شقاق داخل عائلة ديكتاتور أنغولا بعد رحيله.. هل يؤثر على اختيار خليفته؟
سلط تقرير إسباني الضوء على الوضع في أنغولا؛ البلد الإفريقي الذي يعيش على وقع أزمات لا متناهية في خضم انتخابات لم تُحسم نتائجها بعد.
ففي نهاية أغسطس/آب 2022، أزاحت جنازة الديكتاتور السابق، دوس سانتوس، الستار عن الانشقاق بين عائلته، في سيناريو يؤكد أن البلد على صفيح ساخن خلال فترة ما بعد الانتخابات.
وقالت صحيفة لافانغوارديا الإسبانية إن ديكتاتور أنغولا، حكم البلاد 38 عاما، ولد في العاصمة الأنغولية لواندا عام 1942، ونُفي إلى فرنسا والكونغو، وشغل منصب مهندس بترول لصالح الاتحاد السوفيتي السابق.
دوس سانتوس
توفي دوس سانتوس في 8 يوليو/تموز بعد إدخاله إلى مستشفى في برشلونة جراء سكتة قلبية، ودفن نهاية أغسطس في العاصمة الأنغولية تحت اسم "مهندس السلام".
ونقلت الصحيفة أن دوس سانتوس قاد حزبه إلى النصر في حرب أهلية، عمل بجد للتغلب عليها. لكن، أدت جنازته إلى انشقاق عائلته ووطنه.
وحضر مراسم الدفن أربعة من أبنائه الثمانية المعترف بهم، بينما انقسمت أنجولا إلى قسمين، وأعلنت الحكومة والمعارضة الفوز في انتخابات أغسطس.
وفي اليوم الذي بلغ فيه هذا المستبد - الذي عاش في بيدرالبيس الإسبانية في السنوات القليلة الماضية - 80 عاما، جرت جنازته دون وقوع حوادث ودون أن يأخذ خليفته في الرئاسة وعدوه اللاحق، الرئيس المنتهية ولايته جواو لورينسو (68 عاما)، الفرصة لإلقاء الكلمة.
وتأتي مراسم تشييعه في لواندا بعد أيام على تصويت الأنغوليين لاختيار نوابهم، في اقتراع يفترض أن يسمح باختيار الرئيس المقبل، وسط تنافس حاد لم تشهده البلاد من قبل، وانتقادات لنتائجه الأولية.
وتشير النتائج الأولية إلى تقدم الحزب الحاكم "الحركة الشعبية لتحرير أنغولا"، لكن المعارضة في "الحركة من أجل استقلال أنغولا التام" (يونيتا) تطعن في ذلك.
في الأيام الأخيرة، كان هناك بعض الاحتجاج منخفض الحدة في لواندا ضد النتائج الرسمية التي أعطت لورينسو 51 بالمئة من الأصوات.
ودون أن تكون جدية أيضا، حدثت الاضطرابات الأكثر أهمية أمام مقرات بعض الأحزاب، بقيادة وكلاء طالبوا بشدة بدفع مقابل عملهم.
ونوهت الصحيفة بأن الجوع أصبح واقعا يوميا في هذا البلد الذي يعدّ واحدا من بين 20 دولة لديها أكبر احتياطيات نفطية.
وتقدر المنظمات غير الحكومية الفقر المدقع بنسبة 44 بالمائة، بعد أن تفاقمت في السنوات الأخيرة.
وأضافت الصحيفة أن "والد الأمة"، مثلما يسمى دوس سانتوس، يترك أنغولا التي يشكل فيها هذا البؤس المتزايد كارثة مدوّية ومتكاملة الأبعاد؛ والتي تضاف إلى المحن السابقة، على غرار كونها البلد الذي يضم أكبر عدد من العبيد لقرون أو الدولة التي عاشت في حرب من عام 1961 إلى 2002.
وذكرت الصحيفة أن جوزيان دوس سانتوس، ابنة الديكتاتور السابق، ألقت خطابا في جنازة الدولة، نيابة عن الأسرة. وقد حضرت مع آنا باولا، والدتها والزوجة الثانية للرئيس السابق.
وكان كانجوزيه فيلومينو دوس سانتوس حاضرا أيضا، وهو الوحيد من أبنائه المتنازعين مع الحكومة الذي يعيش في أنغولا، حيث سجن سابقا.
رسميا، كان للديكتاتور السابق ثمانية أطفال، على الرغم من أن عشرات أو أكثر ينسبون إليه.
حرب عائلية
وأوردت الصحيفة أن الحرب الأهلية العائلية التي اندلعت في أروقة المحاكم في برشلونة، حول مكان دفن الديكتاتور السابق، توّجت بحالة انقسام جليّة.
وفي هذه المعركة، عملت إيزابيل دوس سانتوس، الابنة الكبرى الملاحقة قضائيا بسبب نهب شركة النفط الحكومية، وتشيزي، على بثّ انتقاداتهم في الخارج على شبكات التواصل الاجتماعي.
