هلال الهلال.. سياسي سوري ساهم في قمع الثورة يروج للمصالحة مع الأسد
يعول رئيس النظام السوري بشار الأسد على "هلال الهلال" الأمين العام المساعد لحزب "البعث" الحاكم، في إعادة خلق شعبية جديدة والترويج لخطوات "مسار المصالحة" المحلية في البلاد.
بموجب "مرسوم العفو" رقم "7"، الذي أصدره الأسد في 30 أبريل/نيسان 2022، أفرج عن عشرات المعتقلين في سجونه من المتهمين بالمشاركة في الثورة، وفور ذلك توجه الهلال إلى محافظة درعا مهد الثورة السورية للترويج لـ "العفو" المزعوم.
وقال الهلال الذي يعتبر الواجهة السياسية المحلية للنظام، في كلمة له بـ 12 مايو/أيار 2022 بدرعا إن "المرسوم بمثابة مصالحة وطنية لكل أبناء سوريا وتتويج لنهج الصفح والمسامحة الذي اتخذه القائد الأسد".
لكن الهلال لم يتطرق إلى بقية المعتقلين في مسالخ الأسد ومعتقلاته، بينما لا يزال يحتجز داخلها 132 ألف مواطن سوري، من بينهم 87 ألف مختف قسرا، أو ممن قتلوا داخل تلك السجون تعذيبا حتى الموت.
النشأة والتكوين
ولد هلال الهلال في محافظة حلب عام 1966 لأسرة من الطائفة السنية، وهو حاصل على بكالوريوس في الهندسة الكهربائية والإلكترونية من "جامعة حلب".
انخرط مبكرا في صفوف حزب "البعث" الذي تأسس عام 1947، وتولى السلطة بسوريا في 1963، وأصبح عضو قيادة فرقة.
وشغل الهلال العديد من المناصب في "البعث" منها أمين شعبة العمال الثانية في حلب بين 2004 و2006، وعضو قيادة فرع حلب في مكتب التربية والتعليم بين 2006 و2011، ثم أصبح أمين الفرع بين 2011 و2013.
وشغل الهلال منصب الأمين القطري المساعد لـ"حزب البعث" الحاكم وأصبح عضو قيادة مركزية لـ"الجبهة الوطنية التقدمية" منذ عام 2013.
وهذه الجبهة طبقها رئيس النظام السابق حافظ الأسد عقب تقلده السلطة بانقلاب عسكري في 1971، وجمع تحت ظلها عددا من الأحزاب السورية وعلى رأسهم "البعث" لكي تدور كل الأحزاب في فلكه وتنفذ ما يريده الأب ومن بعده وريثه في الحكم ابنه بشار عام 2000.
ومحاولات التحشيد الجديدة التي يعكف عليها الهلال وإعادة تموضع حزب "البعث" من جديد التي يتمسك بها بشار بوصفه الأمين العام له، تقوم على ادعاءات باطلة وقلب للحقائق تحت حجة "محاربة الإرهاب" وتعرض سوريا لـ "حرب كونية" التي يروج لها النظام وليس لثورة شعبية ضد الأسد.
كما يحاول الهلال الترويج إلى أن العمال والفلاحين "هما القوة الحقيقية في التصدي للحرب الاقتصادية"، في وقت تركت فيه حكومة الأسد المزارعين يواجهون مصيرهم وحدهم دون دعم خلال السنوات الأخيرة مما أدى لتخلي غالبيتهم عن زراعة أراضيهم مع خسارتهم لمواردهم.
قمع الثورة
وساهم هلال الهلال شخصيا في تطويع أفراد الحزب لقمع الثورة، بداية من زج "البعثيين" في مسيرات معادية للثورة في مختلف المناطق السورية، قبل أن يبدأ بعمليات تجنيد مسلحة عام 2012 تحت اسم "كتائب البعث" التي تحولت لقوة عسكرية محلية رديفة لقوات الأسد.
