"لأنه فرنسي".. باريس تطلق سراح قاتل عنصري وتعتدي على المحتجين

12

طباعة

مشاركة

على مدار اليومين الأخيرين شهدت العاصمة الفرنسية باريس، مواجهات بين متظاهرين من الجالية الكردية والشرطة، على خلفية مقتل 3 أكراد وإصابة آخرين على يد مسن فرنسي، في 23 ديسمبر/ كانون الأول 2022.

وجاءت المواجهات إثر تنفيذ مواطن متقاعد من شركة السكك الحديدية الفرنسية يدعى "ويليام م" (69 عاما) وله سوابق في محاولتي قتل بدوافع عنصرية وقعتا في 2016، و2021، أمام مركز "أحمد قايا" الثقافي الكردي وسط باريس.

ونقلت السلطات الفرنسية القاتل الذي اعترف بجريمته وأكد أنه أطلق النار لدوافع "عنصرية"، إلى مصحة نفسية تابعة للشرطة، في حين اعتقلت العشرات من المشاركين في الاحتجاجات التي تخللها العنف.

من جانبه، غرد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عبر تويتر، قائلا إن أكراد فرنسا كانوا هدفا لهجوم شنيع في قلب باريس، مضيفا: "كل التعاطف مع الضحايا، وكل التقدير لقوات شرطتنا على شجاعتها ورباطة جأشها".

تغريدة ماكرون وقرار النيابة العامة وموقف الإعلام الفرنسي المتواطئ، أثار موجة غضب واسعة بين الناشطين على تويتر، إذ استنكروا عدم تصنيف الواقعة "إرهابية"، وتجنبهم نعت منفذها بـ"الإرهابي"، واستخدام كلمات أقل وقعا وابتعادا على التوصيف الحقيقي للحادث.

وعبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #الأكراد، #ماكرون، #عملية_باريس، أعربوا عن استيائهم من إطلاق سراح منفذ الهجوم رغم اعترافه بجريمته وإرجاعها لدوافع عنصرية بزعم أن لديه "أمراضا نفسية"، والتعامل معه كضحية أو مختل عقليا.

ودعا ناشطون لإطلاق العنان للمخيلة والتفكير في تبعات الأحداث إذ كان القاتل "مسلما أو عربيا أو كرديا"، وأوقع قتلى فرنسيين، مؤكدين أن الأحداث كانت ستحظى بتغطية إعلامية متواصلة، وبرقيات إدانة وتعزية، مع مسارعة بوصم الفاعل وعقيدته بـ"الإرهاب".

ورأى ناشطون أن فرنسا تحصد نتاج خطاب الكراهية الذي زرعته طوال سنوات عبر فتح قنواتها لليمين المتطرف، متهمين الإعلام الفرنسي والسياسيين بنشر ثقافة الكراهية تجاه الأجانب بين أطياف الشعب الفرنسي.

عنصرية مقيتة

وتفاعلا مع الأحداث، كتب أستاذ العلوم السياسية الكويتي الدكتور عبدالله الشايجي، أن عنصرية فرنسا والفرنسيين بلا حدود، مستنكرا عدم وصف السلطات الفرنسية الاعتداء بعمل "إرهابي"، بالإضافة إلى خرس اليمين المتطرف وعدم تعليقه على الأحداث.

وأضاف: "لو كان مسلما لشيطنوا الإسلام، ما أغضب الأكراد ليشتبكوا مع الشرطة؟".

وتعجب الصحفي الأردني محمد خير فرحات، من امتناع فرنسا عن وصف حادث قتل أحد مواطنيها لثلاثة أكراد بالجريمة "الإرهابية والعنصرية" مع أن الفاعل اعترف بدوافعه، ما نتج عنه عمليات تخريب واحتجاجات ومواجهات واسعة بين الأكراد وقوات الأمن تجتاح شوارع باريس.

