لا سيولة.. "لينكياستا": الإفلاس مصير حتمي لغالبية شركات العقارات بالصين

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

تعرض قطاع العقارات الصيني المضطرب منذ شهور لضربة جديدة في يوليو/ تموز 2022، عندما توقف مئات آلاف المشترين عن إتمام أقساط الرهن العقاري لوحدات ضمن مشاريع غير مستكملة.

ووصفت صحيفة "لينكياستا" الإيطالية انهيار القطاع العقاري في الصين بالكارثي، محذرة من تأثير مدمر لذلك على بكين صاحبة ثاني أكبر اقتصاد بالعالم، في ظل فشل غالبية الشركات في تسديد ديونها ما يهددها بالإفلاس قريبا.

وذكرت الصحيفة أن شركات تطوير العقارات بالصين لم تعد تملك السيولة الكافية لاستكمال المشاريع التي تم دفع ثمنها، فيما يهدد الإفلاس هذه الشركات وبات بالنسبة لبعضها قاب قوسين أو أدنى. 

وأشارت إلى أنه في مواجهة الاحتجاجات والإضراب عن تسديد أقساط الرهن العقاري لمشاريع سكنية في عشرات المدن، تحاول الحكومة التدخل بإجراءات استثنائية قد لا تكون كافية.

مشكلة متفاقمة

في الأثناء، حضت الهيئة المنظمة للقطاع المصرفي المقرضين على منح مطوري العقارات مزيدا من القروض.

من جانبهم، يتساءل المحللون عما إذا كان سوق العقارات الصيني يسير نحو مصير بنك "ليمان براذرز" الأميركي الاستثماري الذي كان قد أعلن إفلاسه في 15 سبتمبر/ أيلول 2008 نتيجة التأخر في سداد ديونه.

فيما تتوقع وكالة التصنيف الائتماني "ستاندرد آند بورز" أن "مبيعات العقارات الصينية ستنخفض من 28 بالمئة إلى 33 بالمئة بحلول نهاية 2022"،  وهو ما يؤكد زيادة سرعة انهيار السوق.

ووصفت الصحيفة الصورة العامة بالكارثية في إشارة إلى افتقار شركات البناء إلى السيولة لاستكمال العقارات التي دفعت أثمانها بالكامل أو إلى حد كبير، وغالبا ما يتم ذلك من خلال الرهون العقارية الخاصة.

وكذلك في إشارة إلى فقدان المشترين لصبرهم لعدم تسلمهم ممتلكاتهم، والتي غالبا ما تكون غير منجزة أو في المراحل الأولى من البناء. 

وشرحت أنه يترتب على ذلك عدم ثقة في القطاع، ما يعني أن المزيد من الأفراد وأيضا المستثمرين المتوسطين والكبار يبتعدون عن هذه الصفقات التي في نظرهم تأخذ على نحو متزايد خصائص المغامرات المتهورة. 

ووصفت الصحيفة "رد الفعل هذا بالمفرط في بعض الحالات، لكنه فسيولوجي تماما".

وبحسب لينكياستا، النتيجة الظاهرة للعيان تكمن في انهيار السيولة، وهو عامل يزيد من تفاقم عدم قدرة العديد من المطورين العقاريين من الاحتفاظ بعقودهم مع المشترين.

سواء من حيث التأخيرات الكبيرة في أوقات التسليم أو من حيث عدم القدرة الواضحة على استكمال أعمال البناء. 

واستنتجت بأن الإفلاس هو المصير الحتمي في انتظار العديد من الشركات هذه.

تأثير مدمر

كما عرجت الصحيفة عما وصفته بالتأثير المدمر الذي سيحدثه استمرار هذا الوضع على صعيد التوظيف، لا سيما وأن جميع التقديرات تشير إلى أن الصين لا تزال في بداية أزمة عابرة وهي الأخطر منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. 

ويتجلى ذلك من خلال الإجراءات الضخمة التي تطورها الحكومة الصينية استجابة لهذه الأزمة المتصاعدة. 

وفي هذا الصدد، أفادت بطرح خطة إنقاذ قصوى بقيمة 300 مليار يوان (حوالي 44 مليار دولار) لدعم قرابة 12 شركة  تطوير عقاري كبيرة، مثقلة بالديون المتراكمة.

