"حطموا وجهها".. اتهامات للنظام الإيراني بقتل طبيبة عالجت جرحى الاحتجاجات

12

طباعة

مشاركة

في أعقاب دخول المظاهرات المناهضة للنظام الإيراني شهرها الرابع على التوالي منذ مقتل الفتاة الكردية مهسا أميني، شهدت إيران حالة قتل جديدة أشعلت موجة غضب واسعة.

ناشطون على تويتر، أفادوا بأن الطبيبة عايدة رستمي التي كانت تعالج المصابين في التظاهرات المناهضة للمرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي سرا، قُتلت خلال ديسمبر/كانون الأول 2022 في بلدة أكباتان بطهران على أيدي قوات الأمن التابعة لنظام الملالي.

لكن مصادر إعلامية أفادت بأن مركز شرطة أكباتان اتصل بعائلة الطبيبة عايدة وطلب منها مراجعة مركز الشرطة، وهناك جرى تسليمهم رسالة تشير إلى أنها قُتِلت في حادث اصطدام وعليها مراجعة الطب العدلي لتسلم الجثة.

وهي الرواية التي يرفضها الناشطون على تويتر، ويوجهون اتهامات إلى النظام الإيراني بتصفيتها بعد اختطافها وتعذيبها معاقبة لها على مساعدتها جرحى الاحتجاجات سرا، إذ وجدت العائلة جثتها بوجه محطم وذراع مكسورة، وعين مقلوعة.

وأعربوا عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسم #أيدا_رستمي، عن غضبهم من أن السلطة الإيرانية جعلت الموت روتينا يوميا، بارتكابها جرائم شنيعة ومستمرة، محذرين من خطورة الصمت على هذه الجريمة البشعة والمروعة.

وأوضح ناشطون أن آخر اتصال لعايدة مع والدتها كان في 12 ديسمبر بعد انتهاء نوبة عملها في مستشفى جمران، وسألت والدتها عما إذا كان بحاجة إلى أي شيء يمكنها تحضيره وجلبه وهي في طريقها إلى البيت، لكنها لم تعد.

وأشاروا إلى أن عايدة كرست حياتها كلها لمساعدة الآخرين، وكانت طبيبة شجاعة تتوق إلى النور والحرية وتؤمن بالثورة المتصاعدة ضد النظام، وتؤيد الوقوف في وجهه وتؤدي واجباتها الإنسانية والأخلاقية تجاه الثوار بحذر، مستنكرين ارتكاب النظام جريمة مروعة باغتيالها.

واتهم ناشطون النظام الإيراني بتصفية النبلاء ومعاقبة الثوار وداعميهم، وارتكابه جرائم قتل واغتصاب وإعدام وقتل وقمع للشعب من أجل البقاء في السلطة، مؤكدين أن علي خامنئي يمثل تهديدا خطيرا لأمن إيران والمنطقة بأكملها.

وأعلنوا تمسكهم بمطالبهم بإسقاط النظام الحاكم، والإطاحة بعرش الملالي مهما كلف الأمر، ساخرين من اعتراف القائد العام للحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي، خلال خطابه من محافظة قم وسط البلاد بـ"خطورة" الأوضاع في البلاد جراء موجة الاحتجاجات الشعبية.

ومنذ 16 سبتمبر/ أيلول 2022، تتواصل احتجاجات بأنحاء إيران إثر وفاة الشابة مهسا أميني (22 عاما) بعد 3 أيام على توقيفها لدى "شرطة الأخلاق" المعنية بمراقبة قواعد لباس النساء.

وأثارت الحادثة غضبا شعبيا واسعا في الأوساط السياسية والإعلامية في إيران، وسط روايات متضاربة عن أسباب الوفاة. واتهم ناشطون النظام بقتلها تحت الضرب.

روايات الصحفيين

وأوضح الصحفي والمحلل أوميد معماريان، أن المقتولة اسمها عايدة رستمي، وهي طبيبة ساعدت المتظاهرين المصابين في إيران، غادرت في 12 ديسمبر المستشفى ولم تعد أبدا، وفي اليوم التالي أخبرت الشرطة أسرتها أنها تعرضت لحادث، قائلا: "لا أحد يصدق أكاذيب النظام".

وأشار الصحفي بوريا زرعاتي، إلى أن عائدة اعتادت خلال الاحتجاجات، الحضور بين المتظاهرين لمساعدتهم، وأن السلطة أخبرت أسرتها أن سيارة صدمتها وهربت، لكنهم لم يسلموا هاتفها وحقيبتها، ودفنت بجانب والدها.

ولفتت الصحفية ثنا إبراهيمي، إلى أن عايدة رستمي طبيبة كانت تساعد الثوار المصابين على انفراد حفاظا على سلامتهم مع منحهم العناية الطبية اللازمة، "لكن النظام الإرهابي في إيران اختطفها من العمل، وأعادوها جثة ميتة إلى عائلتها، مما أظهر أنها قُتلت".

