مؤتمر حل الدولتين المرتقب برعاية فرنسا والسعودية.. 4 أهداف و6 شروط

الرئيس الفرنسي "لن يعترف في نهاية المطاف بدولة فلسطينية بعد المؤتمر"
تستعد فرنسا والمملكة العربية السعودية لعقد مؤتمر دولي في نيويورك بشأن حل الدولتين من 17 إلى 20 يونيو/ حزيران 2025، والذي من المقرر أن يشمل ثماني مجموعات عمل تبحث تنفيذ محاوره من مختلف الجوانب.
في هذا السياق، رجَّحت مصادر سياسية إسرائيلية لصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "لن يعترف في نهاية المطاف بدولة فلسطينية بعد المؤتمر".
فيما قالت مصادر دبلوماسية فرنسية للموقع قبيل انعقاد المؤتمر بمقر الأمم المتحدة: إن "إسرائيل لا ينبغي أن تشعر بالقلق بشأن المؤتمر الدولي".

ديناميكية سلام
وأفادت المصادر الفرنسية للصحيفة بأنه “ليست هناك نية لفرض أي شيء على أحد”. مبينة أن "المؤتمر أوسع بكثير من مجرد الاعتراف بدولة فلسطينية"، وأن "الهدف العام هو إطلاق ديناميكية لا رجعة فيها نحو السلام بين إسرائيل والفلسطينيين".
وأشارت إلى أن "جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة قد دُعوا إلى المؤتمر، لكن لا يزال من غير الواضح عدد البلدان التي ستشارك". وتابعت: "تفكر العديد من الدول حاليا في مسألة الاعتراف بالدولة الفلسطينية".
وأردفت الصحيفة: "بعض الدول، مثل كندا وبريطانيا وفرنسا، أعربت عن عزمها القيام بذلك، لكن هذا لا يعني بالضرورة أن الأمر سيحدث في نفس الشهر"، وفق الصحيفة العبرية.
من جانبه، شدَّد ماكرون على أن "اعتراف فرنسا بدولة فلسطينية يجب أن يكون ذا فائدة".
وأوضحت الصحيفة أن "عقد مؤتمر حل الدولتين، جاء في أعقاب القرار رقم 79 /81 المتعلق بالاعتراف بدولة فلسطينية، والذي اعتُمد في الجمعية العامة للأمم المتحدة في 3 ديسمبر/ كانون الأول 2024".
وقد أعاد هذا القرار "التأكيد على دعم الجمعية العامة لحل الدولتين" كما "شدَّد على ضرورة التزام إسرائيل، كقوة احتلال، بالقانون الدولي، بما في ذلك وقف جميع الأنشطة الاستيطانية وإخلاء المستوطنين من الأراضي الفلسطينية المحتلة".
ويدعم القرار بشكل غير مباشر الاعتراف بالدولة الفلسطينية من خلال التأكيد على حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وإقامة دولة مستقلة.
"لكنه في الوقت ذاته لا يغير الوضع القانوني الحالي -حيث إن فلسطين عضو مراقب فقط- بسبب الحاجة إلى موافقة مجلس الأمن"؛ إذ تستخدم الولايات المتحدة حق الفيتو لمنع العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة.

