بإمكان تركيا منعها.. "كارثة نووية" تهدد أوروبا بسبب حرب روسيا وأوكرانيا
حذر موقع إيطالي من مخاطر وجود محطة "زابوريجيا" للطاقة النووية الأكبر في أوروبا، في قلب الصدام الدائر بين أوكرانيا وروسيا، وسط تبادل اتهامات بين الطرفين باستهدافها.
وقال موقع "إيل سوسيداريوا" إن "زابوريجيا ليست محطة تشيرنوبيل، لكنها الأكبر في أوروبا، لذلك أي حادث استهداف أو انفجار من شأنه أن يعرض جزءا كبيرا من أوروبا لمخاطر شديدة ذات عواقب وخيمة".
وفي ختام زيارته إلى مدينة لفيف الواقعة غرب أوكرانيا، أعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في 18 أغسطس/آب 2022، عن قلقه من مخاطر الصراع الدائر حول محطة "زابوريجيا".
وخلال مؤتمر صحفي جمعه بنظيره الأوكراني فلاديمير زيلينسكي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، حذر أردوغان بالقول: "لا نريد تجربة تشيرنوبيل جديدة".
ويذكر أن كارثة "تشيرنوبيل" قد وقعت في 26 أبريل/نيسان 1986، إثر حادثة إشعاعية نووية في تشيرنوبيل الأوكرانية والقرى المحيطة بها، نتيجة انفجار مفاعل المحطة النووية رقم 4، ما تسبب في وقوع أكبر كارثة نووية شهدها العالم.
توترات ومخاوف
في حوار مع "إيل سوسيداريوا"، حذر الخبير السياسي، ماورو إنديليكاتو، من أن "الوضع مقلق، رغم أن تصريحات الطرفين ذات صبغة دعائية كما يحدث في كل حرب".
كما أكد إمكانية "نجاح دور أنقرة في تأمين المحطة من خلال الوساطة بين الطرفين".
من جانبها، حذرت المخابرات الأوكرانية من اعتزام الروس فصل وحدات من المحطة عن شبكة الكهرباء الأوكرانية، الأمر الذي سيلقي بظلاله على البلاد بأكملها.
وتحتل القوات الروسية عسكريا المنشأة المليئة بالألغام والقنابل بمختلف أنواعها.
لذلك يحذر الصحفي الإيطالي، إنديليكاتو، من إمكانية "وقوع حادث بسهولة"، لافتا إلى أنه "يجب أن يؤخذ في الاعتبار بأنه من المناسب لموسكو الحفاظ على أمن المحطة لنقل الطاقة التي تنتجها إلى القرم المعزولة منذ أن احتلتها عام 2014 والتي تعاني نقص المياه والطاقة".
وفي سؤال الموقع عن المخاطر الملموسة لوجود محطة الطاقة النووية الأوكرانية في قلب التوترات والمخاوف، ذكر المحلل بأن "المنطقة لا تزال تعيش حالة حرب، لذلك تسيطر الدعاية على الوضع بعد مرور أشهر من بداية النزاع".
وأضاف "في هذه الحالة لا يريد الروس الاعتراف بأنهم حولوا المحطة إلى قاعدة عسكرية، في المقابل، يندد الأوكرانيون من المخاطر التي ينطوي عليها هذا الوجود العسكري".
وتابع إنديليكاتو: "عند قراءة هذه المعلومات، يجب التأكيد على أن كلا الجانبين قد انخرط في الدعاية".
على الجانب الأوكراني، "يتم هذا دائما بدافع المطالبة بتلقي مساعدات عسكرية جديدة لتجنب وقوع خطر كارثة نووية"، يشرح الصحفي الإيطالي.
وعن صحة ادعاءات الطرفين، أكد إنديليكاتو أنه "مما لا شك فيه أن محطة الطاقة النووية الأوكرانية تعد هدفا أساسيا لكلا الطرفين المتصارعين".
مصدر قلق
من جهة أخرى، تسعى موسكو التي تسيطر على المحطة إلى تحويل تدفق الطاقة بشكل أساسي نحو شبه جزيرة القرم.
