وسط تجاهل حكومي.. ما سر انتشار أدوات مدرسية بألوان الشواذ في المغرب؟

عالي عبداتي | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

بكل السبل، يستغل دعاة الشذوذ الجنسي لنشر سلوكهم المنحرف، بشكل مباشر أو غير مباشر، في معركة تجد مقاومة شديدة داخل البلدان العربية والإسلامية، وفي مجتمعات أخرى، ومنها المغرب.

ويزداد خطر هذه الحملات حين تستهدف الأجيال الناشئة، في ظل عدم معرفة عدد كبير من الآباء والأمهات ببعض الرموز الدالة على الشذوذ، كألوانها مثلا، والتي تشمل 6 أجزاء ملونة بألوان الطيف، الأحمر، والأصفر، والبرتقالي، والأزرق، والأخضر، والبنفسجي.

وتحاول هذه الحملات التحايل على القانون، الذي يجرم الشذوذ والدعوة إليه أو نشره، حيث تنص المادة 489 من القانون الجنائي المغربي على تجريم أي "عمل بذيء أو غير طبيعي مع شخص من نفس الجنس"، فيعاقب مرتكبه بالسجن من 6 أشهر إلى 3 سنوات، مع دفع غرامة مالية تتراوح ما بين 120 إلى 1200 درهم مغربي، أي حوالي 120 دولارا.

غير أن السلطات لا تظهر حزما في محاربة الظاهرة، ومن ذلك السماح بعرض فيلم ديزني "حارس الفضاء" بقاعات السينما بالمغرب، في 20 يونيو/حزيران 2022، في وقت منعته معظم الدول العربية، بسبب ترويجه للشذوذ.

هذا السماح خلق مفاجأة للمجتمع، خاصة ‏وأن أزيد من 420 شخصية مغربية، ضمنهم سياسيون وأكاديميون ودعاة وأطباء وكتاب وفنانون، وقعوا عريضة تدعو لوقف عرض الفيلم، نظرا لتحريضه على الشذوذ الجنسي.

كما ظهر في السنوات الأخيرة بعض الشواذ المغاربة عبر منابر الإعلام الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي، والذين تحدثوا بوجه مكشوف عن أسباب دخولهم إلى عالم الشذوذ، في محاولة لاستدرار عطف المشاهدين وتضامنهم أو تفهمهم، دون أي تحرك من السلطات، لا سيما أن بعضهم حكى عن تجارب جنسية جمعته مع شخصيات عامة أو معروفة.

بألوان الشذوذ

واستعدادا للموسم الدراسي الجديد 2022/2023، شرعت الأسر المغربية في اقتناء الأدوات الدراسية، والتي كان كثير منها بألوان علم المثليين، وسط تحذيرات أطلقها مواطنون وفاعلون في الحقل التربوي والتعليمي من خطر التطبيع مع ثقافة الشذوذ، داعين الأسر وأولياء أمور التلاميذ إلى الوعي بطبيعة هذه الألوان ودلالاتها وأثرها على الناشئة.

ومن ذلك، تنبيه شاركته صفحة محبي الداعية ياسين العمري، وسط تفاعل كبير من محبي هذا الداعية المغربي المشهور عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة في أوساط الشباب، كما حظي تنبيهه بمشاركة واسعة.

في الاتجاه نفسه، حذر المواطن أشرف السباعي من التطبيع مع هذه الألوان ومع ثقافة الشذوذ، قائلا في تدوينة نشرها عبر فيسبوك، في 30 أغسطس 2022: "تزامنا مع الدخول المدرسي، نبهوا أطفالكم وأصدقاءكم وتلامذتكم خاصة، حذاري من التطبيع مع الشذوذ.. لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم".

بدورها، نشرت الناشطة ماجدة جاد صور بعض هذه المواد، وكذا إعلان لأدوات مدرسية يحمل ألوان المثليين، مع رسالة تنبيه إلى خطرها.

