بعودة نتنياهو للحكومة.. هل يكمل ما بدأه في رحلة التطبيع مع السعودية؟

12

طباعة

مشاركة

مع عودته إلى رئاسة الحكومة الإسرائيلية، وضع بنيامين نتنياهو التطبيع مع السعودية وإقامة علاقات دبلوماسية كاملة معها، ضمن أبرز أهدافه، لضمها إلى باقي الدول الخليجية والعربية التي طبعت مع إسرائيل.

وفي 29 ديسمبر/كانون الأول 2022، حازت حكومة نتنياهو المعروفة بأنها الأكثر تطرفا في تاريخ إسرائيل، على ثقة الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، بأغلبية 63 صوتا ومعارضة 54 من إجمالي أصوات البالغ عددهم 120.

مبادرة إسرائيلية 

وفي كلمته خلال جلسة حيازة الثقة، أكد رئيس الحكومة الإسرائيلية أنه سيعمل على توسيع دائرة التطبيع مع الدول العربية.

واختار إيلي كوهين لشغل منصب وزير الخارجية، لاهتمامه بالتطبيع مع السعودية، خاصة أن الوزير الجديد لعب دورا مهما في تطبيع العلاقات بين الدولة العبرية وعدد من البلدان العربية.

ووقعت إسرائيل خلال حكم نتنياهو وحين كان كوهين وزيرا للاستخبارات في حكومته، في 2020 اتفاقيات لتطبيع العلاقات مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب ثم السودان في يناير/كانون الثاني 2021. 

ويتوقع أن يقود كوهين الدبلوماسية الإسرائيلية خلال الفترة القادمة من أجل تتويج علاقات الانفتاح الأخيرة بين السعودية وإسرائيل، بإعلان رسمي للتطبيع كما حدث مع الإمارات والبحرين.

وظهرت أولى نشاطات كوهين حول ملف التطبيع، إذ أعلن أنه يعتزم حضور قمة في مارس/ آذار 2023 مع نظراء من دول عربية أقامت علاقات دبلوماسية مع إسرائيل بعد تحرك برعاية أميركية عام 2020.

ونقلت وزارة الخارجية في بيان عن كوهين، في الثاني من يناير 2022 قوله إن القمة سيستضيفها المغرب.

تعد السعودية أولى الدول التي ستكون على رأس أولويات نتنياهو ووزير خارجيته الجديد من أجل التطبيع، حيث طرح مبادرة للسلام مع المملكة، وذلك خلال مقابلة له مع قناة "العربية" التابعة للرياض، في ديسمبر 2022.

وعبر نتنياهو عن أمله في توسيع "الاتفاقيات الإبراهيمية" من خلال التوصل إلى اتفاق مماثل مع السعودية وإقامة علاقات دبلوماسية كاملة معها.

وأضاف: "ستكون نقلة نوعية لسلام شامل بين إسرائيل والعالم العربي. ستغير منطقتنا بطرق لا يمكن تصورها. وأعتقد أنها ستسهل، في نهاية المطاف، السلام الفلسطيني الإسرائيلي. أنا أؤمن بذلك".

وشدد على أن الأمر متروك لقيادة السعودية إذا كانوا يريدون المشاركة في هذا الجهد"، معرباً عن أمله في أن "يفعلوا ذلك". وبين أن "مبادرة سلام بين إسرائيل والسعودية ستؤدي إلى حل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني"، وفق زعمه.

وقال: "السلام مع السعودية سيخدم غرضين فهو سيكون نقلة نوعية لسلام شامل بين إسرائيل والعالم العربي، وسيغير منطقتنا بطرق لا يمكن تصورها، وسيسهل حصول السلام الفلسطيني الإسرائيلي".

إرهاصات سعودية

ظهرت العديد من الإرهاصات والمؤشرات التي تعكس رغبة السعودية في تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، كان أبرزها حصول شركات طيران إسرائيلية على موافقة المملكة لعبور أجوائها في أغسطس/آب 2022

كما سمحت السعودية للشركات الأجنبية بالتحليق فوق أجوائها خلال رحلاتها إلى إسرائيل.

وبشكل رسمي، أعلنت الهيئة العامة للطيران المدني في السعودية يوليو/تموز 2022، فتح مجالها الجوي لجميع الناقلات الجوية التي تستوفي متطلبات الهيئة لعبور الأجواء، دون أن يستثني القرار الطائرات الإسرائيلية المدنية.

وإلى جانب فتح السعودية لأجوائها أمام الطائرات الإسرائيلية، ظهرت إرهاصات أخرى على القرب الإسرائيلي السعودي، أكدته وزارة الخارجية الأميركية في تقريرها الصادر في أبريل/نيسان 2022 عن حقوق الإنسان في المملكة.

