رغم ارتفاع أصوات الانتقادات.. لماذا لا يتواصل أخنوش مع الشعب المغربي؟

عالي عبداتي | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

انتقد عدد من الفاعلين في وسائل التواصل الاجتماعي والحياة السياسية، استمرار الغياب الإعلامي لرئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش، إذ لم يظهر في سنته الأولى من رئاسة الحكومة إلا في لقاء تلفزيوني واحد.

وعُين أخنوش رئيسا للحكومة المغربية خلفا لسعد الدين العثماني في 10 سبتمبر/أيلول 2021، عقب الانتخابات التي أجريت في الثامن من ذات الشهر، وتصدر فيها حزبه (التجمع الوطني للأحرار).

وفي سياق النقاش الدائر حول غياب وصمت رئيس الحكومة، كتب الإعلامي المقرب من السلطة رضوان الرمضاني، تدوينة على فيسبوك قال فيها: "لم يعُد مقبولا، مهما كانت التبريرات والمبررات، أن يستمر رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، في صمته".

وأضاف الرمضاني في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2022، "لم يعد مفهوما كيف أن الرجل، وهو يقود الحكومة منذ عام، لم يسجِّل غير خرجة إعلامية واحدة، في أكثر من 360 يوما"، ليخلص للقول: "الصمتُ ليس دائما حِكمة".

صمت مميت

في الاتجاه ذاته، قالت الجريدة الإلكترونية "كفى بريس"، 17 أكتوبر 2022، "إن صمت رئيس الحكومة تجاه موجة غلاء الأسعار وتدهور القدرة الشرائية للمواطنين، في مقابل استمرار بعض اللوبيات في مراكمة الثروات على حساب جيوب المواطنين، يثير الريبة حتى في صفوف أكبر مسانديه الذين وجدوا أنفسهم في موقف محرج".

وأردف الموقع: "يعاب على أخنوش، منذ توليه منصب رئيس الحكومة، غيابه عن المشهد السياسي، واقعيا وافتراضيا، في وقت يعيش فيه المغاربة أزمات متتالية، بداية بالجائحة (كورونا) والارتباك الذي عرفه تدبير الحكومة للأزمة الصحية".

وأيضا ما خلف ذلك من استياء في صفوف المغاربة، وصولا إلى أزمة الغلاء، خصوصا المحروقات، فلا يزال المواطنون يعيشون تحت رحمة شركات، إحداها، بل الأكبر بينها، في ملكية رئيس الحكومة، وفق قوله.

وأوضح المصدر نفسه، أنه "في ظل استمرار تهرب أخنوش من الالتفات إلى صرخات المواطنين ومطالب العديد من التنظيمات المدنية والمهنية، وفي غياب أي مؤشرات لتحسن الوضع المعيشي، خرج من كانوا في الأمس القريب يقفون إلى جانب الملياردير ويدافعون عنه، لمطالبته بكسر صيامه الإعلامي".

وفي تفسيره لهذا الصمت الذي يعتمده أخنوش في تجاه قضايا المواطنين، استشهد الأستاذ الجامعي والنائب البرلماني السابق، عبد العزيز أفتاتي، بمقولة للمفكر والفيلسوف المغربي الراحل محمد سبيلا، قال فيها إن "السياسة كلام أي خطاب، والسياسة دون كلام موت".

وأخنوش، يردف أفتاتي في تصريح لـ "الاستقلال": "لا يقوى على الكلام، وصمته يشبهه، فهو يتسم بالعجز عن بلورة أي شيء مفيد كخطاب أو مشروع أو رؤية أو تصور".

وشدد النائب البرلماني السابق، أن صمت أخنوش مرده إلى عجزه عن التفكير سياسيا وموضوعيا، ولذلك، "سيظل الحال على ما هو عليه، لأن الجهة التي استثمرت فيه لم تكن تتوقع أن تفاجأ بإشكالات الغلاء التي هو طرف فيها حتى النخاع".

إذن باختصار، يتابع أفتاتي، نجد تفسير هذا الصمت في "العجز التام عن أي فعل أو تفاعل سياسي جراء الخواء الفكري والسياسي الذي يعاني منه، فهو لا يفهم إلا في افتراس الأسواق ومراكمة الأرباح"، وفق تعبيره.

من جانبه، توقف الناشط السياسي عبد الرزاق المناصفي، عند وسم "ارحل أخنوش" الذي تصدر في المغرب خلال الفترة الأخيرة، غير أن الحكومة، برئاسة عزيز أخنوش، لم تهتم بالأمر، بل كانت في حالة غيبوبة.

وانتقد المناصفي في فيديو نُشر على يوتيوب، صمت الحكومة، فلم يصدر عنها أي تصريح أو تفاعل، وكانت كالذي يضع رأسه في الرمل ويظن أنه بذلك يحل المشكلة.