ونجحت تلك الكتائب في استقطاب متطوعين شاركوا في عمليات قتل السوريين وتهجيرهم من مدنهم.
استفاد الهلال من علاقاته الشخصية خارج سوريا مع دول تدور في محور النظام في فكرة إعادة هيكلة الحزب وتنشيطه محليا، إلى درجة أن الأسد أشاد في 15 يونيو/حزيران 2020 في كلمة مكتوبة بما سماه "ديناميكية البعث، وتطوره، وقدرته على التكيف والانطلاق نحو المستقبل"، زاعما أنه بات "يمتلك هامة في سياق تجديد آليات الممارسة الحزبية".
وكثيرا ما طالب سوريون بإزالة شعار حزب "البعث"، وهي "أمة عربية واحدة.. ذات رسالة خالدة"، لأن نظام الأسد حول سوريا إلى موطن للمليشيات متعددة الجنسيات والعابرة للحدود والتي كرست فكرة الاحتلالين الروسي والإيراني.
وكان الهلال يتردد إلى الصين بهدف الاستفادة من تجربة الحزب الشيوعي في مجال الإعداد والتنظيم، ولا سيما بعدما أنيطت له مهمة إعادة خلق قاعدة شعبية لـ"البعث"، بعدما تآكلت كونه قائما على سلطة الفرد الواحد وتغول الأجهزة الأمنية.
ويعرف "البعث" نفسه بأنه "قائد الدولة والمجتمع"، ويشغل الأسد حاليا منصب "الأمين القطري" فيه، وكانت سطوته على الحكم في سوريا أحد أبرز أسباب اندلاع الثورة في 18 مارس/آذار 2011، إذ إنه منذ أيام حكم حافظ كان ينظر إلى الحزب على أنه تابع للعائلة.
ويرى الهلال أن النظام السوري تعرض لـ "حرب كونية بسبب دعمه القضية الفلسطينية"، حسب زعمه، متجاهلا أن مخابرات الأسد نكلت وقتلت اللاجئين الفلسطينيين جنوب دمشق عقب اندلاع الثورة.
ترويج للمصالحة
ويكثف الهلال إقامة الفعاليات الأهلية والشعبية في مختلف المحافظات السورية مروجا لنهج المصالحة مع نظام الأسد.
ولا يتوانى عن القول إن "الأيام العجاف أصبحت خلف ظهورنا"، على الرغم من أن مناطق سيطرة النظام تشهد تدهورا معيشيا كبيرا وانهيار الليرة مقابل الدولار، إضافة إلى شح الوقود والغذاء، فيما يواصل الأسد فساده وتقضي آلته القمعية على كل من يندد بالوضع الحالي، بتهمة التطرف والإرهاب.
حتى إن حكومة الأسد سحبت الدعم الحكومي لبعض السلع والمواد الغذائية في فبراير/شباط 2022 عن 598 ألف أسرة، بعد أن كان يقدم لها عبر "البطاقة الذكية"، بحجة تعويض العجز في ميزانيتها، إذ كان المواطن بموجب البطاقة يحصل على بعض المواد والسلع بأسعار مخفضة مقارنة بالمطروحة بالسوق المحلي.
وخرج الهلال في 28 إبريل 2022 منتقدا ما قدمته الدراما السورية خلال العام المذكور متهما إياها بتصوير سوريا على أنها "غابة تعج فيها الفوضى والفساد"، ورأى أن هذا "غير صحيح بالمطلق".
لكن اللافت أن تصريح الهلال جاء عقب يوم من نشر صحيفة "الغارديان" البريطانية في 27 أبريل، تسجيلا مصورا يظهر مجزرة إعدام جماعي لـ41 مدنيا رميا بالرصاص في نفس الشهر من عام 2013 بحي التضامن جنوب العاصمة دمشق، من قبل ضابط برتبة صغيرة في النظام، وأظهرت بالفعل أن ما "يسمونها سوريا الأسد هي غابة".
