بالحشد ضد حزب الله.. هل ينجح بهاء الحريري في الانتخابات اللبنانية؟
تبدو حظوظ بهاء رفيق الحريري في دخول البرلمان اللبناني بالانتخابات المقررة في 15 مايو/ أيار 2022، مرتبطة بمدى قدرته على خلق قاعدة شعبية جديدة حوله.
إذ لا يكفي بهاء وهو النجل الأكبر لرئيس الوزراء اللبناني الأسبق، لدخول البرلمان عبر لوائح مدعومة منه، أن يلبس عباءة أبيه أو حتى أخيه سعد الذي اعتزل الحياة السياسية منذ 24 يناير/كانون الثاني 2022 بعدما نجح في تولي رئاسة الحكومة ثلاث مرات.
ولهذا وجد بهاء نفسه مضطرا لتفعيل أدواته المحلية في الوسط السني اللبناني، في بلد يواجه محاصصات طائفية أقرها "اتفاق الطائف" منهيا الحرب الأهلية (1975 - 1990)، والتي ما يزال لبنان يلوك مرارتها.
وبهاء الدين من مواليد 1966، وهو ابن الزوجة الأولى لرفيق، العراقية نضال بستاني، ويحمل الجنسية السعودية إلى جانب اللبنانية، ويعد من كبار رجال الأعمال في قطاع العقارات في لبنان وخارجه.
لوائح سوا للبنان
عمل بهاء على إرساء قواعد مشروعه السياسي المقبل في لبنان بعدما طلب أخوه سعد من "تيار المستقبل" الذي يقوده عدم الاشتراك بالانتخابات البرلمانية.
ويخوض بهاء الحريري رسميا السباق الانتخابي، مع حركته "سوا للبنان"، عبر لائحتين مدعومتين منه في طرابلس معقل السنة وفي العاصمة بيروت.
وسبق أن أكد لوكالة "رويترز" البريطانية في 28 يناير 2022، جيري ماهر، المستشار الإعلامي لبهاء الحريري قوله إنه "لن يرشح نفسه للانتخابات البرلمانية".
وبين ماهر أنه عوضا عن ذلك، سيساند قوائم انتخابية في أنحاء البلد تحت شعار "سوا للبنان"، وهي حركة أسسها ومولها بهاء الحريري.
ويأمل الحريري أن يجني ثمار أشهر من المفاوضات في 15 مايو 2022، بفضل منصات الدعم والضغط المتنوعة الموزعة بين بيروت وواشنطن.
ولم يكن مفاجئا عندما أعلن بهاء الحريري، في 4 أبريل/نيسان 2022، رسميا انطلاق حركته السياسية "سوا للبنان" لخوض السباق الانتخابي، وترشح عن المقعد السني في محافظة عكار (شمال).
فعلى مدى أشهر سبقت، جهز الحريري مضخة الدعم الانتخابي الخاصة به عبر منصات مختلفة في داخل البلاد والولايات المتحدة، كما لعبت حسناء أبو سبعة، زوجة بهاء، دورا كبيرا في الترويج لخطاب انطلاق "سوا للبنان".
ويؤكد الحريري أن حركته لا صلة لها بأي فرد أو عائلة، بالرغم من وجود صورة والده رفيق، الذي اغتيل عام 2005، في خلفية الخطاب.
قوة ناعمة
وفي بداية عام 2022 أنشأ الزوجان مؤسسة "نوح" لتقديم مساعدة عاجلة للشعب اللبناني ولتعزيز طموحات الحريري السياسية.
و"نوح" هي مبادرة تقضي بتقديم منح تعليمية لأكثر من ألف طالب وطالبة من مختلف المناطق اللبنانية، لمساعدتهم على استكمال مسيرتهم التعليمية.
وعهد الحريري بإدارة المؤسسة إلى نيكولاس سابا، محافظ بيروت السابق الذي كان مرتبطا بتيار المستقبل.
وترأس سعد الأخ الأصغر لبهاء ومنافسه السياسي، التيار المذكور حتى يناير 2022.
