أوقعتها في الفخ.. مجلة إيطالية: السباق نحو رئاسة كينيا يمر عبر الصين
أجرت كينيا انتخابات عامة في 9 أغسطس/آب 2022 بمختلف مناطق البلاد، لاختيار الرئيس الجديد وأعضاء البرلمان وممثليهم في المجالس المحلية، بينما تعيش البلاد حاليا حالة ترقب لصدور النتائج الأولية.
وتحدثت مجلة إيطالية في تقرير عن علاقات وروابط المرشحين البارزين المتنافسين في الانتخابات الرئاسية في البلد الإفريقي ببكين.
وقالت فورميكي إن "هناك حاجة لإعادة التفاوض بشأن القروض الممنوحة للبلاد ولكن أيضا لفك الارتباط على أثر الشعور الشعبي المنتقد لحضور بكين الكبير في الدولة الإفريقية".
سباق انتخابي
وأضافت أن السباق نحو رئاسة البلاد بين وليام روتو نائب الرئيس والزعيم التاريخي للمعارضة ريلا أودينغا يمر عبر الصين ويكشف كيف أصبحت بكين الآن منتشرة في إفريقيا إلى درجة باتت تشكل موضوعا بارزا في السباق الانتخابي نحو قيادة البلاد.
وذكرت أن البلد الإفريقي الذي يبلغ تعداد سكانه 54 مليون شخص "يواصل تسجيل نمو اقتصادي ثابت، بمتوسط نمو في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بلغ حوالي 5.6 بالمئة في السنوات الخمس الماضية"، وفق ما ورد في تقرير للبنك الدولي.
في المقابل، تسجل كينيا نموا في معدل التضخم وصل في يوليو/تموز إلى أعلى مستوى له في خمس سنوات عند حدود 8.3 بالمئة.
وقالت المجلة الإيطالية إن الرئيس الكيني القادم سيكون مطالب بإدارة الارتفاع في أسعار المواد الغذائية وزيادة الديون ومجابهة عدم الاستقرار الإقليمي وخاصة إدارة العلاقات مع الصين.
وأكدت أن هذا يجعل الانتخابات الكينية واحدة من أهم الانتخابات الإفريقية هذا العام إن لم تكن أهمها.
وترجح المجلة أن تكون بكين قد لعبت بالفعل دورا فيما وصفتها أكبر "رجة" حدثت في السياسة الكينية خلال السنوات الخمس الماضية في إشارة إلى الاتفاق بين أودينغا والرئيس المنتهية ولايته أوهورو كينياتا.
وبموجب الاتفاق أصبح العدو السابق للرئيس (لمدة عشر سنوات) حليفه وأعلن دعمه له خلال الانتخابات الحالية، بينما أصبح نائبه منذ فترة طويلة، روتو، خصمه السياسي.
وذكرت فورميكي أن الرئيس كينياتا حصل على قرض ضخم من الصين لتمويل مشاريع البنية التحتية.
بينما تفاوض أودينغا كرئيس للوزراء على صفقات مع الصين، من بينها إنجاز خط سكة حديد بقيمة 3.8 مليارات دولار يربط ميناء مومباسا بنيروبي، والذي تعرض لانتقادات بسبب غموض الشروط المالية.
وقال روتو إنه لا يريد إعادة التفاوض بشأن القروض وتعهد بإلغاء ديون البلاد واتخذ بدلا من ذلك مواقف صارمة ضد الصين.
كما تعهد أيضا بطرد الصينيين الذين يشغلون وظائف بإمكان الكينيين أن يعملوا بها، إذا ما انتخب رئيسا للبلاد.
معضلة الاقتراض
وبحسب استطلاع رأي أجراه مقياس "الأفرو بارومتر" في العام 2021، يعتقد 87 بالمئة من الكينيين أن الحكومة تحصلت على الكثير من القروض من الصين ويجب أن تتخلص بسرعة من هذه التبعية.
