اتفاقية مشبوهة.. غضب يمني واسع من سيطرة الإمارات على ميناء بالمهرة

12

طباعة

مشاركة

بينما تدخل الحرب اليمنية عامها الثامن، وسط تدهور الأوضاع المعيشية والخدمية وتوسع دائرة الفقر والجوع وتصاعد الغضب الشعبي، تواصل الإمارات خطتها للسيطرة على موانئ اليمن واستنزاف خيراته والعبث بمقدراته بمباركة حكومية.

الحكومة اليمنية أقرت خلال اجتماعها بالعاصمة المؤقتة عدن في 31 ديسمبر/كانون الأول 2022، برئاسة معين عبدالملك، عقدا لإنشاء ميناء بحري جديد سيخصص للنشاط التجاري التعديني بمحافظة المهرة، باستثمارات إماراتية قيمتها 100 مليون دولار.

وأفاد مسؤول حكومي، لوكالة "رويترز" طلب عدم نشر اسمه، بأن مجلس الوزراء أقر رسميا العقد الموقع مع شركة "أجهام" الإماراتية، لإنشاء الميناء البحري "قشن" بمنطقة رأس شروين في محافظة المهرة، بنظام التشييد والتشغيل ونقل الملكية (بي أو تي).

وأضاف أن المشروع يتضمن إنشاء ميناء مكون من لسان بحري على عدة مستويات، تشمل كاسر أمواج بطول 1000 متر، ورصيف بحري بطول 300 متر لرسو السفن، وغاطسا يبلغ 14 مترا في مرحلته الأولى، وسيكون مخصصا لتصدير الحجر الجيري وتموين السفن.

يشار إلى أن شركة "أجهام"، يديرها رئيس اللجنة الاقتصادية التابعة للمجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا، محمد متاش.

من جانبها، قالت قبائل المهرة في بيان 1 يناير/كانون الثاني 2023، إن تأجير ميناء قشن لشركة تابعة للاحتلال الإماراتي تدعى "أجهام للطاقة والتعدين المحدودة" مرفوض وسيتم مواجهته وإفشاله مثل باقي المشاريع الاحتلالية الأخرى في المحافظة.

وحملت القبائل الحكومة مسؤولية هذا القرار الذي يشرعن للاحتلال السعودي الإماراتي بسط نفوذهم على مناطق المهرة كافة، رغبة في تحقيق أطماعهم ونهب خيراتها وثرواتها ومواردها.

وأثار موقف الحكومة اليمنية المدعومة من التحالف السعودي الإماراتي موجة غضب واسعة بين الناشطين على تويتر، واتهموها بتمرير صفقات مشبوهة ومجحفة لحقوق الشعب اليمني لصالح الإمارات، وأعربوا عن رفضهم القاطع لتمريرها، وتكرار سيناريو التفريط في الموانئ. 

وأكدوا عبر تغريداتهم على وسمي #رفض_يمني_لاتفاقية_مينا_قشن، #قشن، أن الاتفاقية الموقعة بين الحكومة والإمارات "باطلة قانونيا"، وكذلك أي اتفاقيات سيادية مع دول أخرى، داعين الشعب إلى حماية القانون والدستور ومنع تمرير هذه الاتفاقيات.

وأرجع ناشطون سبب رفضهم للاتفاقية إلى يقينهم بأنها "تأتي ضمن مشروع الإمارات القذر للاستحواذ على السواحل والموانئ والجزر اليمنية الذي تركز اهتمامها لتحقيقه منذ بداية تدخلها عام 2015، تارة بالاقتراب المباشرة وأخرى عبر أدواتها".

واستنكروا تمرير الحكومة برئاسة عبدالملك الاتفاقية دون عرضها ومناقشتها مع أعضاء مجلس الوزراء، بالإضافة إلى تجاهل رأي البرلمان، وهي إجراءات إلزامية وشرطية لشرعية أي اتفاقية ذات قرار سيادي.

وصب ناشطون غضبهم على الحكومة والمجلس الرئاسي، واتهموهم بموالاة دول التحالف والعمل على تمكين الإمارات من السيطرة على مزيد من الموانئ اليمنية، وإحكام السيطرة على سواحل المهرة بالسماح بتمرير صفقة ميناء قشن.

وهاجموا عبدالملك شخصيا واتهموه بـ"الفساد" و"الفشل السياسي والاقتصادي"، مؤكدين أن دول التحالف تتمسك به رئيسا للحكومة لأنه "يخدم مصالحهم ويحقق أطماعهم التوسعية في اليمن وينفذ أجندتهم الخفية".