أربعة أهداف
ويهدف المؤتمر إلى تحقيق خطوات ملموسة في أربعة مجالات رئيسة؛ أولها الاعتراف بدولة فلسطين.
وأوضح مصدر فرنسي للصحيفة أن "المقصود هو الاعتراف بالتطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني نحو دولة مستقلة، والعيش بكرامة وسلام إلى جانب الإسرائيليين".
أما المجال الثاني فهو "الاعتراف المتبادل والتقدم نحو التطبيع مع إسرائيل من قِبل دول لم تفعل ذلك بعد".
وأكمل: "يُتوقع أن يكون هذا مشابها لما أعلنه رئيس إندونيسيا برابوو سوبيانتو إلى جانب ماكرون، عندما قال: إن بلاده ستعترف بإسرائيل إذا اعترفت الأخيرة بدولة فلسطينية".
وقال الرئيس الأندونيسي سوبيانتو: "نحن نعترف بحق إسرائيل في الوجود كدولة ذات سيادة، ويجب ضمان حقها في العيش بأمن"، وذلك خلال مؤتمر صحفي مع ماكرون الذي كان يجرى زيارة رسمية إلى جاكرتا.
واستدرك سوبيانتو: "لكن يتعين علينا أيضا أن نضمن حصول الفلسطينيين على حقهم في دولة مستقلة".
وتعتقد الصحيفة أن تصريحات سوبيانتو "تشير إلى إمكانية حدوث تغيير جوهري في السياسة الخارجية لجاكرتا، مرهونا بالتقدم السياسي المحرز في القضية الفلسطينية".
وقبل حوالي عام، ذكرت صحيفة "جويش إنسايدر" الأميركية أن إسرائيل وإندونيسيا "كانتا تخططان لتوقيع اتفاقية تطبيع نهاية عام 2023".
كان الاتفاق جاهزا بالفعل، وكان من المقرر توقيعه بعد أيام قليلة من هجوم حركة المقاومة الإسلامية حماس في 7 أكتوبر/ تشرين الأول.
كما كان من المفترض أن يؤسس الاتفاق لإقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين تشمل اتفاقيات اقتصادية وفتح خدمات قنصلية، وفق الصحيفة الأميركية.
وترى الصحيفة العبرية أن "الهدف الثالث للمؤتمر المرتقب هو بحث إعطاء ضمانات أمنية للإسرائيليين والفلسطينيين، ويشمل ذلك العمل على نزع سلاح حماس بالكامل ووضع آليات أمنية بمشاركة شركاء إقليميين ودوليين تتعلق باليوم التالي في غزة".
ورابعا وأخيرا، "العمل على إصلاح السلطة الفلسطينية، بهدف تعزيز شرعيتها في أراضيها وداخل إسرائيل، وتمكينها من الحكم بشكل فعال -بما في ذلك في غزة- في إطار سياسي لا يمنح أي دور لحركة حماس".

ستة شروط
وأشارت الصحيفة إلى أنه "بحسب خطابات ماكرون التي ألقاها خلال زيارته الأخيرة إلى سنغافورة وإندونيسيا، فإن إقامة دولة فلسطينية ستكون خاضعة لستة شروط".
هي "إطلاق سراح جميع الرهائن، الأحياء والأموات (الأسرى الإسرائيليين في غزة)، ونزع سلاح حماس، وإبعادها عن أي مشاركة حكومية في الدولة الفلسطينية المستقبلية، وإجراء إصلاحات في السلطة".
بالإضافة إلى "الاعتراف الفلسطيني بدولة إسرائيل واحتياجاتها الأمنية، وأخيرا إنشاء هيكل أمني إقليمي تكون إسرائيل شريكة فيه".
وعزت الصحيفة تحركات ماكرون بشأن القضية الفلسطينية إلى "محاولة الرئيس الفرنسي ترك بصمة مؤثرة على الساحة الدولية، في ظل ضعف مكانته السياسية على الساحة المحلية". وقالت: "فقبل نحو عام، مُني معسكره بهزيمة في انتخابات البرلمان الأوروبي".
وردا على ذلك، قرَّر ماكرون حل الجمعية الوطنية والإعلان عن انتخابات مبكرة، وهي خطوة لم تُحقق النتيجة المرجوة، وأدّت إلى هزيمة أخرى، هذه المرة على الصعيد الفرنسي الداخلي. ومنذ ذلك الحين، يقود حكومة أقلية.
وفي محاولة للتقليل من شأن مخرجات المؤتمر، قالت الصحيفة العبرية: "لا أحد يظن أن هذا المؤتمر والتصريحات العلنية ستؤدي فعليا إلى قيام دولة فلسطينية".
واستدركت: "لكن فيما يتعلق بالعلاقات الإسرائيلية الفرنسية، يُعد هذا ضربة مؤلمة، تكاد تكون لا رجعة فيها".
وفي هذا الصدد، ذكرت السفارة الفرنسية في إسرائيل أن "السياق الذي ستُعقد فيه هذه القمة تاريخي، خاصة في ظل الحرب الدائرة في غزة، وأزمة المساعدات الإنسانية، وخطر المجاعة في القطاع، إضافة إلى عنف المستوطنين في الضفة الغربية".
وأكد بيان صادر عن السفارة أنه "من غير الممكن تجاهل النزاع أو دفعه إلى الهامش"، مؤكدة أن "هناك حاجة ملحّة لإحياء المسار السياسي والدبلوماسي والسعي نحو حل، رغم العوائق التي تدركها فرنسا جيدا".
كما حذَّر البيان من أن "حل الدولتين مهدد اليوم أكثر من أي وقت مضى"، مشيرا إلى أن "فرنسا قد تدرس اتخاذ خطوات حادة مثل إغلاق قنصليتها في تل أبيب".