كما انضمت إلى المؤسسة سلمى سابا عاصي، رئيسة نقابة مستوردي المعدات والأجهزة الطبية (MEDIS) منذ عام 2020، وصاحبة الخبرة في مجال الطب لأكثر من 25 عاما.
وتسهم منصة بهاء الحريري الإعلامية "صوت بيروت انترناشيونال"، التي أسسها عام 2005، بدعم حملته الانتخابية، إذ تبث باللغة العربية، وتغطي المستجدات الأمنية كافة على صعيد لبنان والعالم.
وللمنصة حضور إعلامي قوي في الشارع اللبناني تعزز عام 2020 عقب اندلاع "ثورة 17 تشرين (أكتوبر 2019)" في لبنان، ودخلت حينها بجرأتها مرحلة جديدة من التغطية الإخبارية المباشرة بالصوت والصورة على صفحة فيسبوك التابعة لها.
وباتت اليوم المنصة نافذة الحريري الرئيسة على الجمهور، ولا سيما أنها بثت المؤتمر الصحفي الذي حضره أيضا سعيد صناديقي، المدير التنفيذي للحركة، ومستشار العمليات الانتخابية في البلدان النامية لسنوات عديدة.
بدورها، حضرت السفارة الأميركية في بيروت، برئاسة السفيرة دوروثي شيا، أيضا في مؤتمر الإطلاق، وذلك بفضل مساعي شركة الضغط CT Group في واشنطن، والتي عملت جاهدة منذ شهور للترويج لمصالح بهاء الحريري في أعلى مجالات السياسة الأميركية.
ونقل تقرير في 29 يناير 2022 عن مهند حاج علي من مركز "كارنيغي ميدل إيست"، قوله "إنها (كلمة بهاء) إشارة إلى أنه لن يسمح بفراغ في السياسة السنية، وأنه يدخل ليرتدي العباءة".
ورقة حزب الله
وخلال زيارة بهاء إلى واشنطن في 10 ديسمبر/كانون الأول 2021، استقبل في البيت الأبيض ووزارة الخارجية والكونغرس، حيث روج لمشروعه الخاص بلبنان وإثارة الأجواء ضد حزب الله المدعوم من إيران وينظر إليه على أنه يمتلك سلاحا غير شرعي يختطف به السلطة.
ولطالما تحدث الحريري عن "احتلال" إيراني للبنان وعن قراره خوض معركة "استرداد الوطن وسيادته من محتلي هذه السيادة".
ورأى في مقابلة مع قناة الحرة في 15 فبراير/شباط 2022، أن "لبنان كان يعيش تحت وصاية سورية بموافقة المجتمع الدولي، أما اليوم فهناك فريق إرهابي كما يراه ثلاثة أرباع العالم ولا يملك أي وصاية شرعية". وأكد بهاء الحريري حينها بالقول: "نحن لا نتعاون مع حزب الله".
لكن رغم ذلك، يبقى بهاء الحريري أمام منعطف كبيرة في حياته بعدما قرر "وراثة" الزعامة السنية عن شقيقه سعد، وخاصة بعدما أصبح الشارع السني دون زعيم بعد انسحاب الأخير.
وبحسب موقع جنوبية فإن بهاء الحريري، لم يضم مجموعة موزونة من الشارع السني عموما والبيروتي خصوصا، إذ إن معظم المرشحين لا سيرة سياسية أو ثقافية أو علمية لهم.
ولفت الموقع إلى أن بهاء "اكتفى بالشهادة الأكاديمية أو بما تبقى من مرشحين غير منضوين في لوائح معينة، وجرى استجلابهم لتشكيل لائحة لمصلحة مرشحه الأول نقولا سابا.
وفي هذا الإطار يرى رئيس تحرير موقع "قلم سياسي" الكاتب السياسي محمد صابونجي أن "بهاء الحريري لا حظوظ له في لبنان ولا بنسبة 0,5 بالمئة، بعد انتهاء الحريرية السياسية بعد اعتزال سعد، وبعد حصول خروقات من تيار المستقبل".