ومما يدلل على مكانة الهلال وقربه من بشار الأسد شخصيا، ظهوره جالسا على يساره خلال صلاة عيد الفطر لعام 2022 في جامع الحسن بحي الميدان بالعاصمة دمشق.
وكلف الأسد الهلال بإعادة افتتاح مطار حلب الدولي، في 18 فبراير 2020، بعد إغلاقه وتوقف الرحلات المدنية فيه منذ عام 2012.
وآنذاك ربط النظام السوري إعادة تشغيل المطار بما أسماه "انتصارات حلب" عقب معارك خاضتها قوات الأسد ضد فصائل المعارضة تمكنت الأولى خلالها من استعادة الأحياء الشمالية للمدينة ومناطق الريف الغربي، بإسناد بري من المليشيات الإيرانية وجوي من الطيران الحربي الروسي خلال عام 2020.
وعقب تمكن إعلان قوات الأسد هزيمة تنظيم الدولة في محافظة دير الزور أواخر 2017، توجه الهلال إلى هناك بتكليف من بشار والتقى بعناصر النظام وقال حينها: "إن الانتصارات التي يحققها الجيش بقيادة الرئيس ستغير خريطة العالم أجمع".
متملق للأسد
وفي مارس 2021، فشل الهلال في إقناع العشائر العربية في مناطق نفوذ قوات سوريا الديمقراطية "قسد" شمال شرقي البلاد، في زج شبابها بكتائب قوات النظام العاملة في بعض مناطق الحسكة، وذلك خلال زيارة عاجلة له.
وكان الهلال حينها يحمل مشروعا بدعم روسي يهدف لتشكيل فصائل عشائرية موالية للأسد في مدينتي القامشلي والحسكة، بغية إحداث خرق في القوة العسكرية الأعلى كعبا من قبل "قسد" المدعومة أميركيا، وخاصة أن أهمية المحافظة تنبع من غناها بالنفط والغاز، وذات أهمية إستراتيجية وحدودية تربطها مع كل من تركيا والعراق.
ولا يسيطر النظام سوى على 4 بالمئة من مساحة الحسكة، بينما تسيطر قوات "ي ب ج" الكردية العمود الفقري لـ "قوات سوريا الديمقراطية"، على 83 بالمئة، أما المعارضة فتسيطر على 8 بالمئة، ويتبقى 5 بالمئة كمنطقة مشتركة بين النظام وقسد.
وكثيرا ما يثير الهلال سخرية السوريين بتصريحاته، والتي يوصف على إثرها بـ "المطبلاتي"، ومنها حينما أرجع أسباب استهداف رئيس النظام إلى ما سماها "المواقف الرجولية التي يمتلكها الأسد ومبادئه الثابتة، ومنها عدم تقديم التنازلات، وعمله الدؤوب لما فيه خير شعبه وعزة وطنه وإرادة الجماهير الشعبية".
ولا يتوانى الهلال عن إطلاق توصيفات مثيرة يمدح فيها الأسد تزلفا له، ومنها قوله في 22 سبتمبر/أيلول 2019، خلال "المؤتمر الانتخابي لفرقة الحزب" في مدينة دير عطية بريف دمشق، بأن "بشار بات يمثل النبراس والقدوة في الصلابة والصمود في وجه أعتى قوى الشر والظلام والهيمنة".
ويحاول القيادي البعثي العتيق أن يكون له في كل عرس قرص كما يقال، إذ يرى أن "الشعب السوري" ويقصد به النظام "كان في طليعة من تحدى النظام العالمي أحادي القطب".
وفي معرض تعليقه على غزو كييف، قال الهلال: "إن سوريا أول من دق إسفينا في نعش هذا النظام أحادي القطب عبر جهود روسيا، واليوم نشهد عملية دفنه"، حسبما صرح في 14 مارس 2022.