اختارها ماكرون تحديدا.. هذه دلالة تعيين إليزابيث بورن رئيسة لحكومة فرنسا
مدحت صحيفة إيطالية رئيسة الوزراء الفرنسية الجديدة إليزابيث بورن التي عينها الرئيس إيمانويل ماكرون في 16 مايو/أيار 2022، بوصفها أنها "شخصية قوية مخلصة ذات توجهات يسارية وذات معرفة بآلة الدولة".
وقالت صحيفة "لينكياستا" إن وزيرة البنية التحتية السابقة بين عامي 2017 و2019، في حكومتي رئيس الوزراء إدوار فيليب الأولى، تستجيب لكل المعايير التي رسمها ماكرون في ملامح شخصية رئيس الحكومة الجديدة.
إليزابيث بورن
وكانت بورن قد تولت حقيبة وزيرة البيئة والتنمية المستدامة والطاقة عام 2019 قبل أن تشغل في 2020 منصب وزيرة العمل والتوظيف والاندماج الاقتصادي في حكومة سلفها جان كاستكس المستقيل من منصبه.
ذكرت الصحيفة أن عبارة ملخصة للملف الشخصي لرئيسة الوزراء الجديدة تكررت كثيرا في وسائل الإعلام الفرنسية وهي أنها بالتعبير الفرنسي "Elle coche toutes les cases".
وأوضحت أنه يمكن ترجمة العبارة بأن بورن شخصية يمكن أن تُمنح علامة تأكيد في كل خانات المهارات والشروط المطلوبة لهذا المنصب.
وتبلغ بورن 61 عاما وهي من مواليد العاصمة باريس وتعد شخصية مهمة في عهد الرئيس ماكرون.
لذلك، فإن الخانة الأولى التي توضع فيها علامة التأكيد هي الولاء لسياسة الحكومة، وفق قول الصحيفة الإيطالية.
وأضافت بأن بورن "مجتهدة وجادة ومختصة في مجالات عديدة أي أنها تكنوقراط تحفظ آلة الدولة عن ظهر قلب بفضل تاريخها الطويل في الإدارة ووجودها على رأس الوزارات، كما أنها كانت متميزة في كل الأدوار".
وأكدت الصحيفة أن هذه الخاصية الثانية التي تتمتع بها بورن دفعت ماكرون إلى تعيينها في المنصب.
وتابعت بأن خاصية ثالثة تميز رئيسة الوزراء الجديدة تتعلق بحساسيتها اليسارية، مؤكدة أنها نقطة مفيدة بشكل خاص للرئيس لإعادة التوازن إلى عرضه السياسي في مواجهة خصمه، جان لوك ميلينشون، المرشح اليساري الراديكالي للانتخابات الرئاسية التي انتهت بفوز ماكرون بولاية ثانية.
لفتت لينكياستا إلى أن ميلينشون استطاع أن يجمع خلفه تيارات اليسار الفرنسي بأكملها في تحالف من المنتظر أن يكون منافسا مهما في الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في 12 و19 يونيو/حزيران 2022.
وبحسب الصحيفة، سيتعين على رئيسة الوزراء الجديدة التعامل على الفور مع هذا الملف، لأنه مع تعيينها الجديد، ستصبح الشخصية الرئيسة المسؤولة عن الحملة الانتخابية الحالية وليس فقط الحملة التي تقودها الأغلبية الرئاسية.
وذكرت أن رئيسة الوزراء بدورها مرشحة لأول مرة في حياتها المهنية للانتخابات التشريعية عن المقاطعة السادسة كالفادوس، في نورماندي.
وتابعت أن الدافع الرابع وراء اختيارها لهذا المنصب ذو صلة بشكل خاص، وهو الجنس.
إذ إن بورن ثاني امرأة تشغل هذا المنصب بعد إديث كريسون، الوزيرة الأولى في عهد الرئيس الاشتراكي فرانسوا ميتران بين عامي 1991 و1992.