ولذلك، يؤكد في تصريح لـ "الاستقلال"، أن بهاء أصبح يعرف أنه غير محظوظ ولا يمكنه الحصول على أي مقعد نيابي.
وأضاف صابونجي، أن "حركة سوا للبنان، بكل مقوماتها فيها مشاكل كثيرة بداية من المنتسبين إليها، إذ إن فيها منتسبة عليها حكم قضائي بانتحال صفة وترشحت ونزلت في لائحته (دون أن يسمها)، كما أن كل الأسماء في لائحته غير معروفة وليس لها ثقل في الشارع وكلها لا تحظى ولو بواحد بالألف من الأصوات".
حلم الزعامة
وتوقع رئيس تحرير موقع "قلم سياسي": "عدم ظهور أي اسم من أسماء المرشحين عن لائحة بهاء الحريري في نتائج الانتخابات رغم كل الماكينة التي تعمل على الترويج للاستحقاق الانتخابي ولخلق قاعدة شعبية".
ومضى يقول: "بهاء غير مقبول ولا يغنيه كونه ابن رفيق الحريري، فهو بعكس سعد الذي يمتلك الكاريزما والجميع يحبه رغم أنه يخطأ في بعض الأحيان وبالتالي الزعامة الحريرية انتهت بالأخير ولن تعود إلا به".
وذهب صابونجي للقول: "ما يفعله بهاء في سوا للبنان يؤذيه أكثر مما يفيده، فإذا لم تحصل اللائحة على أصوات هذا يعني أن الحريري ضعيف جدا وهذا خذلان بحقه، لكون من يدخل في السياسية اللبنانية يجب أن يدخل كبيرا وإلا سيبقى صغيرا دائما".
ويرى مراقبون أن بهاء الحريري، لم يلق الحضن الخليجي الذي أراده رغم رفعه سقف المواقف ضد "حزب الله"، وتنسيقه الدائم مع صقور المستقبل الخارجين عن التيار.
ورأى آخرون أنه باتفاق مع السعودية، جرى دفع بهاء إلى الميدان السياسي في لبنان بعد عجز سعد عن إيقاف هيمنة حزب الله على القرار اللبناني.
وتقدر ثروة بهاء الحريري الذي يعد ثاني أغنى رجل في لبنان بنحو 2.1 مليار دولار. وجمع ثروته من خلال العمل في البورصة والأسهم والأوراق المالية، قبل أن ينتقل إلى العقارات والإنشاءات، بحسب ما نشرت مجلة "فوربس" الأميركية في يوليو/ تموز 2019.
ويتنافس في الانتخابات المقبلة 103 لوائح انتخابية تضم 718 مرشحا موزعين على 15 دائرة انتخابية (قضاء أو أكثر) لاختيار 128 نائبا في البرلمان.
وتجرى الانتخابات البرلمانية في البلاد كل أربع سنوات، حيث تتوزع المقاعد الـ 128 على النحو الآتي: 28 للسنة، و28 للشيعة، و8 للدروز، و34 للموارنة، و14 للأرثوذكس، و8 للكاثوليك، و5 للأرمن، ومقعدان للعلويين، ومقعد واحد للأقليات داخل الطائفة المسيحية.
وتتزامن الانتخابات البرلمانية مع تعرض لبنان لأزمة اقتصادية طاحنة تمثل أكبر تهديد للاستقرار منذ الحرب الأهلية، لدولة يبلغ عدد سكانها ستة ملايين نسمة.
إذ إن هناك جملة من المشكلات التي تتراكم على المشهد السياسي، منها عدم قدرة المواطنين على دفع إيجار السكن، وتأمين أبسط مقومات العيش بعد انهيار قياسي في قيمة الليرة.
وكذلك الشح الكبير في الوقود والأدوية، فضلا عن فشل حل أزمة الكهرباء عبر الخطة الأميركية لاستجرارها من الأردن عبر سوريا، ما يجعل المواطنين يفرون من بلدهم بحثا عن حياة أفضل.