سعي حثيث.. خطة أميركية "ناعمة" للسيطرة على المعادن الثمينة في إفريقيا
تناولت مجلة فرنسية المساعي الحثيثة للولايات المتحدة الأميركية، من أجل تنويع سلاسل توريد المعادن الإستراتيجية الثمينة والمهمة، من أجل الثورة الطاقية في القرن الـ21.
وأكدت مجلة "جون أفريك" أن "الغرب يسعى لتقليل اعتماده بشكل تدريجي على الصين وروسيا في المواد الخام والمواد الطاقية".
وتأمل البلدان المنتجة للطاقة والمعادن الثمينة في القارة الإفريقية، في هذا الصدد، للتحول نحو معايير بيئية واجتماعية وحوكمة أكثر صرامة، للاستفادة من مواردها وتصديرها نحو الدول الغربية.
استغلال الثروات
وأوضحت "جون أفريك" أن معادلة التحول هذه، كانت حاضرة على قائمة اجتماع شراكة الأمن الطاقي الذي عقد في 22 سبتمبر/أيلول 2022، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ومن الحضور الذين كانوا موجودين على طاولة الحوار حول هذا الموضوع، الشركاء المعتادون من الولايات المتحدة وأستراليا وكندا وفنلندا وفرنسا وألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية والسويد والمملكة المتحدة والمفوضية الأوروبية.
وحضر أيضا الدول الغنية بالمعادن الراغبة في الاستفادة من تمويل وخبرة الدول المتقدمة، لتكثيف استغلال الثروات النادرة على أراضيها.
ومن بين هؤلاء الضيوف، الكونغو الديمقراطية وموزمبيق وناميبيا وتنزانيا وزامبيا.
وقال وكيل وزارة الخارجية الأميركية للنمو الاقتصادي والطاقة والبيئة، خوسيه فرنانديز: "نتطلع إلى تنويع سلاسل التوريد لدينا، أما بالنسبة لشركائنا، فهم يريدون التقدم في تنميتهم".
وأضاف "الوضع يسمح أيضا للولايات المتحدة بتجنب السباق نحو القاع في منافستها مع الصين، لن ندعم استثمار بلد مستهلك في بلد منتج، ما لم يحترم أعلى المعايير، لكن إذا فعلنا ذلك بشكل صحيح، فسيفوز الجميع".
وانضم إلى فرنانديز، وزير الخارجية أنتوني بلينكن، ورئيس بنك التصدير والاستيراد في الولايات المتحدة، ريتا جو لويس، وهو بنك يلعب دورا رئيسا في الشراكة من خلال تمويل مرونة سلاسل التوريد والإمداد.
بيئة متدهورة
وقال بلينكن: "في كثير من الأحيان، تتميز العلاقة بين البلدان المنتجة للمعادن والأخرى التي تشتري المعادن بظروف عمل استغلالية".
وأضاف مخاطبا رؤساء الدول الإفريقية الحاضرة في الاجتماع: "في كثير من الأحيان، تترك هذه العلاقة وراءها بيئة متدهورة ومجتمعات مدمرة".
وبالنسبة لوزير الخارجية، لا تتعلق هذه الشراكة بتحسين ممارسات التعدين فحسب، بل أيضا بضمان أن تبدأ البلدان النامية في الاستفادة الكاملة من تحويل مواردها الخام.
واستطرد بلينكن: "نريد أن نضمن استفادة البلدان الغنية بالمعادن من كل خطوة في سلاسل التوريد، من الاستخراج إلى إعادة التدوير إلى المعالجة".
وتابع: "هذه هي الطريقة التي سنضمن بها أن كل مشروع يخدم مجتمعاتكم حقا ويرفع من مستوى مواطنيكم".
وقالت جون أفريك: "من الواضح أن مثل هذه الرسالة تجد صدى إيجابيا في البلدان الإفريقية المعنية".
