بعد حراك 2019.. هذه أبرز الاختلافات في العلاقات بين تركيا والجزائر

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

رأت صحيفة "يني شفق" أن العلاقات التركية الجزائرية دخلت مرحلة مختلفة وتقدمية بزيارة الرئيس عبد المجيد تبون إلى تركيا بين 15 و17 مايو/أيار 2022.

وحسب الصحيفة التركية: "هنا تبرز الاتفاقيات الافتتاحية لمؤسسة معارف ومعهد يونس إمرة، والتعاون في مجال الصناعة الدفاعية، وتطوير مجالات الاستثمار والتجارة من الموضوعات البارزة".

وأكد تبون خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان في أنقرة، ثقته بأن الاستثمارات التركية في بلاده ستصل إلى 10 مليارات دولار وأكثر خلال فترة قصيرة.

وأشار تبون إلى أن حجم الاستثمارات التركية في الجزائر وصل إلى 5 مليارات دولار، وأن بلاده تطمح لاتخاذ خطوات مهمة مع تركيا في مجال الصناعة لا سيما البحرية، سواء العسكرية منها أو المدنية.

رؤية جديدة 

تقول صحيفة يني شفق: "كان تغيير الإدارة في الجزائر بعد احتجاجات 2019 ثوريا بلا شك. وبينما ظهرت آثار هذا الوضع لأول مرة في السياسة الداخلية في وقت قصير، فقد انعكس ذلك أيضا في السياسة الخارجية في الفترة التالية".

وأوضحت في مقال للكاتب إسماعيل نعمان تجلي: "نفذت التغييرات التي حدثت على مستوى النخب الناشطة في إدارة البلاد والإصلاحات بما يتماشى مع مطالب الجماهير، وبدأت باتخاذ خطوات تجاوزت الخط التقليدي في السياسة الخارجية".

واستدرك: لقد دخلنا فترة حددت فيها الجزائر رؤية سياسية جديدة في قضايا مثل السياسة تجاه دول الجوار والعلاقات مع أوروبا والتعامل مع القضية الفلسطينية والسياسات الاقتصادية والأولويات العسكرية.

وفي هذه العملية، انخفض تأثير بعض الجهات الأجنبية، وخاصة المؤثرة في السياسة الجزائرية، تدريجيا، مع التركيز على التعاون مع جهات فاعلة جديدة.

وبين أن دور الجزائر الذي كان بسيطا لعدة سنوات انتهى، وبدأ دوره الآن كلاعب محلي وعالمي.  

وتابع: تظهر التطورات منذ عام 2019 أن الجزائر التي تتبع سياسة أكثر نشاطا في القارة الإفريقية، خاصة في ليبيا ومالي، يمكنها استخدام مواردها من الطاقة كأداة فعالة في السياسة الخارجية وتشكيل علاقات التحالف في سياق المصلحة الوطنية.

ومن المؤشرات الواضحة لعملية التحول هذه، التطورات في علاقات الجزائر مع تركيا، التي يربطها بها ماض تاريخي مشترك وترتبط معها بعلاقات وثيقة اجتماعيا وثقافيا.

وأضاف: في الفترة الأخيرة، أدت تفاعلات زعيمي البلدين إلى عملية تكثفت فيها الشراكات في العلاقات الثنائية والسياسة الإقليمية.

ونتيجة لهذا الوضع، تحققت دينامية جديدة في العلاقات التجارية والثقافية، في حين بدأ اتباع سياسات مماثلة في بعض مجالات السياسة الخارجية.

وبين أن دعم الجزائر لموقف تركيا من ليبيا، واتباع سياسة موازية تجاه القضية الفلسطينية، واتخاذ موقف مشترك ضد فرنسا يكشف عن عملية التعاون.

ونتيجة لهذه التطورات، ازداد الاتصال رفيع المستوى بين الزعيمين، بحسب تقييم الكاتب التركي.

ووضع أردوغان، الذي زار الجزائر في يناير/كانون الثاني 2020، أسس رؤيته للتعاون الإستراتيجي طويل الأمد. وبذل كلا البلدين جهودا كبيرة لاستمرار الاتصال على مختلف المستويات.

أسس تجارية وثقافية

واستدرك تجلي: زيارة الرئيس الجزائري تبون إلى تركيا كانت أكبر دليل على التحول والتعاون بين البلدين.

 وبهذا التطور تكتسب العلاقات أهمية كبيرة، فهي أول زيارة من الجزائر إلى تركيا على المستوى الرئاسي منذ 17 عاما، وجرى اتخاذ خطوة مهمة نحو تحويل العلاقات الوثيقة بين البلدين إلى شراكة إستراتيجية.

وأضاف: وضمن نطاق الزيارة، عقد الاجتماع الأول لـ "مجلس التعاون رفيع المستوى" بين البلدين، ووقع الزعيمان على بيان مشترك بخصوص الاجتماع. وجرى توقيع 15 اتفاقية جديدة بين البلدين.

كان الهدف من زيارة أردوغان إلى الجزائر في فبراير/شباط 2018 ويناير 2020 هو زيادة حجم التجارة إلى 5 مليارات دولار.

وعلى الرغم من تفشي فيروس كورونا في عام 2021، فقد اقترب هذا الهدف بمبلغ 4.2 مليارات دولار، بينما كان هدف حجم التجارة الجديد 10 مليارات دولار.