وأكدت الصحيفة أن هذه النقطة تحظى بتقدير كبير من قبل الناخبين لا سيما أن 74 بالمئة من المستجوبين في استطلاع رأي أجراه معهد "إيفوب" الفرنسي، عبروا عن تأييدهم لفكرة تعيين امرأة في قصر ماتينيون، المقر الرئيس للحكومة الفرنسية.
رسائل سياسية
لاحظت الصحيفة أن رئيسة الوزراء الجديدة ليست شخصية معتادة على الحشود والحملات الانتخابية لتستدرك بأنها ليست ميزة يشترط ماكرون توفرها.
وإذا انتخبت بورن في الجمعية العامة الوطنية وحصل أنصار الماكرون على الأغلبية للحكم فسينتهي دورها الانتخابي بسرعة، تشرح الصحيفة.
خاصية خامسة تتميز بها الوزيرة الأولى الجديدة تتمثل في كونها معروفة بشخصيتها القوية وكذلك تكوينها الفني، وقدرتها على تنفيذ الإصلاحات التي أوكلت إليها خلال الفترة النيابية السابقة لا سيما في مجال السكك الحديدية والبطالة.
وتوضح الصحيفة أن "اختيار ماكرون لثاني امرأة تقود الحكومة في فرنسا يأتي في إطار استمرارية واضحة مع تعيين رئيس الوزراء السابق جان كاستيس خلال عام والذي لعب دوره بفعالية والتزام".
وقالت إن "تعيينها يخفي أيضا رسالة سياسية مفادها أن الرئيس ينوي تنفيذ إجراء إصلاحات عميقة بدلا من إدارة الوضع الحالي".
ولهذا السبب، ترى الصحيفة أن "بورن تملك الملف الشخصي المثالي لهذا المنصب في انتظار ما إذا كانت ستتمكن أيضا من التعامل مع الأوقات السياسية التي يحتفظ بها دورها لها".
وتشرح بأن "المساءلات أمام نواب الجمعية الوطنية حول السياسة العامة للحكومة لا يمكن مقارنتها بتلك التي يخضع لها باقي الوزراء، حيث من الأسهل بكثير تحضير الأجوبة مسبقا".
ناهيك عن المقابلات التلفزيونية والعلاقات مع الناخبين خصوصا وأنه على غرار ما يحدث مع ماكرون، يخضع رئيس الوزراء باستمرار لرقابة الرأي العام من خلال تقييم شهري لأدائه ونسبة شعبيته تجريه وتنشره معاهد ووكالات استطلاعات الرأي المختلفة.
ذكرت الصحيفة أن ماكرون كان قد رسم مسبقا ملامح المستقبل أو خاصيات رئيس الوزراء المستقبلي خلال خطابه في مرسيليا أثناء الحملة الانتخابية، وذلك عبر الإفصاح عن نيته تعيين شخصية "مرتبطة بالمسألة الاجتماعية والإنتاجية والبيئية".
ونوهت بأن هذه النقطة، التي تشكل الخاصية السادسة المتوفرة في رئيسة الوزراء الجديدة، ستكون مهمة في السنوات القادمة، ليس فقط بسبب الانتقادات المتوقعة من قبل المعارضة ولكن أيضا للحاجة إلى قيادة "المخطط البيئي" الكبير الذي وعد به ماكرون.
أكدت الصحيفة بأن الخاصية السابعة والأخيرة تكمن في تمتع إليزابيث بورن بملف شخصي عام مثالي على غرار سلفها جان كاستكس.
وأشارت إلى أنه لا يوجد خطر من أن تحجب رئيسة الوزراء الجديدة الأضواء عن ماكرون أو أن تعمد إلى اقتطاع مساحة تبقيه تحت الأضواء بالنظر إلى موعد الانتخابات الرئاسية عام 2027.
وتشرح بأن هذا الموضوع حساس للغاية بالنسبة لماكرون، كما يتضح من اهتمامه المهووس بجميع المرشحين للانتخابات التشريعية، والذي صدق على ترشحهم شخصيا بعد اجتماعات طويلة مع كبار الشخصيات من الأغلبية في الإليزيه.