وشدد الناشط السياسي أن "الصمت لن يحل أي مشكل أبدا، وأن أخنوش مجبر على الاستجابة للشعب وإيجاد حلول لمشاكله، وأن يتحاور ويتواصل مع المواطنين".

فراغ سياسي

هروب أخنوش ورفضه للتواصل مع المواطنين ليس وليد اللحظة، بل ظهر هذا المنحى منذ الأشهر الأولى لتشكيل حكومته، خاصة بعد اتخاذ عدد من القرارات المتعلقة بحالة الطوارئ الصحية، ومنها إلزامية الإدلاء بجواز التلقيح لولوج الإدارات والمؤسسات العمومية.

ففي مقال نشرته جريدة "نون بريس"، 23 أكتوبر 2021، نقلت عبره تساؤلات عدد من المغاربة حول الأسباب الرئيسة لغياب "رئيس الحكومة" عن المشهد السياسي، في ظل الارتباك الذي خلفه القرار الحكومي القاضي بإلزامية تلقي جرعات اللقاح مقابل الاستفادة من الخدمات العمومية، والمرافق العامة.

وفي هذا الصدد، تساءل الأكاديمي والمحلل السياسي عبد الرحيم العلام، بقوله "لماذا لا يخرج أخنوش للدفاع عن قرار فرْض جواز التلقيح، الذي صدر من حكومته؟".

وتابع "ولماذا لم يخرج للتواصل مع المواطنين بخصوص هذا القرار الذي أثار من النقاشات ومن المشاكل ما لا يحصى؟ ولماذا لم تنشر الحكومة بلاغا موقعا باسمها على موقعها الرسمي بدلا من قصاصة إخبارية؟ أم أن رئيس الحكومة غير معني بهذا البلاغ؟".

بدورها، عبرت نقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، عن انتقادها الشديد لصمت حكومة أخنوش، إزاء الإشكالات الكبرى التي يعيشها المواطنون، وعلى رأسها أزمة الغلاء وارتفاع أسعار المحروقات.

ووفق ما نقلت جريدة "إيكو بريس"، 15 أبريل/نيسان 2022، أعلنت نقابة الاتحاد عن رفضها استمرار الصمت المثير للدهشة لحكومة أخنوش في مواجهة موجة الغلاء التي وصل مداها إلى حدود غير مقبولة، ودون اتخاذ تدابير عملية للحفاظ على أسعار مقبولة للشغيلة ولعموم المواطنين.

وشدد المصدر ذاته، أن "الحكومة عجزت عن ممارسة أدوارها الضبطية لوقف زحف الزيادات الصاروخية في مختلف المواد الاستهلاكية خاصة الحيوية منها، وتجميدها للحوار الاجتماعي".

في الاتجاه نفسه، نبهت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية (إسلامي)، إلى عجز الحكومة عن أداء واجبها، وتحمل مسؤولية سياساتها وقرارتها، والدفاع عن المواطنين في مواجهة موجة الغلاء المتواصل، وعدم الاكتراث بالرأي العام وتعبيراته، وتفريطها في واجب التواصل والتوضيح والتفاعل.

جاء ذلك في بيان للحزب، صدر بمناسبة الاجتماع الذي عقدته برئاسة الأمين العام له عبد الإله ابن كيران، 17 أكتوبر 2022، إذ رأى أن من شأن هذا الوضع "أن يذكي الاحتقان ويهدد الاستقرار الاجتماعي".

ونبه حزب العدالة والتنمية إلى "إخلاف الحكومة لوعودها، وذلك بعد سنة من انطلاقها، إذ تكشف حصيلة عملها المتواضعة جدا تخبطها وانسحابها وتخلفها عن مواجهة الإشكالات التي يواجهها المغاربة في حياتهم اليومية وعن تقديم الحلول الملائمة لمواجهة أزمة غلاء المعيشة اليومية".

وبعد أن كان نشيطا في وسائل التواصل الاجتماعي خلال الحملة الانتخابية الأخيرة، يتبين من تحليل الصفحة الرسمية لأخنوش في فيسبوك، أنه توقف عن النشر فيها منذ ليلة الانتخابات.

أي 7 سبتمبر إلى غاية 5 فبراير/شباط 2022، لينشر تدوينة يعزي فيها عائلة الطفل ريان، الذي وافته المنية في أحد الآبار شمالي المملكة.

وفي تدوينات أخرى، هنأ بمناسبة الأعياد الدينية والوطنية، وكذا تهنئة الفائزين في بعض الألعاب والمناسبات الرياضية.

هروب وتخاذل

عدد من المراقبين ربطوا بين صمت أخنوش وبين عدم وفائه لوعوده الانتخابية التي قطعها للمواطنين خلال انتخابات 8 سبتمبر 2021.

