تغير مناخي أم فشل حكومي؟.. حرائق الغابات تكبد المغرب خسائر فادحة

12

طباعة

مشاركة

تشهد عديد من غابات المغرب حرائق على مساحات واسعة، منذ 13 يوليو/ تموز 2022، التهمت آلاف الهكتارات وشردت مئات الأسر، فضلا عن خسائر ضخمة بالدواب والأراضي الزراعية، في وقت تعاني فيه البلاد بالفعل أزمة اقتصادية خانقة.

وبدأت الحرائق بغابات في محافظة العرائش ثم امتدت في الأيام التالية لغابات في أغلب المحافظات، ما تسبب في جدل واسع بالبلاد عن السبب الحقيقي وراء هذه الصورة المؤلمة.

وبينما روج متابعون لأن المغرب من بين أبرز دول العالم التي تدفع ثمن ظاهرة التغير المناخي التي تأكدت آثارها الكارثية بالسنوات الأخيرة، ذهب آخرون إلى أن ثمة فشلا واضحا من جانب حكومة عزيز أخنوش إزاء التعامل مع هذه الحرائق المتوقعة.

ويشهد المغرب سنويا حرائق بالغابات التي تغطي نحو 12 بالمئة من المساحة الإجمالية للبلاد، وكذلك واحات النخيل بالجنوب الشرقي.

حرارة مرتفعة

وقال مدير المركز الوطني لتدبير المخاطر المناخية الغابوية (حكومي) فؤاد العسالي، إن الفرق المعنية تواصل جهودها لاحتواء 4 حرائق غابوية اندلعت على مستوى أقاليم العرائش (حريقان) ووزان وتطوان، إلى جانب حريق خامس بإقليم تازة.

وأوضح لوكالة أنباء المغرب الرسمية في 14 يوليو، أنه تم توفير المئات من الموارد البشرية وشاحنات صهريجية وآليات برية للسيطرة على الحرائق، مدعومة بأربع طائرات "كانادير" تابعة للقوات المسلحة الملكية، و4 طائرات “توربوتراش” تابعة للدرك الملكي.

ولفت العسالي إلى أن الرياح الشرقية وارتفاع درجة الحرارة، لا سيما بمحافظتي العرائش ووزان، ساهما في تعقيد مهمة فرق التدخل، مشيرا أن الحرائق نالت أكثر من ألف هكتار (الهكتار يساوي 10 آلاف متر مربع).

وأكد أن "هذه الحرائق الأكبر من نوعها على الصعيد الوطني".

في الأثناء، تداول رواد وسائل التواصل الاجتماعي، مقاطع فيديو عديدة لنيران مشتعلة في عدة غابات بالبلاد، وسط تدخل محدود لإطفائها.

وشهدت منطقة العرائش تحديدا استمرارا مخيفا لحريق غابة “لايبيكا”، الذي وصل إلى مقربة من التجمعات السكنية، فيما عملت فرق الإطفاء على تفادي بلوغ ألسنة اللهب إلى السكان والتسبب في خسائر أكبر.

وتواجه فرق الإطفاء تحديات صعبة بخصوص استمرار الحرائق وصعوبة التحكم فيها خاصة مع هبوب الرياح التي تزيد من انتشارها بسرعة، إضافة إلى صعوبة التضاريس التي شبت فيها النيران، حيث يحتاج إيصال المعدات إلى قرب هذه الحرائق العديد من الجهود.

وعلى هذا النحو ساهم انتشار الحرائق بأماكن متفرقة في تشتيت جهود فرق الإنقاذ، وتسبب في حرق مساحات شاسعة من الغابات كما أتى على آلاف أشجار الزيتون ومئات الفدادين من المزروعات المتنوعة.

فضلا عن نفوق مئات الدواب واحتراق خلايا النحل الموجودة بجنبات الجبال الممتدة على طول المنطقة، فيما جرى تسجيل حالة وفاة واحدة.


"حرائق استثنائية"

من جانبه، قال الخبير في المناخ والتنمية المستدامة محمد بنعبو لـ"الاستقلال"، إن "حرائق المغرب التي عرفها هذه السنة استثنائية حيث تزامنت مع موجة حرارة تعدت في بعض المناطق 48 درجة حرارية".

ولفت إلى أن رياح "الشركي" صعبت مأمورية رجال الإطفاء والدرك الملكي والطائرات، وهذه الرياح زادت من توسيع رقعة الحريق ما تسبب أيضا في انقطاع الطرق خاصة الطريق الرابط بين العرائش وخنيفرة.

