محادثات نووي إيران في فيينا.. لماذا أثارت خلافات حادة بين أميركا وإسرائيل؟

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

تحدث موقع "زمن إسرائيل" عن ما أسماه "فشل" مفاوضات الاتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة الأميركية، مبينا أنه "غير متوقع تطبيقه في المستقبل المنظور".

وقال الموقع في تقرير نشره في 7 سبتمبر/أيلول 2022، إن "توقيع اتفاق نووي بين إيران والقوى الدولية أصبح غير مطروح على الطاولة".

وبين أن هذه هي الرسالة التي نُقلت إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي، يائير لابيد، في محادثاته الأخيرة مع الرئيس الأميركي جو بايدن، ومسؤولين آخرين في الإدارة.

تعهدات وشروط

ولم يذكر التقرير موعد هذه المكالمة، إلا أن آخر اتصال معلن بين الطرفين كان في 31 أغسطس/آب 2022.

ووفق التقرير، فإن هذه النتيجة سيكون لها تداعيات دولية كبيرة، بجانب تأثيرها على السياسة الداخلية الإسرائيلية.

إذ من المرجح أن يوظفها "لابيد" في حملته الانتخابية، ضد زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو، الذي لم يتوقف عن مهاجمته لـ"لابيد" بهذا الشأن.

وينقل التقرير أن رئيس الوزراء الإسرائيلي أصبح مقتنعا أن توقيع اتفاق نووي مع إيران بات مستبعدا بشكل كبير.

وعلى ذلك، أعاد ترتيب أولويات الأمن القومي، لتركز أكثر على "تصاعد العنف" في الضفة الغربية، والحاجة الملحة لتعزيز السلطة الفلسطينية التي تفقد نفوذها بشكل مطرد.

هذا بعد أن كان الاتفاق النووي المحتمل في قلب المناقشات الدبلوماسية والأمنية الإسرائيلية خلال العام 2021، إذ تابعت تل أبيب عن كثب مفاوضات فيينا، وتبادل مسودات الاتفاقات بين طهران وواشنطن.

ويورد التقرير بعض الشروط الأميركية على إيران، منها أنها لن تكون قادرة على تخصيب اليورانيوم بما يزيد عن 3.67 بالمئة، ولن يمكنها الوصول إلى المستوى الذي يمكن عنده إنتاج سلاح نووي، على أن يستمر هذا القيد حتى 2031.

كما نقل ما ذكره موقع "واللا" الإخباري العبري نهاية أغسطس على لسان مسؤولين أميركيين من أن إيران ستتخلى عن كل اليورانيوم المخصب بنسبة 20 و60 بالمئة كجزء من الاتفاق، بجانب إزالة وتخفيف مئات الكيلو غرامات الأخرى من اليورانيوم المخصب.

علاوة على ذلك، كان من المفترض إذا وُقع الاتفاق، أن تُزال أجهزة الطرد المركزي من أماكنها وتُخزن على الأراضي الإيرانية في مستودع تشرف عليه الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وأضاف المسؤولون الأميركيون لموقع "واللا" أن إيران لن تستطيع إجراء أي معالجة للبلوتونيوم الذي يمكن استخدامه لأغراض عسكرية، وأنها ستعيد تصميم مفاعل البلوتونيوم في مدينة "آراك" غرب وسط البلاد، بطريقة لا تُمكّنها من إنتاج مادة لقنبلة نووية.

كذلك تعهدت واشنطن بأنه إذا وُقّع الاتفاق، فإن الوكالة الدولية للطاقة الذرية ستكون قادرة على تجديد رقابتها الصارمة على المنشآت النووية في إيران، بعد أن قلصها الإيرانيون إلى حد بعيد.

ووفق موقع "تايمز أوف إسرائيل" النسخة الإنجليزية من "زمن إسرائيل" العبري، فإن مراقبة الوكالة الدولية هي إحدى نقاط الخلاف الرئيسة التي انخرطت فيها تل أبيب، ذلك أن الإيرانيين رفضوا السماح للوكالة بمواصلة أنشطتها.

ويضيف التقرير أن الضغط الإسرائيلي لعب دورا في جعل واشنطن تصر على هذا الشرط، وهو ما أبعد توقيع الاتفاق عن جدول الأعمال حاليا.

ويؤكد أن الاتفاق المحتمل مع طهران سبب قلقا شديدا في تل أبيب. ولذا، طالب رئيس الوزراء السابق، نفتالي بينيت، الإدارة الأميركية صراحة بعدم التوقيع على الاتفاق.

وفي سلسلة تغريدات له، في 23 أغسطس/آب 2022، قال بينيت: "أدعو الرئيس بايدن والإدارة الأميركية حتى في هذه اللحظة، في الدقيقة 90، إلى الامتناع عن توقيع الاتفاق مع إيران".

