مدفوعا بدعم أميركي.. ما حظوظ نتنياهو في تطبيع علاقات الاحتلال مع السعودية؟

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

لا تزال شهية إسرائيل مفتوحة لإتمام اتفاقيات تطبيع مع دول عربية أخرى، كتلك التي عُقدت مع الإمارات والبحرين والمغرب والسودان خلال عام 2020.

ووفقا لصحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية، فإن أحد الأهداف الدبلوماسية الأساسية لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، خلال فترة ولايته الجديدة، توقيع اتفاقية تطبيع مع المملكة العربية السعودية. 

وحسب ما تقول النسخة الألمانية من الصحيفة، يلقى هذا الهدف زخما كبيرا، إذ إن "حدوثه كفيل بتغيير شبكة التوازنات السياسية في الشرق الأوسط".

ويوجد العديد من المصالح المشتركة بين إسرائيل والسعودية، ولكن الدافع الأكبر -وفقا للصحيفة- هو التهديد المشترك للبلدين، المتمثل في إيران، وبالأخص برنامجها النووي.

وعللت الصحيفة كون طهران تهديدا مشتركا بين الرياض وتل أبيب، بقولها إن "إيران لا تدعو علنا إلى تدمير إسرائيل فحسب، بل تسعى أيضا إلى تصدير ثورتها الشيعية إلى جميع البلدان الإسلامية- بما في ذلك المملكة، مسقط رأس الإسلام وموقع مكة، أقدس الأماكن الإسلامية".

كما نفذت المليشيات الحوثية في اليمن -بإيعاز من إيران- العديد من الهجمات الصاروخية على بعض المنشآت والمناطق داخل السعودية، مما تسبب في أضرار جسيمة للمملكة.

وتقول الصحيفة إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة، أعرب عن اهتمامه بتعزيز العلاقات مع إسرائيل.

لكنها استدركت قائلة: "يبدو أن لوالده، الملك سلمان البالغ من العمر 87 عاما، رأي آخر، فقد عارض مرارا وتكرارا التطبيع الكامل للعلاقات مع إسرائيل".

خطوات صغيرة

وأضافت أنه "بالرغم من تلك المعارضة الشديدة، هناك بالفعل خطوات صغيرة نحو التطبيع مع إسرائيل". 

ففي الصيف الماضي، وبعد زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن للمنطقة، فتحت السعودية مجالها الجوي أمام الرحلات التجارية من وإلى إسرائيل، على الرغم من أن الطائرات الإسرائيلية لا تزال غير مسموح لها -حتى الآن- بالهبوط في المملكة.

وعلاوة على ذلك، مُنح العديد من رجال الأعمال الإسرائيليين تأشيرات خاصة لزيارة المملكة. ووفقا لتقارير إخبارية متكررة، يتعاون الجانبان بالفعل في قضايا الدفاع والاستخبارات والأمن القومي، ولا سيما من خلال تبادل المعلومات فيما يخص إيران ووكلاءها.

وفي مقابلة مع قناة العربية في ديسمبر/كانون الأول 2022، قال نتنياهو: "أعتقد أن اتفاق السلام مع السعودية سيحقق فائدتين".

من جهة سيكون خطوة كبيرة نحو سلام شامل بين إسرائيل والعالم العربي من شأنه أن يغير منطقتنا بطرق لا يمكن تخيلها.

ومن جهة أخرى، سيساعد في نهاية المطاف في تحقيق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، وفق قوله.

وفي عام 2020، وقع الكيان الصهيوني على اتفاقيات إبراهام، وهي سلسلة من اتفاقيات التطبيع مع الإمارات والبحرين والمغرب، ثم انضمت السودان إلى الاتفاقات في يناير/كانون الثاني 2021. 

وعقبت الصحيفة: "يأمل نتنياهو في توسيع الصفقات بشكل كبير من خلال ضم السعودية، بصفتها واحدة من أكبر الدول في المنطقة".

كما رأت أن "كل هذه الخطوات والجهود تهدف للضغط على الفلسطينيين" لتوقيع اتفاق سلام مع إسرائيل.