وأرجع بنعبو اندلاع الحرائق بشمال المملكة إلى التغيرات المناخية التي تعرفها البلاد وحوض البحر المتوسط بصفة خاصة في السنوات القليلة الماضية، خصوصا أنها تميزت بالفيضانات والحرائق. وكذلك ظاهرة الجفاف التي أثرت على الموارد المائية المغربية. 

وأكد أن الحرائق التي عرفها المغرب تبقى استثنائية، إذ كانت هناك مجموعة من البؤر من الحرائق بمنطقة تازة وشفشاون ووزان والعرائش والقصر الكبير اندلعت في وقت واحد.

ودخلت السلطات المختصة في مرحلة تأهب قصوى من أجل مكافحة الحرائق التي تهدد بإحداث خسائر كبيرة جدا، كما تم كإجراء استباقي لإجلاء الأسر من مساكنها درءا للمخاطر المحتملة كافة.

وأفادت المديرية العامة للأرصاد الجوية في نشرة إنذارية في 15 يوليو، بأن عددا من مناطق المغرب ستعرف هبوب رياح قوية بالإضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة.

ونبهت أن الرياح ستصل من 60 إلى 80 كيلومترا في الساعة بمناطق من الشمال، كما ستعرف المناطق التي تشهد الحرائق رياحا من 30 إلى 45 كيلومترا في الساعة بكل من العرائش ووزان وتازة.

لامبالاة حكومية

من جانبها، طالبت الهيئة الوطنية لحماية المال العام والشفافية بالمغرب (غير حكومية)، السلطات المعنية بإيجاد حلول جذرية وعاجلة وفورية للسكان الذين فقدوا مساكنهم جراء اندلاع الحرائق بمجموعة من أقاليم الشمال في أسرع وقت وقبل انطلاق الموسم الدراسي.

وأوضحت في بيان في 15 يوليو، أنها تتابع بقلق شديد الحرائق التي شبت بمجموعة من الغابات بأقاليم الشمال، لما للأمر من تهديد لوجود السكان بهذه المناطق وللأمن البيئي والغذائي، حيث تم تدمير مساحات كبيرة من الملك الغابوي ومن الأراضي الفلاحية.

وأكدت الهيئة أن الحرائق أدت إلى تدمير عشرات الدواوير والتجمعات السكنية القروية، ونفوق عدد كبير من المواشي والدواجن، الأمر الذي جعل ساكنيها عرضة للتشرد والضياع، وتفاوتت الخسائر المادية بالنسبة لعشرات الدواوير التي انتشرت فيها الحرائق.

وأضافت أنها راقبت تأخرا لاحتواء الحرائق، وأيضا عدم تسخير طائرات الإطفاء في وقتها المناسب، وغياب لجان اليقظة الجهوية والإقليمية والمحلية، التي من المفروض أن يوكل إليها تدبير الطوارئ والمخاطر والتدخل السريع.

واستنكرت عدم الاهتمام واللامبالاة التي أبدتها الحكومة لما يقع بمنطقة الشمال، والذي خلف احتراق أكثر من 1500 هكتار وتشريد مئات الأسر بشمال المغرب، في غياب أي تدخل لوزير الفلاحة ومسؤولين حكوميين آخرين.

من جانبها، أفادت وزارة الفلاحة المغربية في 17 يوليو، بأن حرائق الغابات التي اندلعت منذ 5 أيام بمناطق نائية شمال المغرب طالت 6600 هكتار.

وأضافت في بيان، أنه "لأول مرة، تمت الاستعانة بطائرة "الدرون" تابعة للوكالة الوطنية للمياه والغابات من أجل رصد وتتبع بؤر الحرائق، وبالتالي تحديد أولويات التدخلات الجوية والبرية بعد دراسة وتحليل الصور تحت الحمراء".

وأكدت أنه تم احتواء ثلاثة حرائق بصفة نهائية، بكل من تازة والعرائش ووزان، بالموازاة مع عودة 95 بالمئة من السكان لمنازلهم بعد السيطرة الكاملة على الحرائق.

وأشارت وزارة الفلاحة إلى أن نسبة السيطرة على "حريق غابة القلة بالعرائش بلغت 70 بالمئة والذي أتى على حوالي 5.300 هكتار وكذلك حريق غابة جبل الحبيب بتطوان بنسبة 80 بالمئة، وحريق غابة تاسيفت بشفشاون بنسبة 70 بالمئة".