ويأتي ذلك إثر توقف تدفق موارد الطاقة نحوها منذ عام 2014 إلى فبراير/شباط 2022، بعد أن كانت تصلها من أوكرانيا.
وبحسب الصحفي، السيطرة على مثل هذه المحطة الكبيرة لتوليد الطاقة يعني للروس توفير الأمن الطاقي لشبه جزيرة القرم، كما يخدم أيضا ميزة تكتيكية.
وعن النقطة الأخيرة، أوضح أن احتلالها يعني حرمان كييف من أهم مصدر للطاقة، مما سيجبرها على التوريد لتزويد مدنها بالحاجيات الضرورية من هذا المورد.
وأجاب الصحفي عن سؤال ما إذا كانت موسكو تحاول كسر المقاومة الأوكرانية بعرقلة نشاط المحطة كما حدث مع حصار تصدير القمح من الموانئ الأوكرانية، بأن "ذلك يحدث في جميع الحروب".
وشرح بأن "كل طرف يحاول السيطرة على أكبر عدد ممكن من الموارد، لذلك بقاء زابورجيا تحت سيطرة كييف، يعني امتلاك المزيد من الطاقة لجيشها".
على الطرف المقابل، يحاول الروس الحصول على هذه الطاقة لاستخداماتهم الخاصة، لا سيما وأن مصادر الطاقة تعد أحد أقوى الأسلحة، وفق تعبيره.
وفيما إذا كانت أوروبا بأكملها أمام مخاطر عالية نتيجة احتمال تعرض المحطة النووية الأوكرانية للقصف، أكد إنديليكاتو أن "وقوع المحطة في قلب الصراع يشكل مصدر قلق للقارة".
ذاكرة تاريخية
وأشار إنديليكاتو إلى أن كارثة محطة تيشرنوبيل النووية كانت قد وقعت على الأراضي الأوكرانية، "لذلك من الواضح أن هناك ذاكرة تاريخية حديثة جدا تزيد من حدة التوتر، لذلك يجب علينا الخوف".
وأردف أن "كلا الطرفين ليس لهما مصلحة في التسبب في حادث، لأن وقوعه سيسبب خسائر صحية لكلا البلدين"، محذرا من "احتمال تعرض المحطة لضرر نتيجة قصف الغاية منه مجرد التخويف".
وقال إن "هناك الكثير من الخوف في الوقت الحالي، ومن الضروري أكثر من أي وقت مضى التأكد من أن هذه المنشأة النووية ليست ورقة مساومة بين الطرفين".
واستنكر عدم التوصل إلى اتفاق بشأن المنشأة منذ بدء الصراع طيلة خمسة أشهر، ما يكشف مدى الصعوبات التي تواجهها المنظمات الدولية في السيطرة على الوضع.
ويذكر في هذا الصدد استهداف المحطة في مارس/آذار 2022 بمجرد دخول القوات الروسية للأراضي الأوكرانية والسيطرة عليها فيما بعد.
وفي سؤال الموقع عن أهمية دور أردوغان الذي حذر منذ أيام من وقوع كارثة مماثلة لتشيرنوبيل، عد إنديليكاتو أن هذا "الطرف الثالث يقوم أيضا بالدعاية، ويتقدم كوسيط بين الطرفين لتأمين المحطة".
وقال إنه "يقترح نفسه كطرف قادر على إيجاد حلول من خلال استحضار مشاكل مهمة، وهو ما حدث مع أزمة القمح، لذلك استحضار كارثة تشيرنوبيل الآن يعني التأكيد للأوروبا عن إمكانية نجاح وساطته".
واستدرك قائلا "مع ذلك، تخبرنا الحقائق أن أنقرة لها دور لم تنجح أوروبا في تأديته لنفسها، كما أنه دور لم تقم به أي جهة فاعلة أخرى ولا حتى الأمم المتحدة".
وأكد إنديليكاتو أن "أهمية تركيا ازدادت ويجب الاعتراف بأن أردوغان تمكن من احتلال مساحة، رغم صغرها، خلفتها أوروبا".