ومرت سنة ولم تتحقق هذه الوعود، ولا سيما المرتبطة بتحسين الوضع المعيشي لعدد من الفئات الاجتماعية.

وفي هذا السياق، قال مدير موقع "آذار" مصطفى الفن، في 15 أكتوبر 2022، إن حكومة أخنوش علق عليها المغاربة آمالا عريضة ولا سيما أن أخنوش نفسه رفع سقف الانتظارات عاليا في برنامجه الانتخابي.

وتابع "فما انتظره المغاربة من حكومة أخنوش تجاوز ربما ما انتظروه في وقت سابق من حكومات العدالة والتنمية".

وأردف: "أكثر من هذا، أدخل المغاربة في حلم جماعي عندما حطم الأرقام القياسية في الوعود الانتخابية".

بل إن عزيز أخنوش كاد أن يقول إنه سيحل "تقريبا" جميع مشاكل المغاربة، وإنه سيخلق مليون منصب شغل، وفق تعبيره.

 وبين أن أخنوش قال أيضا إنه سيرفع رواتب جميع رجال التعليم وسيخصص تعويضا شهرية للمسنين المغاربة وتعويضا آخر للحوامل من النساء.

 وقال أيضا أشياء كثيرة حول الرخاء وحول الرفاه الاقتصادي الذي سيعيشه المغاربة مع مجيء حكومته، بحسب المصدر.

وأبدى الفن تشاؤمه من إمكانية استجابة أخنوش وتحقيقه لهذه الوعود، ولا سيما في ظل أزمة الجفاف والاحتقان الاجتماعي وتداعيات الغلاء وارتفاع الأسعار، ومنها المحروقات التي يملك رئيس الحكومة النصيب الأكبر من سوقها في المغرب.

وتساءل الكاتب الصحفي عن إمكانية استمرار حكومة أخنوش، في إدارة الشأن العام، قائلا: "كم تبقى من عمرها قبل أن تسقط ولو أن أخطر أنواع السقوط هو الذي يهم الشق الأخلاقي؟".

يعري الحكومة

من جانبها، قالت الناشطة السياسية على وسائل التواصل الاجتماعي مايسة سلامة الناجي، إن غياب أخنوش، وصعوده إلى رئاسة الحكومة، "سيعري المؤسسة الملكية"، مشددة على أن هذا ما يقع اليوم.

وتابعت الناجي في تدوينة على فيسبوك 4 أكتوبر 2022، "عوض أن يتابع أطوار الحياة السياسية المغربية وأحزابها وفاعليها عبر النقاشات الاقتصادية الحقوقية، الكل متوقف صامت يتساءل أين الملك محمد السادس، الذي لم يقصر في مهامه الدستورية ولا أخل بتدبير الحكم".

والمصيبة العظمى، تردف المتحدثة ذاتها، "أن منصب رئاسة الحكومة، الذي من المفروض أن يملأ الساحة عبر الظهور اليومي وسط الشعب وهمومه والتواصل المستمر، يشغله شخص لا يرقى لمستوى المنصب".

 بل إنه يمثل كل شيء من ثراء وفساد يتنافى ويتضارب وسلطة رئاسة الحكومة، ما جعل الشعب يلفظه ويبحث عن الملك، وفق قولها.

واسترسلت: "ثم المصيبة، أن وجوده كأمين عام لحزب يقود المؤسسات أبعد وأضعف المفكرين والمثقفين والفاعلين السياسيين النظاميين والمعارضين، ورفع من قيمة المقامرين والأميين".

وأكدت الناجي أننا اليوم أمام ساحة سياسة فارغة يملأها المضاربون على المصالح وراء الكواليس، بينما أصبح رجل الأمن يستأسد المشهد في الصفحات الأولى للجرائد ليعوض النقص الحاصل".

ودعت الناشطة السياسية إلى محاسبه أخنوش، وإبعاده عن رئاسة الحكومة، مبينة أن استمراره "أمر غير صحي للبلاد والعباد".

ونبه أفتاتي في تصريحه لـ "الاستقلال"، إلى أن صمت أخنوش خطأ وخطر، مشيرا إلى أن ما يفعله رئيس الحكومة من سلوكات سلبية، استمرار في الاستخفاف بإرادة الشعب، بتزوير إرادته باستعمال الترهيب والتزوير والمال.

ورأى الأستاذ الجامعي أن هذا الوضع سيقود حتما إلى تصحيح شعبي مباشر، ما دام خيارهم قتل السياسة والتشطيب على الأحزاب والنقابات والحيلولة دون حياة سياسية سليمة.

ولفت أفتاتي إلى أن مركز الثقل سينتقل حتما إلى الشارع العريض كرد فعل على عبث غير مسبوق بتشييد مستغلي الشعب وناهبي مقدراته.