"قتل المصلحين".. غضب واسع من مساعي السلطات السعودية لإعدام القرني

12

طباعة

مشاركة

حذر ناشطون في العالم العربي من خطورة الاستجابة إلى طلب المدعي العام السعودي بإعدام الداعية الإسلامي البارز، الشيخ عوض القرني، بدعوى اتهامه بامتلاك حساب على "تويتر" واستخدام تطبيق "واتساب" لنشر أخبار "معادية" للمملكة.

القرني (65 عاما) معتقل منذ سبتمبر/أيلول 2017، ضمن حملة قمع قادها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ضد المعارضين لسياساته بعد أشهر قليلة من تنصيبه وليا للعهد في يونيو/حزيران 2017، وطالب المدعي العام بإعدامه، لكن لم يصدر بعد حكما رسميا.

وعبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسمي #أنقذوا_عوض_القرني، #عوض_القرني، طالب ناشطون بإطلاق سراح القرني وإيقاف مساعي إعدامه، منددين بسياسات السلطة السعودية القائمة على قمع المعارضين والتنكيل بالدعاة والإصلاحيين.

وسخر ناشطون من لائحة الاتهامات الموجهة إلى القرني والتي طالب المدعي العام بإعدامه بموجبها، والتي تتضمن اعترافه باستخدام حساب على تويتر باسمه في كل فرصة للتعبير عن آرائه، وإنشاء حساب "واتساب"، متحدثين عن مكانة القرني وعلمه وشعبيته وصواب رأيه.

كما سلطوا الضوء على حق نصرة القرني والدفاع عنه ورفض إعدامه والتنكيل به، ووجوب التصدي لذلك، واستنهضوا الهمم لإعلان موقف مناهض للسلطة، مستنكرين الزج بالعلماء في السجون والعمل على التخلص منهم بينما تبسط أرض المملكة للعابثين.

جاء التفاعل مع الوسوم المناصرة للقرني، في أعقاب حوار أجراه نجله ناصر، بعدما غادر المملكة عام 2022، واستقر في العاصمة لندن كمعارض للنظام السعودي، مع صحيفة "الغارديان" البريطانية، قدم خلاله لائحة الاتهامات التي على أثرها طالبت النيابة العامة بإعدام والده.

وأوضحت الصحيفة أن وثائق الادعاء تظهر تجريم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الاتصال داخل المملكة منذ بداية عهد ابن سلمان، لافتة إلى أن النظام السعودي والمستثمرين التابعين له زادوا حصصهم المالية في منصات التواصل الاجتماعي الأميركية.

وتشمل التهم الموجهة إلى القرني وفق الوثائق التي اطلعت عليها الصحيفة البريطانية، اعترافه باستخدام حساب على مواقع التواصل الاجتماعي باسمه (awadalqarni) واستخدمه "في كل فرصة ... للتعبير عن آرائه". 

وتشير الوثائق أيضا إلى أن القرني "اعترف" بالمشاركة في محادثة على واتساب، واتهم بالمشاركة في مقاطع فيديو أشاد فيها بجماعة الإخوان المسلمين، كما تم تضمين استخدام القرني الواضح لتطبيق "تلغرام" -وفق الادعاءات-.

مكانة القرني

وتفاعلا مع الأحداث، خصص ناشطون تغريداتهم للدفاع عن القرني والتذكير بمواقفه وآرائه، مؤكدين أنه "سيظل أحد الرموز الدينية الدعوية الشرفاء الغيورين على الدين والوطن والرافضين للقمع والتنكيل".

وقال الصحفي السعودي المعارض تركي الشلهوب، إن "القرني ما كان ذليلا خانعا، ولا ذيلا يداهن السلطات، ولا متملقا فارغا، يطبل لابن سلمان ويمجد التطبيع"، مؤكدا أنه اعتقل لأنه "صوت مؤثر، شامخ الرأس ولا يستدر عطف أحد".

وأكد فهد القحطاني، أن "الشيخ القرني رجل محب للبلد ولأهله وليس كما يصوّره الذباب". ونشر صاحب حساب "أخبار العالم الإسلامي"، مقطع فيديو يتضمن كلمة القرني عن الظلم وخصوصا ظلم الشعوب وعاقبته الوخيمة، وكذلك خطورة التنكيل بالعلماء والمصلحين وزجهم في المعتقلات. وعرض محمد ضاهر العريفي، مقطع فيديو للقرني، يعلن فيه موقفه من السلطة، ويؤكد أنه "لن يستدر عطف أحد وأنه يعبر عن نفسه ودينه وعقيدته ويحمي مقدسات الأمة، ومجتمعها، وشبابها، وأجيالها".

دعوة للتضامن

وحث ناشطون الشعب السعودي وشعوب العالم العربي والإسلامي على مناصرة القرني والدفاع عنه ورفض مساعي إعدامه وإسكات صوته، محذرين من "خطورة الصمت" على ممارسات السلطة القمعية وتبعات ذلك. 

وأكدت المغردة هند، أن القرني "يستحق التكريم والفخر به والدفاع عنه بكل قوة من الشعب السعودي كله أولا ومن الشعوب الإسلامية والهيئات الإسلامية، ورفض هذا الظلم والإجرام بحق الشيخ".

وحذرت من أن "السكوت عن هذا يعد مشاركة في الجريمة وستلحق عاقبتها من الله على كل من سكت ولم يرد الظالم عن ظلمه".

وكتب آخر: "إن حقا نفذ هذا القرار وبقي أهل السعودية جالسين مكانهم دون اعتراض أو ثورة فقد خابوا ثم خابوا ثم خابوا، والذي سيبرر لذلك بحجة لن نخرج على ولي أمر فهو خرج على حكم الله بطاعته لطاغية".

