بعثة إفريقية جديدة في الصومال.. هل تتمكن من فرض الاستقرار؟
أكد موقع "ذي كونفيرساسيون" أن الوضع الأمني والسياسي في الصومال ما زال هشا في الوقت الذي يتطلع فيه المجتمع الدولي إلى نجاح بعثة الاتحاد الإفريقي الجديدة في المساعدة بتحقيق الاستقرار.
وأنهت بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال (أميصوم) تجربتها السياسية والعسكرية التي استمرت 15 عاما في بناء الدولة في هذا البلد بعد سنوات من الصراع.
وفي الأول من أبريل/نيسان 2022، حدث تحول جديد مع ظهور بعثة الاتحاد الإفريقي الانتقالية في الصومال.
بعثة جديدة
ويقول الموقع الذي يتخذ من أستراليا مقرا له: "تتمثل مهمة البعثة الجديدة في المرحلة الانتقالية بتمهيد الطريق لتحقيق سلام واستقرار دائمين في الدولة الواقعة في القرن الإفريقي".
وكانت الولاية الأولية للبعثة - التي بدأت في عام 2007 وانتهت في 31 مارس/آذار 2022 - غير عادية، حيث كان عليها أن تتعامل مع الخلل النظامي والمؤسسي والانهيارات الأمنية في الصومال.
كما أنها واجهت تهديدا عسكريا كبيرا من حركة الشباب المتمردة. وسيطرت الجماعة المذكورة على مناطق في وسط وجنوب الصومال في سعيها لإقامة الخلافة، وشمل ذلك الموانئ الرئيسة في كيسمايو ومقديشو.
لكن منذ تشكيلها، استعادت الحكومة الصومالية 80 بالمئة من الأراضي التي تسيطر عليها حركة الشباب.
وكان هناك إعادة بناء اقتصادي ومؤسسي تدريجي. كما شهدت البلاد استثمارات كبيرة في جهود بناء السلام.
وبدا النظام السياسي والدستوري الرسمي يحل ببطء محل أمراء الحرب الذين كانوا يحكمون على أساس الانتماء العشائري.
مع ذلك، تواجه بعثة الاتحاد الإفريقي الانتقالية مخاطر أمنية وسياسية كبيرة.
وتشمل المخاطر عودة أنشطة حركة الشباب وضعف قطاع الأمن القومي، والسياسات الحكومية غير الفعالة، وأزمة انتخابية مطولة.
ولتخطي هذه العقبات، ستحتاج البعثة الانتقالية إلى تنفيذ انسحاب للقوى الخارجية وإلى إيجاد طرق لتنسيق التدخلات الأمنية من اللاعبين الرئيسين، وفق تقدير الموقع.
ويشمل ذلك كلا من تركيا والولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي وألمانيا. وبالإضافة إلى ذلك، سيتعين عليها دعم عملية الانتخابات في الصومال، وحماية المكاسب التي تحققت منذ عام 2007 من خلال ضمان عدم حدوث فراغات عسكرية أو سياسية كبيرة.
والأهم هو مواءمة مفهوم العمليات للبعثة الجديدة مع خطة الانتقال الصومالية 2021. وسيشهد ذلك بناء البعثة الجديدة قدرات مؤسسات الأمن والحكم الصومالية من أجل التسليم الكامل في ديسمبر/كانون الأول 2024.
وزادت الجهود المبذولة لإنهاء مهمة الاتحاد الإفريقي لفترة طويلة المخاوف بشأن استقرار الأجهزة السياسية والأمنية في الصومال.
وقد أدى ذلك إلى تمديد سنوي متكرر لولاية البعثة. ولكن بعد عقد من الزمان، اكتسب الجدل حول حلها زخما.
وفضل شركاء التمويل المرهقون، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، بشكل متزايد الخروج الكامل من المهمة.
وأرادت الحكومة الفيدرالية الصومالية ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أيضا الخروج، "لقد أرادوا تسليم المسؤوليات الأمنية إلى القوات الوطنية الصومالية"، يقول الموقع.
واصطدمت هذه الحملة في البداية بالمزاج الإقليمي ومشاعر الدول الخمس المساهمة بالقوات.مع ذلك، فهناك مخاوف بشأن الاستدامة المالية - الميزانية السنوية للبعثة تجاوزت 900 مليون دولار -.
ونتيجة لذلك، في عام 2017، جرى تطوير خطة الانتقال في الصومال. وقد أرسى هذا الأساس لخروج كامل من خلال التخفيض المنتظم للقوات.
ومع ذلك، عادت حركة الشباب مرة أخرى بهجوم في مقديشو خلال أكتوبر/تشرين الأول 2017 أسفر عن مقتل 500 شخص.