وحول الدور الأميركي في هذه الخطة، قال العميد المتقاعد أمير أفيفي، رئيس منتدى الدفاع والأمن الإسرائيلي، لصحفية "تازبت" العبرية: "يخطط نتنياهو ومحمد بن سلمان للتوصل إلى اتفاق جاهز ثم عرضه على الرئيس جو بايدن عندما تسمح الظروف بذلك".

ووفقا لتصريحات أفيفي: "سيقولون لبايدن: يمكنك أن تنسب لنفسك الفضل في تحقيق اتفاقية السلام التاريخية، بل وربما تحصل على جائزة نوبل للسلام بسببها، ولكن شريطة أن تتخذ الولايات المتحدة موقفا أكثر تشددا تجاه إيران وطموحاتها النووية".

وأضاف أن "مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي جعل محمد بن سلمان شخصا غير مرغوب فيه في واشنطن، مما يدفع السعوديين للمطالبة بتحسين صورته في أميركا". 

وفي المقابل، ستتعهد الرياض بزيادة إنتاجها النفطي لخفض أسعار الطاقة، التي ارتفعت بشدة بسبب الحرب في أوكرانيا وألحقت أضرارا كبيرة بالاقتصاد الأميركي، وفقا لأفيفي.

ولفتت الصحيفة إلى أن هذه النظرة تفاؤلية تجاه الأحداث، مؤكدة أن الرأي المذكور يعارضه خبراء آخرون.

فجوة كبيرة

قال يوئيل جوزانسكي، الرئيس السابق لوحدة إيران والخليج العربي في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي: "هناك فجوة كبيرة بين التفاؤل الذي يبديه نتنياهو عندما يتحدث عن طموحه للتوصل إلى اتفاق تطبيع مع السعودية، وبين الفرص الفعلية لتحقيق ما يصبو إليه". 

وشكك جوزانسكي ففي تصريح لصحيفة "تازبت" العبرية، بإمكانية إقدام القيادة السعودية على خطوة جادة للتطبيع مع إسرائيل، إذ "سيؤدي ذلك إلى تعريض سمعة بلادهم للخطر".

كما شدد على ضرورة تذكر طبيعة المملكة "المحافظة للغاية"، مضيفا أنها "أكثر محافظة بكثير من الإمارات، لذا فإن أي تقدم سيكون مختلفا عما رأيناه في اتفاقيات إبراهام". 

ولفت إلى أن الرياض "تذكر باستمرار التزامها تجاه الفلسطينيين والدولة الفلسطينية كشرط أساسي قبل عقد أي اتفاقات مع إسرائيل".

وفي ظل الحكومة اليمينية المتطرفة التي شُكلت أخيرا في إسرائيل، يستبعد جوزانسكي إمكانية التوفيق بين الحد الأدنى لمتطلبات السعوديين، مع الحد الأقصى لما يمكن أن تقدمه تل أبيب من تنازلات لإتمام الاتفاق.

وأتبع: "الملك سلمان محافظ للغاية، كما أنه ملتزم بالقضية الفلسطينية، لذلك سيكون من الصعب تحقيق انفراجة في العلاقات الإسرائيلية السعودية أثناء وجوده".

وحول التهديد الإيراني المتكرر للدول العربية الموقعة على اتفاقات التطبيع مع إسرائيل، يرى الخبير الإسرائيلي أن ذلك "يمثل ضغطا وتهديدا قد يردع السعوديين عن الإقدام على مثل هذه الخطوة".

كما أضاف أن "اتفاق التطبيع مع إسرائيل سيضر بصورة المملكة في جميع أنحاء العالم الإسلامي، من إندونيسيا إلى باكستان، فضلا عن الدول العربية".

ويأتي هذا بينما تحاول السعودية تاريخيا إبراز نفسها كونها خادمة مقدسات المسلمين، وهو ما قد يثبط من عزيمة القيادة السعودية لإتمام التطبيع، وفق تقديره.

وختم حديثه: "آمل بصدق أن أكون مخطئا ونتنياهو على حق، لكن في تقديري لن يكون الأمر سهلا بأي حال من الأحوال".