رغم خسارته في كل الاستطلاعات.. كيف ربح بايدن الانتخابات النصفية؟
أكدت صحيفة إسبانية أن الرئيس الأميركي جو بايدن حقق إنجازا هائلا ضد الحزب الجمهوري بزعامة سلفه دونالد ترامب، رغم أن كل استطلاعات الرأي كانت تظهر تدني شعبيته وانتقاده من قبل رموز بحزبه الديمقراطي.
وأوضحت صحيفة "إلباييس" أن بايدن ركز على أوراق مثل الحق في الإجهاض والدفاع عن الديمقراطية في حملة الحزب الديمقراطي الانتخابية، ما قوبل بتشكيك في قدرته على مواجهة تركيز الجمهوريين على أزمة التضخم، لكن رهان بايدن حقق نجاحا باهرا.
إنجاز هائل
وقالت الصحيفة الإسبانية إن جو بايدن لم يتوقف عن إظهار تفاؤله حتى اليوم الأخير من الحملة.
وعندما أشارت التوقعات إلى نكسة ديمقراطية قوية، ظل يؤمن بوقف "الموجة الحمراء العملاقة" التي تنبأ بها سلفه دونالد ترامب، في إشارة إلى لون الجمهوريين.
وفي هذه المرحلة، يعي رئيس الولايات المتحدة أنه حقق الأغلبية في مجلس الشيوخ، لكن خسر مجلس النواب.
لكن، مقارنة مع التوقعات ومقارنة بالانتخابات النصفية الأخرى، يمكن أن تعد النتيجة التي حققها بايدن نجاحا هائلا.
في الواقع، كان التزام بايدن في ولاية بنسلفانيا، مسقط رأسه، ودعوته للدفاع عن الديمقراطية، وحشد الناخبين المؤيدين لحق الإجهاض، وتطرف ترامب وبعض المرشحين الجمهوريين؛ جميعها عوامل ساعدت الديمقراطيين بإقامة سد ضد هذا المد الجمهوري.
ونوهت الصحيفة بأن الديمقراطيين قد حققوا إنجازا هائلا؛ نظرا لأن الانتخابات نظمت خلال فترة سجلت فيها البلاد أعلى معدل تضخم منذ أيام الرئيس السابق جيمي كارتر.
كما أن شعبية الرئيس في الحضيض تقريبا. في الأثناء، عاش الجمهوريون خيبة أمل بعد أن اعتقدوا أنهم سيكتسحون مجلس النواب ويتمتعون بالسيطرة المريحة على مجلس الشيوخ.
وأشارت الصحيفة إلى أن بايدن أصر على أن هذه الانتخابات كانت حاسمة، وكانت "الأهم في حياتنا"، على حد تعبيره، وهي نقطة تحول يمكن أن تحدد مستقبل الولايات المتحدة خلال العقدين المقبلين.
وخلال حملته الانتخابية، توصل بايدن إلى أن مؤيدي ترامب المتطرفين يشكلون تهديدا للديمقراطية.
وفسر عند تعليقه على النتائج في مؤتمر صحفي، أن الأميركيين بعثوا "برسالة واضحة لا لبس فيها، مفادها أنهم يريدون الحفاظ على الديمقراطية".
حق الإجهاض
وبينت الصحيفة أن أحد العوامل التي يبدو أنها لعبت لصالح الديمقراطيين تمثلت في تعبئة الناخبين المؤيدين لحق الإجهاض.
عندما ألغت المحكمة العليا قضية رو ضد وايد في حزيران/ يونيو 2022، والتي أسست لحقوق الإجهاض على الصعيد الأميركي.
وبرزت القضية في الواجهة، وجعلها الديمقراطيون أحد ركائز حملتهم.
ومع ذلك، فإن استطلاعات الرأي قبل الانتخابات وضعت هذا العامل في مرتبة أدنى من الاهتمامات الأخرى، مثل الاقتصاد بشكل عام، وارتفاع الأسعار على وجه الخصوص، التي ركز عليها الجمهوريون.
في هذا السياق، عندما بدت استطلاعات الرأي أكثر قتامة بدأ إستراتيجيو الحزب الديمقراطي بجلد أنفسهم. وحتى قبل حلول يوم التصويت كانت هناك انتقادات داخلية لحملة ذات تركيز خاطئ.