وقال أمير فرشاد إبراهيمي، إن عائدة رستمي طبيبة شابة ذهبت من بيت إلى بيت لمساعدة الجرحى الثوار وقتلت في الفصل الأخير من قصة حياتها الرائعة على يد مجرمي الجمهورية الإسلامية.

"نظام قاتل"

وصب ناشطون غضبهم على النظام الإيراني واتهموه بقتل عايدة لإنقاذها أرواح المتظاهرين الذين أصيبوا بالرصاص، وعدوا مقتلها وثيقة إثبات جديدة تؤكد فساد نظام خامنئي وضرورة إسقاطه.

واستنكر رسام الكاريكاتير المعارض للنظام الإيراني والناشط في مجال حقوق الإنسان سائر سبيل، مقتل الدكتورة عايدة رستمي في إيران، متهما من أسماهم مرتزقة خامنئي بخطفها وقتلها بعد الكثير من التعذيب والكذب على عائلتها بأنها قتلت في حادث.

وقال الناشط السياسي علي ناريماني، إن خامنئي بعد تنديد واستنكار الإعدامات بدأ بأسلوب جديد في خطف الشباب وتعذيبهم وقتلهم، داعيا إلى استنكار جريمة القتل البشعة لعايدة رستمي.

وأوضح مغرد آخر أن "عايدة رستمي وجميع الأحباء الذين استشهدوا على يد وحشية الملالي هي فدية كبيرة لهذه الأمة من أجل الحرية والعدالة والمساواة".

وبين الرياضي الإيراني سام رجبي، أن عايدة طبيبة ملتزمة ساعدت الجرحى، ودفنت بعد وفاة مريبة، وزعم الجيش تعرضها لحادث، لكن عندما ذهب ذووها لرؤية جثتها، اكتشفوا أن جانبا من وجهها محطم، وإحدى ذراعها مكسورة، وعينها اليسرى مجففة، متسائلا: "ماذا فعلت؟".

ووصف مغرد آخر الصمت على ما حدث مع الدكتورة عايدة بأنه خيانة لها وللخالدين الذين ضحوا بحياتهم من أجل إيران.

واقعة مشابهة

وربط ناشطون بين مقتل الطبيبة عايدة والطبيب رامين الذي كان يعمل على فحص ومعالجة المصابين في احتجاجات عام 2009 وتوفي أيضا في ظروف غامضة.

ولفتت الصحفية هدیه کیمیایی، إلى أن الطبيب رامين توفي في نوفمبر/تشرين الثاني 2009، وقالوا إنه انتحر، والآن في ديسمبر/كانون الأول 2022، قتلوا عايدة لإنقاذها أروح المتظاهرين الذين أصيبوا بالرصاص.

وأضافت: "هذه قصة سنوات من جرائم الجمهورية الإسلامية لا يستطيع العالم فهمها"، وفق وصفها.

وقال المغرد عماد، إن عايدة رستمي من الشعب، ومثل كل أحباء الأمة الذين قتلوا على يد جلادي النظام خلال هذه السنوات، مثل الدكتور رامين بوراندارجاني.

ونشر أحد المغردين صورة تجمع الطبيبين عايدة ورامين، مشيرا إلى أنهما قُتلا بسبب القسم الذي أقسموه.

وتساءل: "كيف سيكون رد فعل شعوب العالم على مقتل مثل هؤلاء الأطباء الشرفاء لإنقاذ أرواح مواطنيهم، وهو من واجباتهم الرئيسة، وما هو القرار الذي ستتخذه الحكومات بشأن هذه الحكومة القاتلة؟".

تصريحات مستفزة

وبرز تداول الناشطين لتصريحات قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي، بأن الوضع اليوم ليس طبيعيا وحرج وحاسم، وأن كل الأعداء في العالم نزلوا إلى الميدان للقضاء على النظام، وفق وصفه.

واتهم سلامي خمس دول بالضلوع في اندلاع الاحتجاجات في إيران وهي إسرائيل وأميركا وفرنسا وبريطانيا والسعودية.

ورأى الناشطون أن هذه التصريحات تدل على التخبط في تبرير حقيقة احتجاجات الشعب الإيراني وهلع النظام من مواجهة مصير مجهول في أعقاب تصاعد الاحتجاجات وردة الفعل الغاضبة تجاه تجاوزاته، وبرهان على أن الأجهزة القمعية مرتعبة، وأن انهيار النظام بات وشيكا.

وتعجب الكاتب السوري بسام جعارة، من إدراك قائد الحرس الثوري الإيراني بعد أربعة أشهر من الاحتجاجات أنها مخيفة وتشكل خطرا وجوديا.

وعد ريموند حكيم، تصريح قائد الحرس الثوري الإيراني دليلا على أن نظام خامنئي بات يلفظ أنفاسه الأخيرة.

وأشار الصحفي والباحث في الشأن العراقي رعد هاشم، إلى هلع إيران من مصير مجهول.

وعلقت مغردة أخرى، على تصريحات سلامي، قائلة: "نهايتكم قربت يا ذيول إيران"، وفق وصفها.