مع توسع المقاومة.. موقع عبري يتوقع اندلاع انتفاضة فلسطينية نهاية 2022
تخشى المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من التصعيد في الضفة الغربية واحتمال اندلاع انتفاضة شعبية مسلحة بحلول نهاية العام 2022.
فقوة السلطة الفلسطينية على الأرض تضعف خاصة في شمال الضفة الغربية، ومعركة الخلافة على قيادتها تتصاعد.
وعلى المستوى السياسي الإسرائيلي يستمر الحديث عن ضرورة اتخاذ قرار بشأن عملية عسكرية كبيرة في شمال الضفة للحد من انتشار النشاط المقاوم.
عمليات متتالية
وأشار موقع "نيوز ون" العبري إلى أن التصعيد يستمر في الضفة الغربية حتى بعد العملية التي نفذتها خلية فدائية محلية من منطقة جنين (شمال) ضد حافلة للجنود في شمال الأغوار في 4 أغسطس/آب 2022.
وتمتد الأغوار الفلسطينية من بيسان حتى صفد شمالا، ومن عين جدي حتى النقب جنوبا، وتربط شمال فلسطين التاريخية بجنوبها من صفد حتى إيلات. وساد الهدوء لسنوات في تلك المنطقة قبل تنفيذ تلك العملية.
وأسفرت العملية عن إصابة 7 جنود من الجيش الإسرائيلي، أحدهم في حالة خطرة، واعتقلت قوات الاحتلال شخصين "يشتبه بأنهما نفذا إطلاق النار على الحافلة".
وتشجع المنظمات الفدائية على نجاح عمليات إطلاق النار، كما يتواصل التجييش الفلسطيني على مواقع التواصل الاجتماعي مع دعوات لانتفاضة مسلحة في الضفة الغربية، يقول الموقع العبري.
وبعد ساعات من عملية الأغوار، أصيب 4 جنود جراء إلقاء عبوات ناسفة على موقع للجيش الإسرائيلي في رام الله.
وفي مثال آخر على تصاعد المقاومة في الضفة الغربية، هاجم فلسطيني من مخيم الدهيشة جنوب شرقي بيت لحم جنديا إسرائيليا بسكين على حاجز في مستوطنة كريات أربع.
ونتج عن العملية التي نفذت في الثاني من أغسطس، إصابة الجندي بجروح متوسطة، وجرى إطلاق الرصاص على منفذ العملية وقتله على يد الاحتلال.
ولفت الموقع العبري إلى أن الإدارة الأميركية قلقة للغاية من التصعيد في الضفة الغربية، وقد أرسلت "باربرا ليف" نائبة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، إلى تل أبيب ورام الله.
والتقت ليف بكبار المسؤولين في إسرائيل والسلطة الفلسطينية وأكدت على الحاجة إلى "الحد من العنف" في الأراضي المحتلة وتقديم إغاثة إضافية.
وأوضح مسؤولون أمنيون إسرائيليون لباربرا ليف أن الحرب على الفصائل الفلسطينية ستستمر بكامل قوتها.
وأشار المحلل الأمني والسياسي في الموقع "يوني بن مناحيم" إلى أن جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) يشعر بقلق بالغ إزاء التطورات الأمنية الأخيرة في الضفة الغربية.
وتحدث عن زيادة استخدام الأسلحة النارية لشن عمليات أصبحت شبه يومية ضد الجنود الإسرائيليين.
معطيات مهمة
وبحسب معطيات الجيش الإسرائيلي، اتسم العام 2021 بعدد قياسي من عمليات إطلاق النار.
فمنذ بدايته، جربت 60 عملية إطلاق نار حتى شهر أغسطس، وأحبطت قوات الأمن الإسرائيلي 220 أخرى.
كما شهد عام 2020، نحو 50 هجوما بالرصاص، و48 في 2020 و61 عملية في 2019.
واعتقل الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام "الشاباك" أكثر من 1200 مطارد في الضفة الغربية خلال الأشهر الأربعة الماضية.
وأكد ابن مناحيم على أن الظاهرة التي تقلق الجيش الإسرائيلي هي زيادة إلقاء الزجاجات الحارقة منذ بداية العام 2022.
وحتى الآن جرى إلقاء أكثر من ألف زجاجة حارقة على قوات الجيش الإسرائيلي والمستوطنين في الضفة الغربية.
ومنذ بداية العام 2022 وحتى اليوم استشهد أكثر من 70 فلسطينيا في اشتباكات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وعلى الرغم من موجة عمليات إطلاق النار في المدن الرئيسة، يخشى الجيش الإسرائيلي، بأمر من المستوى السياسي، تنفيذ عملية عسكرية كبيرة في شمال الضفة الغربية.
وتحتوي تلك المنطقة على عدة مئات من الفدائيين المسلحين وآلاف الأسلحة وكميات كبيرة من الذخيرة، وفق ابن مناحيم.
في المقابل زاد الجيش من نشاط الوحدات الخاصة لإحباط "العمليات الفردية التي ينفذها الشبان الفلسطينيون دون تكليف من أي تنظيم وتبين أن هذا الأمر لا يكفي.
