هل تصبح "موصل جديدة"؟.. انتقادات لوقوف الحشد الشعبي ضد الجيش في البصرة

12

طباعة

مشاركة

موجة غضب واسعة أثارتها أنباء تداولها ناشطون عراقيون بشأن نشوب مواجهات بين مليشيات الحشد الشعبي الموالية لإيران من جهة، وأفواج بالجيش العراقي من جهة أخرى، داخل منطقة القصور الرئاسية بمحافظة البصرة.

فيما نفت مصادر أمنية هذه الأنباء، لكنها أكدت وصول ثلاثة أفواج عسكرية تابعة للجيش إلى البصرة لتعزيز قطاعاتها الأمنية؛ وجرى تقسيمها بين مناطق الصالحة والتميمية والحيانية وأبي صخير

وقال قائد عمليات البصرة اللواء علي الماجدي، في تصريحات إعلامية، إن الأفواج موجودة في منطقة القصور الرئاسية حيث مقرات هيئة الحشد الشعبي ولا توجد أي مشاكل بين الطرفين، كونهما جهتين تابعتين للقائد العام للقوات المسلحة.

ويأتي تعزيز الجيش العراقي لوجوده الأمني بالبصرة بعدما شهدت الحاضنة النفطية الأكبر بالبلاد أعمال عنف متفرقة واشتباكات وقصفا وهجمات صاروخية من قبل محتجين، استهدفت منطقة القصور الرئاسية التي تتخذ منها فصائل الحشد الشعبي مقرات لها.

وردا على نفي قيادة عمليات البصرة، أكد نواب وناشطون عراقيون صحة هجمات الحشد الشعبي ضد الجيش وعدم خضوعه لتعليمات القائد العام للقوات المسلحة.

وأوضحوا عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة، أبرزها #القصور_الرئاسية، #الجيش_خط_أحمر، أن الحشد الشعبي أمهل قوات الجيش العراقي لإخلاء القصور الرئاسية، وإلا سيلجأ إلى القوة. 

واستنكر ناشطون غياب دور رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي، وصمته أمام تجاوزات الحشد وضربه لهيبة الدولة وعدم إصدار أي تصريح أو إعلان موقف رسمي تجاه التصعيد، متوقعين خضوعه لتهديدات الحشد وسحب قواته من البصرة.

اتهامات للحشد

وتنديدا بهذه الأحداث كتب النائب صفاء الأسدي: "بعدكم ما استلمتوا الدولة وتحاصرون الجيش العراقي الذي يعتبر اليد الضاربة للدولة".

من جانبه، أكد حمادي جقيريم أن المليشيات والحشد الشعبي والمخابرات العسكرية والمدنية التابعة لإيران في البصرة، تريد كبح سلطة الجيش العراقي وإبعاده عن مهامه في حماية الشعب والحدود وكرامة وشرف الشعب العراقي الأبي.

فيما أشار ياس العقيدي إلى أن مليشيات الحشد تنقلب على حكومة الكاظمي القائد العام للقوات المسلحة، لافتا إلى أن رئيس هيئة أركان الحشد "أبو فدك المحمداوي" توجه بعد وصوله إلى البصرة إلى القصور الرئاسية وطالب بخروج الجيش العراقي.

وأفاد المدون المهتم بالشأن السياسي محمد الجبوري بأن المليشيات تمنع دخول قائد عمليات البصرة إلى القصور الرئاسية في البصرة وتمنحه مهلة ساعات لسحب الجيش العراقي بالكامل منها، وبخلافه فإنها ستقوم بالتعامل معهم عسكريا، مذكرا بوجود 4000 عنصر من الجيش.

أهمية القصور

وتحدث ناشطون عن أهمية القصور الرئاسية بالنسبة للحشد الشعبي، مستنكرين إمهال الحشد للجيش وقتا لإخلائها.

وأوضح القيادي السابق المنشق عن الحشد الشعبي أبو دانيال البصري أن القصور الرئاسية بالبصرة لا تقل أهـمية للحشد الشعبي عن جرف الصخر ومعسكر أشرف في ديالى، لأن القصور الرئاسية مواقع مهمة للمليشيات الإيرانية ومخازن صواريخ لهم، وفيها سجون سرية لاعتقال وتصفية كل من يخالفهم.