وأكد صاحب حساب "رادار حركة الإصلاح" أن "خطوة الحكم بالإعدام على القرني خطيرة واختبار لردة الفعل المسلمين في الداخل والخارج، والتي تصحبها سلسلة من الأحداث الدامية والتي بدورها ستكون طريقا سهلا للقضاء على بقية العلماء والمثقفين".

وأضاف: "إذا تمكن النظام من تنفيذ الحكم فسيلحقه بقية المشايخ بالأشكال كافة".

وقالت الناشطة نورة الحربي: "سيكتب التاريخ أنه في حين أن كثيرا من الشعوب تتمتع بالحريات وتمتلك التعبير عن الرأي، السعودية تحكم بإعدام الشيخ عوض القرني لمجرد تعبيره عن الرأي".

وأكدت أنه "لا يجوز الصمت أمام هذه الانتهاكات من بعد"، داعية الناشطين للتغريد على وسم #أنقذوا_عوض_القرني.

جريمة نكراء

كما حذر علماء وناشطون القضاء والسلطة السعودية من محاولة الإقدام على الاستجابة لطلب المدعي العام وإقرار حكم إعدام القرني.

وعد رئيس "رابطة علماء المغرب العربي"، الحسن بن علي الكتاني، الحكم بإعدام القرني "كارثة"، محذرا من أن تنفيذه "سيكون جريمة نكراء".

وأكد الكتاني، أنه "واجب على جميع المسلمين أن يسعوا في فكاك أسر الشيخ وباقي العلماء والمظلومين من أيدي ظالميهم وإلا فستتكرر جريمة قتل المصلحين".

وتساءل أستاذ الفقه وأصوله ومقاصد الشريعة الإسلامية، وصفي عاشور أبو زيد: "لماذا اضطهاد الدعاة واعتقالهم، والحكم عليهم بالإعدام؟! لماذا محاربة حملة لواء الحق، وإفساح المجال للراقصات والعابثات والعاهرات؟!"

وحذر قائلا: "انتظروا غضب الله وسخطه!!"، داعيا بالقول: "اللهم اشدد وطأتك على كل ظالم طاغية جبار، وفرج عن عبادك أهل العلم والمظلومين في كل مكان".

ورأى الباحث والناشط المهتم بشؤون الخليج السياسية، فهد الغفيلي، مطالبة المحكمة في المملكة بإعدام الشيخ القرني بسبب استخدامه تويتر والواتساب بأنه "يمثّل قمة الظلم والجور القضائي".

وأضاف أنه "حتى لو لم يصدر الحكم (وهو ما لا يتمناه كل مسلم) فإن السقوط القانوني والحقوقي المخيف الذي تمرّ به المملكة يمثل نفقا مظلما جدا لن ينتهي إلا برحيل ابن سلمان!".

اتهامات ساخرة

وأعرب ناشطون عن غضبهم من لائحة الاتهام التي كشف عنها نجل القرني للصحيفة البريطانية، مستنكرين مطالبة المدعي العام بإعدام القرني لمجرد تعبيره عن رأيه عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو أن لديه حسابات عليها.

وتساءل الأمين العام لحزب التجمع الوطني السعودي المعارض، عبدالله العودة: "كيف يتعرض للمطالبة بالإعدام بناء على تغريدات ومحادثات الواتس؟".

وتعجبت نجوى، من أن "امتلاك حساب في تويتر وقول كلمة الحق.. جريمة عقوبتها الإعدام". ووصفت سارة الغامدي، قضاة السعودية بأنهم "قضاة آل سعود"، مستنكرة احتساب امتلاك حساب تويتر وآخر واتساب "جرائم". واستهجن بشير أبو حليفة، أن "حساب في تويتر وقول كلمة الحق.. أصبحت جريمة عقوبتها الإعدام لدى النظام السعودي".

مراهقة ابن سلمان

وهاجم ناشطون ولي العهد السعودي واتهموه بتعمد التنكيل بالعلماء والدعاة والمصلحين، وتقييد حريتهم في المعتقلات والسجون والتهديد بإعدامهم، ونزع الثوب الديني عن المملكة وتهميش الشريعة الإسلامية وفرض شرعية العائلة المالكة.

وأوضح صاحب حساب "نحو الحرية"، أن "في سجون ابن سلمان علماء ودعاة ومشايخ، شابت رؤوسهم في دراسة كتاب الله وسنة النبي ﷺ، أكبر مصائبهم أن مراهقا كمبس -ابن سلمان- يتحكم بمصائر العباد، يعتقل من يختلف معه ويؤذي من لا يرى رأيه".

وأشار الجراح المصري، يحيى جودة غنيم، إلى أن "السعودية العظمى في ثوبها الحضاري الحديث، تسجن العلماء، سلمان العودة والطريفى، وتقتل الشرفاء عبدالرحيم الحويطي، وتحكم بالإعدام على الفقهاء أمثال عوض القرني".

واستنكر "استضافة السعودية العظمى إليسا وراغب علامة ويسرا وسمية الخشاب وحمو بيكا"، معربا عن يقينه أن "ابن سلمان سيحارب محمد صلى الله عليه وسلم لو بعث".

واستنكرت المغردة ماجدة مساع، إعدام القرني، قائلة: "صهاينة العرب تتحكم في العالم العربي". وأعرب المغرد "ابن الإسلام"، عن غضبه من "تخصيص عقوبة الإعدام لمن يطالب بالإصلاح وينتقد الحكام، بينما يحمى ويساند من يسب الدين ويصنف إصلاحي وطني". وكتب رويعي غنيم: "ويح أمة تخلت عن علمائها، وأصبح همها مهرجانات وحفلات العري، وغفل قاداتها عن دعوات المظلومين، كيف تأمن من مكر الله؟!".