وأضاف: "لو كان الفاعل عربيا أو مسلما لأقامت فرنسا الدنيا ولم تقعدها منذ اللحظة الأولى".

فيما أكد محمد الهادي بن صالح، إن الكراهية والعنصرية تجاه المهاجرين انتشرت في فرنسا بشكل ملفت في عهد ماكرون.

وكتب شافي العجيل: "لا ننسى دور ماكرون وحقده ورفضه للثقافة والمبادئ الإسلامية ودوره في دعم التيارات العنصرية لضرب دول عربية وإسلامية مثل سوريا وإيران وها هي تعود إلى باريس في عنف دامٍ نتيجة سياسته".

ورأى سامي عمار أن هذا ليس أول حادث بخصوص التفرقة العنصرية وسبق أن وقع مثل هذه الحوادث تجاه الغير دون الفرنسيين.

ذريعة للبراءة

واستنكر ناشطون رفع قرار احتجاز القاتل لنقله لمصحة نفسية بدعوى مرضه، وأكدوا أنها خطوة تمهد لإعفائه من الجريمة وحمايته وإطلاق سراحه المستقبلي، متسائلين عن موقف النظام الفرنسي إذا كان منفذ الجريمة من جنسية أخرى. 

وتعجب المدون العربي عماد السامرائي، من إطلاق سراح قاتل الأكراد الثلاثة وإحالته إلى طبيب نفسي، وإلغاء النيابة العامة في باريس توقيفه بناء على توصية طبية وإخضاعه لاستجواب في حال سمح وضعه الصحي بذلك، متسائلا: "ماذا لو أن كرديا قتل 3 فرنسيين؟"

وأوضح المغرد دانيال، أن إعلان فرنسا رسميا أن قاتل الأكراد الثلاثة "مريض نفسي" يعني أن حاله حال مرتكب مجزرة نيوزلندا بحق المسلمين.

وتساءل: "لماذا الجرائم الإرهابية عندما يرتكبها مسيحي أبيض يكون مريضا نفسيا ولماذا عندما يكون القاتل غير أبيض ومسلما يكون إرهابيا؟"، وأجاب: "عدالة الغرب تحت حذائي".

ولفتت المغردة روبا، إلى أن في فرنسا/أوروبا، إذا كان المعتدي القاتل أوروبيا يعامل كمريض ويوضع في مصحة في حين يتّهم المسلم المسالم والطبيعي بـ"الإرهاب".

وأضافت: "فقط في فرنسا/أوروبا من الطبيعي قتل الأبرياء، مسلمين أو ذوي البشرة السوداء (مثلا) لأن ذلك على عكس الطبيعة يعد جزءا من طقوس ثقافة العنصرية خاصتهم".

وكتب رئيس اتحاد البرلمانيين العراقيين منتصر الأمارة: "تعرض الكرد لهجوم إرهابي في فرنسا واستشهد ثلاثة بلا ذنب اقترفوه!! لو حصل العكس وأن كرديا قتل فرنسيين فهل يقول عنه الإعلام الغربي أنه مجرد مجنون أم سيصفون كل الكرد والمسلمين بالإرهاب والتطرف؟".

وأضاف: "حقوق الإنسان عندهم حسب أصول القاتل ونوع الضحية"، معربا عن إدانته للجريمة النكراء.

صمم إعلامي

وأعرب ناشطون عن غضبهم من طريقة تعامل الإعلام الغربي والفرنسي تحديدا مع الأحداث، وعدم تسليط الضوء على مقتل الأكراد على يد فرنسي عنصري، وتجنب توصيف الحادث بـ"الإرهابي" سيرا على نهج حكومة ماكرون.

ولفتت الصحفية أمال ثابت، إلى أن الإعلام الفرنسي يغض نظره عن أحداث باريس الدموية، قائلة: "هكذا توصف عندهم حرية التعبير وحقوق الإنسان".