وأضاف أن "هذا الاتفاق سيضخ حوالي ربع تريليون دولار في خزائن النظام الإرهابي الإيراني وأذرعه الإقليمية، وسيسمح لإيران بتطوير وتركيب وتشغيل أجهزة الطرد المركزي بلا حدود تقريبا، خلال عامين فقط".

وتابع بينيت: "على مدى عام، حتى عندما بدا الأمر وشيكا، تمكنا من إقناع أصدقائنا في البيت الأبيض بتجنب الاستسلام للمطالب الإيرانية، وآمل أن يكون هذا هو الحال الآن أيضا".

خلاف أميركي إسرائيلي

ويقول التقرير إن الصفقة الإيرانية الأميركية الآخذة في التشكل أدت إلى احتكاكات وخلافات جادة بين إسرائيل والولايات المتحدة، وتوترات داخلية كبيرة داخل تل أبيب.

ونهاية أغسطس، تحدث رئيس الاستخبارات الخاصة "الموساد"، دافيد برنيع، إلى المراسلين العسكريين، منبها إلى مخاطر الاتفاق النووي الجديد. 

وكشفت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية أن "برنيع" حذر خلال اجتماع له مع رئيس الوزراء من أن الصفقة ستسمح لإيران بالحصول على قدرات هائلة.

ذلك أن مئات المليارات من الدولارات ستتدفق على إيران بعد رفع العقوبات، الأمر الذي سيقوّي ما وصفها بـ"الجماعات الإرهابية" التي تطوق إسرائيل، بما في ذلك حزب الله اللبناني، وحركتا المقاومة الإسلامية حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين، وفق تعبيره.

وأضاف "برنيع" أنه حال توقيع إيران اتفاقا جديدا مع الولايات المتحدة، فإنها ستُعَجّل من تنفيذ رؤيتها الرامية إلى تشكيل "هلال شيعي" يمتد من حدودها مع العراق إلى البحر المتوسط..

وحذر أن هذا من شأنه أن يعزز حضور الحوثيين في اليمن والمليشيات الموالية لإيران في المنطقة، ما يجعل من الصفقة "كارثة إستراتيجية" لن تلتزم إسرائيل بها، كما قال.

ووفق الموقع الإسرائيلي، فقد وبخ "لابيد" رئيس الموساد -الموجود حاليا في الولايات المتحدة لإجراء محادثات حول القضية الإيرانية- بسبب انتقاده سياسة واشنطن بشكل مباشر.

وفي السياق ذاته، أشار الموقع إلى طلب "نتنياهو" مقابلة "لابيد" للحديث حول إيران، كما يخوله القانون كزعيم للمعارضة.

وبعد الاجتماع، هاجم "نتنياهو" كلا من "لابيد" ووزير الجيش بيني غانتس، إذ اتهمهما "أنهما ناما وسمحا لإيران بالتوصل إلى اتفاق نووي سيعرض مستقبل إسرائيل للخطر".

وحمّل نتنياهو مسؤولية "الفشل" في الملف النووي الإيراني للرجلين، مطالبا المسؤولين الإسرائيليين بلقاء أعضاء في الكونغرس، وشخصيات نافذة، وإعلاميين بارزين في الولايات المتحدة لإفشال الصفقة.

وأكد نتنياهو الذي تعامل مع الملف الإيراني بشكل مكثف خلال سنواته كرئيس للوزراء أن الصفقة الناشئة كانت أسوأ من الاتفاق الأصلي الموقع عام 2015 في عهد الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما.

لكن في المقابل، عارض مسؤول حكومي كبير –لم يذكر الموقع اسمه- إستراتيجية نتنياهو لإفشال الاتفاق النووي.

ففي 5 سبتمبر/أيلول 2022، قال المسؤول متهكما إن "نتنياهو علّمنا بالضبط ما لا يجب فعله. ففي عام 2015، ذهب إلى الكونغرس، وتحدث مع كبار المسؤولين الحكوميين ووسائل الإعلام، لنحصل في النهاية على الاتفاق النووي في وجوهنا".

وأضاف المسؤول الإسرائيلي: "لكن هذه المرة عملنا بهدوء، وبذلنا جهودا جبارة، ووصلنا إلى نتيجة معاكسة للتي وصل لها نتنياهو".

ومن المقرر أن يتوجه لابيد إلى الولايات المتحدة للمشاركة في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. 

ويقول الموقع إنه ليس واضحا بعد إذا ما كان "لابيد" سيجتمع ببايدن، حيث سيوجد الأخير –على الأرجح- في نيويورك ما بين 18 و20 سبتمبر 2022.

بينما ستهبط طائرة يائير لابيد والوفد المرافق له صباح 20 سبتمبر. ومن المقرر أن يُلقي كلمة أمام الجمعية العامة بعدها بيومين، ويُتوقع أن يتمحور خطابه حول إيران.