وبينت الوزارة أن خطاب الأئمة (في السعودية) المناهض لإسرائيل "نادر بشكل عام"، وأن وزارة الشؤون الإسلامية شجعت على "رفض التعصّب الأعمى".

كما تخضع الكتب المدرسية التي كانت تنعت أتباع الديانات الأخرى، وبينها اليهودية، بأوصاف اعتبرت مثيرة للجدل، للمراجعة كجزء من حملة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لمكافحة "التطرف" في التعليم.

أيضا أشادت إسرائيل برجل الدين السعودي محمد العيسى الذي يرأس "رابطة العالم الإسلامي" في يناير 2020 بعدما سافر إلى بولندا لحضور احتفالات بمناسبة مرور 75 عاماً على تحرير معسكر الاعتقال النازي  "أوشفيتز- بيركينو".

وحررت قوات التحالف خلال الحرب العالمية الثانية، في 27 يناير 1945 المعسكر الذي يقول مؤرخون إن القوات النازية قتلت فيه أكثر من مليون شخص، معظمهم من اليهود والسجناء السياسيين.

واستضاف العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، في فبراير/شباط 2020 الحاخام المقيم في القدس ديفيد روزين.

وشارك سائقون إسرائيليون في رالي داكار في يناير 2021 في السعودية، وهو ما يعد إشارة على الترحيب السعودي بالتطبيع مع إسرائيل.

التطبيع قائم؟

وعلى عكس الإشارات التي تعكس نية المملكة التطبيع مع إسرائيل، تضع قيادة السعودية عدة شروط لإقامة علاقات مع تل أبيب، أبرزها التوصل إلى حل الدولتين مع الفلسطينيين.

وعبر عن الموقف السعودي، وزير الدولة للشؤون الخارجية عادل الجبير، من خلال تأكيده أن بلاده لن تطبع العلاقات بشكل كامل مع إسرائيل حتى يجرى التوصل إلى حل الدولتين مع الفلسطينيين.

وقال الجبير في مقابلة سابقة مع شبكة "سي إن إن": "قلنا إن المملكة العربية السعودية تدعم مبادرة السلام العربية.. في الواقع نحن من طرحها وأوضحنا أن السلام يأتي في نهاية هذه العملية وليس في بدايتها".

وأضاف الجبير: "اتفاقيات أبراهام التي وقعتها دول عربية مع إسرائيل جاءت نتيجة قرارات سيادية"، معربا عن أمله أن يكون لهذه القرارات تأثير إيجابي على الداخل الإسرائيلي.

وفي رد على سؤال بشأن استعداد السعودية للانضمام لهذه الاتفاقيات، قال الجبير: "لقد أوضحنا أننا بحاجة إلى عملية تشمل تنفيذ مبادرة السلام العربية".

وأردف بالقول: "بمجرد تحقق ذلك فإننا ملتزمون بتسوية على أساس دولتين، مع دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة وعاصمتها القدس الشرقية.. هذا هو مطلبنا من أجل السلام".

وأشار الوزير السعودي إلى أن هذا هو موقف بلاده "ولم يتغير ونحن اتخذنا مواقف وأوضحنا أن السلام ممكن وهو خيار إستراتيجي، لكن هناك متطلبات معينة يجب أن تحدث قبل أن يحصل ذلك".

الخبير في الشأن الإسرائيلي، سعيد بشارات، يؤكد أن السعودية مطبعة مع إسرائيل بشكل فعلي، فهناك زيارات متبادلة، وتعاون أمني واستخباراتي، واستثمارات، ولكن التطبيع غير معلن بشكل رسمي من الرياض.

ويقول بشارات في حديثه لـ"الاستقلال": "رغم عدم إعلان السعودية تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، ولكن هو موجود بالفعل". ويوضح بشارات، أن التطبيع السعودي مع إسرائيل، يعد أقوى من العلاقات مع التطبيع الإماراتي الإسرائيلي.

ويبين أن نتنياهو يريد حاليا مطالبة السعودية بإعلان التطبيع مع إسرائيل بشكل رسمي أمام الجميع، لأنه يخدم مصالحه السياسية ويعد مهما لديه.

وحول مكاسب السعودية من خطوات التقارب مع إسرائيل، يقول بشارات: "حصلت الرياض فقط على تطبيق بيغاسوس الإسرائيلي للتجسس، وهو ما أكدته مصادر إسرائيلية عدة وقيادات أمنية كتبت في الصحافة الإسرائيلية حول هذا العرض".

ولفت إلى أن السعودية حصلت أيضا على القبة الحديدية من إسرائيل، ولكن الدولة التي تستفيد من تطبيع العلاقات هي تل أبيب فقط وليس الرياض، وفق قوله.