ووصفت المغردة سهام، الإعلام الفرنسي بالمنافق، لرفضه وصف لجريمة المرتكبة في حق الأكراد بالعمل "الإرهابي" فقط لأن فاعلها فرنسي، مشيرة إلى أنه حتى الحكومة الفرنسية رفضت نفس الوصف.

ورأت أن من حق الأكراد الانتفاض عليهم، قائلة: "لو عملها واحد عربي كانوا وصفوها بأبشع الصفات وفرصة لقمع المسلمين".

وأشار أحمد القاري، إلى أن حادثة الإرهابي قاتل الأكراد في باريس تفضح فساد المعايير الفرنسية، قائلا: "بدل أن تعمل فرنسا على اجتثاث جذور الإرهاب اليميني المسيحي ترفض وسمه بصفة الإرهاب وتصر على الاكتفاء بوصف العنصرية."

وأوضح أنه بمجرد تبين هوية المقتولين وهوية القاتل تراجع الخبر في وسائل الإعلام الفرنسية وتوقفت برامج تحليل الحادثة والتعليق عليها وتصاعدت دعوات التريث في تصنيفها وترك الوقت الكافي للتحقيق والقضاء، قائلا: "إذا كنت تظن في الإعلام الفرنسي ذرة حياد أو مساواة فأنت مخدوع".

واستهجن مؤمن الوزان، تعامل الإعلام الغربي والعربي مع الجريمة العنصرية على يد القاتل الأبيض الفرنسي بأسلوب "صمٌ بكمٌ عميٌ"، مؤكدا أن القاتل لو كان -جده السابع مسلما- لكتبوا ونددوا وشجبوا وتضامنوا وبث تلفزيون على مدار الساعة.

نتيجة طبيعة

وتداول ناشطون مقاطع فيديو وصورا تظهر المواجهات التي اندلعت في باريس بين الأكراد وعناصر من الشرطة الفرنسية، وتكشف حجم الغضب الكردي من الهجوم، وخلصوا إلى أن ما يحدث نتيجة طبيعية لفشل سياسات ماكرون وإمعانه في الإساءة للإسلام والمسلمين.

وعرض الإعلامي أحمد منصور، مقطع فيديو يرصد الأحداث، وعلق عليه قائلا: "باريس كما لم تروها من قبل.. حرب شوارع طاحنة والشرطة تتراجع وتفقد السيطرة أمام آلاف الأكراد الغاضبين بعد مقتل ثلاثة منهم على يد متطرف يميني فرنسي".

وبث الكاتب السوري الدكتور أحمد موفق زيدان، مقطع آخر، مكتفيا بالتعليق عليه بالقول: "باريس تنهار". ونشر إياد الحمود، مقطع فيديو يرصد الفوضى الحاصلة وسط باريس بعد مقتل 3 أكراد بالرصاص على يد رجل سبعيني، فخرجوا يتظاهرون وحدث اشتباك مع الشرطة وأصبح المكان كساحة حرب تدمرت فيها السيارات واشتعلت فيها النيران.

وأشار إلى أن الشرطة سألت السبعيني لماذا قتلتهم؟، فقال: لأني عنصري وأكره الأكراد.

وتحت عنوان "مَن زرَعَ حَصَد"، أشار المدير العام السابق للإيسيسكو عبدالعزيز التويجري، إلى أن باريس تتحول لساحة قتال وحرب شوارع وكر وفر وإشعال حرائق في الطرقات والسيارات، وإصابة 31 شرطيا خلال مواجهات دامية احتجاجا على مقتل 3 أكراد على يد مسلح سبعيني.

وذكر المدير السابق بدائرة الطيران المدني بأبو ظبي علي حسن الحمادي، بأن ماكرون لم يحاسب الصحيفة والصحفي الذي سب الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وأغلقت حكومته المساجد والمراكز الإسلامية ومنعت الحجاب.

وأضاف: "كان عليه من الله ما يستحق.. ها نحن نشاهد الدمار الذي أصاب بلاده، إن الله يمهل ولا يهمل".