اتفاقية باطلة

وأعرب ناشطون عن قناعتهم بأن "الإمارات والسعودية دول احتلال لليمن لا تبالي بمصالح الشعب، وتستهدف إذلاله والإجحاف به واستنزاف مقدراته وثرواته وتبديد موارده الحيوية والسيطرة على موانئه ونهب النفط والغاز".  

وعدوا الاتفاقية بمثابة "عملية بيع خارج إطار الدولة والقانون"، ونعتوها بـ"الباطلة"، معربين عن ثقتهم في قدرة القبائل المهرية على وقف تمريرها وردع الأطماع الخارجية والوقوف بصلابة أمام الإمارات. 

وأكد الكاتب والصحفي عباس الضالعي، أن "أي اتفاقية في هذه المرحلة هي باطلة ومرفوضة، لأنها تمت مع سلطة رهنت قرارها للخارج ولا يوجد مؤسسات دستورية تجيز الاتفاقيات".

وأعرب عن ثقته في أن "أبناء المهرة بقيادة الشيخ علي سالم الحريزي سيوقفون أي عبث يمس السيادة اليمنية من قبل الاحتلال".

كما قال الرادع النبهاني، إن "محافظة المهرة ستفشل قرار الحكومة اليمنية تأجير ميناء قشن لشركة إجهام، كما أفشلت جميع مخططات الإمارات وأدواتها ووقفت بقوة في مواجهة كل الأطماع الخارجية". وأكدت بلقيس الحريزي، أن "قبائل المهرة قاطبة لن تقبل أي عبث أو انتهاك أو أي عملية تسليم ميناء قشن للإمارات، ولن تقف مكتوفة الأيدي أمام الأطماع الإماراتية أو أمام عمالة المجلس الرئاسي السعودي الإماراتي". وقال حمزة الصالح، إن "هذه اتفاقيات باطلة، والعالم كله يعرف أنها حرب، والحكومة الشرعية غير معترف بها في اليمن لأنها تعمل لصالح دول التحالف بالقوة والتهديد".

غياب البرلمان

وأعرب ناشطون عن غضبهم من تمرير الاتفاقية في ظل غياب المؤسسات الدستورية المخولة بمناقشة مثل هذه الاتفاقيات والموافقة عليها، ودون أخذ رأي الشعب.

وقال الناشط السياسي، معاذ الشرجبي، إن "الاتفاقية الموقعة بشأن ميناء قشن مرفوضة وتمت دون المرور بالجهات الرسمية، وبالتالي فإن شباب وأحرار المهرة ولاؤهم فقط لله والوطن وأصبحوا جاهزين لحرق الأخضر واليابس والموت دفاعا عن أرضهم وعرضهم ومستقبل أبنائهم".

وكتب الصحفي توفيق أحمد: "تتعدد الأطماع الإقليمية والهدف واحد، الاستحواذ على مقدرات اليمن، وأيا تكن الجهة التي اشترت ميناء قشن تبقى الاتفاقية غير ذي أهمية في ظل استمرار لجنة الاعتصام بمواجهة التحالف وتمسكها بخروج القوات الأجنبية، ناهيك عن عدم مصادقة البرلمان على اتفاقية كهذه".

وأكد علي أبو حبيب الرحمن، أنه "لا يحق لأي شخص مهما كان منصبه أن يعقد اتفاقية مع أي دولة إلا بعد موافقة مجلس النواب، ولذلك فهذه الاتفاقيات باطلة ولا قيمة لها".

وأشار أبو حبيب الرحمن إلى أن "الإمارات صنعت عملاء وخونة لكي يبيعوا لها الموانئ". 

وتساءلت شفاء الناصر: "أين مجلس النواب السلطة التشريعية مما يحدث من بيع للوطن؟"، لافتة إلى "توقيع اتفاقية عسكرية وأمنية مع الإمارات بالأمس، واليوم اتفاقية تأجير ميناء قشن".

أطماع إماراتية

وسلط ناشطون الضوء على أطماع الإمارات في اليمن ووضع عينها على المهرة، وسعيها لإيجاد موطئ قدم لها هناك، وتكرار السيناريوهات ذاتها التي افتعلتها في عدن وشبوة، في ظل سعيها للسيطرة على الموانئ اليمنية بهدف نهب ثروات الشعب.  

