركزي مصطفى غالب من منصبه- بناء على رغبته-، وكلّف مكانه المحافظ السابق، علي محسن العلاق، الذي كان يشغل المنصب حتى عام 2020، حسب الإعلام الرسمي.

رجل المالكي

علي محسن العلاق البالغ من العمر 62 عاما، جاء تنصيبه بدفع من قوى الإطار التنسيقي الشيعي، ولا سيما ائتلاف "دولة القانون" بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، كونه ينتمي إلى حزب "الدعوة" الذي يرأسه الأخير، وسبق أن تولى مناصب حكومية عليها على هذا الأساس.

وفي هذا الصدد، كشفت وكالة "شفق نيوز" العراقية في 23 يناير 2023، أن "قرار اختيار علي العلاق جاء خلال اجتماع لقادة الإطار التنسيقي في منزل زعيم تحالف الفتح هادي العامري، قبل يوم من إعفاء مصطفى غالب مخيف".

وأوضحت الوكالة أن "قرار الإعفاء جرى بتصويت أغلبية قادة الإطار وكان مدعوما من رئيس الوزراء، وأن اختيار العلاق محافظا، جرى أيضا من قبل الهيئة القيادية للإطار التنسيقي وبدعم من السوداني".

وأشارت إلى أن "العلاق مُنح مهلة ثلاثة أشهر لتقييم عمله وأدائه في منصب محافظ البنك المركزي بعد الاتفاق على تكليفه بهذه المهمة، وذلك بحضور السوداني في الاجتماع الخاص بقادة الإطار التنسيقي الشيعي".

وفي السياق ذاته، رأى الخبير في الشأن السياسي العراقي، رعد هاشم أن "تنصيب العلاق لا يخلو من مساومات ومنافسة سياسية، فهناك تأكيدات حقيقية أن نوري المالكي يسعى من خلاله للإمساك بالورقة المالية في البلد".

ولفت هاشم في 24 يناير 2021 إلى أن "وجود العلاق في أي عملية تفاوض مع الجانب الأميركي بخصوص تدهور سعر الدينار العراقي أمام الدولار يعني أنه واجهة للمالكي".

لذلك عليهم إرضاء الأخير حتى ينفذ محافظ البنك التابع له ما تبقى من عمليات ضغط بخصوص حجب أو تقليل كميات الدولار الذاهب باتجاه إيران، وفق ما قال هاشم لصحيفة "عربي 21".

وتأتي خطوة تنصيب العلاق محافظا للبنك المركزي، في وقت يشهد سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الدينار العراقي منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2022 ارتفاعا تدريجيا حتى تخطى حاجز 163 ألف دينار لكل 100 دولار في 28 يناير 2023، بعدما كان يعادل الدولار الواحد 1470 دينارا.

مثير للجدل

العلاق يحمل شهادة بكالوريوس المحاسبة وإدارة الأعمال من الجامعة المستنصرية عام 1976، والدبلوم العالي في العلوم المالية، من جامعة بغداد عام 1979، ودكتوراه فخرية في التأريخ الإسلامي من معهد التاريخ العربي في العراق، وينتمي إلى حزب "الدعوة الإسلامية" بزعامة نوري المالكي.

شغل بين 2006 و2014 منصب أمين عام مجلس الوزراء، خلال حكومتي نوري المالكي الأولى والثانية، قبل تسميته محافظا للبنك المركزي بالوكالة لمدة 6 سنوات بدءا من 2014، إضافة إلى تسميته رئيسا لـ"المجلس المشترك لمكافحة الفساد في العراق".

كما شغل العلاق منصب رئيس مجلس محافظي صندوق النقد العربي لسنة 2020، وممثل العراق في صندوق النقد الدولي عام 2014، وكذلك مدير بنك التنمية الإسلامي في العام 2014 أيضا.

العلاق أيضا تولى منصب رئيس مجلس مبادرة "الشفافية" للصناعات الاستخراجية العراقية بين عامي 2010 و2014، كما أنه عضو في "جمعية المحاسبين القانونيين" في العراق.

وخلال فترة توليه منصب محافظ البنك المركزي، شهدت البلاد العديد من الأزمات المتعلقة بإدارة البنك، كان أبرزها فضيحة مستندات الاستيراد الوهمية التي يجري بموجبها الحصول على الدولار من مزاد العملة في البنك المركزي، دون أن تستورد الشركات المعنية أي مواد إلى داخل العراق، إلى جانب ملف تمويل البنك المركزي صفقات حكومية شابها الفساد.