وتقترب عطلة "تشرين" (أكتوبر) التي تأتي فيها عدة أعياد يهودية، وقد تحققت المؤسسة الأمنية من المعلومات الاستخبارية حول نوايا التنظيمات الفلسطينية لزيادة أنشطتها.
وبالمعدل الذي تجرى به الأحداث، يبدو أنه لا مفر، وسيضطر الجيش الإسرائيلي قريبا إلى شن عملية عسكرية واسعة النطاق في الضفة الغربية يقول الموقع العبري.
ويرى المحلل الأمني أن الجيش الإسرائيلي سيحاول فصل المدن الفلسطينية التي لا يحدث بها مواجهات واشتباكات عن شمال الضفة الغربية حتى لا يجر كل المناطق إلى التصعيد ويزيد التعاون مع الآليات الأمنية للسلطة الفلسطينية.
وفي ظل هذه الخلفية، يمكن أن نفهم أن خضوع إدارة السجون الإسرائيلية للأسرى جاء ضمن قرار من أعلى المستويات السياسية لتجنب تصاعد الأوضاع في الوقت الحالي.
ومطلع سبتمبر، ألغت إدارة السجون جميع الإجراءات الجديدة والانتهاكات التي اتخذتها في السجون بخصوص حركة الأسرى وأوضاعهم.
وفي المقابل وافقت لجنة الطوارئ التابعة لقيادة الحركة الأسيرة على إلغاء الإضراب الفوري عن الطعام الذي كان من المقرر أن يبدأ به حوالي 1200 أسير في المرحلة الأولى.
وفي خطوة أخرى في نفس السياق جاء قرار إسرائيل بالإفراج عن الناشط في حركة الجهاد الإسلامي "خليل العواودة" الذي أضرب عن الطعام لأكثر من 170 يوما.
ضعف السلطة
ويظهر من ذلك أن إسرائيل تحاول تخفيف حدة الاحتكاك لمنع اندلاع موجة مقاومة في الضفة الغربية ستمتد أيضا إلى شرق القدس.
وقد استعدت الفصائل الفلسطينية بالفعل لتقديم دعم خارجي لإضراب الأسرى، وأعلن رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس إسماعيل هنية أن قضية الأسرى تأتي على رأس سلم الأولويات.
وشهدت الأيام الأخيرة تصاعدا في عمليات إطلاق النار على الجنود والمستوطنين الإسرائيليين والمواجهات مع قوات الجيش عند اقتحامهم المدن الفلسطينية لتنفيذ اعتقالات.
ولفت ابن مناحيم إلى أن مدن جنين ونابلس شمالي الضفة الغربية تقود هذا الاتجاه، ولكن في الآونة الأخيرة انضمت إليهما أيضا أماكن أخرى مثل طوباس وقرية روجيب وبلدة سلواد.
وبين أن إسرائيل في سباق مع الزمن لمنع المقاومين الفلسطينيين الذين ينفذون عمليات فردية من أن يصبحوا كتائب قوية من ذوي الخبرة في الهجمات.
واليوم، يصعب على قوات الجيش تنفيذ اعتقالات في أماكن مختلفة من الضفة الغربية، ويواجهون مواجهات مع شبان فلسطينيين يستخدمون الأسلحة النارية، والقنابل الحارقة والحجارة.
ولم تكن هذه الظاهرة موجودة قبل عامين، وازداد مستوى شجاعة الفلسطينيين وتآكل الردع الإسرائيلي، بحسب تقديره.
واكتسبت مواجهات الضفة الغربية أيضا زخما في أعقاب المواجهة العسكرية الأخيرة بين الجيش الإسرائيلي والجهاد الإسلامي في قطاع غزة بداية أغسطس.
وترجع جذور الوضع الأمني المتدهور في الضفة الغربية أيضا إلى إضعاف قوة السلطة الفلسطينية، التي تخلت سابقا عن سيطرتها على مناطق معينة، مثل جنين، من أجل عدم الدخول في صراعات مسلحة مع الناشطين المسلحين لحركة الجهاد الإسلامي.
وطالما أنهم لا يهددون الحكومة المركزية للسلطة الفلسطينية في رام الله، فإن أوامر رئيسها محمود عباس هو عدم مواجهتهم.
وفقدت السلطة الفلسطينية منذ فترة طويلة السيطرة على مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية ونشأت جماعات مسلحة مستقلة، بعضها كان مدعوما من محمد دحلان، العدو اللدود لمحمود عباس.
وأصبحت الخليل أيضا مدينة مستقلة بسبب النزاعات العشائرية، إذ تواجه السلطة الفلسطينية صعوبة في فرض النظام والأمن هناك.
وخلص المحلّل الأمني ابن مناحيم في نهاية مقالته الى القول، إن الوضع الأمني في الضفة الغربية على وشك التصعيد والنشاط المكثف للجيش الإسرائيلي في شمالها مطلوب لوقف انتشار المقاومة إلى مناطق أخرى، والقرار بشأن ذلك بيد المستوى القيادي السياسي الإسرائيلي.