بعد نسختين من "مؤتمر بغداد".. ما إمكانية تحرير العراق من هيمنة إيران؟
ترى صحيفة ألمانية أن أحد المحاور الرئيسة للنسخة الثانية من مؤتمر بغداد للشراكة والتعاون الذي عقد في الأردن، تمثل في "محاولة تحرير العراق من القبضة الإيرانية".
وتساءلت صحيفة "مينا واتش" المتخصصة في قضايا الشرق الأوسط، عن مدى إمكانية نجاح مثل هذه الإستراتيجية في السياق السياسي الراهن.
وفي 20 ديسمبر/كانون الأول 2022، استضاف الأردن مؤتمر "بغداد 2" الذي حضره 12 دولة؛ الأردن والعراق وفرنسا وتركيا ومصر والكويت والسعودية والإمارات وقطر وسلطنة عمان والبحرين وإيران والإمارات، وممثلون للاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.
وهذه المرة الثانية التي ينعقد فيها هذا المؤتمر، إذ كانت الأولى في أغسطس/آب 2021، واستضافته آنذاك العاصمة العراقية بغداد.
نقد ضمني
ووفقا لما ذكرته وكالة الأنباء الأردنية، كانت الأجندة الرئيسة المعلنة للمؤتمر هي مناقشة سبل دعم العراق وسيادته وأمنه واستقراره، وتطوير آليات التعاون الإقليمي لتعزيز الأمن والاستقرار، إضافة إلى التباحث بشأن تحديات الأمن الغذائي وأمن الطاقة في المنطقة والعالم.
خلال المؤتمر، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى أن يسير العراق في مسار مختلف لا يتبع نموذجا "تمليه جهات خارجية".
وقد عدّت الصحيفة الألمانية هذا التصريح إشارة واضحة للتدخلات الإيرانية في السياسة العراقية.
وأضاف ماكرون أن بلاده دافعت دائما، عبر تاريخها وعملها الدبلوماسي عن استقرار المنطقة، مؤكدا أن العمل المشترك يعد عاملا أساسيا لتجاوز الانقسامات.
ويرى أن العراق أصبح في الوقت الراهن "مسرحا للنفوذ والانتهاكات الخارجية"، وهو ما يؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة بأسرها، في إشارة إلى التدخلات الإيرانية.
وفي سياق الرد على تصريحات ماكرون، قال رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني: "إن العراق ضد أي تدخل في شؤونه الداخلية أو النيل من سيادته أو الاعتداء على بلاده".
وشدد على أن بلاده "تدين وترفض في نفس الوقت أي تهديد ينطلق من أراضيها ضد أي من دول الجوار أو المنطقة".
وسلطت الصحيفة الضوء على البيان الختامي للمؤتمر، إذ حوى تأكيد المشاركين على استمرار تعاونهم مع العراق لدعم استقراره وسيادته ومواصلة العملية الديمقراطية في البلاد. كما أعربوا عن دعمهم "لجهود بغداد في استخدام الحوار لحل الأزمات الإقليمية".
وذكرت أن البيان الختامي تضمن التأكيد على أن نجاح مشاريع التعاون الإقليمي يفترض وجود علاقات إقليمية بناءة تقوم على علاقات حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والتعاون في ترسيخ الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب.
مشاركة فرنسا
وقال خطار أبو دياب، أستاذ العلوم السياسية اللبنانية وأستاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس، إن "مؤتمر بغداد الثاني أسفر عن اتفاق إقليمي ودولي بشأن مساعدة العراق وزيادة التنسيق بين الدول العربية ومنطقة الخليج في بغداد".
وعن الدافع وراء مشاركة فرنسا في الجولتين الأولى والثانية للمؤتمر، ومدى أهمية المؤتمر بالنسبة لها، قال أبو دياب إن باريس "تحاول إيجاد موطئ قدم في منطقة الشرق الأوسط، وذلك من خلال التركيز على العراق".
ورأى أنها لم تكتف فقط بالمشاركة بل "أطلقت الفكرة ونفذتها بنجاح للعام الثاني على التوالي لدعم العراق واستقلاله وتنميته واستقرار البلاد".
بدوره، وصف مدير المركز العراقي للدراسات الإستراتيجية غازي فيصل حسين، الدعوة التي أطلقها إيمانويل ماكرون للشروع في مسار جديد بأنها "منطقية وشرعية".
وذكر أن هدف فرنسا من الدعوة هو "تحرير العراق من الهيمنة الإيرانية بعد أن احتكرت طهران السوق الاقتصادي والتجاري وسيطرت على موارد الطاقة".
علاوة على أن إيران تعتمد في تدخلاتها على "تهميش الصناعة والزراعة والخدمات وعلى استخدام المليشيات لتحقيق أهدافها"، حسب تصريحات غازي حسين.
وبخصوص محاولات إبعاد العراق عن المحور الإيراني، ذكر المحلل السياسي العراقي عمر الناصر، أن هناك عدة شروط لنجاح هذه السياسة.
أهمها "تضافر الجهود على أساس الصدق، والنوايا الجادة لمساعدة العراق في المجالات كافة".
وتختتم الصحيفة تقريرها بالتذكير أن الأزمة السياسية الأخيرة التي امتدت حتى عام 2022، سمحت للأحزاب المرتبطة بإيران عبر التنسيق والتبعية، بالسيطرة على البرلمان العراقي وضمان تثبيت مرشحها كرئيس للحكومة العراقية.
وهو ما عقبت عليه الصحيفة بأن هذا المشهد "عزز من السيطرة الإيرانية على السلطة، وجعل من الصعب فصل العراق عن المحور الإيراني في الوقت الراهن".