تعنت حكومي وفشل برلماني.. غضب أردني متصاعد بسبب أسعار المحروقات

12

طباعة

مشاركة

نوبة غضب متصاعدة تتسع وتيرتها وتنتقل إلى مدن ومحافظات عدة بالمملكة الأردنية لليوم العاشر على التوالي، احتجاجا على رفع السلطات الأردنية أسعار المشتقات النفطية بشكل متكرر خلال العام.

والمشتقات النفطية المتعارف عليها ضمن التسمية المحلية بالأردن، هي بنزين 90، وبنزين 95، وديزل، والكاز، إضافة إلى أسطوانات الغاز المنزلي. وبررت الحكومة الزيادة بارتفاع أسعار النفط الخام عالميا.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2022 قررت لجنة تسعير المشتقات النفطية بالأردن زيادة سعر لتر الديزل 35 فلسا، ليرتفع بذلك من 860 سابقا (1.21 دولار) إلى 895 فلسا (1.26 دولار).

ورفعت أسعار مادة البنزين 90 بمقدار 10 فلسات، والبنزين 95 بمقدار 15 فلساً، ليصبح سعر بيع الأول 920 فلسا (1.29 دولارا) للتر الواحد، ويصبح سعر اللتر للثاني 1170 فلسا (1.64 دولارا).

هذه الزيادات دفعت أصحاب الشاحنات لإعلان إضرابهم في 5 ديسمبر/كانون أول، وانضم إليهم لاحقا سيارات الأجرة والنقل وحافلات نقل الركاب وباصات المدارس، للمطالبة بخفض أسعار الوقود المباع في السوق المحلية.

وتحول الإضراب إلى حركة احتجاجية شاملة وعصيان مدني ومواجهات مع قوى الأمن، ورفض لكل الحلول الرسمية المقترحة في دلالة على عدم الثقة في الحكومة وإصرار على الوصول لحل جذري ينهي الأزمة دون تسويف أو مسكنات.

ولاقى الإضراب تأييدا وتضامنا واسعا بين الناشطين على تويتر، إذ رأوا أن الملف الآن بين يدي الحكومة، إما تنهي الإضرابات وتنقذ الاقتصاد المتضرر بقرارات صائبة تعود بفائدة على الجميع أو تواصل تأزيم المشكلة بمزيد من التجاهل أو عرض حلول غير مرضية.

وأشاروا عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسم #إضراب_الشاحنات، #إضراب_الكرامة، #إضراب_النقل_العام، وغيرها، إلى أن أزمة المحروقات هي القشة التي كسرت ظهر الشعب الأردني وفجرت حالة الغضب المتصاعدة.

وأشاد ناشطون بانضمام محافظات ومدن أردنية للاعتصام والتضامن مع المضربين المتضررين، متداولين مقاطع فيديو وصورا من مواقع مختلفة توضح استجابة الأهالي والمحلات التجارية لدعوة العصيان المدني ومشاركتهم فيه بإغلاق محالهم.

وتحدثوا عن سلمية ودستورية ومشروعية الإضراب واستعمال الشعب لحقه في الاحتجاج والتصدي للسرقة العلنية التي تنفذها الحكومة من جيوب الشعب، داعين إلى دعم العصيان المدني واستغلال الفرصة لاسترداد الحقوق، ووقف تغوّل الدولة على قطاع الطاقة. 

واستنكر ناشطون ضعف موقف البرلمان ورئيسه وفشلهم في حجب الثقة عن الحكومة الحالية وصمتهم أمام الأزمة المتصاعدة، مؤكدين أن كل الأزمات التي يعيشها الأردن تسللت من بوابة وقبة البرلمان.

واستهجنوا فشل الحكومة في الأزمة وقمع الجهات الأمنية للاحتجاجات، ومحاولتهم ثني أصحاب الشاحنات عن إضرابهم السلمي، بإطلاق قنابل غاز لتفريقهم، داعين الحكومة إلى تحمل مسؤوليتها السياسية وتجنيب الأجهزة الأمنية الدخول في مواجهة مع الشعب.

توسع الاحتجاجات

وتفاعلا مع الأحداث، رصد ناشطون توسع الإضراب وانتقاله إلى عدد من محافظات الأردن، وبرزت الإشادة بانضمام محافظة معان وإعلانها العصيان المدني، مستنكرين مواجهة قوات الأمن للإضراب بعنف وإطلاق نار.

وأفاد الصحفي يحيى كناكرية، بأن عدة محال في معان تغلق أبوابها احتجاجا على عدم تلبية مطالب أصحاب شاحنات.

ونشر أحمد القبيلات، مقطع فيديو لمواجهات بين المواطنين وأجهزة الدرك والأمن العام في قضاء مليح بمركز لواء ذيبان.

وأوضح محمد الحبحبة، أن مدينة معان أعلنت العصيان المدني بطريقة حضارية تضامنا مع إضراب النقل العام، وأغلقت جميع المحلات باستثناء الصيدليات والمخابز، بعد إضراب "سلمي" استمر أكثر من 10 أيام دون استجابة بإلغاء الضريبة الثابتة على المحروقات. وأضاف: "دع الفاسدين ينقمعون ويختبئون في جحورهم".