أما الابن الأكبر سنا فقد كان الجانب المهزوم، وهو الطرف الذي عارض إمكانية استفادة لورينسو من مراسم الجنازة لصالح الانتخابات.
في النهاية، تمكن الرئيس بمساعدة الزوجة الثانية للمتوفى من نقل الجثة إلى أنغولا قبل الانتخابات.
وأوضحت الصحيفة أن هذه المعركة، في المقابل، لم يكن لها دور حاسم في الانتخابات التي اتسمت باضطرابات اجتماعية هائلة، خاصة بين صفوف الشباب.
وينعكس ذلك حتى في النتائج الرسمية المؤقتة المثيرة للجدل. وفي مقاطعة لواندا، اكتسح الاتحاد الوطني للاستقلال التام لأنغولا (يونيتا) المعارض نسبة 63 بالمئة من الأصوات، مقابل حوالي 33 بالمئة لصالح الحركة الشعبية لتحرير أنغولا.
في نظر وسائل الإعلام الأجنبية، يبدو هامش المخالفات المحتملة في العاصمة أصغر مما هو عليه في المناطق النائية.
ومن ناحية أخرى، يبدو من الغريب أنه في مثل هذه الانتخابات المستقطبة، بين لورينسو ومرشح يونيتا، صاحب الشخصية الكاريزماتية، أدالبرتو كوستا جونيور، الحاضرين في مراسم الجنازة؛ جرى الإدلاء بحوالي 700 ألف صوت أقل مما كان عليه في عام 2017، على الرغم من حقيقة أن الإحصاء زاد بمقدار خمسة مليون ناخب خلال هذه الفترة.
وتواصل يونيتا إعادة فرز المحضر بصورة موازية ونددت بمخالفات معينة. كانت الحكومة منفتحة على مراجعة النتائج المؤقتة، لكنها ستكون مجرد تعديلات.
في هذا السياق، تراقب البرتغال، اللاعب الرئيسي، مآل الأحداث. أما أنغولا، دون "مهندس السلام"، فقد أصبحت على صفيح ساخن خلال فترة ما بعد الانتخابات.
وأشارت لافانغوارديا إلى أن أنغولا بلد يصنع الدراما. في الحقيقة، تشير التقديرات إلى أنه بين عامي 1500 و1866، غادر 5.7 مليون من العبيد شواطئها.
وبين عامي 1961 و2002، كان البلد في حالة حرب، من أجل الاستقلال الاقتصادي أولاً والمدني فيما بعد.
من جانب آخر، لا تمنع مواردها الطبيعية، مثل النفط والألماس، غالبية السكان من العيش في بؤس وفقر مدقع، في ظل حكم الماركسيين الذين اعتنقوا الرأسمالية الوحشية.
وحول نتائج الانتخابات، أشارت صحيفة "نويفا ريفولوثيون" إلى أن أعضاء المجتمع المدني، وكذلك بعض المحللين، يعتقدون أن مفوضية الانتخابات هيئة حزبية.
ويعني ذلك أنها لن تمنح الحركة الشعبية لتحرير أنغولا نسبة تقل عن 50 بالمئة. لكن المزاج السائد في شوارع لواندا ولوبيتو والمدن الكبرى الأخرى متيقن أن يونيتا فازت.
وأضاف المصدر ذاته أن كلا من المواطنين والمحللين يعلمون أن هذه المناسبة الانتخابية ستكون محل نزاع حاد.
في الواقع، كانت شعبية الرئيس جواو لورينسو في أدنى مستوياتها، بينما تمكنت المعارضة من تحفيز الناخبين، بقيادة الزعيم الكاريزماتي، أدالبرتو كوستا جونيور. ولأول مرة في تاريخ أنغولا، كانت هناك جبهة معارضة شبه موحدة.
علاوة على ذلك، مع 60 بالمئة من الناخبين تحت سن 25، كان الناخبون الجدد قد بلغوا سن الرشد ولم يكن لشعارات الحركة الشعبية لتحرير أنغولا ولا شبح الحرب الأهلية (1975-2002) وزن كبير بالنسبة لهم.
بالإضافة إلى ذلك، لأول مرة، تمكن الأنغوليون الذين يعيشون في الخارج من المشاركة.
في الوقت نفسه، نظرا لسجله التاريخي باعتباره الحزب الذي حكم البلاد منذ الاستقلال، كان من الواضح أن الحركة الشعبية لتحرير أنغولا لن تقبل نسبة دون 50 بالمئة من الأصوات.
ومع ذلك، حتى مع وجود أغلبية صغيرة، فإن خسارة الأغلبية المطلقة (الثلثين) في البرلمان - والعاصمة لواندا - يجب أن يُنظر إليها على أنها هزيمة كبيرة للحركة الشعبية لتحرير أنغولا.
وفي جميع الأحوال، يقابل هذا الحد الأدنى من الانتصار بكثير من التشكيك في الشارع.