وأبرزها شركة "ايفرغراند"، أكبر مجموعة عقارية صينية غارقة في التزامات بإجمالي 300 مليار يوان أي ما يعادل قيمة الأموال المرصودة لخطة الإنقاذ الحكومية بأكملها، وذلك بعد أن انهارت أسهمها بنسبة 75 بالمئة.

وتجدر الإشارة إلى أن الأزمة بدأت منذ أغسطس/آب 2021، حين اجتمع مسؤولو كل من بنك الشعب الصيني ووزارة الإسكان الصينية مع أكبر المطورين العقاريين في البلاد بما فيهم "إيفرغراند".

وتمحور اللقاء حول سياسة "الخطوط الحمراء الثلاثة" التي باتت ترسم حدود قطاع الإسكان في البلاد لكبح المضاربة العقارية.

وينص الخط الأول على ألا تتجاوز التزامات المطور العقاري 70 بالمئة من قيمة أصوله. بينما يؤكد الخط الثاني على ألا  يكون صافي الديون الشركة أقل من حقوق الملكية لديها.

أما الخط الثالث والأخير فتمثل في أن تغطي حيازات الشركة من السيولة قيمة ديونها قصيرة الأجل بنسبة 100 بالمئة على الأقل.

على إثر ذلك اتضح أن هذه الشروط الثلاثة لا تنطبق على عملاق التطوير العقاري "إيفرغراند"، وبناء عليه توقفت البنوك الصينية عن إقراض الشركة. 

ومن تلك اللحظة بدأ الانهيار المتسارع  لها إلى أن أعلنت أنها تواجه مخاطر التخلف عن سداد ديونها في موعدها  وسط تراجع مبيعاتها من العقارات.

أزمة خانقة

وأعلنت الشركة قبل أيام عن حزم أصول لدائنها بالخارج قد تشمل حصصا في وحدتين مدرجتين في الخارج كحافز، مع استمرار أزمة السيولة الخانقة في قطاع العقارات.

وقالت الشركة في تحديث لاقتراحها المبدئي لإعادة الهيكلة إن الوحدتين المدرجتين في الخارج هما "مجموعة إيفرغراند للخدمات العقارية" و"مجموعة إيفراغراند نيو إنيجري فيكلز لصناعة السيارات الكهربائية".

من جهتها، تعهدت لجنة تنظيم البنوك والتأمين الصينية بمساعدة الحكومات المحلية على "ضمان تسليم المنازل". 

إلا أن ذلك لم يطمئن المشترين في الواقع، وإنما فاقم من سخطهم الذي بلغ الطاقة القصوى من التحمل، وفق قول الصحيفة الإيطالية.

وأعادت التذكير بتنظيم احتجاجات في حوالي مئة مدينة، وبلغت ذروتها في التهديد بـ"إضراب الرهن العقاري" وقرار العديد عدم دفع أقساط الرهن العقاري. 

نتيجة لذلك أعلنت شركات أخرى تعمل في قطاع العقارات أنها ستقبل بيع منازلها بنظام المقايضة بالمنتجات الزراعية بدلا من المال، في مسعى منها لجذب المشترين.

وكشفت عن صفقات ترويجية للسماح للعائلات بالمقايضة عبر المنتجات مثل القمح و الخوخ والبطيخ والثوم كدفعات مقدمة على المنازل الجديدة.

وأشارت الصحيفة الإيطالية إلى أن اهتمامات الحكومة تتعلق بالإضافة إلى الجانب الاقتصادي بتأثير كل هذا على الاستقرار الاجتماعي خاصة في ضوء انعقاد المؤتمر القادم للحزب الشيوعي في الخريف. 

ورجحت إمكانية أن يعيد تأكيد الرئيس الحالي شي جين بينغ أمينا عاما للحزب للمرة الثالثة. 

في الختام، أكدت الصحيفة أن المشاكل الداخلية تتضاعف، خصوصا وأن البلاد لا زالت تواجه تفشي جائحة كوفيد التي أثرت بشدة على الصعيد الاقتصادي وكذلك الاجتماعي نتيجة سياسة تشديد القيود والإغلاقات المستمرة على ملايين الأشخاص.