فيما كتب الباحث السعودي الدكتور محمد الهادلي: "صدق أو لا تصدق عصابات الحشد الشعبي التابعة لإيران تمهل الجيش العراقي ساعات لإخلاء القصور في البصرة لتكون أماكن اعتقال وانطلاق مسيرات وصواريخ على حدود دول الخليج".

وأضاف متسائلا: "أليس هذا الجيش العراقي الذي هزم إيران؟ اليوم لا يستطيع مواجهة عصابات.. حقيقي مؤلم ما وصل إليه حال العراق".

ضعف الكاظمي

من جهته تساءل الصحفي بهاء خليل: "ما دور القائد الأعلى للقوات المسلحة؟! وأين هو عما يجري في البصرة بين الجيش والمليشيات حول القصور الرئاسية؟ متى سيصل إلى السلطة من هو قادر على تفكيك هذه المجاميع الإرهابية ومحاكمتها على كل ما اقترفت من جرائم بحق العراقيين؟!".

وأشار الباحث رائد الحامد إلى أنه يقال أن القائد العام للقوات المسلحة الذي هو نفسه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي أبلغ قيادات الحشد والجيش بالبصرة أنه لن يتدخل مع طرف ضد طرف وسيبقى على الحياد.

ونقل عن المصادر إفادتها بأن موقف الكاظمي جاء لأن كلا من الجيش والحشد يتبعون للقائد العام للقوات المسلحة، أي يتبعون له.

ويرى الخبير الأمني والعسكري سيف رعد طالب أن البعض يريد من البصرة موصلا ثانية، قائلا إن "فصائل تابعة للحشد الشعبي تهدد الجيش العراقي، وكلاهما بإمرة القائد العام للقوات المسلحة".

وتساءل: "إلى متى الاستهزاء بالمؤسسة العسكرية؟"، محذرا من أن هذه التقاطعات في الأوامر وعدم الامتثال إليها يخلق فجوة كبيرة بين المؤسسات الأمنية وبين الشعب.

وتساءل المغرد طارق: "بأي دولة يحاصر الجيش النظامي من قبل المليشيات، والقائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع وقائد العمليات ورئيس أركان الجيش لا ينتفضون من أجل سيادة القانون وفرض الأمن؟".

السلاح المنفلت

وأشار ناشطون إلى تزامن تلك الأحداث مع ذكرى مرور عام على الانتخابات في العراق، في حين ما زال السلاح المنفلت وحاملوه يتسببون بتعطيل تشكيل الحكومة والقتل والصراع على السلطة والاستحواذ على المال العام وخرق الدستور.

وتعجب الكاتب والباحث السياسي شاهو القرة داغي من استمرار رئيس الحكومة في الحديث عن الانتخابات المبكرة كإنجاز عظيم وأحد أهم بنود برنامج حكومته الموقرة وأنها كانت تلبية لمطالب شعبنا الكريم!

وتساءل: "ماذا عن مطالب الشعب بمحاسبة القتلة وملاحقة المجرمين وإنهاء السلاح المنفلت؟ وما قيمة الانتخابات إذا كان المنتصر يتراجع والخاسر يتقدم بقوة سلاحه؟".

ورأى الدكتور زيد عبدالوهاب الأعظمي أنه لا غرابة في مرور عام كامل على إجراء انتخابات دون تشكيل حكومة، لأن أغلب الجماعات لا تؤمن بالديمقراطية ولا بتداول السلطة، وتراها "كفرا" غربيا لا ينبغي العمل به، ولكنها تتستر تحت غطائهما للوصول والحفاظ على السلاح وغنائم السلطة. وقال الصحفي سيف صلاح الهيتي، إنه بعد مرور عام كامل على الانتخابات العراقية والوضع ما ترونه ويراه العالم أجمع، تجد أن الطبقة السياسية العراقية أجمعها لن تقبل بنتائج أي انتخابات ولو أشرف عليها ملائكة منزلون، ما لم تكن النتائج بصالحها، بخلاف ذلك فهي مزورة وتعترض عليها بالسلاح وتعطل حياة شعب تعود على انتظار توافقهم!

وأكد الباحث مجاهد الطائي أن مرور عام على الانتخابات المبكرة أثبت أنه لا يمكن لرجل العصابة أن يكون رجل دولة بالمطلق، ولا يمكن للعقل الطائفي السلطوي أن يبني دولة، ولا يمكن لعمال الهدم أن يأخذوا في الاعتبار قيمة الدولة التي يهدمونها، وأن الانتخابات لم تعد الطريق الوحيد للتغيير بعد اليوم.