"دولة البهجة".. صحيفة فرنسية: مونديال قطر ينتقم من الجيران الحاقدين
تحدثت صحيفة لوبوان الفرنسية عن الدور الذي لعبه التنظيم المُحكم لكأس العالم فيفا 2022، في تعزيز قطر لدورها وقوتها الناعمة عبر الدول العربية والإسلامية في المنطقة.
تقول لوبوان، إن قطر هي المضيف والمذيع لكأس العالم لكرة القدم، والدوحة بذلك، تحصد انتصارات بين مواطني الدول العربية وبين المسلمين على السواء.
"بسم الله"، بهذه الكلمات العربية ذات الدلالة الإسلامية البحتة افتتح أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، كأس العالم فيفا 2022، وفق وصف لوبوان.
وبحسب الصحيفة، في هذا إشارة واضحة إلى وسائل الإعلام والرأي العام الدولية بأن هناك بالفعل دولة عربية وإسلامية تستضيف الحدث الكروي الأكثر مشاهدة في العالم.
مواصفات عالمية
افتتاح انطلق، هناك حيث صُممت أيقونات قطرية بمواصفات عالمية مواكبة للحداثة التكنولوجية (الملاعب والمترو وغيرها) جنبا إلى جنب مع التفوق اللوجستي (رحلة طيران كل عشر دقائق نحو الدوحة).
وأردفت الصحيفة: "هناك في الخليج العربي، حيث تقع قطر، دولة البهجة، على أرض مليئة بالغاز، وهناك أيضا أين يُظهِر أمير قطر مرونته وإرادته السياسية، بعيدا عن الكُلفة المرتفعة للتنظيم".
تقول الصحيفة إنه منذ اللحظة التي افتتحت فيها الدوحة كأس العالم، أصبح من المفترض أن يعرف العالم بأسره مكانة قطر على الخريطة الدولية.
وتطرقت لوبوان إلى المشاكل التي واجهتها دولة قطر خلال المرحلة السابقة لافتتاح كأس العالم. وتعود بالزمن تحديدا إلى 5 سنوات مضت عندما تعرضت الدوحة لحصار خليجي قادته بالأساس السعودية والإمارات.
وفي 5 يونيو/حزيران 2017، كانت قطر تُكافح بشكل كبير بسبب حصار بري- جوي- بحري فرضه بشكل مفاجئ جارها السعودي وعدد من حلفائه في المنطقة الخليجية.
في ذلك اليوم أعلنت ممالك الخليج البترولية، الحرب على دولة قطر، وقررت الرياض تحت حكم عائلة ولي العهد محمد بن سلمان إغلاق حدودها البرية والجوية والبحرية مما حرم جارها من الوصول إلى أي منافذ خارجية عن طريق البر.
وحذت مجموعة من الدول ذات النفوذ في المنطقة حذو محمد بن سلمان (MBS) في هذه الخطوات، ومنها الإمارات العربية المتحدة، البحرين، مصر، في محاولة لقطع الإمدادات عن قطر بدعوى دعمها للإرهاب وهي تهمة نفتها الدوحة وأكدت أن ما يجرى محاولة للسيطرة على قرارها السيادي.
لكن وعلى العكس من تصورات دول الحصار، قلل الجسر الجوي القطري الذي نقل المواد الغذائية والماشية (4000 بقرة عن طريق الجو) والبضائع وأيضا المواطنين، من حدة الهجوم السعودي الإماراتي، حتى جعله في مرحلة ما غير مفيد أساسا.
في المنطقة المغاربية، بينما تحالفت موريتانيا وأيضا المشير الليبي الانقلابي خليفة حفتر مع محمد بن سلمان، قررت المملكة المغربية دعم الدوحة.
حقد المونديال
عندما ألقى الأمير تميم بن حمد آل ثاني خطابه الافتتاحي في استاد البيت بمناسبة انطلاق فعاليات كأس العالم قطر في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، تتويجا لإستراتيجية متكاملة مدتها اثنا عشر عاما، كان محاطا بضيوف بارزين.
كان يجلس إلى يساره، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جياني إنفانتينو، وإلى جانب الأخير أطل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
وعلقت لوبوان: "حضور محمد بن سلمان، مونديال قطر أمر مثير للاهتمام، ويستحق هذا المشهد وزنه في الرسائل التي يعنيها".
تقول هذه الصورة (محمد بن سلمان بجانب أمير قطر في افتتاح كأس العالم في الدوحة) إن المُصالحة الرسمية قد حدثت (يناير/كانون الثاني 2021) وإن الخلافات القديمة أصبحت بالفعل من الماضي، وصُنع سلام جديد.
سلام كانا محاطين خلاله بشيوخ ووسطاء، حتى وإن كان ذلك بشكل غير رسمي، على اعتقاد أن مثل الهجوم السعودي على قطر لا يمكن نسيانه بسهولة، خاصة داخل منطقة مثل الخليج العربي.
عندما يخاطب أمير قطر العالم بأسره، بصفته مُضيفا خيِّرا، فإنه في الواقع يُخاطب نظيره السعودي الذي ظهر في المنصة الشرفية في صورة المُتفرج المختار (بعناية) وفق لوبوان.
متفرج تُحركه في بعض الأحيان التشنجات اللا إرادية (يقصد الحركات التي يفعلها ولي العهد السعودي عبر تحريك أنفه مثلا).
تلقت دولة قطر العديد من التعليقات الغربية بشأن ملف العمال الأجانب الذين لقوا حتفهم في مواقع البناء وكذلك ملفات الفساد داخل فيفا، وفق وصف لوبوان.
لكن في العالم العربي، لم يجر تناول هذه الحجج على أنها بتلك الأهمية التي يطرحها بها العالم الغربي.
وتراوح نبض الشارع العربي في تصور مفاده أنه لو كانت قطر دولة غير عربية لما كانت تستحق كل ذلك اللوم والانتقادات الغربية.
تقول لوبوان إنه بالتزامن مع جماهير المشجعين في الملاعب المكيفة في قطر، يُتابع المشجعون من كل مناطق العالم عبر الشاشات، شأن كل نسخة مونديالية، المباريات الكروية.
اليوم، بحسب الصحيفة، تبدو فرضية مقاطعة كأس العالم قطر 2022، منسية. وخلال هذا المسار المتواصل من المباريات وملايين المشاهدات عبر الشاشات والذي سينتهي في 18 ديسمبر/كانون الأول، يُعزز القطريون بالفعل من قوتهم الناعمة.
من اللافت أن نلاحظ، من بروكسل إلى الرباط، من ضواحي باريس إلى الأحياء الشعبية في تونس، في المقاهي وعند محلات الحلاقة أن أجهزة التلفزيون مُتصلة بشبكة "بي إن سبورتس" باللغة العربية.
تقول لوبوان إنه رغم وضوح دور أموال النفط والغاز في الاستحواذ على كأس العالم هذا، فإن ذلك لا يخفي قناعة بأن هذا الحدث العالمي (الذي يحظى بجمهور تراكمي يبلغ 5 مليارات مشاهد تلفزيوني) في بلد عربي، منظم بعناية فائقة وأنه يُذاع اليوم على قناة عربية.
اليوم، وبعد خمس سنوات من حصار خانق، يبدو أن الدوحة قد انتقمت، وهو انتقام يجعل محمد بن سلمان يرتجف من الحقد، وفق وصف صحيفة لوبوان.