علقت المجلة أن العملية معقدة لا سيما أن كينيا، التي تبلغ ميزانيتها لعام 2022/ 2023 قرابة 27.86 مليار دولار، تعاني من عجز بنسبة 6.2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وتدين للصين بنحو 8 مليارات دولار.
وبحسب صندوق النقد الدولي، وصل الدين العام الخارجي لكينيا إلى 36.7 مليار دولار، أي ما يعادل 34.4 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية العام 2021، ما يضع البلاد أمام مخاطر كبيرة.
وتعد الصين، التي قدمت تمويلا لمشاريع البنية التحتية في كينيا، من بين الرعاة الرئيسيين للبلاد لكنها تقف في طابور الدائنين متعددي الأطراف، وفق قول المجلة.
في نيروبي كما في أي مكان آخر، التزمت بكين بعشرين عاما من القروض التي جعلت منها أكبر مصدر لتمويل التنمية في إفريقيا، تفيد المجلة الإيطالية.
وأردفت فورميكي بأن السباق الانتخابي في كينيا يشهد أيضا صراعا بين الأجيال، يمثله أودينغا البالغ من العمر 77 عاما.
لذلك فإن التحالف مع كينياتا الذي بدأ في عام 2018 ويستمر بدعم الانتخابات الحالية، يعد بمثابة رص صفوف المؤسسة السياسية التاريخية.
على الطرف المقابل، تركزت حملة روتو، البالغ من العمر 55 عاما، على أصوله المتواضعة فقد عمل بائعا للدجاج في الشوارع خلال صغره، وعلى كونه شخصية عصامية وأمل للأجيال القادمة.
ووصفت المجلة أنه شعبوي يتمتع بشخصية كاريزمية، ينتقد المؤسسات الحالية ويقدم وعودا برفع مستوى عيش الفقراء.
على جانب العلاقات مع الصين، أشارت المجلة إلى أن المرشح روتو يدرك أن قطع العلاقات مع بكين أمر شبه مستحيل لكن يمكن أن يشير ذلك أيضا إلى تغيير في الرؤية داخل الفئات الشابة تجاه الشركات الصينية.
ولفتت إلى تزايد الانتقادات الموجهة للأنشطة الصينية في البلاد، مثل فخ الديون الذي استحوذت بفضله بكين على مطار عنتيبي في أوغندا لفائدة المقرض الصيني لأن الدولة الإفريقية لم تعد قادرة على سداد القرض الذي تحصلت عليه لإنجاز مشروع البنية التحتية.
ولهذا السبب أيضا، راجعت الصين التزامها جزئيا وخفضت من حجم التمويلات (في إفريقيا عموما) التي بلغت ذروتها عام 2016.
وتريد بكين من وجهة نظر سياسية تجنب تسجيلها في خانة "الاستعمار"، وهو نقد يستخدم غالبا ضد الغرب.
واستدركت المجلة بالقول إن كينيا تظل إلى جانب أنغولا وجيبوتي وإثيوبيا وزامبيا، واحدة من أكثر الأماكن التي تحظى باهتمام الصينيين.
وأفادت بأنه في يوليو/تموز، افتتح الرئيس المنتهية ولايته كينياتا أول مشروع طريق مشترك بين القطاعين العام والخاص في البلاد.
وهو طريق سريع بقيمة 588 مليون دولار في نيروبي مع أكشاك رسوم، جرى تصميمها وتمويلها وبنائها بأموال صينية.
من جانبه، قال السفير الصيني لدى كينيا خلال حفل التدشين إن "العلاقة الأخوية" بين بكين ونيروبي وصلت "إلى مستوى جديد لم يسبق له مثيل في التاريخ".
وخلصت المجلة الإيطالية إلى التأكيد بأن عملية انتخاب الرئيس الكيني الجديد لها قيمة بالنسبة لبكين.