وأشار أحد المغردين، إلى أن معان تصارع الفساد وتجابه المفسدين وتناشد إخواتها بالوقوف معها وألا يتركوها، متسائلا: "هل ستكون وحيدة أم سيكون لأبناء الشعب الأردني الأحرار رأي آخر؟"

فشل حكومي

وصب ناشطون غضبهم على الحكومة الأردنية برئاسة بشر الخصاونة، مستنكرين فشلها في إدارة الأزمة وعدم قدرتها على إيجاد حلول تنهي إضراب الشاحنات الذي دخل يومه العاشر، مما كبد الاقتصاد خسائر ضخمة وعطل عجلة الإنتاج.

وأكد الصحفي نضال سلامة، أن تعنت الحكومة وتجاهلها وقراراتها إضافة لما تسبب به الفاسدون المحميون تحت عباءة القانون وغيره، أدى إلى ما يجرى الآن، مطالبا بمحاكمتهم جميعا بتهمة المساس بأمن الوطن.

ورأى المغرد مجدادي، أن تجاهل الحكومة لما يجرى في الشارع من اعتصامات منذ أسبوع دليل كاف على أن تجويع الشعب ممنهج ويأتي بأجندات خارجية لتمرير قوانين لا تقبلها كرامة الشعب.

وأكد مأمون الكيلاني، أن تجويع الأردنيين لم يكن صدفة ولا ظروف الدولة ولا فقر الحكومة ولا قلة الموارد.

وإنما هي خطة ونهج حتى يفقد الأردنيون الفزعة وروح المبادرة للمطالبة بحقوقهم وحقوق أبنائهم، قائلا: "الإفقار هو سياسة الحاكم في ترويض المواطنين".

عجز البرلمان

وأعرب ناشطون عن استيائهم من موقف النواب وعلى رأسهم رئيس المجلس أحمد الصفدي من الأزمة الراهنة، واصطفافه إلى جانب الحكومة والحديث بلسانها وكأنه ممثل عنها في مخالفة لدوره المنوط به كممثل منتخب عن الشعب الأردني.

ورد عدي العجارمة، على قول الصفدي لممثلي أصحاب الشاحنات: "نمر بظروف اقتصادية صعبة تحتم علينا جميعا التعاون لتجاوزها ونعول على وعي المواطن الأردني وحكمته فنحن جميعا نوابا وحكومة ومواطنين نقف معا في خندق الوطن"، قائلا: "لا يا عم نحن اليوم كمواطنين نعول على وعي الحكومة والنواب ".

واستنكر المغرد علي الشناق، تصريح الصفدي، عن استعداده التوجه للمحافظات للحديث مع المعتصمين، قائلا: "هذا رئيس النواب.. يتحدث وكأنه عبارة عن نائب عن الحكومة وليس نائبا عن الشعب.. فكيف بالنواب؟"

وأضاف: "بعدين شو مستعد؟ يعني بتنتظر الضوء الأخضر لإقرار المياومات لزيارتك؟ ولا الضوء الأخضر للتحرك؟ حسيت إنه نازل على جبهة حرب".

وتهكم فراس الماسي، على قول الصفدي: "نحن على تماس مباشر مع المواطنين وندرك همومهم ونشعر معهم"، قائلا: "لا تعليق".

ونصح وزير الصحة الأردني الأسبق سعد خرابشة، بعض الشخصيات التي وصفها بالمُستفِزّة من الحكومة والنواب بعدم التصريح عبر وسائل الإعلام عن موضوع الإضرابات لأنهم "بزيدون الطين بلّة".

استنهاض وتحفيز

ورفض ناشطون التعويل على النواب والنقابات والأحزاب في تحقيق مصلحة السائقين، وأكدوا أن الكلمة اليوم أصبحت بيد الشعب وهو الوحيد القادر على فرض مطالبه وإلزام الحكومة بالاستجابة لها وتلبيتها، واستنهضوه لتوسيع نطاق العصيان المدني.

وقال الناشط السياسي سلطان العجلوني: "لم نعد ننتظر من المعارضين أي مبادرة أو عمل لتغيير الواقع السيئ، بتنا نكتفي منهم بالثبات وعدم السقوط ونعتبر ذلك بطولة!!".

وتساءل الناشط السياسي ياسر العروان: "أين الأحزاب عما يحصل بالوطن؟"، قائلا: "لم أقتنع يوما بحزب.. وعند الحسم يعتلون ظهور الأحرار والشعب".

وذكر الباحث في السياسة والعلاقات الدولية أحمد رواش، بمقولة الكاتب والشاعر المصري الملقب بأمير الشعراء أحمد شوقي في قصيدة "سلوا قلبي غداة سلا وتابا": "وما نيل المطالب بالتمني.. ولكن تؤخذ الدنيا غلابا".

وكتبت لميس محمد المجالي: "المَطلب واضح ليس بِحاجة لا اجتماعات نواب ولا دراسات، وَبِما أن اللص لا يأبه لِمطالب الشَّعب المشروعة وَيسلب حقوقه فقد وجب على هذا الشعب أن يعلن (العصيان المدني) فالحقوق تنتزع ولا تستجدى".

وأكد عبد الوهاب أبو نواس، على وجوب أن تكون الأردن يدا واحدة من جنوبها إلى شمالها ثم ستقع الرؤوس.

وتساءل إيهاب الحسان: "متى يتكاتف أهلنا مع إضراب النقل العام ومع إضراب سائقي الشاحنات؟ ويصبح إضرابا عاما؟"، قائلا: السائقون لم يرضوا برشوة الحكومة كرامة لكم كرامة لكل أردني، هل نتركهم لمصيرهم وانتقام الحكومة؟"

وأضاف: "والله لا يجوز.. والله لازم اليوم الكتف بالكتف مع شباب النقل العام والسائقين الأكارم".