كما أدت خطوة كتابة العلاق اسمه على الأوراق النقدية من فئة 250 دينارا و1000 دينار، على خلاف القانون العراقي المعتمد بذكر عبارة المحافظ وتوقيعه على العملة، إلى لغط متزايد.

إذ أصدر البنك المركزي العراقي في أكتوبر/تشرين الأول 2018، كميات ضخمة من هذه الأوراق النقدية لعملة البلاد الوطنية.

وذكرت النائبة في البرلمان العراقي آنذاك منى العميري، أن كمية العملة المطبوعة الجديدة بلغت نحو 90 مليار دينار (نحو 80 مليون دولار)، متسائلةً عن الجهة التي ستتحمل مسؤولية المبلغ.

فيما عد النائب حسن سالم، كتابة اسم المحافظ على العملة المحلية، محاولة لصرف النظر عن إجراءات البنك المركزي بشأن مزاد العملة، الذي أصبح "بؤرة فساد".

إجراء العلاق عُد في وقتها "سابقة خطيرة، ومخالفة لكل الأعراف العالمية"، بحسب مختصين في القانون العراقي.

إذ لم يثبت لجوء أي محافظ سابق منذ صدور العملة العراقية في عام 1931، إلى خطوة ممثالة، على الرغم من أنهم شغلوا المنصب بشكل رسمي وليس بـ"الوكالة".

وفي عهد علي العلاق أزال البنك المركزي العراقي صورة الدينار الإسلامي من فئة الألف دينار، واستبدلها بصورة للشعار الآشوري.

كما وجهت له كذلك انتقادات أخرى تعلقت بتوظيف أفراد من أسرته من دون أي مؤهل قانوني أو علمي في مناصب مهمة داخل البنك المركزي العراقي بين 2014 و2020.

"شيخ الحرامية"

ارتبط اسم علي محسن العلاق بأكبر فضيحة تلف أموال في تاريخ العراق، وذلك بعد غرق مبلغ أكثر من 7 مليارات دينار (6 ملايين دولار) نتيجة مياه الأمطار في مخزن البنك المركزي عام 2018، وتلف مبالغ أخرى بفعل الرطوبة.

وكان العلاق قال أمام البرلمان، في حينها  إن "7 مليارات دينار تلفت نتيجة دخول مياه الأمطار وغرق خزائن مصرف الرافدين، الأمر الذي أدّى إلى تضرّر الأوراق النقدية بنسبة 100 بالمئة".

وبعد إعلان العلاق أطلق ناشطون عراقيون وسما عبر موقع "تويتر" يحمل عنوان " غرق 7 مليار "، للتشكيك والسخرية.

زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، شارك أيضا في التعليق على القضية، إذ قال عبر تغريدة على "تويتر" في 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2018: "ما السبعة مليارات إلا نقطة صغيرة في بحر الفساد والمفسدين، وما أعذارهم إلا فند (مفندة) وما بقاؤهم إلا عدد، إذا ما الشعب فضحهم وعلى الفساد عاتبهم".

وأضاف: "أهيب بالقضاء النزيه بمحاسبتهم واستصدار أمر باعتقالهم فورا والتحقيق معهم ومع أمثالهم من العوائل المشهورة بالفساد والرذيلة والتعدّي على قوت الشعب بغير وجه حق، وسنكون للقضاء سندا وعونا".

وعقب إعادة تسميته محافظا للبنك المركزي من جديد، علق رئيس حركة "وعي" العراقي، صلاح العرباوي، عبر "تويتر" في 23 يناير 2023 أنه "يجب أن تكون في سيرتك الذاتية علامة فشل واضحة حتى تستحق منصبا سياديا، مثلا، أن تغرق في عهدك السابق 7 مليارات دينار"، لافتا إلى أن "العراق البلد الوحيد الذي يتراجع للخلف".

وعلى ضوء تكليفه بإدارة البنك المركزي مجددا، أعاد ناشطون تداول مقطع فيديو يعود إلى عام 2015، لتظاهرة أمام المركزي العراقي، يردد خلالها المتظاهرون هتافات ضد المحافظ، وكان من أبرز ما جاء فيه: "علي العلاق يا شيخ الحرامية".