وقالت جاد في منشور فيسوك، في 31 أغسطس 2022، رسالة تنبيه إلى كل الأمهات المحترمات المكافحات لأجل أولادكم، نبهوا أطفالكم وأصدقاءكم ونبهوا بعضكم البعض وتلامذتكم خاصة".

وأضافت: "نحن أمة إسلامية، ابتعدوا عن هذه الأدوات المدرسية التي تحمل ألوان المثلية (الشذوذ)؛ فالأمر أصبح خطيرا جدا في مجتمعنا العربي المسلم".

في الاتجاه نفسه، حذر الأستاذ أبو حاتم ناتوف من شراء هذه المواد، وقال عبر تدوينة في 28 أغسطس 2022: "حذاري من شراء مثل هذه الأدوات المدرسية، إن كنت تدري فتلك مصيبة، وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم".

وأضاف أبو حاتم: "أحذر الناس وأنبههم إلى بعض الألعاب أو الملابس أو الأدوات المدرسية مع اقتراب الدخول المدرسي وعليه ألوان شعار الشاذين (المثليين)".

حاولت "الاستقلال" الاتصال بالناطق الرسمي باسم حكومة عزيز أخنوش للتعليق على الموضوع، غير أن هاتفه ظل يرن دون جواب، كما لم يرد على الرسائل النصية التي أرسلت إليه مباشرة وإلى مستشاريه.

تفاعل إعلامي

التناول الإعلامي لهذا الموضوع في المغرب تميز بخطابين، خطاب أول يحذر من شراء هذه الأدوات المدرسية، وخطاب ثان يقول إنها ألوان عادية وليس لها الحمولة المراد إعطاؤها لها.

وفي هذا الإطار، نشر موقع "أخبارنا"، في 31 أغسطس 2022، مقالا قال فيه إن "هذه اللوازم أثارت جدلا واسعا في صفوف نساء ورجال التعليم"، مشيرا إلى أن النقاش حولها انخرط فيه آباء وأمهات التلاميذ حول اقتناء هذه الأدوات المدرسية.

وتابع: وانقسم المتفاعلون مع الموضوع إلى صنفين؛ الأول يقول إنها لوازم تحمل شعار "المثلية الجنسية" ويجب منعها في المكتبات والمدارس، في حين يرى الثاني أنها ألوان الطبيعة ولن تضر الأطفال الذين يفضلون تعدد الألوان في شيء.

كما نشر موقع "هوية بريس"، في 29 أغسطس 2022 مقالا يتضمن تحذير عدد من المهتمين بالشأن التعليمي من الاختراق الخطير لألوان "علم الشواذ" للأدوات المدرسية، التي يستعملها بشكل كبير التلاميذ الصغار، وهو ما يزيد الأمر خطورة، لأن فيه "استهدافا للناشئة".

بعضهم قال، وفق المصدر ذاته، إن "هذا الأمر يحتاج إلى تدخل الجهات المختصة لمنع هذا الترويج الخطير لرمز من أهم رموز الشواذ جنسيا، وهو الأمر الذي تم اعتماده في بعض الدول الإسلامية في الخليج، حيث فرضت عقوبات صارمة لمن تورط في استيراد أو بيع لعب أو أدوات بها ألوان ذلك العلم المثير للجدل".

تجدر الإشارة إلى أن "هوية بريس" سبق أن نشر مقالا في 5 يناير 2022، تحدث فيه عما أثاره انتشار ألوان علم الشواذ في أحذية بلاستيكية في السوق المغربية، في الوقت الذي يحذر فيه كل المهتمين من خطر التطبيع مع الشذوذ الجنسي وكل رموزه.