وقال الصحفي والكاتب في مركز "كارنيغي" للشرق الأوسط، أشرف عبدالغني، إن "هدف السعودية والإمارات منذ عقود ضرب اليمن وتفتيته وتقسيمه وصولا إلى إلغائه من الحسابات الإستراتيجية والجيوسياسية التي يتمتع بها الموقع الجغرافي للبلد".

واتهمت الصحفية والناشطة الحقوقية، بيداء العولقي، الإمارات بـ"ممارسة سياسة خطيرة في اليمن، ففي الوقت الذي تدعي فيه وقوفها إلى جانب الحكومة الشرعية، تقوم بسياسات مشبوهة تدلل على خبثها وسعيها إلى تعزيز الانفصال ونهب خيراته عبر عقد صفقات لنهب الموانئ وآخرها ميناء قشن بمباركة من رئيس الحكومة". وعدد الصحفي أنيس منصور، الموانئ اليمنية الواقعة تحت الاحتلال الإماراتي، وهي ميناء عدن، المخاء، المكلا، الضبة، بير علي، بلحاف، رضوم، ذباب، الخوخة، الخوبة، قنا، النشيمة، مشيرا إلى أن "الإمارات الآن تريد ميناء قشن، سيحوت، والمهرة".

وأكدت مغردة بحساب "الشامخة"، أن "الإمارات تريد إدارة الموانئ اليمنية المطلة على بحر العرب من المهرة إلى ميناء عدن حتى لا تكون منافسة لميناء دبي".

ولفتت إلى "سعي الإمارات للسيطرة على اليمن سيطرة فعلية على الأرض والاستحواذ الكامل على مقدراته وطاقاته".

وعرض فاروق علي أحمد، مقطع فيديو يظهر فيه صورة حاكم الإمارات، محمد بن زايد، قائلا: "هذا الذي قتل أطفال اليمن، وشن حربا اقتصادية على شعبنا، وقتل ميناء عدن وأغلق منشأة بلحاف ومطار الريان وبسط على حقول النفط والآن يخطط إلى بتروا مسيله وادي حضرموت (الشركة الوطنية لاستكشاف وإنتاج البترول)". ولفت محمد عزيز، إلى أن "موانئ اليمن تم تعطيلها لتشتغل موانئ الإمارات"، مؤكدا أن "هذه الحرب كشفت مطامع الإمارات والسعودية باليمن".

تآمر حكومي

وأعرب ناشطون عن غضبهم من مباركة الحكومة عقد صفقة تأجير الميناء، مؤكدين أن ذلك يمثل "مخالفة صريحة" للقانون اليمني وتجاوزا صريحا من قبل رئيس الحكومة والمجلس الرئاسي تستوجب إيقافها وتحويل الضالعين في تمريرها للمساءلة القانونية.

وعد سالم بخيت المهري، قرار حكومة عبدالملك بمثابة "شرعنة لأهداف وأطماع دولتي الاحتلال السعودي الإماراتي في محافظة المهرة".

واستنكر رئيس تحرير موقع "المشهد الجنوبي"، صالح منصر اليافعي، "تمكين المجلس الرئاسي والحكومة، الإمارات من السيطرة على ما تبقى من الموانئ، في حين يطالب اليمنيون بإخراجها من الموانئ والمطارات والجزر اليمنية التي تحتلها". وقال الناقد والناشط الإعلامي صقر اليماني: "لا يخفى على أحد أن الموانئ والثروات النفطية والغازية اليمنية تتعرض للنهب من قبل شركات تتبع التحالف بتسهيلات من رئيس الحكومة ورئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي". ورأى صلاح الحزمي، أن "محاولة الحكومة تمرير صفقة ميناء قشن كاشفة لسبب تمسك السعودية والإمارات بعبدالملك كرئيس للوزراء"، قائلا: "لأنهم لن يجدوا أرخص وأفسد من هذا الكائن الخائن لوطنه وشعبه".

وأضاف: "لن يطول تمسكهم هذا، لأن الشعب قرر فرض رؤيته وتصفية الخونة والفاسدين".

وشدد سهيل اليماني، على أن "أي دولة أو حكومة تعقد اتفاقات استثمارية أو تجارية أثناء مرور البلد بأزمة وفوضى، يعني أن وراءها ما وراءها ويجب محاكمة المسؤولين عنها ومساءلتهم".

وأضاف: "أما معين لو كان رجلا نظيفا لما استمر لليوم رئيسا للحكومة، إنهم يبحثون عن أقذر القوم وأرخصهم لتولي المناصب في اليمن".