ثم في عام 2020، انزلقت البلاد إلى أزمة سياسية بعد أن فشلت الحكومة الصومالية في الالتزام بالجداول الزمنية الدستورية للانتخابات.
المخاطر المقبلة
في مثل هذه البيئة، يجب إدارة عملية انتقال حفظ السلام بدقة، وحماية الإنجازات الحالية، مع تعزيز السلام والاستقرار المستدامين، يقول الموقع.
وفي هذا السياق هناك العديد من المخاطر التي ابتليت بها المرحلة الانتقالية في الصومال، ومن بينها الأزمة الانتخابية.
والأزمة السياسية ناجمة عن العملية الانتخابية المعيبة منذ عام 2020 وهي بعيدة عن الحل حتى الآن.
وتهدد الانتخابات، ولا سيما الرئاسية بإعادة الصومال إلى حالة عدم الاستقرار. وفي أبريل 2021، كانت هناك مواجهات عنيفة بين القوات الموالية للحكومة والموالية للمعارضة.
وجاء ذلك في أعقاب محاولة البرلمان التمديد غير الدستوري لولاية الرئيس محمد عبد الله محمد.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن مصداقية الانتخابات وشرعيتها ليست مضمونة في البيئة الحالية، بما أن الرئيس ورئيس الوزراء محمد روبل لديهما خلافات منتظمة حول إدارة الاقتراع. ويمكن استغلال هذه الخلافات من قبل معارضة شديدة العدوانية لإذكاء الفوضى.
ومن المخاطر أيضا، القطاع الأمني الهش في الصومال، الذي يعد عبارة عن خليط من الوحدات المحلية والإقليمية والأجنبية (الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والتركية والألمانية) المدربة.
إنها مفككة تكتيكيا وعقائديا، فالقوات الأمنية شبه محترفة وقليلة التجهيز ومدربة بشكل سيئ لسد الثغرات التي سيتركها خروج بعثة الاتحاد الإفريقي، يقول الموقع.
ومن الصعب إصلاح القطاع ليصل إلى القدرة المطلوبة لتولي المسؤوليات الأمنية في أقل من ثلاث سنوات.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن الجيش الوطني الصومالي والشرطة الوطنية الصومالية ووكالة المخابرات والأمن الوطنية هي أجهزة منقسمة على طول خطوط العشائر.
كما جرى تسييسها من قبل كل من الحكومة والمعارضة. ويخاطر ذلك بحدوث انهيار منهجي في حال تدهور الجمود السياسي إلى تعبئة عدوانية قائمة على العشائر أو الانفصالية.
يضاف إلى ذلك "التهديد الإرهابي المستمر" ممثلا بحركة الشباب، حيث تواصل المجموعة تحصيل الإيرادات على الرغم من عقوبات الأمم المتحدة.
كما أنها تتمتع بشرعية أيديولوجية وسياسية وإدارية كبيرة بين الصوماليين. وهذا يجعل من المستحيل نزع الشرعية عن المجموعة بشكل مناسب خلال فترة الانتقال القصيرة.
وتسللت حركة الشباب إلى السلطتين التنفيذية والتشريعية للحكومة الصومالية. وقد استهدفت من حين إلى آخر الجيش الوطني وبعض القواعد العسكرية التابعة للاتحاد الإفريقي في بعدد من الهجمات.
ولذلك، من المحتمل جدا أن تتمكن المجموعة من الاستيلاء على قواعد عمليات معينة أثناء أو بعد خروج المهمة الانتقالية، وفق الموقع.
وتحقق خروج بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال الذي طال انتظاره من قبل الحكومة والمانحين الذين أنهكهم الصراع.
مع ذلك، لم يكن هناك اعتبار كامل للواقع المحلي والإقليمي في الصومال. ويعتمد الانتقال على افتراضات مفرطة في التفاؤل بشأن دور المهمة الجديدة.
لكت تحققت مكاسب على مدار العقد ونصف العقد الماضيين، وقد يؤدي الانتقال الدقيق إلى خلق فرص لتحقيق سلام مستدام في الصومال.
ولكي يحدث هذا، ستحتاج البعثة الجديدة إلى تجنب ممارسات معينة لسابقتها. وهذا يشمل سعي بعض البلدان المساهمة بقوات إلى تحقيق مصالح براغماتية.
وستحتاج البعثة الجديدة إلى اعتماد تدخلات تتمحور حول الناس وتعزز المؤسسات الاجتماعية والسياسية وتبني الشرعية المحلية، وهذان الجانبان مهمان جدا لنجاح الانتقال، بحسب تقدير الموقع.