وشدد الموقع، على أن "هذا الاختراق الجديد لألوان "علم الشواذ" أسواق المغرب من خلال ما يلبس في الأرجل، سبقه انتشار واسع للعب الأطفال بنفس الألوان، والتي للأسف انتشرت بشكل كبير ويشتريها المغاربة لأطفالهم في جهل تام لرمزية الألوان"، متسائلة: "هل التطبيع مع الشذوذ الجنسي صار أمرا عاديا في بلدنا المغرب؟!".

بدوره، استعرض موقع "أريفينو"، 31 أغسطس 2022 تفاعل منصات التواصل الاجتماعي في المغرب مع هذه الأدوات الحاملة لألوان المثليين، بمدينة الناظور شمالي المملكة، وفي مدن مغربية أخرى.

وأوضح المصدر ذاته أن هذه اللوازم أثارت جدلا واسعا في صفوف نساء ورجال التعليم وآباء وأمهات التلاميذ، مشيرة إلى النقاش الدائر بين من يقول إنها طبيعية ومن يرى أنها ترمز للمثلين.

مقاربة تربوية

العضو السابق بلجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، رشيد القبيل،  أكد أن نشر أدوات مدرسية بألوان الشذوذ "أمر مرفوض جملة وتفصيلا".

وقال القبيل لـ"الاستقلال"، إن "خطر الشذوذ كان وما يزال مستمرا، ولذلك حذر القرآن الكريم من هذا السلوك المنحرف، وأولاه عناية واهتماما كبيرا في عدد من آياته".

وشدد على أن "هذا السلوك الشاذ إن ترك له المجال دون محاصرة ومواجهة، فإنه لا ينفك يسعى لاكتساح الفضاء العام، فلا يتوقف عند المطالبة بالحرية لنفسه، بل المساواة مع الأسوياء، ثم ينتقل إلى محاربة المعارضين له، بقوله إنهم أناس يتطهرون".

وأشار إلى أن "هذا الواقع تعيشه بعض البلدان الأوروبية، حيث شرع الشواذ في الاستحواذ على الفضاء العام وليس فقط الخاص".

وحذر من "انقلاب الموازين حين يتم القبول بهذه الألوان والتطبيع مع دلالاتها"، داعيا الدولة إلى "التدخل في هذا الموضوع لمتابعته".

وشدد على أن "مسؤولية التعامل مع هذا الملف مشتركة بين الجهات الحكومية وجمعيات الآباء وأولياء التلاميذ، وهيئات العلماء والمجتمع ككل".

وتابع: "فهؤلاء جميعا عليهم التدخل، كل حسب المسؤوليات القانونية والأخلاقية والاجتماعية الموكلة له، لمحاصرة هذا الخطر الداهم، حالا ومستقبلا".

من جانبه، يرى الأستاذ التربوي عبد الوهاب السحيمي، أن نشر هذه المواد هو "توجه مقصود من أجل نشر الشذوذ الجنسي في صفوف الناشئة"، مضيفا أن "هناك هجوما تشنه لوبيات تروم إذاعة الشذوذ وسط المجتمعات".

وتابع السحيمي لموقع "أخبارنا"، في 31 أغسطس، أن هذا الاستهداف لا يقتصر على المجال التعليمي فقط، بل سبقته مجالات الرياضة والثقافة والإعلام، عبر عرض إشهارات عالمية تضم ألوان "قوس قزح".

وطالب بـ"تجنب أي رسومات أو إيحاءات ذات التوجه الجنسي، لا سيما وأن المستهدفين منها هم أطفال في عمر الزهور لا يميزون بين الصالح والطالح".

وأوضح السحيمي أن "المسؤولين عن القطاع التعليمي لا يعيشون في جزيرة معزولة، بل إنهم يعلمون ماذا يقع، وبالتالي قبلوا بنشر هذه الآفة التي تهدد المجتمعات"، بحسبه.

وخلص إلى القول: "لسنا ضد انفتاح المتعلمين على مختلف الألوان، بل نخشى أن يتم التطبيع مع الشذوذ الجنسي مستقبلا".