وأردف: ولكون الجزائر قاعدة إنتاجية، أولت تركيا أهمية كبيرة لتجمع رجال الأعمال من أجل تعزيز العلاقات. 

واجتمع كبار ممثلي عالم الأعمال من خلال منتدى الأعمال والاستثمار التركي الجزائري في 17 مايو. 

واستدرك: الهدف من الاجتماع، الذي حضره الرئيس تبون أيضا، هو المساهمة في العلاقات الاقتصادية للتعاون الحالي أو المستقبلي.

وشدد المسؤولون الجزائريون على مسألة الاستثمار في شركات بلدانهم في تركيا وإقامة شراكات استثمارية في مختلف البلدان. وجرى توقيع مذكرات تفاهم بين البلدين للتعاون في مختلف المجالات.

وبين تجلي: ركزت المحادثات على قضايا مثل التعاون في إفريقيا والقضية الليبية والعمل المشترك ضد السياسات الإسرائيلية في فلسطين. 

أثناء الإعراب عن الإرادة المشتركة للبلدين بشأن القضايا ذات الصلة، يرى أنهما اتفقا على العمل المشترك بشأن ليبيا وفلسطين والساحل الإفريقي. 

في هذا السياق، تركيا والجزائر، لديهما اهتمامات ووجهات نظر مشتركة حول التطورات في شمال إفريقيا والشرق الأوسط والبحر الأبيض المتوسط ​​، وخاصة في ليبيا.

كما يمكنهما العمل بشكل مشترك بشأن القضية الفلسطينية وحالة عدم الاستقرار في تونس ومنطقة الساحل، وفق الكاتب. 

وأضاف أن توقيع اتفاقيات افتتاح مؤسسة معارف ومعهد يونس إمرة في الجزائر من أجل تطوير التعاون في مجالات التعليم والثقافة أمر بالغ الأهمية. 

في الواقع، بينما كانت تركيا تنفذ أنشطتها في الغالب من خلال "تيكا" (وكالة التعاون والتنسيق التركية) في سياق الدبلوماسية الإنسانية في الجزائر، أرادت تعزيز وجودها مع معهد يونس إمرة ومدارس مؤسسة المعارف، كما هو الحال في العديد من البلدان الإفريقية الأخرى. 

سيؤدي افتتاح المؤسسات ذات الصلة في الجزائر إلى تحسين التعاون الثقافي والأكاديمي والتعليمي بين البلدين، بحسب تقييم الكاتب التركي.

شريك إستراتيجي

وأردف: ومن القضايا الأخرى أن شركات الصناعة الدفاعية العامة والخاصة، وخاصة شركة "TAI"، ستصدر أسلحة إلى الجزائر في إطار التعاون بين البلدين في مجال الصناعة الدفاعية. 

وأشار تجلي إلى أن العلاقات العسكرية من أهم الموضوعات المتعلقة باستمرارية واستدامة العلاقات التركية الجزائرية. 

وصرح الرئيس أردوغان أن اجتماعات التعاون رفيع المستوى ستستمر، لمدة عام في الجزائر وسنة في تركيا، من أجل متابعة العمليات المستهدفة في العلاقات. 

وفي هذا السياق، هناك قضية أخرى تتمثل في إمكانات التعاون بين البلدين في مجال المياه والزراعة وتحديد أهداف تنميتها.

وأضاف: تعد الاستثمارات التركية حاسمة من حيث ضمان التنوع القطاعي في الاقتصاد الجزائري، الذي يعتمد على قطاع الهيدروكربونات. 

لذلك، تهدف الجهود المشتركة إلى توفير الراحة للشركات التركية في الجزائر ومواصلة تطوير التجارة الثنائية.

 ويرى أن المواقع الجيوستراتيجية لتركيا والجزائر، وسكانهما الشباب والديناميكيين، ورؤاهما المستقلة والمنتجة والموجهة نحو المستقبل، يمكن أن تمكن البلدين من التقدم خطوة بخطوة نحو المستقبل وأن يصبحا مركز الاهتمام الاقتصادي في المنطقة.

ويرى تجلي أن تركيا تعد الجزائر شريكا إستراتيجيا من المتوقع أن يلعب دورا مهما في السياسة الإقليمية. 

وتعتقد أنقرة أن دعم الإصلاحات والتنمية الديمقراطية في الجزائر هو مبادرة لن تفيد هذا البلد فحسب، بل المنطقة بأكملها أيضا.

وبالتالي فإن تنمية الجزائر ستكون مكسبا لكل من تركيا ومنطقة المغرب العربي.

كما أن الجزائر المزدهرة والمصممة على استكمال إصلاحاتها الديمقراطية ستكون ذات قيمة للمنطقة المغاربية، بحسب الكاتب التركي.

وختم مقاله قائلا: تعزز المقاربات الصادقة والتصريحات البناءة للزعيمين الانطباع بأن العلاقات قد وصلت إلى شراكة إستراتيجية.

ويمكن توقع دخول العلاقات التركية الجزائرية فترة الشراكة الإستراتيجية، وستمضي قدما بآفاق مشتركة سيجري تطويرها في مختلف المجالات وطرحها في القضايا الإقليمية بخطوات حازمة.