وكان الجمهوريون يرون أنهم أولوا القليل من الاهتمام للاقتصاد، وتم تخصيص جزء كبير من ميزانية الحزب لمسألة الإجهاض.
ومع ذلك، يبدو أن الإجهاض كان له تأثير تعبئة أكبر مما توقعته استطلاعات الرأي.
تقليديا، كان الناخبون المناهضون للإجهاض في الحزب الجمهوري هم من يمنحون هذه المسألة الأولوية، ولكن مع التغيير في معايير المحكمة العليا، تحول الوضع.
وتم في كاليفورنيا وميتشيغان وفيرمونت اقتراح حماية الحق في الإجهاض في دساتير الولايات.
وفي ولاية كنتاكي المحافظة، تم اقتراح العكس: إزالة الحق في الإجهاض من دستور الولاية. وفي جميع الأحوال، صوت الناخبون لصالح الإجهاض في الاستفتاءات.
وفي الحقيقة، كان عامل الإجهاض حاسما للغاية في ميشيغان. وحشد النشطاء المؤيدين بشكل مكثف طوال الحملة، وذهبوا إلى صناديق الاقتراع بشكل جماعي.
وبشكل عام، كان لهذه التعبئة تأثير طويل الأمد سمح للحاكم الديموقراطي جريتشن ويتمير بإعادة انتخابه هو وحزبه للسيطرة على مجلسي برلمان الولاية، وهو أمر لم يحدث منذ 40 سنة.
رهان ناجح
وذكرت الصحيفة الإسبانية أن بايدن كان مشاركا في الحملة في ولاية بنسلفانيا، مسقط رأسه. بينما فضل بعض المرشحين عدم المشاركة معه، مثل مرشح أوهايو المهزوم.
عموما، تعد بنسلفانيا الولاية الوحيدة التي انتزع فيها الديمقراطيون عضوا في مجلس الشيوخ من الجمهوريين، ما سمح لهم بالحفاظ على سيطرتهم على مجلس الشيوخ حتى لو فقدوا مقعد جورجيا، حيث لم يعلن عن النتيجة حتى الآن.
بشكل عام، قد يكون الإجهاض مسألة رئيسة مرة أخرى في الجولة القادمة من الانتخابات المقررة في السادس من ديسمبر/ كانون الأول 2022.
وأشارت الصحيفة إلى حقيقة أن بايدن لم يهمل الاقتصاد أبدا في مسيراته.
في الواقع، أطلق الرئيس حملة مع النقابات في عيد العمال للحفاظ على تصويت العمال الذي أجراه ترامب في معظم أنحاء البلاد.
ومن بين المبادرات الأخرى، يبرز قانون خفض التضخم. وعلى الرغم من أنه لم يؤد إلى خفض الأسعار، إلا أنه سمح له بتوضيح رسالة كررها كثيرا.
ألا وهي أن الحزب الديمقراطي يدافع عن الطبقات الوسطى والعاملة، ويخفض تكلفة بعض الأدوية، ويحافظ على الفوائد ويزيد من حجم الضرائب على الشركات الكبرى، بينما يفضل الجمهوريون الأغنياء.
ونوهت الصحيفة بأن الديمقراطيين استغلوا الصورة المتطرفة لبعض المرشحين الجمهوريين، إلى درجة أنهم دعموا عددا منهم سرا في الانتخابات التمهيدية للحزب المنافس على أمل أن يبتعدوا عن التصويت الوسطي والمستقل عندما تظهر الحقيقة.
ونجحت هذه الإستراتيجية وكانت حاسمة في إبقاء بعض الديمقراطيين، خاصة عضو مجلس الشيوخ في نيو هامبشاير، ماجي حسن، ضد دون بولدوك.
ولفتت الصحيفة إلى أن بايدن حافظ على تفاؤله طوال الحملة، وأكد ذلك مرارا في مداخلاته.
فنشر بايدن الإيمان، ولعب الديمقراطيون أوراقهم؛ لكن فقدت الموجة الحمراء قوتها في وقت مبكر.