فيما علق وزير التجارة والحرف اليدوية والصناعة في زامبيا، تشيبوكاي مولينجا، على خطاب بلينكن قالا: "نهتم بمن يساعدنا والذين يشاركوننا [...] رؤية شعبي وبلدي، لأننا منذ فترة طويلة جدا أرسلنا معادننا في شكلها الخام إلى جميع أنحاء العالم".
ويعتقد مولينجا أن الولايات المتحدة يمكن أن تكون حليفا مهما، لأن زامبيا تتعاون مع جمهورية الكونغو الديمقراطية المجاورة لتطوير مصنع للبطاريات الكهربائية على الحدود.
وتنتج هذه الحدود الغنية بالمعادن أكثر من 70 بالمئة من الكوبالت في العالم، ويتم تصدير 95 بالمئة منها في شكل خام، لكنها تحرم البلدين المتجاورين من دخل كبير.
وفي 21 سبتمبر 2022، التقى مولينجا مع فرنانديز إلى جانب نظيره الكونغولي.
وعقب ذلك اللقاء، قال وكيل وزارة الخارجية، فرنانديز: "هناك نقاط جيدة للغاية للاستفادة منها من هذا الاجتماع، هناك أشياء أفادتني كثيرا وفتحت أذهاننا على كيفية المضي قدما [...] أعتقد أن أميركا لن تكون شريكا تجاريا سيئا".
استغلال الفرص
في ناميبيا أيضا، هناك خطط لتحويل احتياطيات هائلة من العناصر الأرضية النادرة في الموقع، مثل الديسبروسيوم والتيربيوم المستخدم في تصنيع توربينات الرياح.
وتتطلع ناميبيا إلى تصدير أصول الطاقة المتجددة بشكل جماعي، لاحتضان صناعة الوقود الاصطناعي.
وقال المستشار الاقتصادي لرئيس ناميبيا، جيمس مينيوبي، إن "المشاركة في شراكة أمن المعادن يمكن أن تحسن وصول البلدان الإفريقية إلى أسواق رأس المال والتصدير، وتوفر فرصا مثيرة للتعاون في مجال تقاسم التكنولوجيا".
وأضاف "بالنسبة لدول مثل بلدنا، هذا مهم للغاية، لأن تعميم فكرة التمويل المشترك يسمح بتقليل تكلفة رأس المال لهذه المشاريع، ولكن أيضا يقلل من المخاطر المرتبطة بإنتاج المعادن".
وأشارت جون أفريك إلى أنه "بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأميركية، فقد أجرت كل من أستراليا والاتحاد الأوروبي مناقشات مع ناميبيا".
من جهتها، قالت وزيرة خارجية تنزانيا، ليبرتي مولا مولا، إن الشراكة تمثل أكبر مشاركة أميركية في قطاع المعادن الإفريقي منذ إقرار قانون "دود-فرانك" لعام 2010، الذي يطالب الشركات المدرجة في الولايات المتحدة بالكشف عن استخدامها لـ"معادن الصراع" (الموجودة في مناطق نزاع مسلح)، مثل القصدير والتنجستن، التنتالوم والذهب.
وأوضحت مولا مولا: "أعتقد أنهم مهتمون الآن بكيفية الشراكة مع بعضهم البعض ولكنهم يساعدوننا أيضا".
وتابعت: "لذلك فهم يفحصون مسألة القيمة المضافة، وإعادة التدوير، والمعالجة، وفقا للمعايير والمعايير المرجعية".
وزير التجارة والحرف اليدوية والصناعة في زامبيا، مولينجا، شدد على أنه مقتنع "بما لا يدع مجالا للشك بأن الولايات المتحدة جادة في تطوير صناعة معالجة المعادن الإفريقية".
وختم مولينجا حديثه للمجلة الفرنسية بالقول: "يظهر بالضبط أنهم يفكرون في المستقبل، ويرون أين يمكنهم استغلال الفرص ودعم دول مثل بلدي".